ما قدر النوم الصحي؟ الجواب مفاجئ ولا يعتمد على عدد الساعات

دراسة تكشف أن الوقت الذي تحتاجه يعتمد جزئياً على ثقافتك

متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
TT

ما قدر النوم الصحي؟ الجواب مفاجئ ولا يعتمد على عدد الساعات

متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)
متوسط ​​مدة النوم الكافية يختلف من بلد إلى آخر (رويترز)

يعد النوم الجيد من الأمور الضرورية للحفاظ على الصحة. وتشمل بعض الآثار الصحية السلبية الناجمة عن قلة النوم: السمنة، وداء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والاكتئاب، وضعف المناعة، وزيادة الألم، وزيادة خطر الحوادث.

ويُشير الاعتقاد السائد إلى أن كل شخص يحتاج إلى ما يقارب ثماني ساعات من النوم يومياً ليؤدي وظائفه على أكمل وجه. وهذا يتماشى مع التوصيات السابقة الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب النوم بأن كل شخص بالغ يجب أن ينام 7 ساعات أو أكثر كل ليلة من أجل صحة مثالية.

ومع ذلك، وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» الأميركية أن الجميع لا يحتاجون إلى القدر نفسه من النوم ليتمتعوا بصحة جيدة. وفي الواقع، قد يعتمد القدر الأمثل من النوم على ثقافتك، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

وحلل باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية وجامعة فيكتوريا الكندية بياناتٍ حول النوم ونتائجه على الصحة لما يقرب من 5000 شخص في 20 دولة في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

وأكد التحليل نتائج سابقة تفيد بأن متوسط ​​مدة النوم يختلف اختلافاً كبيراً من بلد إلى آخر. على سبيل المثال، بلغ المتوسط ​​في اليابان ست ساعات و18 دقيقة، بينما بلغ في كندا سبع ساعات و27 دقيقة، وفي فرنسا سبع ساعات و52 دقيقة.

وقال الدكتور ستيفن هاين، أستاذ علم النفس الاجتماعي والثقافي بجامعة كولومبيا والمؤلف المشارك في الدراسة: «على الرغم من النصائح الشائعة بالحصول على ثماني ساعات من النوم، تشير نتائجنا إلى ضرورة تعديل توصيات النوم بناءً على المعايير الثقافية». وأضاف: «لا توجد كمية نوم واحدة تناسب الجميع».

وقيّم الباحثون ما إذا كانت معدلات الصحة لدى الأفراد في البلدان ذات متوسط ​​فترات نوم أقصر أسوأ من الأفراد في البلدان ذات متوسط ​​فترات نوم أطول، ووجدوا أن الأشخاص في المجموعتين يتمتعون بصحة جيدة متماثلة.

وقالت الدكتورة كريستين أو، الأستاذة المساعدة في كلية التمريض بجامعة فيكتوريا والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «يتمتع الأشخاص الذين ينامون لمدة تتوافق مع معايير ثقافتهم الخاصة بصحة أفضل عامة... هذا يشير إلى أن كمية النوم المثالية هي الكمية التي تتوافق مع ما يُعتبر نوماً مناسباً في السياق الثقافي للفرد».

وتُبرز هذه النتائج أهمية مراعاة السياق الثقافي عند تقديم توصيات النوم. ويمكن أن تعمل مبادئ الصحة العامة التوجيهية فيما يتعلق بالنوم على تعزيز النتائج الصحية بشكل أفضل إذا تم تصميمها مع مراعاة المعايير الثقافية لمختلف السكان.


مقالات ذات صلة

أساليب بيولوجية لترميم الأسنان ونظام شعاعي بالذكاء الاصطناعي

علوم أساليب بيولوجية لترميم الأسنان ونظام شعاعي بالذكاء الاصطناعي

أساليب بيولوجية لترميم الأسنان ونظام شعاعي بالذكاء الاصطناعي

لعقودٍ طويلة، كان صوت «محفر الأسنان» كفيلاً بإثارة الخوف حتى في أكثر المرضى صلابة، إذ ارتبطت زيارة عيادة الأسنان بالألم، والتخدير، والقلق النفسي.

