(4) راهن أبو عمار على الوعود السورية والعراقية بدعم عسكري لإسقاط النظام الأردني

مذكرات الأمير زيد بن شاكر كما ترويها أرملته - دفع وصفي التل ثمن وطنيته عندما قررت «أيلول الأسود» اغتياله وفاخر أبو إياد بذلك

الملك حسين يترأس اجتماعاً بحضور وصفي التل وزيد بن شاكر وكبار المستشارين
الملك حسين يترأس اجتماعاً بحضور وصفي التل وزيد بن شاكر وكبار المستشارين
TT

(4) راهن أبو عمار على الوعود السورية والعراقية بدعم عسكري لإسقاط النظام الأردني

الملك حسين يترأس اجتماعاً بحضور وصفي التل وزيد بن شاكر وكبار المستشارين
الملك حسين يترأس اجتماعاً بحضور وصفي التل وزيد بن شاكر وكبار المستشارين

تنقل «الشرق الأوسط» في هذه الحلقة من مذكرات الأمير زيد بن شاكر كما ترويها أرملته السيدة نوزاد الساطي والتي ستصدر الشهر المقبل عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت - عمان، بعض الروايات حول أحداث أيلول الشهيرة، تاركة التفاصيل في سردها الزماني والمكاني، وتسلسل الأحداث للكتاب الذي جاء على نحو صريح في سعيه إلى الدقة في توثيق رواية تلك الحقبة.
ويشمل الكتاب كثيراً من التفاصيل، التي لا تتضمنها سطور الحلقات المنشورة. وتكشف رواية السيدة نوزاد نقلاً عن زوجها الذي كان قائداً عسكرياً خلال تلك الأحداث، تفاصيل عن تنامي الصراع بين الجيش والمنظمات الفلسطينية، مما تطلب الحسم قبل تفاعل الأحداث وصولاً لانشقاق الجيش، وتحول البلاد لساحة صراع مسلح. في حلقة اليوم تقديم مقتضب لقرار الحسم الميداني الذي اتخذه الحسين بناء على تقارير مخابراتية قدمها مدير المخابرات الأردني نذير رشيد، والتي بلغت مستوى «التحذير» من استمرار حالة الانفلات الأمني، واستفزاز الدولة ومؤسساتها العسكرية. وفيما يلي نص الحلقة الرابعة:

في 10 أغسطس (آب) قرر الحسين إعادة زيد إلى القوات المسلحة، بموقع مساعد رئيس هيئة الأركان مدير العمليات. ‬عندما عاد زيد إلى الجيش، تفاجأ بأنه لا توجد أي خطة مدروسة للدفاع عن عمان، كما ذكر لي حينها؛ فقام على الفور بإعدادها. لكن جزءاً كبيراً من جهوده خلاله تلك الفترة كانت بمرافقة الحسين لتهدئة الفرق والجنود والضباط الغاضبين، فكانا يقومان مع قادة الفرق، بزيارات دورية للوحدات المختلفة، من أجل التهدئة وامتصاص الغضب، ومحاولة منع الانفلات داخل القوات المسلحة ومع تكرر الاستفزازات خلال تلك الفترة، انفتحت شهية المنظمات للسيطرة على السلطة، ولم يستقبلوا ما قام به الحسين من خطوات لتجنب إراقة الدماء والمواجهات المسلحة إلا في الاتجاه الخاطئ.
ويكفي القول إن عدد حوادث الاعتداء على العسكريين والأمن ومؤسسات الدولة والاستعراض العسكري في الشوارع، بلغ وفق إحصاءات رسمية، في الفترة بين 26 أغسطس إلى 8 سبتمبر (أيلول) (أي في أقل من أسبوعين)، 547 حادثاً‪‪‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

أحداث وتطورات
‬اندلعت الاشتباكات في أحياء عمان يومي 1 و2 سبتمبر، في الوقت الذي كانت تجري اللجنة المشتركة الأردنية - الفلسطينية اجتماعات لاحتواء النزاع. وفي الأثناء، وجه الحسين خطاباً شديد اللهجة عبر إذاعة عمان، مؤكداً فيه أنه لن يقبل المس بسيادة الأردن، ولن يتحمل بعد اليوم الشتائم والافتراءات‪. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
مع عودة زيد إلى موقع قيادي جديد في القوات المسلحة، رجعت الآلة السياسية والإعلامية نفسها إلى مهاجمته واتهامه، وتحميله مسؤولية الأحداث. في الأثناء، وقعت المخابرات على وثيقة خطرة تخص «الجبهة الديمقراطية»، هي بمثابة خطة واسعة لإثارة الاضطرابات في العاصمة على نطاق واسع خلال الفترة المقبلة.
التسارع في خط الانهيار بدأ يسير بخطى واضحة وخاطفة، ليضع الحسين أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الحسم وإنقاذ الأردن من العصابات المسلحة والدولة الموازية والانفلات والتمرد على القانون، أو تمرد القوات المسلحة وانفراط قدرة الدولة على ضبط الأمور، يضاف إلى هذا وذاك ما خلقه موضوع خطف الطائرات وإنزالها في الأردن، وتغيير اسم المطار إلى مطار الثورة، وبدء التفاوض بين «الجبهة الشعبية» والدول الأخرى، من انطباعات وصورة عن الأردن بوصفه دولة بلا سيادة ولا قانون، أي دولة فاشلة بامتياز وبكل ما تحمله الكلمة من‪ !معنى
في 9 سبتمبر، قام الحسين بمنح صلاحيات مطلقة للفريق مشهور حديثة، رئيس أركان القوات المسلحة، لتأمين النظام والهدوء وتنفيذ التزامات الحكومة، لكن الغريب كان أن الفريق مشهور حديثة قام بتوجيه نداء للقوات (بعد أن أعطي هذه الصلاحيات) يتضمن أمراً بأن «تتوقف جميع القوات المسلحة وحدات وأفراداً عن إطلاق النار فوراً، وكل من يخالف هذا الأمر سأتخذ بحقه أشد الإجراءات العسكرية».
في تلك الأيام، أصبحت المدن الرئيسية في قبضة المنظمات، فيما رجال الأمن محصورون داخل المخافر وقوات الجيش في مواقعها البعيدة، والحكومة بأجهزتها في حالة ركود وشلل تأمين، والمبادأة في أيدي رجال المنظمات الذين رفعوا في 10 سبتمبر شعاراً جديداً «لن نقبل إلا بسلطة وطنية»، مما يعني تخويناً كاملاً للنظام والحكم في الأردن‪‪.‬‬‬‬‬‬‬
ووصلت الأمور - كما ذكرنا مراراً - إلى نذر أزمة بين الحسين نفسه وضباط الجيش وأفراده. إذ يذكر فاضل فهيد، وكان مديراً لمكتب زيد، أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من قائد الفرقة الأولى، قاسم المعايطة، يسأل فيها عن زيد، ليخبره فيها بخروج أفراد الفرقة بآلياتهم، وصعودهم من الأغوار إلى عمان من أجل حمايتها، ووصولهم إلى مرج الحمام، لكن زيد كان في الوقت نفسه مشغولاً مع كتيبة أخرى من الحرس الملكي، بلغت مرحلة التمرد، ووصلت إلى مقربة من منزلنا، فكان يعمل على احتواء أفرادها وإعادتها إلى الانضباط. فما كان من فاضل فهيد إلا الاتصال مباشرة بالملك، الذي ذهب إلى مرج الحمام، وهو المكان الذي وصل إليه أفراد الفرقة المتمردون، ومعه حابس باشا المجالي، ثم لحق بهم زيد بعد أن أنهى موضوع الكتيبة الأخرى‪‪. ‬يتذكر حاكم طافور، الذي حضر اجتماع الملك بالفرقة الأولى، النقاش العاصف، فقد اتهموا الحسين وزيد بعدم اتخاذ موقف في مواجهة الفصائل الفلسطينية، ووصل غضبهم إلى القول بأنهم ما عادوا يأمنون على عائلاتهم، إضافة إلى عدم وصول الإمدادات إليهم، والتوتر من حوادث قتل الجنود في طريقهم إلى بيوتهم أثناء إجازاتهم. لكن أخطر ما قاله أفراد الكتيبة هو: لم نعد نحتمل هذا الوضع، وسندافع عن أنفسنا إن لم يتم اتخاذ قرار من الملك بالدفاع عن الجيش.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وعندما بدأ الحسين بالحديث عن المصالحة، خرج أحد الجنود الصغار، بدرجة عريف، وقال كلاماً قاسياً يمس كرامة زوجات ونساء الجيش العربي. فطلب الحسين من المشير حابس المجالي، الذي كان برفقته رغم عدم عودته رسمياً بعد إلى الجيش العربي، أن يخطب بالحضور، فقال حابس: «أيها الجنود لقد كتب الله علينا أن نخوضها، وسنخوضها بإذن لله». فنزل وهم يهتفون باسمه: «أبو سطام بدنا نطلع على عمان». حينها أدرك الحسين تماماً أن التأخير أكثر يعني انهيار انضباط القوات المسلحة ومؤسسات الدولة الوطنية، فاجتمع مع الضباط وأبلغهم بأن هناك أمراً إيجابياً سيسمعونه قريباً‪. ‬بدت الدولة على مرمى حجر من أن تسمى بصورة كاملة «دولة فاشلة»، وإن كانت قد دخلت عملياً في هذا الطور بجدارة، بخاصة مع عملية اختطاف الطائرات، وهي القشة التي أفاضت الكأس، كما وصفها زيد. ‪‪‬ثم جاء ما يرش الملح على الجرح الملتهب، بالدعوة إلى إضراب عام في البلاد، الأمر الذي اعتبره مدير المخابرات العامة، نذير رشيد، دعوة صريحة واضحة إلى إسقاط الحكم الأردني وتعطيل البلد. ‬
قدم مدير المخابرات العامة تقدير الموقف هذا إلى الحسين في قصره بالحمر، ودعاه بإلحاح - بحضور زيد - إلى ضرورة الحسم. مما دعا الحسين إلى استدعاء زيد الرفاعي ووصفي التل ومضر بدران، وكانوا من المستشارين المقربين الموجودين إلى جانبه خلال الأزمة. وتم في ‪الاجتماع اتخاذ قرار بتشكيل حكومة عسكرية وإعلان الأحكام العرفية، واختير الزعيم محمد داود رئيساً لها، بتزكية من وصفي التل؛ وهو من أصول فلسطينية، لبعث رسالة واضحة ضد «بروباغاندا» التنظيمات المسلحة التي تريد الترويج لموضوع الحرب الأهلية. واتفق على أن يكون الحاكم العسكري هو حابس المجالي، لما يملكه من كاريزما وسمعة عسكرية وسياسية كبيرة لدى القوات المسلحة والشعب الأردني. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

