الحكومة الأفغانية تتحدث عن عشرات القتلى من «طالبان»

الأمم المتحدة قلقة لسقوط ضحايا مدنيين في عملية للقوات الحكومية قرب حدود باكستان

TT

الحكومة الأفغانية تتحدث عن عشرات القتلى من «طالبان»

قالت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، إنها تشعر بقلق عميق بشأن تقارير تشير إلى مقتل 11 مدنياً في عملية لقوات الأمن الأفغانية كانت تستهدف اجتماعاً لقادة في حركة «طالبان» شرق البلاد قرب الحدود مع باكستان، في وقت أفادت تقارير بتواصل المواجهات بين القوات الحكومية ومقاتلي «طالبان» في أكثر من ولاية أفغانية.
وذكرت وكالة أنباء «باختر» الرسمية الأفغانية أن ثلاثة مدنيين قُتلوا بقصف صاروخي في ولاية كابيسا شمال شرقي العاصمة كابل. وأوضحت أن الحادثة وقعت يوم الثلاثاء حيث أصابت الصواريخ منزلاً في مديرية تاغاب. واتهم قيس قادري الناطق باسم حاكم ولاية كابيسا قوات «طالبان» بالمسؤولية عن القصف، فيما نقلت الوكالة عن شهود أن صبيين وامرأة هم ضحايا سقوط الصواريخ على المنزل.
وكانت القوات الخاصة الأفغانية قالت إنها قتلت وأسرت ما مجموعه 16 من «طالبان» في ولاية أروزجان وسط البلاد. وأوضحت مصادر عسكرية أن القوات الخاصة الحكومية قتلت ستة من «طالبان» وأسرت ثلاثة آخرين في ترينكوت، مركز الولاية. كما أسرت القوات الخاصة الأفغانية سبعة آخرين من «طالبان» في عملية ثانية في ترينكوت ودمّرت مخزناً كبيراً للأسلحة والذخيرة للحركة، بحسب ما أوردت وكالة «خاما برس».
كذلك أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، في بيان، عن عمليات لقواتها في ولايتي وردك غرب كابل ولوغر جنوبها. وأشار بيان لـ«فيلق الرعد» التابع للجيش الأفغاني إلى مقتل 7 من «طالبان» في لوغر و6 آخرين بينهم اثنان من قادة الحركة المحليين في منطقة نرخ بولاية وردك. وأضاف بيان «فيلق الرعد» أن قواته قتلت القيادي «ملا نقيب» خلال عملية في مدينة بولي علم مركز ولاية لوغر.
وقال الجيش الأفغاني إن سلاح الطيران الحكومي شن سلسلة غارات على ولايات غزني، وردك، فارياب، وهلمند؛ مما أدى إلى مقتل 15 من مسلحي «طالبان».
إلى ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن الأمم المتحدة أنها تشعر بقلق عميق بشأن تقارير تشير إلى مقتل 11 مدنياً في عملية للقوات الأفغانية بإقليم باكتيا في شرق البلاد قرب الحدود مع باكستان.
وقالت مديرية الأمن الوطني، وهي الوكالة الأمنية الحكومية الرئيسية، إن العملية في إقليم باكيتا استهدفت مخبأ لـ«طالبان» وكان اثنان من قادتها من بين 11 متشدداً قتلا.
لكن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان قالت إنها قلقة بشدة لوقوع قتلى أثناء عملية تفتيش، وإن فريقاً متخصصاً بحقوق الإنسان يجري تحقيقاً. وقالت البعثة في تغريدة على «تويتر»: «المساءلة ضرورية. يجب الكف عن إلحاق أضرار بالمدنيين».
ونقلت «رويترز» عن سياسي في المنطقة أن قوات الحكومة هاجمت تجمعاً طلابياً بمناسبة عيد الأضحى. وقال مير خان باهرامزوي عضو المجلس المحلي لإقليم باكيتا لـ«رويترز»: «دعا طالب جامعي زملاءه للعشاء». وأضاف في اتصال هاتفي من الإقليم: «وفي وقت متقدم من الليل حاصرت قوات الأمن المنزل وأحضرت الضحايا من بيت الضيافة وأطلقت عليهم النار واحداً تلو الآخر».
وقالت مديرية الأمن الوطني إنها صادرت أسلحة وذخيرة خلال المداهمة. وذكرت في بيان: «تمت هذه العملية بناء على معلومات عن مخبأ مركز لطالبان، ولم تسفر عن وقوع ضحايا مدنيين».
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 4000 مدني قتلوا أو أصيبوا خلال النصف الأول من العام. وشملت هذه المحصلة زيادة كبيرة في عدد الضحايا الذين سقطوا على يد القوات الحكومية والقوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة، بحسب ما أوردت «رويترز». وقالت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في تقرير الشهر الماضي إن السبب الرئيسي لسقوط معظم الضحايا المدنيين كان الهجمات البرية والاشتباكات التي تليها تفجيرات وضربات جوية.
في غضون ذلك، أعلنت الشرطة في العاصمة كابل إحباط عملية لتفجير سيارة مفخخة. وقالت قيادة الشرطة في العاصمة إن الشرطة اكتشفت السيارة المفخخة وأبطلت مفعول المتفجرات فيها في منطقة كومبني مساء الثلاثاء. ولم تعلق أي من الجماعات المسلحة العاملة في أفغانستان على خبر إبطال مفعول السيارة المفخخة. وكانت كابل قد شهدت كثيرا من التفجيرات بسيارات مفخخة خلال الأسابيع الماضية.
من جانبه، قال الرئيس الأفغاني أشرف غني، إن الشهور المقبلة ستقرر وجهة أفغانستان لمئات السنين القادمة. وأضاف في خطاب أمام منتسبي وزارة الدفاع الأفغانية أن على الجميع العمل على إنهاء الحرب التي استمرت أكثر من أربعين عاماً، مضيفاً أنه لن يكون هناك تعجل في القرار، وأنه لن يضغط من أجل نتائج آنية.
وطالب الرئيس الأفغاني مواطنيه بعدم مغادرة البلاد، قائلاً إن اللجوء إلى الخارج حالياً هو نوع من التشرد. وتساءل عما إذا كان بوسع دول الجوار استقبال ملايين اللاجئين الأفغان مجدداً.
وفيما يخص عملية السلام في أفغانستان، شدد الرئيس غني على عدم وجوب أي اشتراطات مسبقة للسلام، وذلك تعبيراً عن رفضه لموقف «طالبان» التي ترفض الحوار والمفاوضات المباشرة مع حكومته، واصفة إياها بأنها ألعوبة ودمية بيد القوات الأميركية في أفغانستان.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.