تونس: «النهضة» تقدم لأول مرة في تاريخها مرشحاً للانتخابات الرئاسية

وزير الدفاع يعلن استقالته من منصبه بعد تقديم ملف ترشحه

TT

تونس: «النهضة» تقدم لأول مرة في تاريخها مرشحاً للانتخابات الرئاسية

قدمت حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية، أمس، مرشحاً للانتخابات الرئاسية المبكرة المرتقبة في تونس منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك للمرة الأولى في تاريخها، بينما تواصل شخصيات من مختلف الأطياف السياسية تقديم ترشيحاتها.
وقالت الحركة في بيان مقتضب ليلة أول من أمس، إن «مجلس شورى حركة النهضة صوّت بأغلبية 98 صوتاً لفائدة ترشيح الأستاذ عبد الفتاح مورو للانتخابات الرئاسية». بينما قال الناطق الرسمي باسم الحركة عماد الخميري، إن «هذا الترشيح للرئاسية يأتي للمرة الأولى في تاريخ الحركة» منذ تأسيسها عام 1981.
ومورو (71 عاماً) من مؤسسي حركة النهضة، إلى جانب رئيس الحركة راشد الغنوشي، وهو من الشخصيات السياسية التي تعرف باعتدال مواقفها داخل الحركة، وأصبح رئيس البرلمان بالنيابة إثر وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، عندما خلفه محمد الناصر مؤقتاً، الذي كان رئيساً للبرلمان.
كما قدم وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي (69 عاماً) أمس ترشيحه للانتخابات الرئاسية المبكرة، معلناً استقالته من منصبه في الحكومة كوزير الدفاع الوطني، وهو المنصب الذي شغله منذ 2017. ووصف الزبيدي، المدعوم من حزب النداء قرار الترشح بـ«الصعب»، موضحاً: «أنا مترشح مستقل، وسأبقى على الحياد التام من كل الأطراف السياسية، وسأكون في خدمة التونسيين».
ومثل ترشح الزبيدي، وهو بالأساس طبيب، مفاجأة الترشيحات للرئاسة، كونه بقي بعيداً عن الحياة السياسية طيلة سنوات الخبرة، التي راكمها في مناصب عليا في الدولة، وهو معروف بأنه رجل مجتهد وكتوم ومتواضع في آن، ولم تطله شبهات فساد.
وعلى الرغم من أهمية بقية الأسماء التي أعلنت تقديم ملف ترشيحها، وفي مقدمتها الزعيم اليساري حمة الهمامي، ومهدي جمعة رئيس حزب البديل التونسي، والمنصف المرزوقي الرئيس السابق، فإن المنافسة ستنحصر، وفق مراقبين، بين الزبيدي ومورو، نظراً للثقل الانتخابي للأطراف السياسية والاجتماعية الداعمة لكل واحد منهما.
ويحظى الزبيدي الذي أعلن ترشحه بصفة «مستقل»، بدعم القاعدة الانتخابية لحزب النداء وحركة مشروع تونس، وحزب آفاق تونس، علاوة على الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، التي أعلنت بدورها دعم ترشيح الزبيدي. وقد أرجع حزب النداء دعمه لترشح الزبيدي إلى ما «يحوزه من خصال الكفاءة والتجربة والنزاهة، والوفاء لنهج الزعيم الراحل الباجي قائد السبسي».
في المقابل، يحظى عبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة، بدعم قواعد حزب النهضة، علاوة على التيارات المحافظة؛ حيث فاز داخل مجلس شورى حركة النهضة بتسعة أصوات داعمين لترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي هذا الشأن قال الخميري، إن المصادقة على ترشح مورو «تمت بشبه إجماع»، بعد أن تنازل رئيس الحركة راشد الغنوشي لفائدته، على الرغم من أحقية الغنوشي بالترشح للانتخابات الرئاسية، باعتبار أن القانون الأساسي للحركة ينص على أن المرشح للرئاسية هو رئيس الحركة، على حد تعبيره.
ويعتبر عبد الفتاح مورو من السياسيين البارزين في التيار الإسلامي، وأحد مؤسسي الحركة الإسلامية في تونس، ومن أبرز القادة التاريخيين لحركة النهضة، وهو يشغل حالياً منصب نائب الرئيس.
لكن رغم هذا الإجماع، فإن بعض قواعد حركة النهضة لا تزال تعيب على عبد الفتاح مورو تعليق عضويته في حركة النهضة سنة 1992، إبان حملات السجون والمنافي، التي تعرض لها كوادر التيار الإسلامي، وتوقفه بعد ذلك عن كل نشاط سياسي في تونس. غير أنها وجدت نفسها مخيرة بين دعم مورو، باعتباره أحد أبناء الحركة، وبين خسارة الانتخابات الرئاسية لصالح غريمها التقليدي حزب النداء، سليل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل.
ويرى مراقبون للشأن المحلي، أن عبد الكريم الزبيدي سيكون منافساً قوياً لمرشح «النهضة»، وذلك بفضل كفاءته وتجربته الميدانية المتعددة؛ حيث شغل منصب وزير دولة لدى الوزير الأول، مكلفاً بالبحث العلمي والتكنولوجيا، من سنة 1999 إلى سنة 2000، ثم كان وزيراً للصحة سنة 2001، ووزيراً للبحث العلمي والتكنولوجيا سنة 2002، قبل أن يشغل من سنة 2005 إلى سنة 2008 منصب عميد كلية الطب بمدينة سوسة. كما شغل ما بين 2011 و2013 منصب وزير الدفاع الوطني في الحكومات التي تلت ثورة 2011، قبل أن يعود إلى المنصب نفسه في حكومة يوسف الشاهد.
وتفيد منظمات حقوقية مهتمة بالشأن الانتخابي، بأن الوزن الانتخابي لكل من عبد الكريم الزبيدي وعبد الفتاح مورو يقارب نحو 70 في المائة من أصوات الناخبين، في حين ستوزع بقية الأصوات على عشرات المترشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وحتى اليوم السادس من تاريخ فتح أبواب الترشح للانتخابات الرئاسية، تقدم أكثر من 30 مترشحاً، أكثر من نصفهم من المستقلين، في ترشحات وصفت بكونها «غير جدية». وينتظر أن تنحصر المنافسة بين السياسيين من الوزن الانتخابي الثقيل، والذين لا يتجاوز عددهم ستة مرشحين، أبرزهم عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع المستقيل، وعبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة ومرشحها لخوض انتخابات الرئاسة في تونس.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».