مهمة إنقاذ الدولة
‬كانت المباحثات تجري في رئاسة الوزراء بين الرئيس عبد المنعم الرفاعي ووزير الدفاع عاكف الفايز من جهة، وياسر عرفات وقيادات المنظمة من جهة أخرى، لإيجاد طريق للخروج من الأزمة. ومن الواضح أن الخلافات كانت كبيرة، واستفزازات الميليشيات متزايدة.
‪‬وصلت الأخبار لعبد المنعم الرفاعي عن نية الحسين تشكيل حكومة عسكرية وحسم الأمور عسكرياً. فما كان منه إلا أن اتصل مع صلاح خلف (أبو إياد) قائلاً له: «وقعوا الاتفاق بالغاً ما بلغت التكلفة». وفهم أبو إياد الرسالة؛ إن الملك اتخذ قرار المواجهة التي كان يتجنبها، وتبشر بها الميليشيات، بوصفها حتمية، مع قوى الرجعية. وهي أيضاً محسومة لأسباب إقليمية ودولية وداخلية، كما سنشرح لاحقاً.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
في وقت لاحق، انضم وزير الدفاع السوري حينها، حافظ الأسد، إلى العراق في تحذير الأردن من أي عمل يمس التنظيمات المسلحة، متعهداً بحمايتها! فيما وافق عبد الناصر على طلب عرفات عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية. وهي معطيات اعتبرها قادة فصائل المنظمة انتصاراً أخيراً، وانعكست على خطاب عرفات الذي وقف في افتتاح المؤتمر الدولي لدعم المقاومة الفلسطينية، في عمان، ليقول: «إن الثورة أقوى من جميع المؤامرات».‪‪‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

جوهر كلمة السر
فور تشكل الحكومة العسكرية، تم رفضها من قبل منظمة التحرير‪‪.‬ واجتمعت القيادات الفلسطينية وجرى الإعلان عن أن ياسر عرفات هو القائد العام لقوات المقاومة الفلسطينية، ومنح الصلاحيات كافة. فيما‪ ‬عين عبد الرزاق اليحيى قائداً عاماً لجيش التحرير الفلسطيني، رئيساً لهيئة أركان قوات الثورة الفلسطينية المكونة من جيش التحرير وقوات‪ ‬الميليشيات. واعتبرت اللجنة العسكرية العليا بمثابة هيئة أركان عامة لقوات الثورة. كما أعيدت عضوية «الجبهة الشعبية» بعدما كانت قد جمدت منذ اختطاف الطائرات.
وجه عرفات نداء إلى الحكام العرب يدعوهم إلى التدخل لحماية الفصائل. وأصدرت اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولجنة متابعة المؤتمر الوطني، بياناً أكدتا فيه على المضي في الدعوة إلى إضراب عام في البلاد.


(1) زيد بن شاكر: معلومات مصرية وضغوط دفعت بالملك حسين إلى حرب 1967

(2) التحمت المدرعات الأردنية بالإسرائيلية فغاب سلاح الطيران عن معركة الكرامة

(3) سلطة موازية ومحاولات اغتيال صعّدت الصراع بين الأردن والتنظيمات الفلسطينية


وبالفعل، بدت عمان في صباح يوم الخميس 17 سبتمبر، ساحة مواجهة، كأنها في حرب داخلية حقيقية بين الجيش والميليشيات، وتمكن الجيش من السيطرة على العديد من المواقع الاستراتيجية، وانطلقت عملية استعادة الأمن والاستقرار في عمان وإزالة القواعد والحواجز والمناطق العسكرية غير القانونية التي أقامتها الميليشيات. كانت عملية عمان معقدة تماماً، وواجهت معضلات كبيرة.
‬في مساء الخميس 17 سبتمبر أعلنت القيادة الموحدة للفصائل الفلسطينية منطقة «اللواء الشمالي» منطقة محررة، من البقعة حتى الحدود السورية، بما يشمل محافظات عجلون وجرش وإربد ومدينة الرمثا، وعينت الحكام الإداريين الموجودين أنفسهم ليكونوا تابعين لها، فرفضوا ذلك، وأصروا على التزامهم الولاء للدولة. وبدأت عملية تصفية للدولة ومؤسساتها في مدينة إربد من قبل الميليشيات. في المقابل، وكما روى لي زيد، بادر المدنيون من أهالي قرى الشمال إلى إعداد الطعام للجيش العربي ومساندته.
‬الوضع كان يتحسن، بالتزامن والتوازي مع ذلك، في عمان وباقي المناطق، منذ يوم الأحد 20 سبتمبر. إذ بدأت قيادات المنظمة تتهاوى وتسقط بيد الجيش؛ فاعتقل كل من أبو إياد وبهجت أبو غربية وأبو اللطف (فاروق القدومي) وإبراهيم بكر، وسيطر الجيش على‪ ‬العديد من المناطق في عمان، وفي الزرقاء والسلط وباقي المحافظات، وبدأت عملية معاكسة في محافظات الشمال في منتصف الأسبوع، أي منذ يوم الثلاثاء 22 سبتمبر، وكان هذا الأسبوع 20 - 27 سبتمبر ‪‪.حاسماً في مسار الصراع العسكري.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‬انقلبت الظروف، واستفاد الجيش من تحطم معنويات الميليشيات في عمان وباقي المناطق. لكننا تفاجأنا باستقالة رئيس الحكومة محمد داود، بينما كان يقود - ممثلاً للملك - الوفد الحكومي الأردني الموجود في القاهرة لحضور مؤتمر قمة هناك. وهو ما حدث فعلا يوم الخميس 24 سبتمبر، وبعث برسالة الاستقالة من هناك. فقام الحسين بتشكيل حكومة جديدة برئاسة أحمد طوقان بعد يومين من ذلك.
بدا يوم الأربعاء 23 سبتمبر حاسماً على الصعيد الميداني؛ إذ تمكنت قوات الجيش من إكمال استعادة السيطرة وإعادة الأمن والاستقرار للجزء الأكبر من عمان، ولم يبقَ إلا بعض أحياء في عمان، يتحصن فيها قادة المنظمة، بعدما خسروا مواقعهم ومكاتبهم في جبل الحسين. كذلك، بدأت الدولة تعود إلى إربد مع انسحاب المسلحين، وأتمت القوات السورية تقهقرها إلى الحدود، وعادت الأمور إلى نصابها في أغلب محافظات المملكة تقريباً.
غادر الحسين يوم الأحد إلى القاهرة لحضور اجتماع القمة العربية الذي حضره أيضاً ياسر عرفات، وتم التوافق بين الرؤساء والملوك العرب على بنود اتفاق يتضمن خروج الجيش من المدن ووقف الأعمال العسكرية للميليشيات، وتطبيق الأمن والنظام، وعودة إربد إلى ما كانت عليه قبل الاحتلال السوري لها. وكلفت لجان عربية بمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق في المرحلة التالية. وفيما كان قد تم في الأثناء إطلاق سراح عدد من الرهائن المتبقين في صفقة أدت إلى إطلاق سراح ليلى خالد المعتقلة في بريطانيا، و3 من أعضاء الجبهة الشعبية المعتقلين في سويسرا، تمكن الجيش العربي من تحرير آخر الرهائن.

