قصص وحكايات المنقبين عن الذهب في السودان

مصدر دخل للحالمين بالثراء.. ومغامرات مليئة بالسعادة والإحباط

عملية البحث عن الذهب في السودان  -  كتلة من الذهب في السودان
عملية البحث عن الذهب في السودان - كتلة من الذهب في السودان
TT

قصص وحكايات المنقبين عن الذهب في السودان

عملية البحث عن الذهب في السودان  -  كتلة من الذهب في السودان
عملية البحث عن الذهب في السودان - كتلة من الذهب في السودان

شهدت مناطق التنقيب الأهلي عن الذهب في السودان كثيرا من المعاناة لتنتهي بملاعق من ذهب أو مقابر متحركة مع خيبات أمل مريرة. أصبح التنقيب عن الذهب حكاية كثيرين من البسطاء الذين تحاصرهم هموم الحياة وجفاف الصحراء.
وتبدأ عملية التنقيب بالحفر التقليدي إلى أن يجري العثور على الذهب الذي يكون على شكل أحجار صغيرة بداخلها ذرات المعدن، التي تطحن في طواحين خاصة جرى تشييدها بالمنطقة خصيصا لهذا الغرض، ومن ثم يجري فرز التراب عن الذهب، ويجري وزن الكميات المستخرجة وتوزيعها على شركاء العمل؛ إذ جرت العادة أن يجري العمل عبر مجموعات، لأن العملية شاقة جدا وتحتاج إلى مجهود كبير، في ظل ظروف قاسية، ويتقاسم الجميع الطعام ومياه الشرب، وعادة يتكون الطعام من المأكولات الجافة.
على الرغم من مرارة المعاناة في التنقيب عن الذهب، فإن الصادق كودي من قرية «أرقي» شمال السودان أصر على أن يبحث عن الذهب. وبوصفها الوسيلة المثلى للوصول للهدف بأسهل الطرق الممكنة، قام هو و6 من أصدقائه بشراء جهاز الكشف عن المعادن، ثم توجه إلى غرب السودان.. يقول كودي: «الصعوبة كانت من البداية في ثمن الجهاز الذي يقدر بما بين 60 و70 ألف جنيه سوداني (5500 - 7000 دولار). بعد تجاوز هذه العقبة هناك الصعوبة الجغرافية، فنحن في صحراء شاسعة وشمس حارقة جدا معنا قليل من الزاد وبراميل ماء وسيارة حملنا عليها عتادنا. بعد 15 يوما فقط أكرمني الله بـ18 كيلو ذهب كانت فاتحة خير علي. سعر الغرام وقتئذ (267) جنيه سوداني (26.9 دولار).
ويضيف كودي قائلا: «عدنا محملين بالذهب، لكن كان الخوف من (عصابات الطرق). وبعد العودة إلى ديارنا ذبحنا 14 خروفا وناقة، ووزعت 150 ألف جنيه على كل أهل قريتي بواقع 1500 جنيه لكل فرد.. فرحتي كانت كبيرة جدا، لذلك توالت الاحتفالات عدة أيام».
ويستطرد كودي بأن حجم المعاناة كان كبيرا، «لكن طعم الذهب لا يقاوم، لذلك عدت مرة أخرى مع عدد من العمال، وحالفني الحظ أيضا بكميات لكن قليلة ليست كالمرة الأولى.. والآن أملك عددا لا بأس به من آلات التنقيب عن الذهب».
وعندما نتحدث عن المنقبين عن الذهب، يتبادر إلى أذهاننا سؤال عن كمية الذهب الذي وجدوه. ولكن السيد عوض العقيد ذهب في رحلة بحثا عن الذهب، وبدلا من ذلك وجد 4 جثث لرجال في ريعان الشباب لقوا حتفهم عطشا، فلم يتمالك نفسه، وعاد بهم إلى أقرب مدينة حتى يواروا الثرى.
حكايات الناس في قريته عن الذهب والحلم بالثراء، أسباب دفعت السيد نادر عبد الرحيم سعيد (مزارع) للذهاب إلى الصحراء عله يجد ضالته، لكن الصحراء رحبت به على طريقتها؛ بطريقة فيها كثير من الخبث، حيث تعرض إلى لدغة سامة من عقرب كادت تودي بحياته، لكن جرى علاجه بطريقه بدائية عبر أكل كمية كبيرة من البصل.
وبعد الحادثة عاد عبد الرحيم إلى دياره لا يحمل ذهبا؛ بل يحمل قصصا وحكايات عن معاناة «الداهبة» وهو لقب يطلق على الباحثين عن الذهب.
