قصور الغدة الدرقية... الأسباب والأعراض

خطوات لتشخيصه وعلاجه

قصور الغدة الدرقية... الأسباب والأعراض
TT

قصور الغدة الدرقية... الأسباب والأعراض

قصور الغدة الدرقية... الأسباب والأعراض

يصيب مرض قصور الغدة الدرقية الملايين من البشر سنوياً على مستوى العالم، وتعد الغدة الدرقية من الغدد الصماء المهمة في الجسم، وهي تفرز هرمون الثيروكسين (thyroxin) مباشرة إلى الدم. ومن وظائف هذه الغدة التحكم في عملية الأيض داخل خلايا وأنسجة الجسم. ومن هنا، تنبع أهميتها، فإذا حدث لها قصور أو خمول، فسوف يؤثر ذلك سلباً في جميع وظائف أعضاء الجسم، ويتنوع المرض ما بين الخمول الخفيف إلى الخمول الشديد.

كسل الغدة الدرقية

ما أسباب وأعراض كسل الغدة الدرقية؟ وما مضاعفاته وعلاقته بالحمل وفئة الأطفال بشكل خاص؟ وكيف يتم التشخيص؟ وما مستجدات العلاج؟ حول ذلك، تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة شهد عبد الجليل أبو الحمائل، استشارية السكر والغدد الصماء والهرمونات والسمنة وهشاشة العظام عند الكبار عضو هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز وكيلة العلوم السريرية بقسم الطالبات فرع الجامعة برابغ، وأوضحت في البداية أن قصور الغدة الدرقية حالة لا تُنتج فيها الغدة الدرقية ما يكفي من بعض الهرمونات المهمة لعمليات الجسم الحيوية، وأن قصور الغدة الدرقية قد لا يسبب أعراضاً ملحوظة في المراحل المبكرة من المرض. ولكن، بمرور الوقت، يمكن أن يسبب قصور الدرقية عدداً من المشكلات الصحية، مثل السمنة وآلام المفاصل والعقم وأمراض القلب.
ولتشخيص قصور هذه الغدة هناك اختبارات وظائف الغدة الدرقية الدقيقة، وهي متاحة في المختبرات كافة، كما أن علاج القصور متاح أيضاً، ويكون عادة بإعطاء الهرمون الدرقي التخليقي، وهو بسيط وآمن وفعال، وفقاً لتوصيات الجمعية الأميركية لأمراض الغدة الدرقية وعلاجها، والجمعية الأميركية لأمراض الغدد الصماء، لعام 2012 وعام 2014، وأخيراً في عام 2017.

الأسباب وعوامل الخطر

تقول الدكتورة شهد أبو الحمائل إن أسباب كسل الغدة الدرقية يمكن أن نقسمها إلى 4 أقسام، وهي:
> الأول: قصور الغدة الأَوَّلي، وفيه تعجز الغدة عن إنتاج الهرمونات الخاصة بها، نتيجة عوامل كثيرة، منها إصابة الغدة بأضرار ناتجة عن أحد الأمراض، مثل مرض هاشيموتو، وهو مرض مناعي ذاتي تنتج فيه أجسام مضادة تسبب كسل الغدة الدرقية، ويمكن أن تحدث الإصابة بقصور الغدة الدرقية بعد معالجة فرط الدرقية باليود المشع.
> الثاني: قصور الغدة الدرقية الثانوي، ويحدث بسبب الإصابة بقصور في هرمون الغدة النخامية الذي يحفز وينبه ويوجه الدرقية لإنتاج الهرمونات. وهذا الهرمون هو المنظم للغدة الدرقية، ويسمى هرمون ثيروتروبين، وتفرزه الغدة النخامية لهذا الغرض، ويمكن أن يحدث ذلك بعد تضرر الغدة النخامية بسبب تعرضها للإشعاع أو الجراحة أو إصابتها بورم.
> الثالث: قصور الغدة الدرقية الثالثي، ويحدث نتيجة قلة ونقص إفراز هرمون «هيبوثالامس» المطلق لمواجهة الغدة الدرقية، وهو هرمون المراقبة الخاص بالغدة النخامية. وتضيف الدكتورة أبو الحمائل أن عنصر اليود مهم جداً لتوازن عمل ووظائف الغدة الدرقية، وأن نقص اليود في النظام الغذائي يعد السبب الرئيسي في الإصابة بمرض قصور الغدة الدرقية على مستوى العالم.
> الرابع: أسباب أخرى، وهي كثيرة، ومنها الإصابة بمرض المناعة الذاتية «هاشيموتو». ويرتبط مرض الغدة المناعي مع بعض الأمراض المناعية الأخرى، مثل مرض السيلياك (الداء البطني أو الجوفي)، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وداء السكري من النوع الأول. ويحدث القصور أيضاً كجزء من الإصابة بمرض متلازمة الغدد الصماء بالمناعة الذاتية.
كما يحدث القصور في حالة إزالة الغدة الدرقية بالجراحة، أو تلفها نتيجة العلاج الكيميائي لفرط النشاط، ويمكن أن يسبب تناول علاج الليثيوم حدوث قصور الغدة، حيث أثبتت بعض الأبحاث علاقة هذا الدواء بالإصابة بقصور الغدة الدرقية. وفي حالة التعرض لكميات كبيرة من اليود، مثل التي توجد في أدوية علاج الجيوب الأنفية ونزلات البرد، أو تناول بعض أدوية مضادات عدم انتظام القلب مثل الأميودارون، وبعض الصبغات التي تعطى قبل إجراء الأشعة السينية، وتحتوي على كميات كبيرة من اليود، يمكن لكل ذلك أن يسبب ضرراً كبيراً على الغدة الدرقية، والأكثر تضرراً هم الأشخاص الذين لديهم معاناة ومشكلات في الغدة.
وتقول الدكتورة شهد أبو الحمائل إن قصور الغُدَّة الدَّرقية يمكن أن يصيب أي شخصٍ، ولكن خطر الإصابة يزداد في الحالات التالية:
- الجنس: فغالبية الإصابة تكون بين النساء.
- العمر بين 40 - 60 عاماً.
- من لدَيهم تاريخ مَرَضي من الإصابة بأمراض الغُدَّة الدَّرقية.
- المُصابون بأمراض المَناعة الذاتية، مثل داء السُّكَّري من النوع 1 أو الدَّاء البطني (مرض حساسية القمح أو مرض سيلياك).
- من تمَّت مُعالجتُهم باليود المُشعِّ أو الأدوية المُضادَّة للدَّرقية.
- من تَلقَّوا عِلاجاً بالإشعاع على الرَّقبة أو الصَّدر العُلوي.
- من خَضعوا لجراحة الغُدَّة الدرقية.
- الحمْل أو الولادة.

