لماذا علينا أن نحب البندقية؟

بين حزن لطيفة الزيات وأساطير باشلار

لطيفة الزيات  -  غاستون باشلار
لطيفة الزيات - غاستون باشلار
TT

لماذا علينا أن نحب البندقية؟

لطيفة الزيات  -  غاستون باشلار
لطيفة الزيات - غاستون باشلار

لو كانت السياحة ديناً، فمدينته المقدسة البندقية. هي المكان الذي يزور محبي السفر في أحلامهم ويناديهم، مثلما تفعل المدن المقدسة في أحلام المؤمنين.
وبمجرد أن يتحقق الحلم، لا بد من شهقة عند مصافحة المدينة، تشبه في عمقها شهقة دبة الروح في الجسد الفخار.
مغادرة غبشة أو عتمة محطة القطار إلى النور في ساحة سان ماركو بمثابة خروج مفاجئ إلى النهار؛ تتعرض الروح لصدمة مواجهة الجمال الكامل اللانهائي الذي لم يتأهل الزائر للقائه. لن تخفف من دهشته آلاف الصور التي لا بد أنه طالعها للمدينة، وعشرات الأفلام التي تجري في رحابها، فالوجود في المدينة العائمة واستنشاق هوائها شيء آخر.
لا يثير الكمال إلا أفكار الموت والعزلة الأبدية. البنايات الباذخة بقبابها المذهبة المزججة تبدو المثال الأعلى لمدينة، لكنها محاصرة بالماء. ورغم أننا نعرف أن هذه البنايات عاشت قروناً تحت هذه الظروف، لا يمكننا إلا أن نفكر في أثر الماء على جدرانها، وأن نفكر بفنائها أكثر مما نفكر بفناء أي مدينة أخرى.
ولا ينحصر مجاز الموت الذي يسكن الماء في الخوف على مصير المدينة، بل يمتد إلى مصير الزائر نفسه. وهو ليس خوفاً صِرفاً، وإلا كان رد الفعل صرخة فزع صريحة، وليس شهقة عجماء.
الماء أكثر العناصر نشاطاً وإرباكاً في اللاوعي، ليس كالنار التي تذهب في اتجاه الموت والتطهير العنيف، وليست له الأمومة المستقرة للتراب محتضن البذرة، وليست له خفة وأثيرية الهواء. هو مُطهر، وهو كذلك مصدر التلوث الأسوأ عندما يأسن، هو صانع الحياة والنماء بقدر ما هو صانع للموت، وعلى الأقل هو طريق الموت، وهو في هدوئه مفعم بالأنوثة والأمومة، لكنه يصبح ذكراً عندما يهتاج ويبتلع.
والماء في البندقية ليس ضيفاً لطيفاً ينتشر ويتحرك بحساب كضيف، كما الماء في أمستردام مثلاً، لكنه الأساس والأصل، وما تلك البناءات الكبيرة القديمة وسط الماء إلا أعجوبة صنعها جبروت الإنسان وعناده في لحظة انقضت.
يبدأ التمهيد للهوية المائية للمدينة قبل الوصول، حيث تختفي اليابسة بأشجارها التي تجري في الاتجاه المعاكس، ويجد المسافر نفسه في رفقة اللجة الرصاصية من الماء، ثم يبدأ القطار في تهدئة سرعته ليدخل حذراً إلى المحطة.
هروباً من الماء الذي تركوه خلفهم للتو، وربما فضولاً لرؤية المدينة، يتدافع حجاج البندقية لحظة مغادرتهم المحطة بابتهاج وصخب جنود عائدين من الحرب، لكنهم يجدون أنفسهم في مواجهة الماء مرة أخرى، بينما تتشبث أقدامهم بمواضعها وسط الزحام على شريط من اليابسة صغير مثل مرساة، وسيتأكدون بعد جولتهم الأولى في المدينة أن هذا الشريط الضيق المدهش هو أكبر ساحاتها.
عندما تكون بينهم في تلك اللحظة، ستشعر بأمان يعززه الحمام المطمئن بين الأقدام. وعندما ترفع عينيك عن الأرض، ترى في نظرة واحدة كنيسة القديس مرقس، بتأثيرات البذخ البيزنطي في قبابها، وخيول واجهتها المذهبة، ومقهى فلورين الشهير.