‬‬زيد ووصفي... ثمن الولاء للوطن
تشكلت حكومة جديدة في 28 أكتوبر (تشرين الأول) 1970، برئاسة وصفي التل وضمت منيب المصري ومصطفى دودين وتشكلت البارزة من الشخصيات الأردنية من أصول فلسطينية، للتأكيد على مفهوم وصفي التل للوحدة الوطنية وصونه من أي مس بعد الأحداث الأخيرة. كما كان ضمن الوزارة إسحاق الفرحان؛ أحد أبرز قادة جماعة الإخوان المسلمين‪.‬‬‬‬‬
حاول وصفي ترتيب الأوضاع مع قادة المنظمة، للخروج من «شبح» الأيام السابقة، عبر تنظيم الوجود الفدائي، بما يضعه تحت مظلة القانون والدولة والسيادة. مما جعل وصفي مصراً على تطبيق إلزام المسلحين احترام هيبة الدولة وسلطتها، وعلى تطبيق الاتفاقات بصورة جدية.
وصل الطرفان إلى تفاهمات على انتقال المسلحين إلى جبال جرش وعجلون، مع إخراج أسلحتهم من المدن، والتخلي عن الأسلحة الثقيلة. لكن الجيش كان يعلم تماماً أنهم لم يلتزموا بهذا الاتفاق، فتم تفتيش البيوت والأحياء وكشف المخازن التي تم إخفاء السلاح فيها، مما كان مؤشراً على أن هناك من ما يزال يفكر بالفعل في السعي إلى فتح معارك جديدة في عمان والمدن الأخرى.
في تلك الفترة، كان أنور السادات الرئيس المصري الذي خلف عبد الناصر، مسكوناً بفكرة إقامة تسوية مع إسرائيل، لذلك لجأ إلى تحسين علاقته مع المنظمة على حساب الأردن. والحال كذلك كانت بشأن حافظ الأسد بعد أن أتم السيطرة على مقاليد الأمور في سوريا، ويريد أن يحظى بشرعية ثورية على مختلف المستويات. ومن ثم، أعلنت كل من مصر وسوريا قطع العلاقات الدبلوماسية مع الأردن، رداً على محاولة إنشاء «المملكة العربية المتحدة» التي كانت تعارضها مصر وسوريا بشدة، إضافة إلى طلب المنظمات الفلسطينية من الدولتين مساعدتها في إجهاض المقترح الأردني‪‪. ‬ففي 21 أغسطس 1971، قرر الأسد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الأردن وإغلاق الحدود بين البلدين. تلا القرار السوري قرار مماثل لأنور السادات في 6 يونيو (حزيران) 1972، بعد إلقائه خطاباً معادياً للأردن لم يبالِ زيد ووصفي ورجال الدولة في تلك الفترة بما كانوا يلاقونه من اتهامات وشتائم من الإذاعات العربية ولا من الخطابات «الثورجية»؛ إذ كانت المهمة أولاً وأخيراً حماية الدولة وسيادتها وتطبيق القانون وصيانة السلم الأهلي من التلاعب الذي حدث مسبقاً.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أما‬ وصفي، فقد دفع ثمن وطنيته وشجاعته، عندما قررت اغتياله منظمة «أيلول الأسود»، التي أسسها أبو إياد فور خروج الميليشيات من الأردن. فقد علم أبو إياد بنية وصفي الذهاب إلى مؤتمر لوزراء الدفاع العرب، في جامعة الدول العربية في القاهرة، لتمثيل الأردن، وبدأ يعد خطة الاغتيال عبر مجندين في منظمته السرية. غادر وصفي إلى القاهرة لحضور اجتماع وزراء الدفاع العرب (يوم الأحد 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وبعد أن عرض المشروع الأردني في الجلسة الصباحية، تم اغتياله - على عتبة الفندق - من قبل شباب فلسطينيين تابعين لمنظمة «أيلول الأسود»، وافتخر أبو إياد لاحقاً بأن منظمته هي التي خططت لقتل وصفي ونفذت ذلك.
‪‬في يوم السبت 19 سبتمبر، تدخلت القوات السورية مباشرة، تحت يافطة جيش التحرير الفلسطيني، وهي في الحقيقة مدرعات ودبابات الجيش السوري، كما اعترف قادة المنظمة لاحقاً. فاشتبكت مع القوات الأردنية وسيطرت على جزء كبير من المناطق الشمالية، من بينها مدينتا إربد والرمثا، وقاربت على احتلال محافظات الشمال بالكامل، لانشغال القوات المسلحة الأردنية بالقتال في عمان والزرقاء والمدن الأخرى، مع وجود وحدات منها مرابطة لحماية الحدود مع إسرائيل.
في الوقت نفسه ظهرت بوادر لوضع القوات العراقية الموجودة في الأردن تحت تصرف منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت تقدر بآلاف الجنود ومئات المدرعات‪‪.‬ فبدت علامات حقيقية على انهيار شديد في معنويات القوات المسلحة. وكان الحسين قد خاطب جامعة الدول العربية والزعماء العرب بسبب ‪ الاحتلال السوري لمناطق في الشمال
‪‪‬في الحقيقة، ومنذ البداية، كان رهان ياسر عرفات ومنظمة التحرير الحقيقي هو على الوعود السورية والعراقية بدعم عسكري حقيقي لإسقاط النظام السياسي الأردني. وهو ما انكشف مع التدخل البري الكبير للقوات السورية، كما اعترف صلاح خلف (أبو إياد) بحدوث اجتماع حضره مع ياسر عرفات بقيادات بارزة في حزب البعث والنظام العراقيين، هم عبد الخالق السامرائي، وزيد حيدر، ومهدي عماش وكان حينها وزيراً للداخلية العراقية، وذلك في مايو (أيار)، أي قبل قرابة أربعة أشهر من أحداث «أيلول»، في قاعدة الحبانية. في ذلك الاجتماع، قال لهم الوفد العراقي: نظموا محاولة انقلاب عسكري في الأردن، وستدعمكم الوحدات العراقية لقلب النظام وإقامة سلطة شعبية. وهو العرض الذي لم يرفضه عرفات، لكنه طلب منهم منحه وقتاً لطرحه على السوريين، لإيجاد قدر من التنسيق الكامل بين الأطراف الإقليمية الراعية للفدائيين‪.‬
‪ الرهان على العراقيين فشل. وقد تمثلت الخطوة الأهم في إحباط أي تدخل عراقي في الدور الكبير الذي قام به الحسين على الصعيد الدبلوماسي من خلال مراسلاته مع الأميركيين والبريطانيين والدول العربية. كما نفذ الجيش العربي، عقب بدء العمليات العسكرية، خديعة محكمة حيدت القوات العراقية الموجودة في الأردن. ولم يمضِ سوى وقت قصير حتى طلب الجانب العراقي السماح بإخلاء قواته الموجودة في جرش، حرصاً على تجنيبها القتال.
وكان القادة العسكريون العراقيون في الأردن قد انقسموا بشأن مساندة الميليشيات خلال اجتماع عقدوه في سينما المفرق؛ ‬وعندما أخذ الحسين ضمانات أميركية بعدم وجود نوايا إسرائيلية لاستثمار انسحاب الجيش العربي من الحدود لمواجهة السوريين والتحديات الخطيرة في الداخل، قام بالضربة الحاسمة باستخدام سلاح الجو، مراهناً على أن السوريين لن يستطيعوا استخدام سلاحهم الجوي كي لا يظهر أن القوات هي سورية، وليست تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. في الوقت نفسه، كانت لدى الحسين معلومات عن وجود خلافات بين وزير الدفاع، حينها، حافظ الأسد، والجناح السياسي القائد في حزب البعث، فامتنع عن استخدام سلاح الجو في المعركة خشية الإدانة السياسية عالمياً، على الأغلب، نتيجة الاعتداء على دولة أخرى، وكسب الحسين الرهان. فأخذت القوات الأردنية زمام المبادرة، وانقلبت المعادلة فأصبحت تلاحق القوات السورية التي عبرت الحدود الأردنية - بالعكس، مما انعكس بصورة سلبية تماماً على معنويات الميليشيات.