أعراض ومضاعفات

> الأعراض. تقول الدكتورة شهد أبو الحمائل إن علامات مرض قصور الغدة الدرقية وأعراضه تختلف من حالة لأخرى، وذلك حسب شدة نقصان الهرمون. وتميل الأعراض إلى الظهور ببطء، فغالباً ما تصل إلى عدة سنوات. وقد تتضمن العلامات وأعراض قصور الغدة الدرقية ما يلي: التعب- الحساسية المتزايدة تجاه البرودة - الإمساك - جفاف البشرة - زيادة الوزن - انتفاخ الوجه - بحة في الصوت - ضعف العضلات - ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم - أوجاع العضلات وآلامها وتيبسها - ألم في المفاصل أو تيبسها أو تورمها - غزارة الحيض عن المعتاد أو عدم انتظام فتراته - تساقط الشعر - بطء معدل ضربات القلب - الاكتئاب - ضعف الذاكرة - تضخُّم الغدة الدرقية.
> قصور الدرقية والحمل. يرتبط قصور الغدة الدرقية، حتى الخفيف أو دون السريرية منها، بضعف الخصوبة وزيادة خطر الإجهاض التلقائي. وقصور الدرقية في مرحلة مبكرة من الحمل، حتى وإن كانت الأعراض محدودة أو معدومة، يرتبط بولادة أولاد لديهم انخفاض في الذكاء، أو وفاة الرضع في الفترة المحيطة بالولادة. ولقد كان من المفاهيم الخاطئة بين الناس أن كسل الغدة الدرقية لا يؤثر على الحامل، ولا على جنينها، والحقيقة أن له تأثيرات خطيرة في الحامل نفسها، كما ذكرنا، حيث يؤدي إلى الإجهاض وتشنجات الحمل وموت الجنين والولادة المبكرة، وكذلك له تأثير في النمو العقلي والبدني للجنين. ومما نؤكد عليه أن تناول الليفوثيروكسين (وهو الهرمون التعويضي لعلاج كسل الغدة) آمن خلال الحمل، مع ضرورة المتابعة عند الطبيب المعالج لقياس معدلات هرمون الغدة النخامية، ومعايرة الجرعات على نتائج الفحص كل 3 أشهر.
> قصور الدرقية والأطفال. قد يكون لدى الأطفال حديثي الولادة المصابين بقصور الدرقية وزن وطول طبيعي عند الولادة، وقد يعاني البعض منهم من النعاس، وانخفاض قوة العضلات، وبكاء مبحوح الصوت، ومشكلات في الإطعام، والإمساك، وضخامة اللسان، وفتق السرّة، وجفاف الجلد، وانخفاض درجة حرارة الجسم.
> المضاعفات. يمكن لكسل الغدة الرقية المتروك من دون علاج أن يسبب عدة مشكلات ومضاعفات صحية، من أهمها: تضخم الغدة الدرقية - أمراض القلب - الاكتئاب - غيبوبة كسل الغدة الدرقية - العقم - ارتفاع نسبة الكوليسترول السيئ - عيوب خلقية جسدية أو عقلية في الأطفال.

التشخيص والعلاج

تعد الفحوصات المختبرية لمستويات هرمون منبّه الدرقية (TSH) أفضل وأول اختيار لفحص اختبار قصور الدرقية. وفي كثير من الأحيان، يتم فحص مستويات هرمون منبّه الدرقية مرة ثانية بعد عدة شهور. وقد تكون المستويات غير طبيعية في سياق أمراض أخرى. ومن هنا، فإن اختبارات فحص هرمون منبّه الدرقية في المرضى في المستشفى هو أمر غير مفضّل، إلا في حال اشتباه قوي بخلل وظيفة الغدة الدرقية. وتشير المستويات المرتفعة لهرمون منبّه الدرقية إلى أن الغدة الدرقية قد لا تنتج ما يكفي من هرمون الدرقية، ولذلك ففي كثير من الأحيان يجب فحص مستويات هرمون «T4» بعد ذلك.
أما العلاج، فإن الدكتورة شهد أبو الحمائل تقول إنه بالرجوع والاستناد إلى توصيات الجمعية الأميركية لأمراض الغدة الدرقية وعلاجها لعام 2017، فإن علاج قصور أو كسل الغدة الدرقية يكون على النحو التالي:
> التعويض الهرموني. معظم الأشخاص المصابين بأعراض قصور الدرقية يتم علاج نقص الثيروكسين الرباعي لديهم عن طريق ثيروكسين طويل الأمد، يدعى ليفوثايروكسين (ل - ثيروكسين).
> في المرضى الأقل عمراً، أو الأصحاء المصابين بقصور الدرقية، يمكن البدء بالعلاج التعويضي الهرموني الكامل (محدداً بالوزن) مباشرة بعد التشخيص.
> أما المرضى الأكبر عمراً، أو المصابون بأمراض القلب، فيتم البدء بجرعة مخفضة لتجنب الجرعة الزائدة أو حدوث المضاعفات. أما الجرعات الأقل، فقد تكون مجدية عند مرضى قصور الدرقية دون السريري.
> نسبة الثيروكسين والهرمون المحفز للدرقية الحر في الدم يُستخدم لتحديد فاعلية الجرعة. ويتم ذلك بين (4 - 8) أسابيع بعد بدء العلاج أو تغيير جرعة الليفوثيروكسين. وبعد الوصول للجرعة المناسبة، يتم تكرار الفحص كل (6 - 12) شهراً، إلا إذا كان هنالك تغيير في الأعراض على المريض. وفي الأشخاص المصابين بقصور الدرقية المركزي أو الثانوي، فإن مستويات الهرمون المحفز للدرقية لا تعد مؤشراً مهماً في تحديد القيام بالتعويض الهرموني، وإنما يتم اعتماد مستويات الثيروكسين الرباعي.
> الليفوثيروكسين. يفضل أخذه (30 - 60) دقيقة قبل الفطور، أو 4 ساعات بعد الأكل، لأن بعض المواد مثل الكالسيوم والفيتامينات، وبعض المعادن مثل الحديد، من الممكن أن توقف عملية امتصاص الليفوثيروكسين. ولا توجد طريقة أخرى يمكن من خلالها زيادة إفراز الغدة الدرقية بشكل مباشر.
والنصيحة الأخيرة هي عدم التوقف عن استخدام العلاج دون إخبار الطبيب، فقد يستغرق العلاج فترة 6 أشهر بانتظام حتى يشعر المريض بعودته إلى طبيعته.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

صحتك الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)

6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

يرى كثير من الخبراء صلة واضحة بين الاكتئاب والخرف، إلا أن الباحثين لم يتوصلوا إلى تفسير قاطع لهذه الظاهرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)

كيف يؤثر تناول الأفوكادو على وزنك؟

يُعدّ الأفوكادو فاكهة فريدة ولذيذة ويجدها معظم الناس خياراً صحياً لغناها بالعناصر الغذائية والدهون الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الشاي الأخضر غني بمضادات الأكسدة والمغذيات النباتية الطبيعية (رويترز)

ما فوائد الشاي الأخضر للشعر؟

يُعرف الشاي الأخضر بفوائده الصحية، مثل تعزيز صحة القلب والمساعدة في إنقاص الوزن والتحكم فيه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والسردين من أغنى المصادر الطبيعية لفيتامين «د 3» (بيكسلز)

5 أطعمة يمكنك تناولها بدلاً من اللجوء إلى مكملات فيتامين «د»

يُعدّ نقص فيتامين «د» شائعاً للغاية؛ إذ تُشير إحدى الدراسات إلى أن 20 في المائة من الأميركيين لا يحصلون على الكمية الكافية من هذا العنصر الغذائي الأساسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025
TT

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

أهم الإنجازات الطبية في عام 2025

نهاية كل عام، نستعرض أهم الإنجازات والأحداث الطبية التي يُتوقع أن تنعكس بالإيجاب على صحة ملايين من المرضى حول العالم؛ خصوصاً مع التقدم الكبير في التكنولوجيا، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تقنيات التشخيص والعلاج.