د. عميد خالد عبد الحميد (زيوريخ)
صحتك أعضاء من الفريق البحثي من جامعة تافتس يعملون على تطوير الغرسات الجديدة (جامعة تافتس)

طريقة جديدة لزراعة أسنان بديلة تحاكي الطبيعية

طوّر باحثون من كلية طب الأسنان بجامعة تافتس الأميركية طريقة جديدة بمجال زراعة الأسنان توفر تجربة أقرب إلى الإحساس الطبيعي للأسنان من حيث الشعور والوظيفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك نخالة الأرز غنية بحمض الفيروليك الذي يُعرف بخصائصه المضادة للأكسدة (جامعة طوكيو)

مركّب طبيعي في نخالة الأرز يهدّئ تقلصات الأمعاء

كشفت دراسة يابانية عن دور واعد لمركب طبيعي يُعرف باسم حمض الفيروليك، والموجود بوفرة في نخالة الأرز، في تهدئة تقلصات الأمعاء المصاحبة لمتلازمة القولون العصبي

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك طباخ وأمامه كرات من العجين على طاولة عليها دقيق (موقع بيكسلز)

أفضل 10 أنواع من الدقيق الصحي لإنقاص الوزن

يتميز الدقيق الأكثر ملاءمة لإنقاص الوزن بالمزيد من الألياف لكل حصة، مما يساعد على إبطاء عملية الهضم ويبقي الإحساس بالشبع لفترة أطول.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك للثوم فوائد صحية كثيرة (رويترز)

ماذا يحدث لجسمك عند تناول الثوم بانتظام؟

يُعدّ الثوم نباتاً مفيداً ذا خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات والبكتيريا. وعند تناوله بانتظام، يحمي القلب والكبد والجهاز المناعي والجهاز الهضمي، وغيرها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

مصر: «الباعة الجائلون» يستخدمون «حناجرهم» ببراعة رغم هيمنة التكنولوجيا

أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: «الباعة الجائلون» يستخدمون «حناجرهم» ببراعة رغم هيمنة التكنولوجيا

أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)
أحد الأهالي يحصل على بعض المثلجات من بائع متجول في منطقة العمرانية بالجيزة (الشرق الأوسط)

من شرفة منزل متواضع بمنطقة شعبية في ضاحية الهرم (محافظة الجيزة)، خرجت سيدة ثلاثينية بمجرد أن سمعت النداء: «اللبن... يلاااا اللبن»، بينما ينزل أولادها الثلاثة إلى الشارع بسعادة، يستقبلون البائع المتجول، ليختاروا ما يشتهون، في مشهد يوحي بـ«المكافأة اليومية».

الأول اختار حلوى «الأرز باللبن»، والأخرى «الجُبن»، وثالثهم «اللبن»، والأم تدير حواراً مع البائع وأولادها من شرفتها. كان ذلك في الفترة بين صلاتي المغرب والعشاء، حين يكون الأربعيني هاني محمد، في منتصف رحلته اليومية لبيع منتجاته، وهو يقطع طريقه ببطء، متفحصاً النوافذ؛ لعل أحداً يطلّ.

يتجول هاني، بدراجة هوائية، يحمل على جانبيها قِدر الألبان وفي وسطها صندوق لحمل الجُبن والأرز باللبن، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يعمل بائعاً متجولاً منذ 25 عاماً، ومن دخل هذا العمل ربّى أولاده.

بائع الألبان المتجول واحد ضمن عشرات الباعة ممن يجوبون المنطقة ليل نهار، بعضهم يبيع الخضروات والفاكهة، مطلقين نداءات مثل «مجنونة يا أوطة (طماطم)»، أو يتغزلون في فاكهتهم: «يا بلح ولا تين ولا عنب زيك». وآخرون يبيعون المثلجات و«غزل البنات»، بخلاف «البليلة»، وهي وجبة تُعدّ من القمح، سجل أحد الباعة أغنية للدعاية لها، ونسخها الباقون.

