تدير شركة التعدين العربية السعودية (معادن) قطاع التعدين بشكل كامل في البلاد من الذهب إلى الفوسفات، وتعد شركة «معادن» عملاق التعدين السعودي واحدة من كبرى الشركات على المستوى العالمي في القطاع، حيث تدير أذرع متعددة من الأسمدة حتى المعادن النفيسة.
وتسارع توسع الشركة بشكل كبير، حيث أعلنت عن حزمة من المشاريع والخطط، أبرزها مضاعفة الاستكشاف محلياً، والتوسع خارجياً، وزيادة وتيرة الاستثمار في المشاريع المحلية القائمة وتوسيعها، كذلك تطوير المناجم والتوسع في إنتاج الذهب.
في هذا الحوار مع الرئيس وكبير المديرين التنفيذيين لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) دارن دايفس، يطلعنا على توجهات الشركة خلال الفترة المقبلة وأبرز أهدافها وتطلعاتها.
> كيف تفكرون في مستقبل شركة التعدين العربية السعودية (معادن)؟
- أن نكون عملاق تعدين سعودياً عالمياً، ونحن نخطو في هذا المجال خطوات متسارعة؛ فقد قفزت الشركة خلال عشر سنوت فقط من المرتبة الـ128 إلى الـ11 الأوائل بين أكبر شركات التعدين في العالم.
لذلك؛ تعد شركة «معادن» من بين أسرع شركات التعدين والمعادن نمواً في العالم، وهي حالياً أكبر شركة تعدين متعددة المنتجات في الشرق الأوسط والأكبر في صناعة التعدين عالمياً من حيث القيمة السوقية.
وبحلول عام 2025، ستكون السعودية ثاني أكبر منتج للفوسفات عالمياً ولاعباً أساسياً في استقرار منظومة الأمن الغذائي على مستوى العالم.
> كيف تساهم الموارد المعدنية في تنمية الاقتصاد السعودي وتطويره صناعياً؟
- تشكّل المعادن والفلزات رافداً أساسياً لمنظومة الاقتصاد العالمي؛ كونها توفر المواد الخام للكثير من الاحتياجات الضرورية لحياتنا اليومية، ومن هذه المعادن الأساسية الفوسفات والبوتاسيوم التي تعتبر من المكونات الأساسية للأسمدة التي تساهم في الأنشطة الزراعية في العالم، وتمكّن زراعة ما يكفي من الغذاء لسد الاحتياجات العالمية، وكذلك معدن الألومنيوم الذي يتداخل في الكثير من الصناعات وفي مجالات عدة، من هياكل السيارات إلى الطائرات.
ويُعد دور صناعة التعدين بمخرجاته أساسياً وتنموياً في الاقتصاديات الصناعية، وهذا ما تدركه وتعيشه شركة «معادن» بوضوح لأهميته في بناء مستقبل السعودية.
كما نرى ذلك بوضوح في برامج «رؤية السعودية 2030»، وبالتحديد من خلال برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية الذي دشنه في يناير (كانون الثاني) 2019، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيث يهدف البرنامج إلى تحويل السعودية إلى قوة صناعية رائدة ومنصة عالمية للخدمات اللوجيستية، من خلال رفع نسبة مساهمة المحتوى المحلي ودعم تطوير قطاع التعدين لتعزيز استراتيجية فعالة للنمو الاقتصادي.
وعلاوة على الوظائف المتعددة التي تنشأ من مساهمة البرنامج الاقتصادية؛ فهو يعد عنصراً مهماً في الجهود المبذولة لتنويع مُكونات الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على عائدات النفط.
ومن المهم تسليط الضوء على أنه بسبب المواقع الجغرافية للمعادن في السعودية، فإن تطوير هذه الموارد التعدينية يتطلب من «معادن» الاستثمار في بعض المناطق النائية والواعدة، وتلك البعيدة عن البنى الأساسية الوطنية.