وبطبيعة الحال، تُعد البحوث العلمية من أهم الخطوات التي تمهِّد لعلاج كثير من الأمراض، أو توفير الوقاية منها في المستقبل.

تصميم علاجي جيني لمريض منفرد

من المعروف أن «تقنية كريسبر» (CRISPR) لتعديل الجينات التي حازت جائزة نوبل عام 2020، أحدثت ثورة في علاج كثير من الأمراض الوراثية، مثل «أنيميا الخلايا المنجلية»، ولكن هذا العام شهد إنجازاً طبياً تاريخياً؛ إذ تلقَّى طفل مصاب بمرض وراثي نادر علاجاً ناجحاً بـ«تقنية كريسبر» لتعديل الجينات.

وتم استخدام هذه التقنية بطريقة غير مسبوقة، فقد صمم أطباء مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بالولايات المتحدة، جيناً خاصاً لمريض واحد، وهو طفل رضيع يسمى «KJ Muldoon» وُلد مصاباً بمرض وراثي نادر ومهدد للحياة، يسبب اضطراباً في التمثيل الغذائي، ويحدث نتيجة لطفرة جينية تؤدي إلى تلف ونقص إنزيم معين Carbamoyl Phosphate Synthetase 1(CPS1) deficiency ضروري للتخلص من الأمونيا، ما يتسبب في تراكم الأمونيا السامة. وفي الأغلب يموت نصف الأطفال المصابين بالمرض بعد الولادة بفترة قصيرة، والنصف الآخر يتحتم عليهم زراعة الكبد.

وفي هذا العام، حدد الأطباء خللاً واحداً في جينات الطفل، وطوروا علاجاً خاصاً به فقط، تم إعطاؤه للطفل في الشهرين السابع والثامن باستخدام «تقنية كريسبر» لنقل التعليمات الجينية إلى الكبد، ما حث خلايا العضو على إنتاج الإنزيم اللازم لتصحيح الطفرة. وأظهرت النتائج الأولية أن العلاج قد حسَّن صحة الطفل بشكل ملحوظ.

زراعة أنسجة لعضلة القلب

بعد تجارب ناجحة لاستخدام الخلايا الجذعية في زراعة عضلات للقلب التي تُعد بمثابة لاصقة لتقوية العضلات الضعيفة، في القرود، أجريت خلال هذا العام التجارب على امرأة تبلغ من العمر 46 عاماً مصابة بعجز في القلب، وتم إصلاح العضلات المتضررة لقلبها، باستخدام لاصقة صغيرة (EHM patches) يتم زرعها من خلايا جذعية لشخص آخر سليم. والخلايا الجذعية خلايا خاصة يمكن تحويلها إلى أي عدد من أنواع الخلايا المختلفة.

وبالتالي تم تحويل تلك الخلايا إلى خلايا عضلة القلب، لتقوم بتعضيد العضلات الأصلية للشخص المريض. وتم زرع اللاصقة من خلال شق صغير في الصدر، واستطاعت اللاصقة التكيف والنمو والنضج والبدء في دعم القلب بالفعل.

ويقول الباحثون إن حالة المريضة كانت مستقرة ولم تحدث أي آثار جانبية للزراعة. وأوضحوا أن هذه التقنية تمنح أملاً جديداً لملايين الأشخاص الذين يعانون من عجز القلب المتقدم، والذين لا تزال خيارات علاجهم محدودة حالياً.

ولا تزال التجارب السريرية مستمرة على 15 مريضاً آخر، لمتابعة تحسن حالتهم على المدى الطويل.ويشبه هذا الأمر زراعة عضلة شابة بجوار الأنسجة الضعيفة، وإذا كانت هذه النتائج إيجابية، فقد يُسهم ذلك في تمهيد الطريق لعصر جديد من علاج فشل القلب.

أول علاج بالخلايا المكونة للدم

شهد هذا العام الموافقة على أول علاج بالخلايا الجذعية المكونة للدم من متبرعين (Omisirge)، للمرضى المصابين بفقر الدم التام الحاد (Severe Aplastic Anemia) (نقص حاد في كل مكونات الدم، من كريات الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، نتيجة لعجز النخاع العظمي عن إنتاج خلايا الدم)؛ حيث تم اعتماده من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA)، لاستخدامه في المرضى الذين تبلغ أعمارهم 12 عاماً فأكثر، ولا يتوفر لديهم متبرع مناسب.

وكان العلاج قد حصل قبل عامين على الموافقة للمرضى الذين يعانون من أورام خبيثة في الدم، ويحتاجون إلى زراعة خلايا جذعية من متبرع. ويساعد هذا العلاج بشكل ملحوظ في تعافي الجهاز المناعي بسرعة، ويعمل من خلال استخدام الخلايا الجذعية من دم الحبل السري المعالجة كيميائياً، لزيادة عددها وقدرتها الوظيفية؛ حيث يساعد هذا الدم المعالَج المرضى على التعافي بشكل أسرع بعد زراعة الخلايا الجذعية، ويُقلل من خطر الإصابة بالعدوى، مقارنة بدم الحبل السري غير المعالَج، ويتم تناوله عن طريق التنقيط الوريدي لمرة واحدة.

دعامة بيولوجية عصبية

خلال هذا العام، أعلنت شركة «أكسوجين» (Axogen) الأميركية الرائدة في تطوير التقنيات الجراحية المبتكرة، عن موافقة «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA) على دعامة بيولوجية (AVANCE)، لاستعادة وظائف الأعصاب الطرفية، بعد انقطاع الأعصاب الحسية.

وتتميز الدعامة بكونها تصلح لعلاج الجميع؛ سواء البالغين أو الأطفال، بداية من سن شهر واحد فما فوق. ويتم تركيب الدعامة جراحياً، وهي تقوم بما يشبه عملية توصيل لطرفي العصب الأصلي المقطوع، لمسافة لا تزيد على 25 ملِّيمتر؛ حيث يتم استخدام أنسجة عصبية من جثث المتوفين، لاستعادة وظيفة الأعصاب الطرفية بعد الإصابة، عن طريق سد الفجوات في الأعصاب المتضررة.