@shroukagag

شاب مصري عامل اغنية للبليلة #بليلة #kenzysala @Shroukagag

♬ الصوت الأصلي - Shroukagag

نوع آخر من المتجولين، هم المنادون على «الروبابيكيا» و«الزيوت المستعملة»، ممن يشترونها مقابل بيعها فيما بعد لآخرين.

اللافت استمرار ظاهرة الباعة المتجولين الذين يعتمدون على النداء المباشر بأصواتهم الجهورية، رغم التطور التكنولوجي وما أحدثه من تغيرات في حركة البيع والشراء، حتى جاوز حجم التجارة عبر الإنترنت في مصر عام 2022 نحو 121 مليار جنيه (الدولار يساوي 49.5 جنيه)، بزيادة 30 في المائة عن عام 2021، وفق مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.

ويرجع الباحث في الإنثروبولوجيا، وليد محمود، استمرار هذه الظاهرة إلى «طبيعة زبائنهم»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «زبائنهم لا يتحملون دفع 50 جنيهاً (نحو دولار) لتوصيل السلع».

ربما حمل ذلك مبرراً لوجودهم بكثرة في المناطق «الشعبية» و«الريفية» أو بعض «المدن الجديدة»، لكنهم يتمددون أيضاً إلى مناطق مرفهة. ففي منطقة المهندسين (تبعد نحو 5 كيلو مترات عن وسط القاهرة)، يتجول باعة باستمرار، معلنين عن بضاعتهم بحناجرهم القوية، مزاحمين كبار المحال التجارية صاحبة «البرندات».

تداخل إنساني

فسر الباحث في علم الاجتماع والإنثروبولوجي، عصام فوزي، أسباب توغل الباعة الجائلين بـ«العلاقة الإنسانية التي تنشأ بينهم وبين أهالي المناطق التي يتجولون فيها»، ووصفها بـ«العلاقة الملتبسة، أحياناً ينزعجون منهم ومن أصواتهم العالية، وأخرى يمازحونهم ويشترون منهم وينتظرونهم».

بعدما اختار أبناء سيدة الشرفة ما يشتهونه، تفاجأت الأم بأن طلبات أبنائها جاوزت الـ100 جنيه التي أعطتها لهم، فطلبت من البائع أن تدفع الباقي في اليوم التالي عند مروره، ووافق دون تردد.

ويرجع البائع موقفه إلى «العلاقة الإنسانية» بينه وبين زبائنه، قائلاً: «لا بد أن أشعر بالناس، فأنا أبيع اللبن منذ كان سعره 180 قرشاً للكيلو، والآن أصبح بـ40 جنيهاً».

باعة في منطقة العتبة لا يتجولون لكن لا يستقرون في محال تجارية أيضاً (الشرق الأوسط)

اللحن المميز

يسود الصمت عادةً في منطقة حدائق أكتوبر (تبعد نحو 36 كيلومتراً عن وسط القاهرة) إلا من أصوات الباعة الجائلين، مرة يبيعون أسطوانات الغاز، وأداتهم النقر على الأسطوانة، أو الفواكه مستخدمين عبارات مبتكرة.

والأكثر وجوداً من بينهم في هذه المنطقة هم جامعو «الروبابيكيا»؛ يطلق أحدهم الكلمة «بيكيااااااا»، والآخر «روبابيكيا بيكياااا» ثم يزيد «أيّ كراكيب قديمة... أيّ كتب مدارس... أيّ تلاجات أيّ غسلات»، مستخدمين مكبرات صوت، لينفذ نداؤهم إلى الأدوار المرتفعة، وبعضهم يستخدم تسجيلاً.

ويرى فوزي أن «دخول هذه الأدوات على عمل الباعة انعكاس لتغليب الجوانب النفعية على الفنية»، موضحاً: «في الماضي كانت الجوانب الفنية أكثر وضوحاً حتى أن سيد درويش استلهم بعض ألحانه وأغنياته منهم».