> في هذا الجانب، ماذا قدمت شركة «معادن» للمجتمعات المحلية؟
- خلال مشاريعها المختلفة قامت بدعم المجتمعات المحلية، بأكثر من 266 مليون دولار، نحو (مليار ريال) للموردين ومقدمي الخدمات المحليين، كما ساهمت في تنمية المجتمع المحلي مثل مدرستي التميز في عرعر وطريف، ومعهد التعدين السعودي الأول من نوعه في الشرق الأوسط، لإعداد جيل جديد من الفنيين السعوديين المؤهلين للعمل في صناعة التعدين الحديثة.
> ما هو مستوى التعاون بين القطاعين العام والخاص في صناعة التعدين؟
- في الواقع، فإنه بفضل بيئة الاستثمار السعودية المشجعة، التي من إحدى مميزاتها التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، تمكنت «معادن» من النمو بوتيرة غير مسبوقة لتصبح في أقل من 10 سنوات واحدة من أكبر شركات التعدين في العالم.
وتساهم الكثير من الأجهزة الحكومية السعودية في نجاح «معادن»، كما لعبت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية دوراً محورياً في ضمان التنسيق بين مختلف الوزارات والهيئات الحكومية لضمان وجود البنى الأساسية الحكومية لتمكين الاستثمار في صناعة التعدين.
فضلاً عن إنشاء الحكومة السعودية واحدة من أكبر شبكات السكك الحديدية التعدينية في العالم، وميناءً مخصصاً في مدينة رأس الخير الصناعية، ومحطة لتوليد الطاقة الكهربائية وإنتاج المياه المحلاة في مدينة رأس الخير الصناعية التي تعتبر واحداً من أكبر المحطات في العالم، كل ذلك وفقاً لمعايير عالمية.
> كيف ساهمت «معادن» في نقل التكنولوجيا وتوطين التقنية في صناعة التعدين؟
تساهم «معادن» بنجاح في بناء صناعة جديدة في السعودية؛ الأمر الذي يتطلب جلب وتطبيق للتكنولوجيا، وتمكنت «معادن» من إقامة شراكات تجارية طويلة الأجل مع الشركات الرائدة في العالم في القطاعات ذات الصلة والتي لم تجلب فقط الخبرة التكنولوجية إلى السعودية، بل أتت باستثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، ومن ذلك شراكة «معادن» مع شركة «ألكوا» العالمية الأميركية وشركة «مُوزيك» الأميركية أيضاً.
كما عملت «معادن» مع شركائها لضمان نقل الخبرة التكنولوجية بفاعلية إلى موظفيها المحليين، التي تم دعمها من خلال استثماراتها في التدريب والتعليم.
لذلك؛ كانت النتيجة النهائية هي تحقيق معدل توطين مرتفع للغاية في صناعة التعدين على الرغم أنها جديدة في السعودية.
> كيف تتعامل «معادن» مع التحديات البيئية؟
- نظراً لطبيعة الصناعة، فإن «معادن» تدرك تماماً التأثيرات المحتملة لعملياتها التشغيلية على صحة وسلامة موظفيها وعلى مجتمعها المحلي وعلى البيئة الطبيعية المحيطة، وتحديداً فيما يتعلق بالبيئة فإن لدى «معادن» دوراً ثابتاً وواضحاً لحماية البيئة وجميع أنشطتها للتعدين والصناعة وبما يتوافق مع أعلى المعايير البيئية الدولية، حيث يتم إجراء دراسات خلال جميع مراحل تخطيط المشروع من خلال تنفيذ وتوظيف تقنيات عالية الجودة لتعيين والتخطيط لتفادي أي آثار ضارة محتملة.
كما تستعين «معادن» بالخبراء العالميين المتخصصين لإجراء دراسات بيئية على مواقع التعدين الجديدة - والتي تشمل خرائط جيولوجية وطوبوغرافية وبيئية للوضع الراهن في كل مواقع.
إضافة إلى ذلك، يتم نشر أجهزة استشعار وأجهزة الأرصاد الجوية للقياس الفوري والمُتواصل للكثير من المؤشرات بما في ذلك نوعية الهواء والتربة والمياه والملوثات.