يفتتح الطيب الهجانة، 25 عاما، حديثه عن رحلته للتنقيب عن الذهب قائلا: «سمعت مغامرة الذين ذهبوا إلى الذهب وعن ثراء البعض الذين تحولت حياتهم من الفقر الشديد إلى الثراء، أو إلى وضع مادي لا بأس به.. لم أتخيل مرارة التجربة وقسوتها.. تمثلت في الحر الشديد والجوع، وأكثر شيء أصابني بالذعر هو انهيار الآبار التي يجري حفرها في أعماق الأرض على رؤوس البعض فيدفنون أحياء، وبالتالي يموتون قبل أن تصل إليهم يد العون، وقد رأيت ذلك بعيني بعد أن فقدنا أحد مرافقينا وكنا نسير مدة يومين.. وصلنا لأقرب مدينة، ومن ثم قمنا بدفن الميت.. هذا المشهد لا يمكن أن يمحى من ذاكرتي مهما طال الزمن».
وفي سياق حديثه عن رحلته، يقول الهجانة: «استمرت رحلتي في البحث 3 أشهر. رغم المعاناة، فإنه كان لدي إصرار شديد، وكنت أحلم بالثراء مثل كل الشباب الذين التقيتهم.. وقد منّ علينا الله ووجدنا ذهبا، كان نصيبي منه يساوي 45 ألف جنيه سوداني، وعدت إلى الخرطوم لأفتتح محل بقالة صغيرا في أحد الأحياء الجديدة».
وعدّ «الطيب الهجانة» أن المغامرة مطلوبة في الحياة، وأنه يحلم بالعودة مرة أخرى، وفي المرة الثانية ربما يوفق أكثر رغم أن هناك اعتقادا شعبيا «بأنك إذا عدت، فلن تحظى بالحظ نفسه».. ولذلك سوف يخفض من عدد الذين يرافقونه حتى تزيد حصته، وأضاف أنه كان في رحلته الأولى 18 شابا.
أما صلاح عثمان عبيد، موظف في منظمة خيرية، فيقول: «إننا خرجنا أكثر إيمانا من هذه التجربة، وأن الله هو الرزاق.. هناك من يرزق بعدد من الكيلوات، والآخر لا يجد شيئا، وهما في المكان نفسه». ويضف عبيد قائلا: «من أندر القصص التي حدثت لي أنا وزوج أختي أن جهاز الكشف عن المعادن بدأ يطلق صفارته معلنا عن وجود معدن، لكن ما ظنناه ذهبا كان عبارة عن كتلة من المسامير استغربنا جدا من أين أتت هذه الكتلة في وسط الصحراء».
وبفضل البحث عن الذهب بفضل «الداهبة» في الصحراء تنتعش المدن القريبة من تلك الصحراء.. فيصل مامون كرم الله، صاحب تجربة في التنقيب عن الذهب، ويصف مدينة أبو حمد (650 كيلومترا شمال الخرطوم) بأن ملامحها تغيرت تماما وأصبحت سوقا كبيرة ومزدهرة تخدم «الداهبة» في كل احتياجاتهم من الطعام والمؤن وبعض الرعاية الصحية، هذا وقد أنشئت بها بعض مصافي الذهب الثابتة.
وصنف فيصل مامون الباحثين عن الذهب إلى 3 فئات: «عمال، ومالك آلية التنقيب الحديثة، ومكتشف مكان الذهب» هذا الفريق يقتسم الذهب بعد بيعه لبنك السودان المركزي في شكل سبائك ذهبية بواقع الثلث لكل فئة، وهذا قانون عام يسري على كل «الداهبة».
وكشف فيصل مامون أن «الداهبة» لديهم لغة بينهم تصف حجم الذهب، فالحجر أقل من غرام يسمى «تسالي»، أما أكثر قليلا فيسمي «جنزبيل» وهو تشيبه بعرق الجنزبيل الأخضر، حتى يصل الاسم إلى «عرق» وهو عبارة عن جذر كبير ممتد تحت باطن الأرض يمكن أن يستمر فترة طويلة من الزمن حتى يتمكن العمال من الوصول إلى نهايته. غالبا الذهب يكون على شكل كتلة متماسكة مغطاة بالتراب يقوم «الداهبة» بتنظيفها ثم غسلها بالماء.
البعض يشتري مخلفات الحفر، وهو ما يسمى «الكرتة» ثم يبيعها لشركات كبرى تعمل على تنقية التراب بشكل دقيق حتى تحصل على فتافيت الذهب، ومن ثم الحصول على كميات أكبر كلما حصلوا على تراب أكثر.
الولع بالذهب جعل بعض «الداهبة» يقيمون في الصحراء لمدة تصل إلى عامين أو أكثر، على الرغم أن السلطات السودانية بدأت تمنع التنقيب الأهلي في بعض المناطق وتقوم بمصادرة الأجهزة. المناطق التي اشتهرت بوجود الذهب فيها هي شمال السودان، ومناطق المحس، وأيضا أبو حمد، تحديدا شمال شرقي مركز العابدية، في مناطق غرب السودان.. مناطق شرق السودان، وأيضا مناطق الأنقسنا جنوبا وجبال النوبة. والواقع في السودان يؤكد أن طموحات الشباب في أوضاع اقتصادية أفضل تقودهم إلى مغامرة البحث عن الذهب.. البعض حقق حلمه، والبعض الآخر عاد بخفي حنين.. لكنه لم ييأس وعاد مرة أخرى.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.