جامع روبابيكيا يستخدم عجلة بصندوق فيما آخرون يستخدمون سيارات نصف نقل (الشرق الأوسط)

يسرح الباحث الاجتماعي الذي جاوز الستين عاماً بذاكرته في زمن طفولته، في مدينة الزقازيق، حين كان يمر بائع «العرقسوس» (مشروب مُثلج) مردداً مقطعاً غنائياً للترويج لمشروبه، والأطفال من حوله يرقصون على نغم الأغنية، مع الصاجات التي يستخدمها هؤلاء أداة إضافية للتنبيه، فضلاً عن ملابس خاصة تميزهم.

حسين الصياد، بائع المثلجات واحد ممن استبدل النداءات المسجلة بصوته، فقبل سنوات كان يتجول في شوارع منطقة العمرانية (جنوب العاصمة) منغماً كلمة «الطبيييييعي»، ويقصد أنه يصنع مثلجاته من فواكه طبيعية. الآن يتجول مع جهاز تسجيل ومكبر صوت يردد «بولة بولة» (وحدة تعبئته). يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «أكثر راحة له، يحافظ على جذب الانتباه وفي الوقت نفسه لا يكلف حنجرته عبء النداء».

ذاكرة للمدن وسلوكها

لا يحمل الباعة الجائلون فقط بضائعهم، لكنهم يحملون معها «ذاكرة المدن وسلوكيات قاطنيها»، وفق فوزي، قائلاً: «كل منهم قادر على رصد تفاصيلها بدقة، ويتغيرون فيعكسون تغير تلك المدن».

كان بائع الألبان هاني محمد يتجول حاملاً «زُمارة» لتنبيه زبائنه بقدومه، لكن «بسبب الأطفال الذين يتندرون عليّ، لم أعد أستخدمها، وأضطر للنداء الذي يرهق حنجرتي، خصوصاً أنني لا أستخدم مكبر صوت، حتى لا أزعج السكان». ويضيف بأسى: «الأخلاق لم تعد متوفرة مثلما كانت قديماً».

تغيُّر آخر يتمثل في حالة «الركود» التي يرصدها هاني، وكذلك بائع الخضروات شعبان رجب (30 عاماً) الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يبدأ عمله في الصباح بالتمركز في نقطة معينة، لكن مع تقدم اليوم، وركود البيع يتجول بحثاً عن الرزق».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية منذ عام 2016، دفعت الحكومة إلى تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار أكثر من مرة، وكذلك اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي. وانعكس ذلك على مستوى معيشة الكثيرين وسط ارتفاع لنسبة التضخم، التي سجلت في مايو (أيار) الماضي، على مستوى سنوي 13.1 في المائة.

بائع الألبان هاني محمد خلال جولته بإحدى ضواحي الهرم (الشرق الأوسط)

ويقول بائع الألبان: «كنت أتجول ببضاعة 3 أضعاف الحالية، وتُباع في وقت أقل، الآن أحتاج إلى 6 ساعات حتى أتمكن من بيع بضاعتي رغم قلتها».

ويعدُّ فوزي أن «الباعة الجائلين ظاهرة تتجاوز الزمن»، إذ إنهم «موجودون منذ قرون، منذ كانوا ينادون (شكوكو بإزازة) فهؤلاء من أوائل الباعة الجائلين، كانوا يعدون لعبة بلاستيكية بسيطة على شكل الفنان الكوميدي محمود شكوكو (1912-1985)، حتى يشجعوا الأطفال على تقديم ما لديهم من زجاجات فارغة، تستخدم في عمليات إعادة التدوير».

ولا يبدي الباحث في الإنثروبولوجي وليد محمود التقدير ذاته لهم، إذ يذهب ذهنه إلى «باعة المترو ووسائل النقل» الذين وفق قوله «يبيعون بضائع غير مطابقة للمواصفات»، ويضيف: «بعضهم يمارس الشحاتة (التسول) تحت ستار البيع».

أما المتجولون في الأحياء الشعبية فيرى أنهم «يتهربون من الضرائب، ويزعجون السكان بنداءاتهم المتكررة»، على حد تعبيره.