الحرب تُعمّق مآسي المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس

يتسولون الطعام والأغطية وسط مخاوف من وقوعهم في قبضة سماسرة الاتجار بالبشر

TT

الحرب تُعمّق مآسي المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس

بات 600 مهاجر غير شرعي من بين آلاف المهاجرين مرغمين على النوم في عراء شوارع العاصمة الليبية طرابلس، واستجداء الناس للحصول على وجبة إفطار أو غذاء، بعدما طردوا من مركز إيواء أبو سليم منتصف الأسبوع الماضي، فلم يجدوا غير افتراش رصيف بطريق السكة في العاصمة.
وبدأت فصول هذه المأساة الإنسانية في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أطلق مركز احتجاز أبو سليم 600 مهاجر غير شرعي من دول أفريقية إلى الشارع، دون تنسيق مع المنظمات الدولية، في وقت قال فيه مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا إن قرابة 200 مهاجر قصدوا مركزاً أقامته المفوضية بهدف دراسة إعادة توطينهم.
ولاحظ مواطنون ليبيون أعداداً من المهاجرين وهم يتجولون بمفردهم في شوارع العاصمة، وسط مخاوف شديدة من احتمال تعريض سلامتهم للخطر، إذا ما وقعوا في قبضة سماسرة وعصابات الاتجار بالبشر.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن عدد من المهاجرين، ومنظمة السلام العالمي المحلية، أن مركز اللاجئين، الذي تديره الأمم المتحدة في ليبيا، «رفض استضافة المهاجرين الذين طردوا من مركز إيواء أبو سليم، بما فيهم النساء والأطفال».
وقال أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، في تصريح أمس، إنه بالتواصل مع مسؤولي مركز احتجاز المهاجرين طريق السكة، أكدوا أنهم «رفضوا استقبال المهاجرين الـ600، بناء على تعليمات من المفوضية، وذلك لعدم وجود إمكانية لاستيعاب عددهم الكبير».
وأمام هذا الرفض لم يجد المهاجرون الأفارقة غير أرصفة طريق السكة ليناموا عليها، في ظل مناخ سيئ يضرب العاصمة، معتمدين في مأكلهم ومشربهم على المعونات، التي قد تصلهم من فاعلي الخير، في وضع إنساني لا يحتمل، وفق شهود عيان.
ولم يتضح سبب الإفراج عن المهاجرين أو إلى أين سينقلون. كما لم يتسن الوصول إلى مسؤولين ولم يسمح للصحافيين بالحديث مع المهاجرين.
ويُحتجز بضعة آلاف من المهاجرين في مراكز احتجاز تديرها رسميا حكومة طرابلس. لكن مهاجرين وعمال إغاثة ومدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن تلك المراكز خاضعة فعليا لسيطرة جماعات مسلحة، وإن هناك انتهاكات واسعة النطاق داخلها.
وأغلقت في الآونة الأخيرة عدة مراكز احتجاز بعد ضغوط دولية، فيما يجري إطلاق سراح المهاجرين الذين يعترضهم في البحر خفر السواحل الليبي، المدعوم من الاتحاد الأوروبي، بدلا من نقلهم إلى مراكز الاحتجاز.
ويعاني المركز التابع لمفوضية اللاجئين، والذي يعرف باسم مركز التجميع والترحيل، من مشكلات جمة منذ افتتاحه العام الماضي، وذلك بسبب اكتظاظه بالمهاجرين، مما يجعله غير قادر على استيعاب غيرهم ممن قد يتعرضون لأضرار محتملة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن فلافيو دي جاكومو، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في روما، أنه طالب المنظمة الدولية للهجرة بمواصلة إغلاق مراكز الاحتجاز في ليبيا، لكنه أوضح في تصريحات أنه «من الضروري أن يتم هذا الإغلاق بطريقة منظمة وتدريجية، من أجل ضمان سلامة وأمن المهاجرين المحتجزين في هذه الأماكن». وقال بهذا الخصوص: «لقد تم إطلاق سراح المئات من المهاجرين بشكل غير متوقع ووضعوا في الشوارع، وبما أن الوضع الأمني في طرابلس معقد للغاية في الوقت الراهن، فإن سلامة هؤلاء المهاجرين تشكل مصدر قلق كبير».
وكانت القوات البحرية الليبية قد قالت إن التشكيل الأول لحرس سواحل طرابلس أنقذ 200 مهاجر غير شرعي في أقصى الغرب الليبي، بالقرب من الحدود التونسية. فيما قال مكتب الإعلام بالبحرية في بيان صحافي أواخر الأسبوع الماضي، إن القوات البحرية أنقذت مركبين خشبيين كان يقلان 200 مهاجر غير شرعي، بينهم 7 نساء، و3 أطفال، لافتا إلى أنه عثر على القاربين في مكانين منفصلين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».