البناء الإلهي غارق في وحدته المتعالية، والدنيوي صاخب ببشر يأكلون ويشربون ويتكلمون بأيديهم وبأفواههم وعيونهم، يبدون للقادم الجديد كأنهم الكفار الذين أنكروا الله والخطر. كيف يلهون هكذا والماء لم يزل كثيفاً إلى الحد الذي يجعل خبر انحسار الطوفان غير مؤكد؟!
أول رغبة للزائر، بعد مصافحة المدينة المائية مباشرة، هي الذهاب إلى أرض؛ إلى نزل إقامته للتخلص من عبء الحقيبة، والتخلص من أثر السفر، أو بمعنى خفي: القيام بطقوس التنسيب التي تجعله منتمياً إلى المكان الجديد.
وسائل الانتقال المتاحة محدودة عائمة، مما يعزز الشك بانقضاء خطر الطوفان، الأمر الذي يخلق شكاً آخر، ولو ضئيلاً، في أن يكون النُزُل الذي حجزته حقيقياً موجوداً. وللمفاجأة السارة، ستهتدي إليه بمعاونة ملاحي المدينة، وتنعم بالمأوى. لكن، هل استمتع أحد بنوم ممتد في غرفة بالبندقية؟
عن نفسي، لم أفعل. الزمن الذي أقضيه في الغرفة بالبندقية هو الأقصر على الإطلاق. زرتها أكثر من مرة، وكان لديّ دائماً إحساس بأن شيئاً ما مثيراً أو مخيفاً، لذيذاً أو مؤلماً، يجري بالخارج، ولا بد أن أخرج لألقاه ولا أدعه يقتحمني في عزلة الغرفة.
يلهيك بذخ العمارة عن الانشداد للماء بعض الوقت. ستتكفل القناطر بحل مشكلة التنقل من ضفة إلى أخرى فوق القنوات الضيقة، وتقوم الجنادل والصنادل بحملك عبر القنوات الأوسع. ومع الوقت، تعترف بالهزيمة، وتبدأ استسلامك للعائق المائي مُخفِّضاً من حركتك، مكتفياً بالانتقالات الضرورية، حيث أدركت بشكل واضح محدودية حريتك.
عمارة البندقية ليست باذخة فحسب، بل مهرطقة.
في المدن الأخرى، يتواضع البناء البشري، ويترك للبناء المنذور للرب تفوقه من حيث الحجم واختلاف العناصر والموتيفات المعمارية من القباب والأبراج وتيجان الأعمدة وزخارف الواجهة وحجم الفضاء الذي يتمتع به البناء، كحرم يُمهِّد الزائر لإدراك عظمته، لكن تجار البندقية الأثرياء كانوا يبنون لأنفسهم بيوتاً لها من الضخامة والفخامة ما للبيوت التي يبنونها للرب.
التنافس المعماري غير المحسوم بين البشري والسماوي من جهة، والتنافس بين اليابسة والماء المحسوم لصالح السيولة المهدِدة من جهة أخرى، يجعل المدينة جميلة إلى حد مؤلم، مثيرة للتشوش إلى الحد الذي رآها عليه آشنباخ بطل توماس مان.
المطلق الذي أثار نوازع الموت لدى توماس مان في نوفيلا «الموت في البندقية» أدركته لطيفة الزيات كذلك وتوحدت معه.
تقول في مذكراتها «أوراق شخصية»: «توصلت إلى المطلق في مرحلتين مختلفتين من عمري، وفي مكانين مختلفين عن بعضهما اختلاف النهار والليل، الجمال والقبح. توصلت إلى التوحد في ميدان (سان مارك) بالبندقية لحظة غروب، وفي ظلمة بئر بيتنا القديم، وأنا أتوحد مع الموت».
لنا أن نلاحظ حضور الماء في الحالتين اللتين شعرت معهما لطيفة الزيات بتهديد المطلق، ومن المدهش أن تتوصل كذلك إلى إدراك يشبه إدراك آشنباخ، بطل توماس مان: «أدرك الآن أني سعيت العمر لما هو مطلق، وأن المطلق قرين الموت».
لكي تقاوم حزن البندقية، عليك أن تتسلح بنظرة سطحية، تضرم النار في وقتك بالتقاط الصور وشراء التذكارات وزيارة مشاغل الحرف اليدوية، أما التعمق فخطر، سواء انتبهت إلى هرطقة العمارة، أو تعمقت في الإشارات المتضاربة للماء، فالبحر أحد وجوه اللامتناهي في الكون، وكل ما لا نحيط بحدوده جميل مخيف. مع ذلك، فماء البندقية ليس بحراً تماماً، هو مستنقع آسن عكر، لا يرقى إلى صورة الخالد المطلق، ولا موج فيه يستدعي رمز القوة.