> ما هي جهود «معادن» في الاستدامة؟
- يغطي نهج «معادن» تجاه الاستدامة جميع الجوانب المتعلقة بكيفية تأثير الأعمال على الأفراد والبيئة، وتقوم «معادن» بذلك من واقع مسؤوليتها بصفتها عضواً فاعلاً في المجتمع، ولقناعة القائمين عليها بأن «الاستدامة» تحقق أفضل المصالح على المدى الطويل للمُلاك والمساهمين والمجتمع والمُوردين.
وفي سياق هذا التوجه، تركز في «معادن» على التوظيف من داخل المجتمعات المحلية الواقعة بالقرب من مناطق المناجم والمصانع التابعة لها، وإدارة الموارد التي تستخدمها والتأثيرات المحتملة للعمليات.
وكمثال لذلك، المياه؛ فهي تعتبر بالطبع مورداً بالغ الأهمية للسعودية، وفي الوقت نفسه تعد جزءاً أساسياً في الكثير من عمليات التعدين والمعالجة الخاصة به.
ولقد حققت «معادن» إنجازاً كبيراً في عام 2018 بافتتاح منجم الدويحي، أكبر منجم على الإطلاق في المنطقة، والذي يستخدم مياه الصرف الصحي المعالجة فقط، والتي يتم نقلها إلى المنجم عبر خط أنابيب مخصص لذلك من مدينة الطائف بطول 440 كيلومتراً.
كذلك في العمليات المتعلقة بالألمنيوم، تم تطوير نظام هندسي طبيعي لمعالجة مياه الصرف الصحي في الموقع، إضافة إلى التعاون مع عدد من الجهات في إيجاد حلول مبتكرة تُطبق لأول مرة في السعودية من خلال إعادة استخدام المواد الصناعية المستهلكة، ومعالجتها لتعزيز الاستدامة والحفاظ على البيئة ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في الكثير من المنشآت.
ونتطلع باستمرار إلى تطوير وتحسين استخدام المُنتجات الثانوية كافة، وكذلك النفايات من خلال الكثير من المبادرات المستمرة التي تساهم في الاستدامة.
ومؤخراً، حصلت «معادن» على عدد من الشهادات والجوائز في الاستدامة من جهات محلية ودولية اعترافاً بالدور المهم الذي تقوم به الشركة في هذا الجانب، بما في ذلك الدرع الذهبية للتميز للمسؤولية الاجتماعية العربية وجائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة، إضافة إلى حصول الشركة على المرتبة الأولى بين الشركات العربية في الشراكات والتعاون فيما يتعلق بمشاريع التنمية المستدامة.
> كيف تنظر «معادن» إلى الاستكشاف وما خططها المستقبلية في هذا الاتجاه؟
- يُعتبر الاستكشاف التعديني العمود الفقري لأعمال شركات التعدين العالمية، كما هو الحال لدى «معادن»، وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت «معادن» عن تدشين أكبر برنامج استكشاف على الإطلاق بمسمى «برنامج الاستكشاف التعديني المُسرّع»، والذي سيتضاعف فيه الإنفاق على الاستكشاف إلى ثلاثة أضعاف.
وبشكل عام، لدى السعودية إمكانات وثروات معدنية هائلة، مما يمكن أن يزيد إلى حد كبير من إنتاج «معادن» قياساً بالمستويات الحالية.
> ما تقديرات «معادن» للاحتياطيات في منجم الدويحي للذهب؟
- يعتبر مشروع الدويحي في منطقة مكة المكرمة أحدث إضافة إلى محفظة «معادن» باستثمار قدره 400 مليون دولار (1.5 مليار ريال)، فهو أكبر منجم للذهب في السعودية، وسيبلغ الإنتاج نحو 180 ألف أونصة من الذهب سنوياً على مدار عمر المنجم، حيث تقدر احتياطاته بنحو 1.9 مليون أوقية من الذهب.
إلى جانب ذلك، أعلنت «معادن» مؤخراً عن بدء بناء منجم جديد سيكون أكبر من الدويحي هو المنصورة والمسرة باحتياطي 3 ملايين أوقية من الذهب، وسينتج ما معدله 250.000 أونصة سنوياً من الذهب.