الحوثيون يتبنون مهاجمة 4 سفن... وواشنطن تدمر مسيّرة

العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
TT

الحوثيون يتبنون مهاجمة 4 سفن... وواشنطن تدمر مسيّرة

العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)
العليمي هاجم الحوثيين من مأرب وشدد على جاهزية الجيش لاستعادة صنعاء (سبأ)

اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الجماعة الحوثية بـ«الخداع والتحضير لحروب جديدة»، في وقت واصلت فيه الجماعة المدعومة من إيران هجماتها البحرية حيث تبنّت قصف 4 سفن في البحر الأحمر وخليج عدن، بالتوازي مع إعلان الجيش الأميركي تدمير طائرة من دون طيار.

وفي حين تزعم الجماعة أن هجماتها المستمرة للشهر السادس ضد السفن تأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة عبر منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا الأميركية والبريطانية، تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة بذريعة غزة.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، الثلاثاء، أنه بين الساعة 10:00 صباحاً و5:20 مساءً (بتوقيت صنعاء) في 29 أبريل (نيسان)، أطلق الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران 3 صواريخ باليستية مضادة للسفن و3 طائرات من دون طيار إلى البحر الأحمر باتجاه السفينة «إم في سيكلايدس»، وهي سفينة مملوكة لليونان وترفع علم مالطا. وأشارت التقارير الأولية إلى عدم وقوع إصابات، وأن السفينة واصلت طريقها.

وفي وقت سابق من اليوم نفسه، أفاد الجيش الأميركي بأنه في الساعة 7:49 صباحاً، نجحت قواته في الاشتباك مع طائرة من دون طيار، أطلقها الحوثيون باتجاه المدمرتين «يو إس إس بحر فيلبين سي» و«يو إس إس لابون» في البحر الأحمر، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وأضاف بيان القيادة المركزية الأميركية أنه تقرر أن الطائرة من دون طيار كانت تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

طائرات وهمية من دون طيار يعرضها الحوثيون في صنعاء (إ.ب.أ)

وكانت وزارة الدفاع الإيطالية أفادت بأن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية أسقطت طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في اليمن، الإثنين، واستهدفت سفينة شحن أوروبية، وأنه تسنى اعتراض الطائرة المسيرة «في وقت متأخر من الصباح» بالقرب من مضيق باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفق ما نقلته «رويترز».

وأوضح البيان الإيطالي أن المسيرة كانت تحلق باتجاه سفينة الشحن، قبل إسقاطها على بُعد 5 كيلومترات. وقال إنها كانت مماثلة لطائرات مسيّرة أخرى استخدمت في هجمات الحوثيين السابقة.

هجمات متصاعدة

وتبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، الثلاثاء، تنفيذ جماعته 4 هجمات على سفينتي شحن ومدمرتين أمريكيتين، زاعماً أن الإصابة كانت دقيقة.

كما زعم أن جماعته قصفت سفينة «إم في سيكلايدس» بالصواريخ والطائرات المسيرة بعد توجهها إلى ميناء إيلات في 21 أبريل (نيسان) بأسلوب الخداع والتمويه بادعاء توجهها إلى ميناء آخر، وأنها انتهكت قرار المنع للسفن المتجهة إلى إسرائيل، فأصبحت في قائمة السفن المستهدفة.

وتبنى المتحدث الحوثي استهداف جماعته سفينة «إم إس سي أوريون» بعدد من الطائرات المسيرة في المحيط الهندي، زاعماً أنها سفينة إسرائيلية، إلى جانب تبنيه مهاجمة مدمرتين أمريكيتين.

عنصر حوثي مشارك في حشد بصنعاء يرفع مجسماً لصاروخ (إ.ب.أ)

وفي الأسبوع الماضي، ادعى المتحدث الحوثي العسكري يحيى سريع أن قوات الدفاع الجوي التابعة لجماعته نجحت في إسقاط طائرة أميركية من نوع «MQ9» في أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية في أجواء محافظة صعدة.

ووصل عدد السفن التي تعرضت للهجمات الحوثية إلى نحو 109 سفن منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أصيب 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر، ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة. وفق ما ذكره الجيش الأميركي.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي، تنفيذ هجمات ضد 102 سفينة خلال 200 يوم، متوعداً بالاستمرار في الهجمات، مع دعوته أتباعه إلى مزيد من الحشد والتعبئة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

طائرة من دون طيار وهمية من صنع الحوثيين معروضة في ساحة بصنعاء (إ.ب.أ)

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس». وفي مقابل ذلك، أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وعيد رئاسي من مأرب

وعلى وقع جمود عملية السلام اليمنية، التي تقودها «الأمم المتحدة»، بسبب تصعيد الحوثيين وهجماتهم البحرية، أطلق رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي تصريحات من مأرب هاجم فيها الجماعة وتوعد بفرض السلام.

وعقد العليمي، في مأرب، الثلاثاء، مع 3 من أعضاء المجلس الذي يقوده، اجتماعاً عسكرياً موسعاً، ضم رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز، ورؤساء هيئات، ودوائر وزارة الدفاع، وعدداً من قادة المناطق العسكرية والقيادات الأمنية في محافظة مأرب.

واستمع رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس، من رئيس هيئة الأركان العامة، إلى تقرير حول وضع القوات المسلحة، وما وصلت إليه في جوانب التدريب والتأهيل، وجاهزيتها القتالية العالية على المستويين التكتيكي والاستراتيجي.

جانب من اجتماع قادة الجيش اليمني مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في مأرب (سبأ)

وفيما أشاد العليمي بالانضباط العالي والجاهزية القتالية للقوات المسلحة والأمن، قال: «إن هذه القوة التي خاضت على مدى السنوات الماضية معركة مقدسة من أجل الجمهورية والدولة، هي صمام أمان الوطن، وستثمر تضحياتها نصراً مؤزراً». وفق تعبيره.

وشدّد رئيس مجلس الحكم اليمني على مضاعفة الجهود لتطوير القطاعات العسكرية كافة، وقال: «إن الميليشيا الحوثية أثبتت أنها ليست شريكاً جاداً لصنع السلام، وإنما تتخذ من الحديث عن السلام نوعاً من الخداع والتحضير لحروب جديدة، وهو ما يحتم العمل بكل جهد واستعداد لفرض السلام المنشود».

وقال خلال اجتماع آخر مع قيادة السلطة المحلية في مأرب: «نؤكد لكم أننا سننطلق من هنا ومن كل المحافظات لتحرير المناطق التي ما زالت تحت سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وسيتحقق النصر من خلال القوات المسلحة بتشكيلاتها كافة، والمقاومة الشعبية المساندة لها».


توقعات أممية بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن

لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
TT

توقعات أممية بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن

لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)
لم تتمكن المساعدات الإغاثية الموجهة إلى اليمن من الحد من الأزمة الإنسانية (أ.ب)

توقع تقرير أممي حديث تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال الأشهر القليلة المقبلة، نتيجة انخفاض المساعدات وتبعات أحداث البحر الأحمر، وضعف العملة المحلية، في حين أعلنت المفوضية الأوروبية عن تخصيص نحو 96 مليون دولار كتمويل للمساعدات الإنسانية في اليمن خلال العام الحالي.

وقالت المفوضية في تقرير لها إن هذا المخصص يأتي في إطار التزام الاتحاد الأوروبي لتلبية الاحتياجات المنقذة للحياة، وحماية ملايين الضعفاء، بمن في ذلك النازحون قسراً والمهاجرون، وكتمويل أولي للمساعدات الإنسانية في اليمن هذا العام، ضمن أولوياتها التشغيلية للمساعدات الإنسانية.

يمنية تنقل الماء إلى خيمتها في مخيم للنازحين بالقرب من صنعاء (غيتي)

وتراجعت مساعدات المفوضية الأوروبية المقدمة إلى اليمن هذا العام بمقدار الثلث عن العام الماضي الذي وصلت فيه إلى أكثر من 145 مليون يورو، وبذلك يكون ما قدمته المفوضية إلى اليمن منذ عام 2015 ما يقارب 1.5 مليار يورو (نحو 1.6 مليار دولار) كدعم للاستجابة للأزمة في اليمن، بينها أكثر من مليار يورو في الجانب الإنساني و487 مليون يورو في الجانب التنموي.

ويأتي انخفاض المساعدات الأوروبية المقدمة إلى اليمن هذا العام، بالرغم من زيادة ميزانية المفوضية بشأن المساعدات لمواجهة توسع الصراعات في العديد من دول العالم وتفاقم الاحتياجات الإنسانية فيها، بمقدار 248 مليون يورو لهذا العام، فبعد أن قدمت ملياراً و592 مليون يورو العام الماضي، رفعت ميزانية مساعداتها إلى مليار و840 مليوناً هذا العام.

استجابة سيئة

ووصف جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية الاستجابة الإنسانية من أجل بلاده بالسيئة، مبيناً أنها لم توفر حاجات ملايين اليمنيين من الغذاء، بعد كل هذه الأعوام، ورغم كل الأموال التي جرى تقديمها، والتي تقارب عشرين مليار دولار، مرجعاً السبب في ذلك إلى سوء إدارة هذه المساعدات، وتهميش الجانب الحكومي خلال عمليات إدارتها وتقديمها.