ربما عاين سكان المدينة وزوارها القدامى شيئاً من ذكورة الماء، عندما كانت أموج البحر الأدرياتيكي تغمر المدينة العائمة، لكن المصدات التي أقيمت تباعاً لتقليل أثر المد نزعت عن الماء ذكورته، مثلما تعرض النيل للإخصاء ببناء السد العالي.
صار ماء المدينة الهامد أنثى طوال العام، لكنها أنثى عاقر، فاختلاط الطين بالماء المالح يبقى عاجزاً عن صناعة حياة. يظل مجرد ممر للمماحكات المالية والجنسية في جنادل سوداء مبطنة بقطيفة طوبية كتيمة تُذكَّر بمراكب الموت. لا يحتاج زائر البندقية إلى قراءة توماس مان لكي يقع على الموت في المظهر الكئيب للجندول. لكن غاستون باشلار يضع يدنا على السر الغافي في لا وعي كل منا: «إذا أردنا حقاً أن نُعيد إلى المستوى البدائي القيم اللاشعورية المُتراكمة كلها حول جنازات مُعينة، من خلال صورة الرحيل على الماء، فسوف ندرك على نحو أفضل دلالة نهر الجحيم وجملة أساطير المأتم.
يمكن لعادات معقلنة قبلاً أن تُحسن عهدة الأموات إلى القبر أو إلى المحرقة، بينما اللاشعور الذي يسمه الماء، سوف يحلم، فيما وراء القبر، وفيما وراء المحرقة، برحيل في البحر» (باشلار، الماء والأحلام، ترجمة: د. علي نجيب إبراهيم).
أساطير الغرب المتعلقة بالماء والإبحار ليست بعيدة عن المخيال الشرقي، مركب كارون في الميثولوجيا اليونانية الذي يحمل أرواح المتوفين حديثاً، عبر نهري ستيكس وأشيرون، ليس بعيداً عن مركب الشمس التي تحمل جثة الفرعون في النيل إلى حيث يقابل روحه في البر الغربي، ويتحد معها مجدداً وإلى الأبد. ولا يمكن لصورة الملاح الذي يبدو شبحاً يمضي على الماء بضوء خفيف في ليل البندقية إلا أن تستدعي رهبة رحلات العالم السفلي.
كثافة الموت هي التي تستنهض قوى الحياة في الزائر ربما إلى حد الهذيان الحسي. آشنباخ أنفق وقته في مطاردة صبي غافل، وفي كثير من الأفلام الأميركية تذهب المرأة متوسطة العمر إلى فينسيا حالمة بمغامرة مع رجل إيطالي حار ساذج. وتجد ضالتها في بائع هدايا، ولا تفرح المسكينة بحبيب المصادفة السعيدة حتى يتشقق قناع العاشق، ويظهر من تحته وجه التاجر، وإذا بها تخرج من دكانه محملة بالإحباط، وبما لا نفع له من الأشياء غالية الثمن.
زائرة واحدة أعرفها زارت فينيسا دون أن تتألم، وذلك ببساطة لأنها لم ترها، ولم تعانِ جمالها المؤلم، ولم تتعلق بسحر رجالها المبالغ فيه. تلك الزائرة هي كوني بطلة «عشيق الليدي شاترلي» (رواية د. هـ. لورانس).
وصلت السيدة شاترلي إلى المدينة العائمة منشغلة عنها بحمل في بطنها من عامل بسيط يساعد زوجها القعيد في الصيد، ولم يكن مصاب الحرب الأرستقراطي العاجز يمانع في أن تلد له زوجته وريثاً من عشيق أرستقراطي، فذهبت إلى البندقية لتقنعه عندما يبدو تكور بطنها أن الحمل ثمرة مغامرة مع رجل يستحق قابلته في البندقية.
نجاة كوني لانشغالها بما تركته وراءها لا يهدد قاعدة النهايات الحزينة التي تمنحها البندقية لزوارها وزائراتها، خصوصاً الزائرات.
وإذا ضربنا صفحاً عن فاجعة موت آشنباخ، الرجل الذي اجتمعت عليه سوداوية توماس مان وسادية فيسكونتي في الفيلم الذي حمل عنوان النوفيلا «الموت في البندقية»، فمن بين كثير الأفلام التي صورت في البندقية من النادر أن نرى امرأة تحصل على نهاية سعيدة.