وللحد من خطر رفض الجسم للشريحة، تمت معالجتها لإزالة المكونات الخلوية منها. وبعد نجاح التجارب السريرية من المتوقع أن تتوفر الدعامة تجارياً في أوائل الربع الثاني من العام القادم.

شفاء من الشلل بالخلايا الجذعية

خلال هذا العام، بإنجاز طبي كبير، في أول دراسة سريرية من نوعها، استعاد رجل ياباني مُصاب بالشلل القدرة على الوقوف بمفرده. ولم يتم الكشف عن اسم المريض حفاظاً على خصوصيته. وهو الآن يتعلم المشي بعد خضوعه لعلاج رائد بالخلايا الجذعية، باستخدام خلايا جذعية متعددة القدرات أعيدت برمجتها عن طريق تحويل خلايا بالغة إلى حالة شبيهة بالخلايا الجنينية، وذلك ضمن تجربة أجرتها جامعة كيو باليابان، لعلاج إصابات الحبل الشوكي.

وأظهر نصف المرضى الخاضعين للتجارب تحسناً ملحوظاً، وذلك بعد قيام الباحثين بحقن نحو مليونَي خلية جذعية عصبية تمت زراعتها في المختبر بالحبل الشوكي المتضرر، وتم تحفيز هذه الخلايا لإصلاح المسارات العصبية الطبيعية، وهو الأمر الذي مكَّن الرجل من الوقوف. وقال الباحثون إن نجاح هذه التجربة يعطي أملاً كبيراً في علاج الشلل مستقبلاً.

أول عملية زرع مثانة بشرية ناجحة في العالم

في مطلع شهر مايو (أيار) من هذا العام، ولأول مرة في التاريخ، تم إجراء أول عملية زرع مثانة في العالم، بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس (UCLA) على يد فريق بحثي بقيادة الدكتور نيما ناصري، والدكتور إندربير جيل. وشملت هذه الجراحة التاريخية التي استغرقت 8 ساعات كاملة زراعة كلية ومثانة لمريض يبلغ من العمر 41 عاماً، وقد نجا من السرطان؛ لكن تم استئصال معظم المثانة خلال إزالة الورم، وأيضاً تم استئصال الكليتين، ما استلزم عمل غسيل للكُلى مدة 7 سنوات.

وقام الأطباء في هذه العملية المعقدة بزراعة الكلية أولاً، ثم المثانة، وتم توصيلهما بالحالب، وبعد العملية تمت استعادة وظائف الكلى والتحكم في المثانة بنجاح. ويوفر هذا الإجراء الرائد خياراً جديداً للمرضى الذين يعانون من خلل وظيفي حاد في المثانة.

أول جراحة بالروبوت عابرة للقارات في العالم

في منتصف هذا العام، حدث ما يمكن اعتباره إنجازاً تاريخياً في مجال الجراحة؛ حيث نجح الدكتور فيبول باتيل، Vipul Patel، في فلوريدا بالولايات المتحدة، في إجراء أول جراحة روبوتية لعلاج سرطان البروستاتا عابرة للقارات في العالم؛ حيث أجرى العملية لمريض يبلغ من العمر 67 عاماً في أنغولا بأفريقيا. وتم اعتماد النتائج من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية».

وقد امتدت العملية لمسافة تقارب 7 آلاف ميل، ما يجعلها أطول عملية جراحية عن بعد يتم إجراؤها على الإطلاق. وقال الجراح أن العملية تُعد إنجازاً مذهلاً، لا من الناحية التقنية فقط؛ بل أيضاً لأنها تمثل خطوة مهمة نحو توفير رعاية جراحية عالية الجودة للمجتمعات النائية المحرومة من نقص الخدمات؛ حيث تعاني أنغولا من أحد أعلى معدلات الوفيات بسرطان البروستاتا في أفريقيا، مع محدودية الوصول إلى الكشف المبكر والرعاية الجراحية المتخصصة.

وتم إجراء الجراحة عن طريق وجود الجراح في محطة تحكم؛ حيث يشاهد صوراً ثلاثية الأبعاد عالية الدقة، ويتحكم بأذرع روبوتية مزودة بأدوات دقيقة، بينما يقوم روبوت جراحي بإجراء العملية على المريض، بتوجيه من الجراح، وذلك في وجود اتصال إنترنت فائق السرعة (ألياف بصرية، G5) ينقل البيانات والفيديو والأوامر بأقل تأخير ممكن.

إزالة ورم سرطاني من العمود الفقري عبر تجويف العين

خلال هذا العام، أجرى فريق طبي بجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة جراحة تُعد الأولى من نوعها، لاستئصال ورم في العمود الفقري؛ حيث تمكنوا من إزالة ورم سرطاني نادر من عمود فقري لمريضة تبلغ من العمر 19 عاماً، عبر تجويف عينها، عن طريق تقنية مكَّنت الجراحين من الوصول إلى الورم من خلال اختراق ملتحمة العين، وإزالة جزء بسيط من عظم تجويف العين، وكذلك عظم الوجه، ثم حفروا في الفقرات. وباستخدام أدوات متطورة، نجحوا في إزالة الورم الملتف حول الحبل الشوكي دون الحاجة إلى جروح كبيرة في الوجه أو التسبب في شلل، ثم أعادوا بناء العظم باستخدام التيتانيوم.

جائزة نوبل للطب

كانت جائزة نوبل للطب في هذا العام من نصيب 3 علماء، ساهموا في اكتشاف نوع معين من خلايا الجهاز المناعي، يسمى «الخلايا التائية التنظيمية» (regulatory T cells). وسوف يساهم هذا الاكتشاف مستقبلاً في علاج ملايين المرضى الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، مثل داء السكري من النوع الأول، والتهاب المفاصل.

وتعد هذه الخلايا التي تم اكتشافها بمثابة حارسات الأمن للجهاز المناعي التي تمنع الخلايا المناعية من مهاجمة الجسم، ما يفسر كيف يمكن تجنب أمراض المناعة الذاتية، ويمهد الطريق لعلاجات اضطرابات المناعة الذاتية والسرطان في المستقبل، بالإضافة إلى عدم رفض الجسم للأعضاء المزروعة.

وتقوم هذه الخلايا بعمل تنظيم لفاعلية الجهاز المناعي، بمعنى أنها تقوم بتقوية وتحفيز الجهاز المناعي، لتساعده في التعامل بقوة في مواجهة العدوى الخارجية، أياً كان مصدرها؛ خصوصاً العدوى، مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات. وفي الوقت نفسه بعد انتهاء الهجوم الخارجي، تقلل من حدة استثارة الجهاز المناعي، حتى لا تتم مهاجمة أعضاء الجسم المختلفة، كما لو كانت أعضاء خارجية، وتساعد الجهاز المناعي في التعرف على أنسجة الجسم كأعضاء سليمة يجب الحفاظ عليها، بدلاً من مهاجمتها.