ويذهب بلفقيه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة وجود معالجات محلية عاجلة لوصول المساعدات إلى المستهدفين من جهة، ورفع التكلفة عن السكان بحلول تضع حدوداً لأسعار المواد الأساسية، خصوصاً مع توقف الكثير من المساعدات الدولية بسبب الفساد وعدم الجدوى، إلى جانب ظهور أزمات أخرى بسبب الحروب في عدد من الدول.

يمنية نازحة تعد الطعام لأطفالها بجوار خيمتها في مخيم للنازحين في محافظة لحج (إ.ب.أ)

ويتفق أحد قيادات وزارة الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية مع رئيس لجنة الإغاثة في ضرورة وجود حلول محلية تساهم في تخفيف آثار الأزمة الإنسانية على السكان، من خلال تحمل رجال الأعمال والقطاع الخاص بعض المسؤولية مع تراجع التمويلات الدولية، على أن تتولى الحكومة اليمنية تنظيم وترتيب برامج وآليات تنظيم وتوجيه مساهمات رجال الأعمال في ذلك.

واستغرب القيادي الحكومي الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، لعدم امتلاكه صلاحيات الحديث إلى وسائل الإعلام، من عدم وجود ضغوط دولية على الجماعة الحوثية لوقف حربها الاقتصادية على الحكومة اليمنية، والسماح بتصدير النفط، منتقداً التقصير في تفعيل الصادرات النفطية والسمكية، وإدارة الأزمة الاقتصادية، والاكتفاء بإلقاء اللوم على الجماعة الحوثية وأعمالها العدائية.

أزمة غذاء

وفي أحدث تقرير لها ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، أنه من المتوقع تفاقم انعدام الأمن الغذائي في معظم أنحاء اليمن خلال الفترة المقبلة مع احتمالية أن يصل إلى ذروته خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) المقبلين، بعد انخفاض المساعدات الغذائية العامة التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

وأكد التقرير أن تبعات أزمة وصراع البحر الأحمر ساهمت في ذلك، إلى جانب ضعف العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة، والانخفاض المتوقع في التحويلات المالية الخارجية إلى اليمن نتيجة العقوبات المفروضة على الجماعة الحوثية، وغير ذلك من العوامل الموسمية.

أطفال نازحون في اليمن وسط توقع تفاقم انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

وأجرت المنظمة الأممية مسحاً استقصائياً أواخر فبراير (شباط) وأوائل مارس (آذار) الماضيين، شمل 2500 عائلة، في 22 محافظة، وبمعدل 110 عائلات في كل محافظة، حول انعدام الأمن الغذائي، وكشف المسح عن فجوة كبيرة بين الحاجة والاستهلاك الغذائيين لدى معظم العائلات، وبصورة غير مسبوقة خلال الأعوام الماضية.

ويظهر التقرير أن غالبية المؤشرات التي خلص إليها فريق المسح كانت أسوأ في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رغم أن الاستهلاك غير الكافي للغذاء كان أعلى في المناطق المحررة؛ إذ وصل عدم كفاية الاستهلاك الغذائي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى 47.3 في المائة مقابل 53.5 في المائة بالمناطق الأخرى.

وشهدت خمس محافظات ضمن سيطرة الجماعة الحوثية معدلات انتشار انعدام الأمن الغذائي بدرجات أعلى من المتوسط العام على مستوى البلاد، وهي محافظات: حجة بنسبة 84.1 في المائة، والحديدة بنسبة 80.0 في المائة، والبيضاء بـ75.9 في المائة، والجوف بـ73.7 في المائة، وريمة بـ71.5 في المائة.

الأكثر تضرراً

وتعد محافظتا الجوف وحجة الأكثر تضرراً في اليمن من توقف المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي، حيث ارتفعت نسبة الاستهلاك غير الكافي من الغذاء فيهما على أساس شهري، في حين وصلت إلى فوق المتوسط خلال 12 شهراً ماضياً في محافظات الضالع والحديدة وحضرموت وإبّ ولحج وتعز.

من المتوقع أن يؤدي توقف المساعدات في اليمن إلى تفاقم الأزمة الإنسانية (غيتي)

ودعت «الفاو» إلى الإسراع بتقديم المساعدات الغذائية الطارئة ودعم سبل العيش في المناطق والمحافظات الأكثر احتياجاً.

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان أن الأمم المتحدة ومختلف المنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية في اليمن تواجه الكثير من الإشكالات والاختلالات في كيفية التشغيل وإيصال المساعدات، إلى جانب ارتفاع التكلفة التشغيلية، وذهاب أموال المساعدات في الإنفاق على هذا الجانب، ما يعطل من القدرة على الوفاء بالاحتياجات الإنسانية وسد فجواتها الهائلة.

ويرى شمسان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المجتمع الدولي معنيّ بمراعاة الوضع الإنساني المعقد في اليمن، والذي يتفاقم مع استمرار الصراع وعدم وجود أفق لإنهائه، مطالباً بعودة المؤسسات العامة التي تديرها الجماعة الحوثية إلى أداء واجباتها تجاه السكان، وإعادة صرف رواتب الموظفين العموميين وتقديم خدمات الرعاية الاجتماعية.

وشدد على ضرورة تكثيف المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، بالتزامن مع إيجاد بدائل تنموية مستدامة تساعدهم على الاستقرار ومواجهة متطلباتهم المعيشية والأساسية.


اليمن: نقابة النقل في الحديدة في مواجهة مع تعسف الحوثيين

الحوثيون متهَمون بالسعي لضرب قطاع النقل الثقيل لصالح مجموعة من المتنفذين (إعلام محلي)
الحوثيون متهَمون بالسعي لضرب قطاع النقل الثقيل لصالح مجموعة من المتنفذين (إعلام محلي)
TT

اليمن: نقابة النقل في الحديدة في مواجهة مع تعسف الحوثيين

الحوثيون متهَمون بالسعي لضرب قطاع النقل الثقيل لصالح مجموعة من المتنفذين (إعلام محلي)
الحوثيون متهَمون بالسعي لضرب قطاع النقل الثقيل لصالح مجموعة من المتنفذين (إعلام محلي)

استأنف منتسبو نقابة النقل الثقيل في محافظة الحديدة اليمنية احتجاجاتهم ضد جماعة الحوثيين بعد أيام على تعليقها بموجب اتفاق يُنهي تدخلات هيئة استحدثتها الجماعة لتحل محل النقابة التي تتولى مهمة تنظيم وترتيب أولوية نقل البضائع الواصلة عبر الموانئ إلى مختلف محافظات البلاد.

وذكرت مصادر نقابية أن منتسبي النقابة عادوا للاعتصام من جديد، تنديداً بتعسفات هيئة النقل التي استحدثها الحوثيون والتي استولت على مهام وصلاحيات النقابة وآلية عمل ناقلات البضائع.

سائقو الشاحنات في الحديدة اليمنية يتعهدون بمقاومة تعسف الحوثيين (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن هذه الممارسات المتكررة ألحقت بالمنتسبين إلى النقابة أضراراً وخسائر كبيرة وأشاعت حالة من الفوضى في عمل هذا القطاع المهم، حيث تنصل المسؤولون الحوثيون من الاتفاق الذي أُبرم معهم قبل عدة أيام، ونصَّ على عودة العمل بنظام أولوية التسجيل للشاحنات في نقل البضائع.

وأشارت المصادر إلى أن الهيئة الحوثية عادت وسمحت للمخالفين بنقل البضائع دونما أي اعتبار لمئات السائقين الملتزمين بنظام الدور المعمول به منذ خمسة عقود.

وطالب المعتصمون مجلس حكم الحوثيين بإلزام هيئة النقل بتنفيذ ما اتُّفق عليه في المحضر السابق والتزام نظام الدور في تحميل البضائع على جميع السائقين وتمكينهم من أدوارهم في النقل من موانئ الحديدة والمخازن وصوامع الغلال وغيرها إلى بقية المحافظات، ومنع المخالفين من تجاوز هذا النظام المعمول به.

ووصف المحتجون من سائقي النقل الثقيل ممارسات هيئة النقل بالتعسف والمماطلة الواضحة في تطبيق نظام الدور، وعدّوا ذلك دليلاً واضحاً على عدم التزامها بما اتُّفق عليه بحضور لجنة من مجلس الحكم الانقلابي أُرسلت إلى الحديدة لاحتواء الموقف. وعدّوا ذلك تراجعاً من الهيئة عن رعاية مصالح سائقي النقل الثقيل، واتهموها بأنها «أصبحت أداة بيد الفاسدين، تعمل على التخريب وإعاقة مسيرة تنظيم النقل وتحسين أوضاع السائقين».

