معرض «العلا واحة العجائب في الجزيرة العربية» في معهد «العالم العربي» بباريس

يدشن الاثنين ويفتتح أمام الجمهور الأربعاء

المعرض يهدف إلى التعريف بمحافظة العلا وما تحتويه من جمال وثروات طبيعية
المعرض يهدف إلى التعريف بمحافظة العلا وما تحتويه من جمال وثروات طبيعية
TT

معرض «العلا واحة العجائب في الجزيرة العربية» في معهد «العالم العربي» بباريس

المعرض يهدف إلى التعريف بمحافظة العلا وما تحتويه من جمال وثروات طبيعية
المعرض يهدف إلى التعريف بمحافظة العلا وما تحتويه من جمال وثروات طبيعية

تحت عنوان: «العلا، واحة العجائب في الجزيرة العربية» يفتتح رسمياً بعد غد الاثنين المعرض الاستثنائي الذي يستضيفه «معهد العالم العربي» في باريس، وهو الأول من نوعه عالمياً المكرس لهذه المنطقة الاستثنائية في السعودية بجمالها الطبيعي وغناها التراثي. المعرض الذي يفتح أبوابه للجمهور ابتداءً من يوم الأربعاء في التاسع من الشهر الحالي وحتى 19 يناير (كانون الثاني) المقبل، يراد منه أن ينقل الزائر في رحلة جغرافية غنية بالألوان والمشاهد الطبيعية الاستثنائية، ولكن أيضاً حافلة بمعالم التراث المتواصل الذي يمتد لسبعة آلاف عام من الحضور البشري في هذه المنطقة التي عرفت حضارات وثقافات وممالك.
كذلك فإن المعرض الذي هو نتاج تعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا وبين «معهد العالم العربي» يندرج أيضاً في إطار طموحات السعودية على الانفتاح على العالم وفي «رؤية 2030».
وقال جاك لانغ، رئيس المعهد، إن المعرض، بمعنى ما، «ثمرة التعاون الثقافي والعلمي الأركيولوجي السعودي - الفرنسي» الذي انطلق في العلا قبل ثلاثين عاماً، والذي يتجلى في المعرض بالقطع الأثرية التي يبلغ عددها 250 قطعة، والتي تخرج من السعودية للمرة الأولى. وحرص لانغ على الإشادة بالتعاون مع الهيئة الملكية التي يرأسها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود، الذي سيكون حاضراً في افتتاح المعرض.
في لقاء معه، عبر لانغ عن «اعتزازه» بأن يكون المعهد هو «الحاضنة» التي عبرها تخرج روائع الآثار من العلا إلى العالم، مؤكداً أن ثمة تخطيطاً ليجول المعرض على عواصم ومدن عربية وعالمية، مشيرًا من بينها إلى مدينة سان بطرسبرغ الروسية المعروفة بمتحفها الشهير «إيرميتاج». كذلك أشار إلى أن المعرض الذي خصصه المعهد لـ«قطار الشرق السريع»Orient Express) ) في عام 2014، الذي لاقى نجاحاً عالمياً كبيراً، سيعاد إحياؤه، وسيحط رحاله في العلا بعد عام واحد. والسبب في ذلك أن العلا التي كانت منذ الزمن القديم محطة على درب تجارة البخور والتوابل، كانت أيضاً محطة رئيسية للحجاج المتوجهين من بلاد الشام إلى مكة المكرمة، ولأنها خصوصاً آخر واحة ونقطة ماء يتوقف عندها الحجيج. وعند بناء خط سكة حديد الحجاز في عام 1900، بنيت محطة قطارات ما زالت موجودة في العلا.
قبل افتتاح المعرض، حظيت «الشرق الأوسط» كونها شريكاً إعلامياً، بزيارة خاصة. والحقيقة أن تصميم المعرض والسينوغرافيا التي ترافقه وطريقة عرض القطع الأثرية، التي بينها الصغير المتناهي، إلى الآثار الضخمة للتماثيل المنحوتة، إضافة إلى التركيز على توفير رؤية تاريخية متكاملة للزائر وذات طابع تثقيفي، لا بل تربوي، تجعل من هذا المعرض إنجازاً مهماً. ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ حرص المنظمون على أن ينقل المعرض صورة حية عن غنى منطقة العلا مترامية الأطراف، خصوصاً واحتها التي تتحدى خضرتها أشعة الشمس الحارقة بفضل مياهها الوافرة. ولذا، فقد أوكلت إدارة المعرض للمصور الفرنسي الشهير يان أرتوث - بيرتراند، الذي أقام في المنطقة لفترات طويلة، مهمة أن ينقل الصور الحية باستخدام تكنولوجيا تصويرية متطورة، بحيث يمكن الزائر من أن «يعيش» العلا، لا أن يتفرج عليها من الخارج. من هنا، أهمية مقاطع الفيديو التي تنقلها شاشات ضخمة تتمهل في وتيرة التصوير لترتوي عين المشاهد مما هو معروض عليه.