وعن طريق التحكم في عمل هذه الخلايا في المستقبل، من المتوقع أن يتم علاج كثير من الأمراض المناعية.

الوقاية من سرطان البنكرياس قبل ظهوره

من المعروف أن سرطان البنكرياس يُعد من أشرس أنواع السرطان، والسبب في الأغلب راجع لعدم التشخيص المبكر؛ إذ إنه يُشخَّص بعد وصوله إلى مرحلة متقدمة؛ لأن أعراضه غامضة ولا تظهر إلا في المراحل النهائية. ولذلك من المهم جداً اكتشافه في وقت مبكر؛ لأن نسبة المرضى الذين يعيشون 5 سنوات بعد التشخيص لا تتجاوز 13 في المائة.

وخلال هذا العام، أحرز العلماء تقدماً ملحوظاً في بحوث الوقاية من سرطان البنكرياس، في مراحله المبكرة؛ حيث وجدوا من خلال دراسات أجريت على فئران التجارب وخلايا بشرية، أن تثبيط بروتين معين (FGFR2)، وهو البروتين الذي يُنشط خلايا سرطان البنكرياس في مراحله المبكرة، يحافظ على خلايا البنكرياس سليمة، ويمنعها من التحول إلى خلايا سرطانية.

ونظراً لتوفُّر أدوية تثبط هذا البروتين، قام العلماء باستخدامها لتثبيط البروتين، ونجحوا بالفعل في إيقاف ظهور السرطان في بعض الفئران. وقال الباحثون إنهم بصدد تجربة هذه الأدوية على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة، بمن فيهم الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض، ما يمهد للوقاية من المرض في المستقبل.

جهاز منزلي لفحص سرطان عنق الرحم

من المعروف أن الفيروس الحليمي البشري (hrHPV) يُعد السبب الرئيسي لسرطان عنق الرحم، ولذلك يجب على السيدات عمل فحص دوري لوجود هذا الفيروس، والبدء في العلاج بشكل فوري. لذلك يعتبر التشخيص المبكر الخطوة الأولى في العلاج.

وخلال هذا العام، حصل جهاز «Teal Wand» على الموافقة من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» لأخذ عينة منزلية من عنق الرحم لتحليلها. وهو أول جهاز منزلي معتمد لفحص سرطان عنق الرحم، يتيح جمع عينات فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ذاتياً وبخصوصية تامة، وبنسبة دقة تبلغ 96 في المائة في الكشف عن المراحل ما قبل السرطانية.

ويتم استخدامه عن طريق إدخاله في المهبل مثل السدادة القطنية، وتمديد إسفنجة ناعمة، وتدويرها نحو 10 مرات لجمع الخلايا، وبعد ذلك يتم سحب الإسفنجة، وإرسال الجهاز بالبريد إلى المختبر لإجراء اختبار فيروس الورم الحليمي البشري.

ويهدف الجهاز إلى زيادة معدلات الفحص؛ خصوصاً للسيدات اللاتي لا تتوفر لديهن فرص الفحص الدوري.

قميص ذكي لرصد نشاط القلب

خلال هذا العام، حصلت شركة «Hexoskin» الكندية للتكنولوجيا الطبية على موافقة من «إدارة الغذاء والدواء الأميركية»، على قميص ذكي جديد، له مستشعرات خاصة قادرة على مراقبة القلب والجهاز التنفسي على المدى الطويل. وقال الباحثون إنه مع ازدياد حالات أمراض القلب والأوعية الدموية في جميع أنحاء العالم، يُعَد الكشف المبكر أمراً بالغ الأهمية.

ومع ازدياد انتشار تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء في مجال الصحة، يصبح رسم القلب الكهربائي (ECG) من أهم أجهزة التشخيص التي يمكن أن تنقذ حياة المريض. وقد تمت الموافقة على استخدام القميص بعد التجارب السريرية التي أُجريت في الولايات المتحدة؛ حيث يوفر معلومات مستمرة تتضمن رسم مخطط للقلب، ومعدل الضربات، ومعدل التنفس، وغيرها من بيانات النشاط التي يتم إرسالها من خلال منصة إدارة البيانات الخاصة بالشركة، وبعد ذلك يمكن للأطباء تتبعها لفترات طويلة، والتواصل مع المريض، وإبلاغه المحاذير التي يجب اتباعها، والتدخل الفوري في الحالات الخطيرة. والقميص الذكي مصمم للعمل بكفاءة حتى في البيئات الصاخبة.

علاج غير هرموني لمرحلة انقطاع الطمث

توصل العلماء إلى علاج غير هرموني للهبَّات الساخنة التي تُعد من أكثر الأعراض المصاحبة لمرحلة انقطاع الطمث. ويعاني من هذه الهبَّات أكثر من 80 في المائة من النساء تقريباً، وفي بعض الأحيان تكون الأعراض شديدة بما يكفي لتؤثر بالسلب على حياتهن اليومية.

وحتى الآن لا يوجد علاج فعال إلا العلاج الهرموني، ولكن كثيراً من النساء لا يستطعن تناوله، سواء لأسباب مرضية مثل المصابات بسرطان الثدي أو الرحم، أو جلطات الأوردة (DVT)، أو اللاتي لا يستطعن تحمل الأعراض الجانبية للعلاج الهرموني.

وخلال هذا العام حصل عقار جديد «Lynkuet» (إلينزانيتانت)، على موافقة «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» (FDA)، وكانت التجارب على الدواء مطمئنة. وهو عبارة عن أقراص يتم تناولها بشكل يومي. وهذه الأقراص تستهدف الخلايا العصبية المنظمة لدرجة الحرارة في المخ بشكل أساسي، وتعالج الخلل في عملها الناتج من نقص هرمون الأنوثة. هذه الخلايا العصبية حساسة لتقلبات هرمون الإستروجين المصاحبة لانقطاع الطمث. وعند معالجة هذا الخلل لا تحدث هذه الهبَّات. ومن المتوقع أن تساهم هذه الحبوب في علاج مشكلات انقطاع الطمث.

بخاخة بديلة للحقن في علاج الحساسية المفرطة

من المعروف أن الحساسية المفرطة (anaphylaxis) هي رد فعل مناعي شديد الحدة، نتيجة لمسبب معين يمكن أن يكون طعاماً أو علاجاً أو لدغة حشرة، وتؤدي إلى أعراض خطيرة مختلفة عن الحساسية العادية تستلزم العلاج الفوري. وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون مهددة للحياة إذا لم يتم علاجها.

ويعتمد علاج هذا النوع من الحساسية بشكل أساسي على حقنة الأدرينالين. وكانت المشكلة في الأطفال الصغار أنهم أكثر عرضة للإصابة بالحساسية المفرطة من البالغين؛ حيث تؤثر حساسية الطعام على طفل واحد من كل 13 طفلاً.