شاحنات نقل بضائع من ميناء عدن احتجزها الحوثيون (إكس)

وحذَّر السائقون هيئة النقل الحوثية من الاستمرار «في الممارسات الباطلة»، مؤكدين أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم المشروعة، وسوف يستمرون في احتجاجاتهم ونضالهم السلمي حتى تحقيق مطالبهم العادلة. وناشدوا مجلس حكم الحوثيين التدخل العاجل لوقف هذه الممارسات التعسفية وإلزام الهيئة بتطبيق نظام الدور بشكل عادل وشامل على الجميع دون استثناء.

كان الحوثيون قد اختطفوا عدداً من قيادات نقابة النقل العام بمحافظة الحديدة بعد الوقفات الاحتجاجية السابقة، فيما اقتحم نافذون الموانئ وحملوا الشحنات التجارية عبر شاحنات تتبع ما تُعرف بـ«مؤسسة الشهيد» المملوكة لتنظيم جماعة الحوثي بالقوة بالمخالفة لنظام الدور الذي وقّعت عليه نقابة النقل الثقيل وهيئات حوثية مختصة بالنقل.

وطالب المحتجون بتفعيل نظام الدور على جميع الناقلين، مؤكدين رفضهم تسليم قطاع النقل لشركات حوثية بمسميات مختلفة، ومتعهدين في الوقت ذاته بالاستمرار في تصعيدهم واحتجاجاتهم حتى تنفيذ مطالبهم.


مفوض «الأونروا»: لم يُطلب من سكان رفح بجنوب غزة إخلاء المدينة حتى الآن

نتنياهو عازم على دخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» أم لا (أ.ف.ب)
نتنياهو عازم على دخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» أم لا (أ.ف.ب)
TT

مفوض «الأونروا»: لم يُطلب من سكان رفح بجنوب غزة إخلاء المدينة حتى الآن

نتنياهو عازم على دخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» أم لا (أ.ف.ب)
نتنياهو عازم على دخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» أم لا (أ.ف.ب)

أكد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم (الثلاثاء) أنه لم يُطلب من سكان رفح في جنوب قطاع غزة إخلاء المدينة حتى الآن.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، أشار لازاريني في تصريحات، نشرتها الوكالة الأممية على منصة «إكس»، إلى أن هناك اعتقاداً بأن عملية الإخلاء قد تحدث إذا لم يتم التوصّل إلى اتفاق مع «حماس» هذا الأسبوع.

كانت وسائل إعلام إسرائيلية نقلت، في وقت سابق اليوم، عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله إن عملية إجلاء المدنيين من رفح قد بدأت، تمهيداً لشنّ هجوم بري على المدينة.

وذكر نتنياهو، خلال اجتماعه مع عدد من عائلات المحتجزين، أن الجيش الإسرائيلي عازم على دخول رفح سواء تم التوصل إلى اتفاق مع «حماس» أم لا.

وأكد رئيس الوزراء أن فكرة إنهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهداف إسرائيل «غير مقبولة»، قائلاً: «سندخل رفح، وسنقضي على كتائب (حماس) جميعها هناك بصفقة أو دون صفقة».


«القيادة المركزية» تعلن إسقاط مسيّرة أطلقها الحوثيون صوب مدمرتين أميركيتين

مجسمات لطائرات مسيرة وصواريخ حوثية معروضة بساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لطائرات مسيرة وصواريخ حوثية معروضة بساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

«القيادة المركزية» تعلن إسقاط مسيّرة أطلقها الحوثيون صوب مدمرتين أميركيتين

مجسمات لطائرات مسيرة وصواريخ حوثية معروضة بساحة في صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لطائرات مسيرة وصواريخ حوثية معروضة بساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

قالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان اليوم (الثلاثاء)، إن قواتها أسقطت طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون صوب المدمرتين «فلبين سي» و«لابون» بالبحر الأحمر أمس.

وأضافت في بيان عبر منصة «إكس» أن جماعة الحوثي أطلقت ثلاثة صواريخ باليستية مضادة للسفن وثلاث طائرات مسيرة من اليمن صوب السفينة «سيكلادس» في البحر الأحمر، مشيرة إلى أنها ترفع علم مالطا ومملوكة ليونانيين.

وذكر البيان أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات في السفينة مشيراً إلى أنها واصلت إبحارها صوب وجهتها.

كان المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، يحيى سريع، أعلن أمس (الاثنين) استهداف مدمرتين أميركيتين وسفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي بعدد من الطائرات المسيرة.

وقال في بيان نقلته وكالة أنباء العالم العربي، إن قواته استهدفت السفينة «سيكلادس» وأصابتها لأنها كانت متوجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وذكر أن السفينة الأخرى إسرائيلية وتحمل اسم «أوريون» وتم استهدافها بطائرات مسيرة في المحيط الهندي.

وتعرّضت عدة سفن في البحر الأحمر لهجمات شنتها الجماعة المدعومة من إيران التي تقول إنها تأتي رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.


إيطاليا تعلن إسقاط طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في البحر الأحمر

محاكاة لطائرة مسيّرة من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
محاكاة لطائرة مسيّرة من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعلن إسقاط طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في البحر الأحمر

محاكاة لطائرة مسيّرة من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
محاكاة لطائرة مسيّرة من صنع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

قالت وزارة الدفاع الإيطالية، اليوم (الاثنين)، إن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية أسقطت طائرة مسيّرة أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن واستهدفت سفينة شحن أوروبية.

وأضافت الوزارة، في بيان، أنه تسنى اعتراض الطائرة المسيرة «في وقت متأخر من الصباح» بالقرب من مضيق باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وأردفت أن المسيرة كانت تحلق باتجاه سفينة الشحن، قبل إسقاطها على بُعد 5 كيلومترات. وقالت إنها كانت مماثلة لطائرات مسيّرة أخرى استخدمت في هجمات الحوثيين السابقة.


ما الذي تحمله زيارة بلينكن إلى المنطقة؟

جانب من الاجتماع الوزاري العربي السداسي مع بلينكن في الرياض (واس)
جانب من الاجتماع الوزاري العربي السداسي مع بلينكن في الرياض (واس)
TT

ما الذي تحمله زيارة بلينكن إلى المنطقة؟

جانب من الاجتماع الوزاري العربي السداسي مع بلينكن في الرياض (واس)
جانب من الاجتماع الوزاري العربي السداسي مع بلينكن في الرياض (واس)

مع بدء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة إقليمية جديدة، هي السابعة من نوعها منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تباينت رؤى المحللين إزاء ما تحمله الزيارة، في ضوء نتائج جولاته السابقة، واستمرار «تعثر» مفاوضات «الهدنة» بين إسرائيل وحركة «حماس».

ووصل بلينكن إلى السعودية، الاثنين، في أول محطة من جولة أوسع تشمل إسرائيل والأردن، تهدف إلى مناقشة «مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مع إسرائيل». وفور وصوله عقد الوزير الأميركي اجتماعاً مع كبار القادة السعوديين، تبعه لقاء مع وزراء خارجية اللجنة العربية السداسية، لمناقشة تطورات الأوضاع في غزة، وجهود التوصل إلى وقف فوري وتام لإطلاق النار وإنهاء الحرب.

وتتزامن جولة بلينكن مع تقارير إسرائيلية تتحدث عن عملية عسكرية محتملة في مدينة رفح الفلسطينية، رغم الرفض الدولي والتحذيرات من تداعيات هذه العملية. كما تتزامن مع استقبال القاهرة، الاثنين، لوفد من «حماس» لبحث إتمام اتفاق الهدنة.

وتحمل جولة بلينكن هذه المرة بعداً إقليمياً ودولياً، غير قاصر فقط على تطورات الأوضاع في قطاع غزة وموقف القضية الفلسطينية، وفق الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، خصوصاً أنها تبدأ من السعودية ثم الأردن وإسرائيل.

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإدارة الأميركية تستعين بالسعودية، للتأكيد على توسيع التعاون الإقليمي بما يخدم مختلف الأطراف».

وفي كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه الرياض، قال بلينكن: «يجب إنهاء الحرب في غزة، ووضع مسار لإنشاء دولة فلسطينية، والمضي في طريق تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول عربية».

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن «الإدارة الأميركية تتحدث عن مقاربة أشمل في المنطقة تتجاوز نطاق وحدود تطورات الأوضاع في غزة، من خلال تقديم قائمة تحفيزية لإسرائيل بقبول مشروع السلام والتسوية في غزة»، ووضح أن «وزير الخارجية الأميركي يتحرك هذه المرة في المنطقة، وعينه على قطاع غزة، وعين أخرى تنظر للتعاون الخليجي، وعين ثالثة تنظر للتعاون الإقليمي والدولي».