- كاتب مصري



اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.


آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
TT

آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

احتشد آلاف الأشخاص ورقصوا حول «ستونهنج» في إنجلترا، بينما ارتفعت الشمس فوق الدائرة الحجرية ما قبل التاريخ، اليوم (الأحد)، في الانقلاب الشتوي.

وتجمعت الحشود، العديد منهم مرتدون زي الدرويد والمشعوذين الوثنيين، قبل الفجر، منتظرين بصبر في الحقل البارد والمظلم في جنوب غربي إنجلترا. وغنى بعضهم، وضربوا الطبول، بينما أخذ آخرون وقتهم للتأمل بين الأعمدة الحجرية الضخمة.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

يقوم كثيرون بزيارة هذه الدائرة الحجرية كل صيف وشتاء، معتبرين ذلك تجربة روحية. ويعد النصب القديم، الذي بني بين 5000 و3500 سنة مضت، مصمماً ليتوافق مع حركة الشمس خلال الانقلابات، وهي تواريخ رئيسية في التقويم بالنسبة للمزارعين القدماء.

وقالت منظمة إنجلش هيريتاج، المسؤولة عن إدارة «ستونهنج»، إن نحو 8500 شخص احتفلوا يوم السبت بالموقع في سالزبوري بلين، على بعد نحو 75 ميلاً (120 كيلومتراً) جنوب غربي لندن. وأضافت أن البثّ المباشر للاحتفالات جذب أكثر من 242 ألف مشاهدة من جميع أنحاء العالم.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

واليوم (الأحد)، هو أقصر يوم في السنة شمال خط الاستواء، حيث يشير الانقلاب الشتوي إلى بداية الشتاء الفلكي. أما في نصف الكرة الجنوبي، فهو أطول يوم في السنة ويبدأ الصيف.

ويحدث الانقلاب الشتوي عندما تصنع الشمس أقصر وأدنى قوس لها، لكن العديد من الأشخاص يحتفلون به كوقت للتجديد، لأن الشمس بعد يوم الأحد ستبدأ بالارتفاع مجدداً، وستزداد مدة النهار يوماً بعد يوم حتى أواخر يونيو (حزيران).