وهذا العام تم طرح بخاخ أنفي جديد يُصرف بوصفة طبية، يحتوي على الأدرينالين، ويُعد أول تحديث رئيسي في مجال إعطاء الأدرينالين للأطفال منذ أكثر من 3 عقود، وهو معتمد للأطفال من سن 4 سنوات فما فوق (الذين تتراوح أوزانهم بين 13 و27 كيلوغراماً. ويتم امتصاص الدواء بسرعة في مجرى الدم. ويتوقع الخبراء أن يساعد هذا الدواء سهل الاستخدام في إنقاذ آلاف الأطفال من الحساسية المفرطة.


الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه
TT

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الحب بين الزوجين... تأثير قوي على صحة القلب وتعافيه

الزواج السعيد يُساهم في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية «تلعب العلاقات الأسرية، ولا سيما جودة العلاقة الزوجية الحميمة، دوراً مهماً في نتائج معالجة أمراض القلب، والأوعية الدموية، والتعافي منها. وبينما يركز معظم مُقدمي الرعاية القلبية على المرضى الأفراد، فإن النهج العلاجي المعتمد على مشاركة الأزواج قد يوفر فوائد إضافية لدعم تغيير السلوك، والتكيف العاطفي». هذه كانت عبارات ذكرها باحثون كنديون في مقدمة عرضهم لدراستهم العلمية بعنوان: «ماذا عن الحب؟ مراجعة للتدخلات العلاجية لمرضى القلب وشركائهم: توصيات لإعادة تأهيل القلب»، التي نشرت ضمن عدد 15 ديسمبر (كانون الأول) من المجلة الكندية لطب القلب «CJC».

وقال هؤلاء الباحثون من قسم الوقاية من أمراض القلب وإعادة التأهيل بجامعة أوتاوا وجامعة كيبيك بكندا: «في مجال إعادة تأهيل القلب، قد يساعد نموذج الرعاية المتدرجة في تصميم التدخلات بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة لكل زوجين».

المشاعر العاطفية القلبية

هذا ويتوالى صدور الدراسات العلمية في مجال طب القلب حول دور «مستوى» و«نوعية» المشاعر العاطفية القلبية للعلاقة بشريك الحياة في التأثيرات الصحية الإيجابية، أو السلبية على سلامة القلب، وتطورات الحالة الصحية له. حيث يُساهم الزواج السعيد بشكلٍ كبير في تحسين صحة القلب من خلال تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، وتحسين التعافي من النوبات القلبية، وتشجيع اتباع عادات صحية (كالنظام الغذائي، والرياضة، والامتناع عن التدخين) عبر الدعم، والمؤانسة، والتذكير المستمر. وبالتالي تشمل فوائد الزواج التزاماً أفضل بتناول الأدوية، وتخفيف التوتر، وحتى فوائد هرمونية، مثل إفراز الأوكسيتوسين، ما يُساعد القلب على التعافي ويُبطئ من تفاقم المرض.

وفي المقابل، قد يؤدي الزواج المتوتر، أو غير الصحي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة التوتر، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. وهو ما عبّر الباحثون الكنديون عنه بقولهم: «أما الزواج غير الصحي، أو الذي يُعاني من ضغوطات شديدة، فقد يكون ضاراً، إذ يُشكل مصدراً رئيساً للتوتر المستمر الذي يُؤثر سلباً على صحة القلب، والأوعية الدموية، وقد يزيد من المخاطر بنفس قدر العوامل التقليدية (ارتفاع ضغط الدم، والكولسترول، والسكري، والتدخين...)».

معالجة تأهيلية بمشاركة الأزواج

وتأتي الدراسة الكندية الحديثة باعتبار أنها تطبيق عملي لرفع مستوى صحة القلب في المعالجات التأهيلية، والوقائية، عبر تبني نهج علاجي يُشارك فيه الأزواج العناية بشركاء حياتهم. وكان عنوان موقع «ميدسكيب» Medscape على هذه الدراسة الحديثة هو: «قوة الحب: مناهج رعاية القلب القائمة على الأزواج تُحسّن السلوك الصحي».

وأظهرت الدراسة، من مراجعتها لمجمل الدراسات السابقة حول هذا الأمر، أن تدخلات رعاية القلب التي تُشرك المرضى وشركاء حياتهم قد تزيد من الالتزام بالسلوكيات الصحية، وتعزز الصحة النفسية، وتحسن نتائج معالجة أمراض القلب، والأوعية الدموية.

أُجريت هذه الدراسة بقيادة الدكتورة هيذر تولوك، مديرة مختبر علم النفس الصحي القلبي الوعائي والطب السلوكي في معهد القلب بجامعة أوتاوا بكندا، والتي قالت: «لا يحدث مرض القلب بمعزل عن الآخرين؛ فهو يؤثر على شريك حياة المريض، وعائلته أيضاً». وقد استلهمت الدكتورة تولوك فكرة البحث في هذا الموضوع من كثرة الأزواج وشركاء الحياة الذين تواصلوا معها على مر السنين طلباً للمساعدة في دعم تعافي المريض، والتي من أهمها ضبط «عوامل الخطر القلبية القابلة للتعديل» Modifiable Cardiovascular Risk Factors، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة الكولسترول، والتدخين، وعدم التحكم في مرض السكري، والسمنة، وسوء التغذية، والخمول البدني، والتوتر، وقلة النوم، والإفراط في تناول الكحول. ولذا قيّمت الدكتورة تولوك مع فريق البحث مدى فعالية التدخلات الزوجية (بما في ذلك النظام الغذائي، والتدخين، وممارسة الرياضة، والالتزام بتناول الأدوية) على ضبط «عوامل الخطر القلبية القابلة للتعديل»، ونتائج القلب، والصحة النفسية، وجودة العلاقة الزوجية، وتأثير مجموعة من التدخلات العلاجية والوقائية عليها.

وأظهرت الدراسة أن التدخلات العلاجية القائمة على مشاركة الأزواج بالفعل فعّالة في تحسين السلوكيات الصحية. وتُبرز هذه النتائج أهمية إشراك الشريك في الرعاية القلبية، كما تُسلط الضوء على ضرورة تطبيق ذلك بشكل أكثر منهجية، ودراسة تأثيراته بشكل أعمق. وقالت الدكتورة تولوك: «تتحسن السلوكيات الصحية عند إشراك الشريك، وكذلك بعض مؤشرات الصحة النفسية، وخاصة الاكتئاب».