وفي المقابل، قلل الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي الدكتور جاسم خلفان، من تأثير وعوائد جولة وزير الخارجية الأميركي الحالية للمنطقة، وقال: «نشاهد جولات وزيارات وتحركات مكوكية مستمرة من بلينكن منذ توليه الوزارة، لكن لا نجد أي نتائج حقيقية تتحقق»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «بلينكن يتنقل بين عواصم العالم كثيراً، ويجري وضع كثير من النقاط والوعود، لكن لا ينفذ منها شيء».

وعدَّ المحلل السياسي الإماراتي، سياسات الإدارة الأميركية الخارجية «متناقضة ومتضاربة»، واستشهد على ذلك «بادعاء رفض الإدارة الأميركية ممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وفي الوقت نفسه يدعمون سياسات الحكومة الإسرائيلية!».

وفسر خلفان السياسات الأميركية في المنطقة، بأنها «تحاول استخدام (العصا من المنتصف)، حيث تريد أن تظهر كقوة دولية دافعة للسلام والاستقرار في المنطقة، وفي الوقت نفسه تسعى لتمكين إسرائيل من كل شيء، حيث تتحدث منذ بداية العدوان على غزة عن ضرورة وقف إطلاق النار وحل الدولتين، بينما الممارسات على الأرض عكس ذلك فتستخدم (الفيتو) باستمرار داخل مجلس الأمن مع مشاريع قرارات تدين ممارسات الجانب الإسرائيلي».

وشاركت الإدارة الأميركية في جهود الوساطة مع مصر وقطر، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ونجحت تلك الجهود في توقيع هدنة قصيرة للحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينما تعاود جهودها حالياً لإقرار هدنة جديدة.

وبينما استبعد الدكتور طارق فهمي، أن يكون لجولة وزير الخارجية الأميركي تأثير مباشر على مسار مفاوضات الهدنة التي تقودها مصر خلال الأيام الحالية، قال إن «زيارة بلينكن من الممكن أن تعطي زخماً فقط لمسار المفاوضات» من دون أن تكون حاسمة، غير أنه أشار إلى حضور الدور السعودي في الملف الإقليمي، متوقعاً أن «تشكل السعودية ورقة ضغط على الجانب الإسرائيلي، خصوصاً أن السعودية هي من دعّمت من قبل المبادرة العربية للسلام وما زالت تدعمها».


نجاة سفينة من هجوم حوثي... وواشنطن تدمّر 5 مسيّرات

عناصر حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
TT

نجاة سفينة من هجوم حوثي... وواشنطن تدمّر 5 مسيّرات

عناصر حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)

نجت سفينة شحن من هجوم صاروخي استهدفها في جنوب البحر الأحمر، الاثنين، وفق ما أفادت به هيئتان بريطانيتان، وذلك في سياق التصعيد الحوثي البحري المستمر للشهر السادس على التوالي، في حين تبنى الجيش الأميركي تدمير خمس مسيرات أطلقتها الجماعة الموالية لإيران.

هذه التطورات تزامنت مع وصول رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى مدينة مأرب، في أول زيارة للمدينة منذ تعيينه رئيساً للمجلس، وسط مخاوف من عودة القتال بعد أكثر عامين من التهدئة، في ظل تعنت الحوثيين وجمود المساعي التي يقودها المبعوث الأممي لإبرام خريطة سلام يمنية.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، الاثنين، أنه بين الساعة 1:48 و2:27 صباحاً (بتوقيت صنعاء)، في 28 أبريل (نيسان)، اشتبكت قواتها بنجاح مع خمس طائرات من دون طيار فوق البحر الأحمر، ودمرتها.

وأضاف البيان أنه تقرر أن الطائرات تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة والتحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه يتم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

في غضون ذلك، أفادت هيئة العمليات البحرية البريطانية، في تقرير على منصة «إكس»، بأنها تلقت بلاغاً عن وقوع انفجار قرب سفينة تجارية قبالة سواحل اليمن، وأن السفينة لم تُصب هي وطاقمها بأذى.

وفي حين قالت الهيئة إن عناصر أمن خاص أبلغوا عن انفجار على مقربة من سفينة تجارية على بُعد 54 ميلاً بحرياً شمال غربي المخا اليمنية، ذكرت وكالة «أمبري» للأمن البحري أن السفينة استُهدفت بثلاثة صواريخ وهي ترفع علم مالطا وكانت متجهة في رحلة من جيبوتي إلى جدّة في السعودية.

ولم يتبن الحوثيون على الفور الهجوم، لكنهم كثّفوا في الأيام الأخيرة من هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وأدى هجوم الجمعة الماضي إلى إصابة الناقلة «إم في أندروميدا»، وهي سفينة مملوكة للمملكة المتحدة وترفع علم بنما وتديرها سيشيل، وفق ما ذكره الجيش الأميركي في وقت سابق.

وتبنت الجماعة الحوثية أيام الأربعاء والخميس والجمعة، الماضية هجمات ضد سفن إسرائيلية وأميركية وبريطانية، وفق زعمها، لكن لم يتم تسجيل أي أضرار باستثناء إصابة طفيفة لحقت بالناقلة البريطانية.

تصعيد مستمر

تواصل الجماعة الموالية لإيران عملياتها البحرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس».

ونفذت الولايات المتحدة منذ تدخلها عسكرياً، أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

حطام زعم الحوثيون أنه لطائرة أميركية من دون طيار أسقطوها في صعدة حيث معقلهم الرئيسي (إ.ب.أ)

وفي الأسبوع الماضي ادعى المتحدث الحوثي العسكري يحيى سريع أن قوات الدفاع الجوي التابعة لجماعته نجحت في إسقاط طائرة أميركية من نوع «MQ9» في أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية في أجواء محافظة صعدة.

ووصل عدد السفن التي تعرضت للهجمات إلى نحو 105 منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أصيبت 17 منها بأضرار، وغرقت إحداها.

ويقول الجيش الأميركي إن هجمات الحوثيين أثّرت على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وفي أحدث خُطب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي، تبنى تنفيذ هجمات ضد 102 سفينة خلال 200 يوم، متوعداً بالاستمرار في الهجمات، مع دعوته أتباعه إلى المزيد من الحشد والتعبئة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

مدمّرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً لاعتراض هجوم حوثي (أ.ب)

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس»، وفي مقابل ذلك أقرّت الجماعة بمقتل 34 عنصراً من مسلحيها جراء الضربات الأميركية والبريطانية.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية تأتي لخدمة أجندة إيران في المنطقة وليس لنصرة الفلسطينيين في غزة، وترى أن الحل ليس في الضربات الغربية ضد الجماعة، ولكن في دعم الجيش اليمني لاستعادة بقية المناطق بما فيها الحديدة وموانئها.

ووصل رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، الاثنين، إلى مدينة مأرب أهم معاقل الحكومة الشرعية في زيارة من شأنها أن تشدد على جاهزية القوات الحكومية استعداداً لأي هجمات حوثية للسيطرة على المناطق الغنية بالنفط والغاز.

وكان العليمي انتقد، الأحد خلال استقباله في الرياض نائب رئيس المفوضية الأوروبية ما وصفه بـ«تباطؤ» المجتمع الدولي في تجفيف مصادر أسلحة الحوثيين وتمويلهم، وأكد صعوبة الوصول إلى سلام مستدام مع الجماعة لجهة أنها تغلب مصالح إيران على مصلحة اليمنيين.

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني على ضرورة «اتخاذ إجراءات دولية حازمة لتجفيف مصادر تمويل وتسليح الميليشيات الحوثية، وتفكيك رؤيتها العنصرية القائمة على الحق الإلهي في حكم البشر، والتعبئة العدوانية ضد المجتمعات، والديانات والحقوق والكرامة الإنسانية».


بيانات أممية: نصف النازحين في اليمن يواجهون سوء التغذية ‎

61 % من النازحين اليمنيين يعانون سوء استهلاك الغذاء بسبب توقف المساعدات (الأمم المتحدة)
61 % من النازحين اليمنيين يعانون سوء استهلاك الغذاء بسبب توقف المساعدات (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: نصف النازحين في اليمن يواجهون سوء التغذية ‎

61 % من النازحين اليمنيين يعانون سوء استهلاك الغذاء بسبب توقف المساعدات (الأمم المتحدة)
61 % من النازحين اليمنيين يعانون سوء استهلاك الغذاء بسبب توقف المساعدات (الأمم المتحدة)

كشفت بيانات أممية حديثة تراجع الواردات الغذائية إلى المناطق التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية بنسبة 14 في المائة، وارتفاعها في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في الفترة نفسها خلال العام الماضي، في حين زادت نسبة النازحين الذين يعانون من سوء استهلاك الغذاء في مناطق سيطرة الجماعة بنسبة 61 في المائة منذ إيقاف برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات.

