عبد المهدي: قدمت تطمينات بعدم استهداف السعودية من العراق

رفض في لقاء حضرته «الشرق الأوسط» التراجع عن قرار نقل الساعدي... واتهم ضباطاً بالتردد على سفارات أجنبية

عبد المهدي: قدمت تطمينات بعدم استهداف السعودية من العراق
TT

عبد المهدي: قدمت تطمينات بعدم استهداف السعودية من العراق

عبد المهدي: قدمت تطمينات بعدم استهداف السعودية من العراق

أكد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن العلاقات العراقية - السعودية قوية ومتماسكة، مبينا أنه وجد لدى زيارته الأخيرة إلى المملكة تفهما كاملا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمهمته في التهدئة بالمنطقة.
جاء ذلك في إطار لقاء إعلامي محدود ضم ثلاث قنوات فضائية عراقية و«الشرق الأوسط» التي وصفها بأنها «جريدة كبيرة ومهمة».
وقال عبد المهدي ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف داخل المملكة العربية السعودية حيال مهمتنا كان ممتازا، وقد أجريت مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان كانت صريحة وجريئة وعميقة». وأضاف عبد المهدي أن «العراق والمملكة اتفقا على أهمية التهدئة في المنطقة التي باتت كل الأطراف تدرك أهمية التمسك بها وتفعيلها فضلاً عن إدراك أهمية الدور الذي يلعبه العراق في هذا المجال».
وأكد عبد المهدي أن «مباحثاتي مع الملك وولي العهد شملت ملفات كثيرة تخص الأوضاع في المنطقة إن كان في سياق التصعيد الأميركي - الإيراني أو الإيراني - السعودي أو الأوضاع في اليمن»، مبيناً أن «المملكة قدمت رؤيتها بشكل واضح حيال ما يجري في المنطقة وأستطيع القول إن هناك مؤشرات مشجعة بشأن التهدئة بصورة عامة». وأشار إلى أن «العراق سبق له أن قام بدور تهدئة خلال الفترة الماضية على صعيد الاحتجاز المتبادل للسفن بين بريطانيا وإيران، الأمر الذي عزز دور العراق ومصداقيته من قبل أطراف النزاع».
وحول استهداف منشآت «أرامكو» السعودية وما يمكن أن تتركه من تأثيرات على مجمل الأوضاع في المنطقة، قال عبد المهدي إن «المملكة لم تتهم العراق بشأن قضف المنشآت النفطية في أرامكو بل تلقيت شكر المملكة حين شرحت لهم الموقف وقدمنا تطمينات كاملة بأن العراق لن يكون منطلقا لأي استهداف للأراضي السعودية». وأوضح أن «حل أزمة اليمن يعد مفتاحا لحل الأزمة في المنطقة، ونأمل الوصول إلى مرحلة وقف إطلاق النار وصولا إلى تسوية للوضع هناك، وقد سمعنا كلاما طيبا من قبل قيادة المملكة، ومن جانبنا فإننا نملك علاقات جيدة مع كل الأطراف بما في ذلك اليمن، حيث نملك علاقة جيدة مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مثلما نملك علاقات أيضا مع حركة (أنصار الله)، وبالتالي فإننا لا نريد أن ندخل طرفا مع هذا أو ذاك، لأننا سوف نفقد حيادنا، كما أننا لا نؤمن بخطابات الإدانة لأنها تقود إلى الاصطفافات وهو ما لا نريده، بينما مهمتنا هي نقل رسائل إيجابية يمكن أن تقود إلى التهدئة». وبشأن الضجة التي أثيرت حول نقل قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إلى «الأمرة» في وزارة الدفاع، قال عبد المهدي: «لا تراجع عن قرار النقل انطلاقا مما يثار في أجهزة الإعلام، لأن التراجع يعني أن قرارات القائد العام للقوات المسلحة غير أصولية». وفيما أشاد عبد المهدي بالفريق الساعدي واصفا إياه بأنه «ضابط شجاع وذو كفاءة وجرح في المعارك لكن مهمة الضابط أن ينفذ الأوامر ويطيع بلا نقاش ولا يعترض أو ينقل الملف إلى الإعلام، ولا أن يختار هو المواقع التي يريدها».
ووصف رئيس الوزراء العراقي قرار نقل الساعدي إلى مكان آخر في الجيش بأنه «رب ضارة نافعة من منطلق أننا بصدد إعادة الهيبة للمؤسسة العسكرية»، متهما ضباطا في المؤسسة العسكرية بأنهم «يرتادون السفارات الأجنبية وهو ما ينبغي التعامل معه بحزم».
وحول الأداء الحكومي مع قرب إكمال حكومته عامها الأول، قال عبد المهدي: «إنني راض ولست راضيا في الوقت نفسه، حيث إننا في الوقت الذي حققنا فيه الكثير على أصعدة مختلفة، إنتاجية وخدمية، فإنني لست راضيا على الأداء بشكل عام لدى الحكومة، فضلا عن أداء الطبقة السياسية التي يبدو أنها تتنافس على طريقة التجار».
وبشأن زيارته إلى الصين والاتفاقيات التي تم توقيعها معها في مختلف الميادين والمجالات، قال عبد المهدي إن «الصين اليوم أكبر مشتر للنفط العراقي، حيث نصدر لها يوميا نحو مليون برميل وهي كمية كبيرة في إطار إنتاجنا النفطي، وأصبح العراق الآن الرابع عالميا في تصدير النفط والثاني في منظمة أوبك، حيث إن الكمية التي نصدرها إلى الصين تمثل 20 في المائة من إنتاجنا النفطي، و25 في المائة من صادراتنا، ولذلك فإننا نعمل على تحقيق شراكة مهمة مع الصين».
وردا على سؤال عما إذا كان الانفتاح التجاري والاقتصادي العراقي على الصين يمكن أن يغضب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال عبد المهدي إن «ما يهمنا هو إرضاء شعبنا أولا، كما أن الرئيس ترمب نفسه يقول ذلك، ونحن لا نخشى الحرب التجارية في إطار التنافس الأميركي - الصيني حاليا، وبالتالي فإننا في العراق حريصون على أن تكون علاقتنا متوازنة مع الجميع بما في ذلك شراكتنا مع الصين التي اشترطنا فيها أن تكون هناك مشاركة للشركات العالمية الأخرى في إطار أي اتفاق مع الشركات الصينية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.