تأثير الدعم النفسي والاجتماعي

وكانت الدكتورة جوليان هولت-لونستاد، مديرة مختبر التواصل الاجتماعي والصحة في جامعة بريغهام يونغ في يوتا، قد أجرت دراسة تحليلية سابقة (في عام 2021) حول تأثير الدعم النفسي والاجتماعي على معدل الوفيات بشكل عام لدى مرضى القلب. وأظهرت النتائج زيادةً بنسبة 20 في المائة في ارتفاع احتمالية البقاء على قيد الحياة لدى مرضى القلب الذين يتلقون هذا الدعم النفسي من شريك الحياة، وأفراد الأسرة، مقارنةً بالمرضى الذين يتلقون الرعاية الطبية التقليدية.

ومن جهتها أفادت الدكتورة تمارا شير، المتخصصة في صحة الأزواج، بأنها سعيدة برؤية المزيد من الاهتمام بهذا الموضوع المهم. وقالت: «نُشرت دراستي حول نهج الأزواج في رعاية القلب عام 2014، لأن علينا أن نفكر في البيئة، والظروف، والسياق الذي يعود إليه المريض، ويعيش فيه، وليس فقط في علاجه في المستشفى. هل يمكن تحسين هذا السياق، وهذه البيئة؟».

وتُضاهي قوة وتأثير هذه العلاقة الأسرية الاجتماعية (في حال ارتفاع أو تدني مستواها) تأثير وقوة عوامل الخطر التقليدية لأمراض القلب، والأوعية الدموية، سواءً البيولوجية منها (مثل الكولسترول، ومؤشر كتلة الجسم)، أو السلوكية (مثل التدخين، والنشاط البدني) .

العلاقات الزوجية وأمراض القلب والأوعية الدموية

> تحت هذا العنوان، أفاد الباحثون الكنديون في دراستهم الحديثة بأن: «رغم أن جميع مصادر العلاقات الاجتماعية الإيجابية قد تحمي من أمراض القلب، والأوعية الدموية، فإن الدعم الحميم من الزوج أو شريك الحياة يبدو ذا أهمية، خاصة في التنبؤ بصحة القلب». وأوضحوا ذلك بقولهم: «لننظر إلى الدراسة التحليلية التي أجراها الدكتور وونغ وآخرون، وراجعت نتائج 34 دراسة شملت أكثر من مليوني مشارك. كان الأشخاص غير المتزوجين (أي الذين لم يسبق لهم الزواج، أو المطلقون، أو الأرامل) أكثر عرضة بنسبة تزيد عن 40 في المائة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، والوفاة بسبب احتشاء عضلة القلب (نوبة الجلطة القلبية)، مقارنةً بالمتزوجين. وتشير هذه النتائج، ونتائج دراسات أخرى، إلى أن العلاقات الزوجية قد تكون عنصراً أساسياً في فهم أمراض القلب، والتعافي منها. وتشير أدلة متزايدة إلى أن الأمر لا يقتصر على وجود هذه العلاقة فحسب، بل على جودتها أيضاً». ومصطلح «جودة العلاقة الزوجية» RQ يشير إلى درجة الدفء، والمودة، والدعم، والتقارب، في مقابل مستويات العداء، والصراع، والتباعد التي قد يعيشها بعض المتزوجين في علاقتهم الزوجية. وفيما يتعلق تحديداً بتطور أمراض القلب وتقدمها، قال الباحثون الكنديون: «أفادت نتائج 40 دراسة طولية الأمد بأن العلاقات الزوجية الإيجابية ترتبط بتحكم جيد في مرض السكري، وانخفاض الوزن، أو السمنة، وتحسين النظام الغذائي، وتحسن ضغط الدم. وتتضمن هذه الآليات جوانب فسيولوجية، وسلوكية، وعاطفية». وللتوضيح، وعلى المستوى الفسيولوجي، ثبت أن التوتر في العلاقة الزوجية، أو العداء، أو تجربة الرفض في كلا الزوجين تُنشط استجابات القلب، والأوعية الدموية (مثل ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب)، والغدد الصماء العصبية (مثل ارتفاع مستويات هرمون التوتر الكورتيزول)، والجهاز المناعي (مثل ارتفاع نشاط السيتوكينات الالتهابية). ولدى النساء على وجه الخصوص، ارتبطت زيادة وحدة واحدة في نسبة «جودة العلاقة الزوجية» RQ بزيادة تقارب عشرة أضعاف في ارتفاع ضغط الدم غير المُسيطر عليه، بينما ارتبطت زيادة وحدة واحدة في نسبة «جودة العلاقة الزوجية» RQ بانخفاض خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 70 في المائة. كما تم توثيق تحسن في تقلب معدل ضربات القلب لدى الأزواج الراضين: فمقابل كل وحدة زيادة في دعم العلاقة لوحظت زيادة بنسبة 28 في المائة في تقلب معدل ضربات القلب. وأفادت دراسة أخرى بارتفاع مستويات إفراز الكورتيزول، ومعدل ضربات القلب لدى كلا الشريكين أثناء مناقشة تجريبية للجوانب السلبية لعلاقتهما مقارنةً بمناقشة إيجابية. وفي المقابل، في الأيام التي انخرط فيها الشريكان في مزيد من الحميمية الجسدية (على سبيل المثال العناق)، تم توثيق انخفاض مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول). وأخيراً، من المعروف أن الضغط النفسي في العلاقات يؤدي إلى تحريك الدهون المنتشرة في الدم، وارتفاع في علامات الالتهاب المنتشرة في الدم مثل إنترلوكين-6 وبروتين سي التفاعلي، وكلها قد تساهم في تطور أمراض القلب، والأوعية الدموية، وتقدمها.


5 قفزات في الذكاء الاصطناعي الطبي

ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض
ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض
TT

5 قفزات في الذكاء الاصطناعي الطبي

ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض
ذكاء اصطناعي يتنبأ بالنوبة القلبية قبل ظهور الأعراض

في الشهر الأخير من عام 2025، لم يعد الذكاء الاصطناعي الطبي فكرة تُناقَش في المؤتمرات، ولا وعداً تُسوّقه الشركات الناشئة، فقد أصبح شريكاً صامتاً في العيادة، يجلس إلى جانب الطبيب، يقرأ ما لا تراه العين، ويتنبأ بما لم يبدأ بعد.

هذا العام تحديداً، شهد انتقال الذكاء الاصطناعي من مرحلة «الاختبار البحثي» إلى «القرار السريري»؛ حيث بدأت الخوارزميات لا تشرح المرض فقط، بل تسبق ظهوره، وتُعيد تعريف معنى التشخيص المبكر والعلاج الدقيق.

خوارزمية تكتشف السرطان من صورة الرنين خلال ثوانٍ

قفزات الذكاء الاصطناعي

وفيما يلي خمس قفزات موثّقة نُشرت نتائجها في 2025، تُظهر كيف تحوّل السيليكون إلى أداة إنقاذ حقيقية.