ووفق بيانات برنامج الأغذية العالمي ارتفع معدل انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء بنسبة 34 في المائة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين و13 في المائة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة مقارنة بشهر رمضان السابق.

ارتفاع معدل انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء في اليمن بنسبة 34 % (الأمم المتحدة)

وذكر البرنامج أن أعلى معدل لانتشار سوء التغذية سجل في أوساط السكان الذين كانوا يحصلون على المساعدات الغذائية قبل إيقافها بسبب تدخلات الجماعة الحوثية في تحديد أولوية المستفيدين، وبلغت النسبة في محافظة البيضاء (57 في المائة)، وفي الجوف (56 في المائة)، وحجة (49 في المائة)، وعمران (43 في المائة)، وريمة (38 في المائة) في فبراير (شباط) الماضي.

وشدّد البرنامج الأممي على أهمية مراقبة الوضع عن كثب خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع ارتفاع تكاليف التأمين على الشحن إلى الموانئ اليمنية. وقال إن التجار الرئيسيين يتوقعون زيادات في تكلفة شراء السلع الغذائية بسبب زيادة تكاليف التأمين.

وأوضح أن الحجم الإجمالي للواردات الغذائية عبر جميع الموانئ البحرية اليمنية ظل دون تغيير تقريباً خلال الربع الأول من هذا العام مقارنة بالربع السابق، ولكنه ارتفع بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي.

وذكر البرنامج أنه وعلى الرغم من أن مستويات الحرمان الشديد من الغذاء وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في فبراير في كثير من المحافظات، فإنها ظلت مرتفعة بشكل خطير في مارس (آذار) الماضي (بين 25 و32 في المائة)، على الرغم من التحسن الذي شهده شهر رمضان.

وقال إن النازحين داخلياً كانوا من بين الفئات الأكثر تضرراً من توقف المساعدة، حيث زادت نسبة النازحين الذين يعانون من سوء استهلاك الغذاء بنسبة 61 في المائة منذ توقف المساعدة.

تدفق الوقود

أكد تقرير برنامج الغذاء العالمي أنه رغم أزمة البحر الأحمر، لم يحدث أي انقطاع في واردات الوقود في اليمن حتى الآن، حيث ارتفع خلال الربع الأول من هذا العام، إجمالي حجم الوقود المستورد عبر موانئ البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين بنسبة 6 في المائة مقارنة بالربع الرابع من العام السابق، وبنسبة 29 في المائة على أساس سنوي.

وبالإضافة إلى ذلك، شهدت واردات الوقود عبر موانئ عدن والمكلا الخاضعة لسيطرة الحكومة زيادة بنسبة 30 في المائة مقارنة بالفترة نفسها، ولكنها منخفضة بنسبة 11 في المائة سنوياً.

ارتفاع ملحوظ في النشاط الملاحي لميناء عدن (وزارة النقل اليمنية)

بموجب تلك البيانات، شهدت الواردات الغذائية عبر موانئ البحر الأحمر انخفاضاً بنسبة 14 في المائة مقارنة بالربع الرابع من العام السابق، وفي الوقت نفسه، تضاعفت الواردات الغذائية عبر موانئ عدن والمكلا ثلاث مرات تقريباً مقارنة بالربع السابق، ولكنها كانت أقل بنسبة 17 في المائة عن مستويات الربع الأولى من العام الماضي.

البرنامج في تقريره ذكر أنه وعلى الرغم من هذه التقلبات، فإنه من المتوقع أن يغطي المخزون الاحتياطي لليمن من المواد الغذائية احتياجات البلاد خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر المقبلة. لكن المساعدات الغذائية العامة لا تزال متوقفة مؤقتاً في المناطق الخاضعة للحوثيين، بينما يواصل برنامج الأغذية العالمي دعم ما يقرب من 3.6 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً بحصص مخفضة.

وفي شأن إصدار فرع البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين عملة معدنية من فئة 100 ريال يمني والإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الحكومي، ومنها الأمر بنقل المراكز الأساسية للبنوك إلى عدن، رأى التقرير أنه من المحتمل أن يكون لهذه الخطوة تأثير سلبي على السيولة الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين.


توجّه حوثي لتعبئة موظفي 40 مؤسسة حكومية عسكرياً

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
TT

توجّه حوثي لتعبئة موظفي 40 مؤسسة حكومية عسكرياً

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)

كشفت الجماعة الحوثية عن سعيها إلى تعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة الخاضعة تحت سيطرتها، وإرغام منتسبي أكثر من 40 جهة حكومية مركزية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء على الالتحاق بمراكز للتعبئة العسكرية تحت مزاعم الاستعداد لنصرة قضايا الأمة وتحرير فلسطين.

وفي هذا السياق، دشنت الجماعة الموالية لإيران، في صنعاء، هذا الأسبوع، ما يسمى «مراكز التعبئة في الجانب الرسمي» لنحو 40 جهة حكومية مركزية عبر إقامة ورشة تدريبية لمدة يومين، خُصِصَت لمناقشة استعدادات إطلاق المراكز التعبوية لإجبار منتسبي المؤسسات الحكومية على التدريب العسكري وتلقي الأفكار ذات المنحى الطائفي.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية وسط حشد من الأتباع في صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق ما أوردته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، زعمت الجماعة أن مراكز التعبئة تلك سيتخللها تنظيم برامج وأنشطة تعبوية وعسكرية تُمكن المشاركين فيها من التفاعل فيما تسميه الجماعة نصرة «قضايا الأمة» والاستعداد لمعركة تحرير فلسطين.

ونقل إعلام الجماعة عن المسؤول فيما يسمى التعبئة العامة زيد الحمران، تأكيده أن الهدف من إقامة هذه الدورات هو التوعية الفكرية لمنتسبي مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة جماعته، وتدريبهم عسكرياً حتى يتمكنوا من مواجهة ما سماه «الأخطار المحدقة» بجماعته وبالشعب الفلسطيني، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

تكريس ثقافة الموت

أفاد «محمود.ع»، وهو مدير دائرة خدمية بصنعاء، «الشرق الأوسط»، بأن الجماعة الحوثية أبلغتهم قبل أيام بالاستعداد لحضور دورات وأنشطة تعبوية وعسكرية، متجاهلةً بذلك الهموم المعيشية التي يعانيها أغلبية السكان في صنعاء وبقية المحافظات.

ويخشى محمود من إجراءات حوثية عقابية حال رفضه المشاركة بالبرنامج التطييفي، كما أبدى تخوفه من إخضاعه وبقية زملائه لدورات فكرية وعسكرية بزعم نصرة فلسطين، ثم إلحاقه بجبهات القتال، كما تفعل الجماعة مع كل من تُجبرهم على حضور أنشطتها التعبوية، مؤكداً أنه خضع من قبل لدورات شحن طائفي هدفت لتكريس ثقافة الموت والكراهية.

وأبدى أحمد وهو موظف حكومي في جهة إدارية في صنعاء استياءه من التوجه الحالي للجماعة لاستهداف الموظفين بالدورات الفكرية والعسكرية، مستغرباً من عدم اكتفاء الجماعة ببرنامجها الأسبوعي خلال السنوات الماضية لتلقين الموظفين أفكار زعيمها الحوثي.

إهدار الأموال

في ظل استمرار اتساع رقعة الفقر والمعاناة بين اليمنيين، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة الحوثية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة خصصت مبالغ تعادل مليون دولار لإقامة مراكز التعبئة المغلقة للعاملين في مؤسسات الدولة المختطفة بيدها.

زعيم الجماعة الحوثية أمر أتباعه بالخروج في تظاهرات أسبوعية لاستعراض القوة (إ.ب.أ)

ولا يستفيد من تلك المبالغ المخصصة لإقامة أنشطة التطييف والتحشيد إلى الجبهات، حسب المصدر، غير الأتباع والموالين للجماعة الانقلابية دون غيرهم من اليمنيين الذين يواجه الملايين منهم منذ أزيد من 9 سنوات خطر المجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، مع حرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات العيش.

ويعد هذا السلوك الحوثي امتداداً لدورات وأنشطة سابقة أجبرت فيها الجماعة مسؤولي وموظفي المؤسسات على المشاركة في دورات «التطييف»، بالتزامن مع إقامة معسكرات صيفية تستهدف آلاف الطلبة بالأفكار المشبعة بالعنف والطائفية.

ويأتي التوجه الحوثي لتعبئة موظفي المؤسسات الحكومية عسكرياً في وقت تعاني فيه معظم مناطق سيطرة الجماعة من حالة تدهور اقتصادي ومعيشي حاد، يرافقه انقطاع الرواتب وتصاعد نسب الفقر والجوع والبطالة، وارتفاع كلفة المعيشة وغياب أدنى الخدمات.