والعلا أيضاً هي الصحراء برمالها وعجائبها وألوانها وصخورها. فمن أخضر الواحة إلى أصفر الرمال، ومن أخاديد الحجر الرملي الحمراء إلى الصخور البركانية الداكنة. والمدهش أن أشكال الصخور الحمراء المتناثرة هنا وهناك جديرة بمنافسة ما نقلته السينما الأميركية عما يسمى «غران كانيون» التي خلدتها أفلام «الوسترن» الشهيرة.
بيد أن مفاجآت أخرى تنتظر الزائر. فالمعرض أريد له أن يكون صورة مصغرة لما تختزنه العلا من روائع الآثار التي وصلت إلينا من حضارات ما قبل الإسلام، حيث إن المنطقة كانت كالمغناطيس الذي يجتذب بناة الحضارات المتعاقبة منذ آلاف السنين، من هنا، وجود الآثار التي وصلت إلينا من ممالك دادان ولحيان، خصوصاً من الحضارة النبطية. ورغم أن البتراء في الأردن هي الأشهر عالمياً، إلا أن العلا تختزن كنوزاً قيمة من هذه الحضارة التي هيمنت على المنطقة مئات السنين، وخلفت وراءها منحوتات وشواهد ومدافن ورموزاً وآثاراً فنية استثنائية. وسيدهش الزائر بتجربة مجددة، إذ ستتاح له الفرصة لمشاهدة مراسم جنازة قبطية في أحد المدافن الكبرى في موقع يسمى «الحجر». ومن الأمور المجهولة عن العلا أنها كانت آخر موقع وصلت إليه الإمبراطورية الرومانية، وبقيت فيه طويلاً، وبنت حصوناً ما زالت آثارها موجودة. وبعدها جاء البيزنطيون ثم العرب والإسلام والخلافات المتعاقبة، وصولاً إلى العثمانيين. كذلك سعى مصممو المعرض، من خلال الكتابات المتلاحقة، إلى إبراز كيفية ولادة الكتابة العربية عبر عملية تربوية شيقة بالتركيز على كتابة كلمة «سلام». وحتى لا تكون الزيارة فقط في ماضي التاريخ، فقد حرص المشرفون أن يعطوا فرصة الحديث عن العلا لساكنيها.
من هنا، أهمية الشهادات التي يقدمها دليل محلي من أبنائها الذي سيقود الزائرين في شوارع العلا القديمة ليشرح لهم واقعها. كذلك سيستمع الزائر في مقاطع فيديو، لشهادات من أساتذة ومؤرخين وقصاصين وأصحاب مزارع، كلهم سيتحدثون عن العلا وكيف يرونها ويعيشونها.
لا شك أن معرض «العالم العربي» سيلاقي نجاحاً كبيراً، ليس فقط لدى زواره من الجاليات العربية، بل أيضاً، وخصوصاً، من الفرنسيين والأوروبيين وزائري باريس، لأنه يفتح الأعين على تراث حضاري وثروات إنسانية كان يُجهل وجودها.


مقالات ذات صلة

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

عالم الاعمال فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

افتتح فندق شيدي الحجر أبوابه في مدينة الحِجر الأثرية في السعودية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق يمثل العرض الفني فرصة لاستكشاف العلاقة بين الحركة البشرية والطبيعة المحيطة (الشرق الأوسط)

تعزيزاً للتعاون الثقافي السعودي الفرنسي... عرض فني لأوبرا باريس الوطنية في العلا

تستضيف «فيلا الحجر» في العلا، فرقة «باليه الناشئين» لأوبرا باريس الوطنية، لتقديم عرض فني في 13 و14 ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي خلال جولته في منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا (واس)

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية ومكوناتها التاريخية

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محافظة العلا شهدت إطلاق مشروع «فيلا الحِجر»، أول مؤسسة ثقافية فرنسية - سعودية على أرض المملكة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

وُلِدت مجموعةٌ نادرة من التوائم الثلاثية للنمر العربي المهدد بالانقراض، في ظل التحديات المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وإعادة تأهيلها في البرية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.