1.حين يكتشف الذكاء الاصطناعي السرطان قبل أن ينهض المريض. في الولايات المتحدة، قدّم باحثون نموذجاً جديداً يُعرف باسم بي - كانسر (P - Cancer)، قادراً على تحليل صور الرنين المغناطيسي للبروستاتا خلال 12 ثانية فقط. ولا يكتفي النظام برصد وجود الورم، بل يميّز بين السرطان البطيء، وذلك الذي يُعدّ خطراً سريرياً، بدقة بلغت 94 في المائة، متفوّقاً على اختصاصي الأشعة بفارق 75 في المائة.

والأهم أن تقرير الخوارزمية يصل إلى الطبيب، قبل أن يغادر المريض سرير الفحص، مختصراً أسابيع الانتظار إلى دقائق، ومغيّراً إيقاع التشخيص من الترقّب إلى القرار.

القلب والطب الوقائي

2.قلبٌ يبوح بمستقبله... قبل أول ألم. في كليفلاند كلينك، تجاوز الذكاء الاصطناعي قراءة صور القلب إلى استشراف مستقبله الصحي.ويدمج هذا النموذج المتقدّم بين تصوير الرنين المغناطيسي للقلب والبيانات الوراثية، ونجح في التنبؤ بحدوث أحداث قلبية كبرى خلال السنوات الخمس المقبلة بدقة قاربت 90 في المائة. ولا تعني هذه القفزة تشخيص المرض فحسب، بل اعتراضه قبل أن يتجسّد، فاتحة الباب أمام طب وقائي يُكتب فيه الدواء قبل ظهور العرض.

3.قلب مطبوع... وخوارزمية تراقب نبضه. أواخر عام 2025، أعلن أحد المعاهد البحثية العالمية عن إنجاز بدا أقرب إلى الخيال العلمي: قلب بشري مطبوع ثلاثي الأبعاد بالكامل من خلايا المريض نفسه.

لكن القلب لم يُترك للصدفة. خوارزميات تعلّم عميق راقبت عملية الطباعة لحظة بلحظة، وضبطت تدفّق الدم الرقمي داخل النموذج؛ ما أسهم في خفض خطر التجلّط بنسبة 38 في المائة. هنا لم يعد الذكاء الاصطناعي أداة تحليل أو دعم قرار، بل أصبح جزءاً من فيزيولوجيا العضو نفسه.

قلب مطبوع من خلايا المريض تحت إشراف الذكاء الاصطناعي

علاج السكري... وتشخيص الخرف

4.حين تلتقي صورة العين بسطرٍ في الملف الطبي. في الولايات المتحدة، برز هذا العام نموذج ديب - دايبيت (Deep - Diabetes) كأحد أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي نضجاً في علاج السكري من النوع الثاني.

ويدمج النظام بين صورة شبكية العين والمعلومات النصية في ملف المريض، ليقترح خطة علاج وتغذية مصممة بدقة لكل فرد.

وأظهرت تجربة سريرية شملت أكثر من 50 ألف مريض، تحسّناً إضافياً في مستوى الهيموغلوبين السكري (HbA1c) (أو ما يسمى بمعدل السكر التراكمي) بمقدار 0.9 في المائة مقارنة بالرعاية التقليدية، وهو رقم قد يبدو متواضعاً، لكنه كبير الأثر في ميزان المضاعفات.

5.الخرف يُرى في العين... لا في الذاكرة. في كندا، طُوّر جهاز محمول يُعرف باسم لومي - نيرو (Lumi - Neuro)، قادر على تصوير ترسّبات بروتين الأميلويد في شبكية العين، دون حقن أو أي تدخل جراحي.

وخلال دقيقة واحدة فقط، يقدّر الجهاز خطر الخرف المبكر بدقة بلغت 88 في المائة، وبتكلفة تقل عن 20 دولاراً للفحص.

وبروتين الأميلويد هو بروتين يتكوّن طبيعياً في الجسم، لكن عند اختلال آلية التخلص منه يبدأ بالتراكم على شكل ترسّبات لزجة بين خلايا الدماغ. ويعطّل هذا التراكم التواصل العصبي ويُعدّ من العلامات البيولوجية المبكرة المرتبطة بمرض ألزهايمر وأنواع من الخرف، وغالباً ما يبدأ قبل ظهور الأعراض بسنوات طويلة.

بهذه البساطة، انتقل تشخيص الخرف من العيادات المتخصصة إلى العيادات المتنقلة، ومن الانتظار الطويل إلى الكشف المبكر.

السعودية... الذكاء الاصطناعي من البحث إلى القرار الصحي

في المملكة العربية السعودية، شهد عام 2025، تسارعاً لافتاً في توظيف الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة الصحية، من التشخيص المبكر إلى دعم القرار السريري؛ فقد أُطلقت منصات وطنية لتحليل الصور الطبية والسجلات الصحية الضخمة، وأسهمت خوارزميات محلية في تحسين دقة الكشف عن أمراض القلب والسكري والأورام، ضمن إطار تنظيمي تقوده الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا SDAIA).بهذا الانتقال، لم تعد المملكة مستهلكة للتقنية، بل شريك في صياغة نموذج عربي للطب الذكي، يوازن بين الابتكار، الحوكمة، وخصوصية المريض.

دمج صورة العين والسجل الطبي لتخصيص علاج السكري

ما بعد 2025: حين تسبق الأخلاقياتُ الخوارزميةَ

ورغم هذه القفزات، لم يكن عام 2025 خالياً من الأسئلة. فقد كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «نيتشر ميديسن» (Nature Medicine) عن تحيّزات مرتبطة بالعرق وبالاختلافات بين الرجال والنساء في بعض نماذج تشخيص السرطان، ما أعاد إلى الواجهة مفهوم عدالة الخوارزمية، والحاجة إلى حوكمة صارمة للبيانات الطبية، وشفافية واضحة في اتخاذ القرار السريري.

فالذكاء الاصطناعي، مهما بلغ من الدقة، لا يتجاوز كونه مرآة لمن صممه... ودقته الأخلاقية لا تقل أهمية عن دقته الحسابية.

ان ما كشفه عام 2025 أن الذكاء الاصطناعي الطبي لم يعد وعداً مؤجّلاً، بل لحظة حاضرة في قلب الممارسة اليومية. هو طبّ يعيد ترتيب الزمن: يسبق المرض إلى جذوره، ويمنح الطبيب ما كان ينقصه دائماً... وقتاً للفهم، ومساحة للرحمة.

أما العالم العربي؛ فهو يقف اليوم عند عتبة تاريخية نادرة، فإمّا أن يكتفي بقراءة هذه التحوّلات من بعيد، أو أن يشارك في كتابتها، مساهماً في صياغة طبٍّ ذكي لا يُقصي الإنسان، بل يعيده إلى مركز المعادلة.

فالفرص الكبرى لا تتكرر... بل تُدرك حين يحسن أصحابها الإصغاء لنداء الزمن

وكما أدرك ابن سينا منذ قرون، فإن جوهر الطب ليس في الأدوات، بل في فهم الإنسان قبل علّته... وكل تقنية لا تخدم هذا الفهم، تبقى ناقصة، مهما بلغت دقّتها.