> ما هي مشاريع «معادن» المتوقعة حتى عام 2025؟
- لدى «معادن» عدد من المشاريع الجديدة الواعدة، داخل السعودية وخارجها، منها ما هو قيد التنفيذ بالفعل، ومنها ما هو قيد الدراسة، على سبيل المثال مشروع الفوسفات الثالث الذي سيبلغ إجمالي استثماراته نحو 6.4 مليار دولار (24 مليار ريال) خلال الفترة حتى عام 2025، والذي سيضع السعودية في المركز الثاني بصفتها أكبر منتج للفوسفات عالمياً ولاعباً أساسياً في استقرار منظومة الأمن الغذائي العالمي.
وكذلك، مشروع تطوير مناجم الذهب «المنصورة والمسرة»، الذي تقدر استثماراته بنحو 800 مليون دولار (3 مليارات ريال)، كما لدى «معادن» منجم ذهب آخر في مرحلة التطوير المتقدمة.
وستوفر الجهود الاستكشافية التعدينية المتسارعة فرصاً جديدة في الذهب والنحاس والزنك ومعادن أخرى في السنوات المقبلة، كذلك أيضاً التوسيع في أعمال «معادن الألمنيوم» لتكون الرائدة عالمياً في مجال الألمنيوم، حيث تقوم حالياً بدراسة خيارات مختلفة لكيفية تنفيذ ذلك.
> ماذا عن المشاريع الخارجية؟
- تواصل «معادن» دراسة فرص الاستحواذ المحتملة خارج السعودية لتتكامل مع أنشطتنا في الداخل، وستركز في هذه الخطوة على بناء خبراتها في استكشاف المعادن، مثل النحاس ومعادن الأساس وعلى تعزيز أعمال الأسمدة الفوسفاتية على نطاق عالمي، ومن الأمثلة على ذلك عملية الاستحواذ على شركة «مريديان» التي قامت بها مؤخراً في أفريقيا.
> ما هي استراتيجية معادن للسلامة؟
- تنفذ «معادن» أعلى معايير الصحة والسلامة والبيئة؛ فالسلامة أمر يستدعي الاهتمام المستمر، حيث أطلقت «معادن» مؤخراً برنامجها لتعزيز السلامة الذي يهدف إلى تفعيل جوانب السلامة كافة في جميع أعمالها، وبناء أفراد يجعلون من السلامة سلوك في حياتهم الشخصية والعملية.
كما يهدف البرنامج إلى إرساء ثقافة قوية للسلامة داخل «معادن» لا تعتمد فقط على نهج قائم على قواعد للسلامة، لكنها تدعم بدلاً من ذلك إطار عمل مُشترك فعال مع التركيز على المسؤولية الشخصية في السلامة ورفع مستوى الوعي بين جميع العاملين في «معادن».
> ما أبرز إنجازات «معادن» وما تطلعاتكم لعام 2019؟
- بحلول عام 2018 أكملت شركة «معادن» 10 سنوات مُنذ طرحها في السوق السعودية، كما حققت الشركة خلال هذه الفترة الكثير من الإنجازات، حيث قفز ترتيب الشركة لتكون من بين أكبر 10 شركات على مستوى العالم، بعد أن كانت في المرتبة الـ128 عالمياً في التعدين.
أيضاً، حققت الشركة قفزة في صافي الأرباح خلال عام 2018 بنسبة 158.5 في المائة على أساس سنوي، إلى 493 مليون دولار (1.85 مليار ريال)، مقارنة بأرباح صافية بلغت 190 مليون دولار (714.84 مليون ريال) في عام 2017.
ويُعد عام 2018 عاماً بارزاً في «معادن»، حيث احتفلت بالعام الأول الذي دخلت فيه جميع المشاريع الرئيسية قيد التشغيل التجاري، والتي تصل قيمتها إلى نحو 10.6 مليار دولار (40 مليار ريال) في عمليات تجارية؛ مما يعني أنها قد تم إنشاؤها وتشغيلها بنجاح.
وأحد هذه المصانع كان بالطبع مصنع وعد الشمال لتصنيع الفوسفات الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018، وهذه الإنجازات تعني أن «معادن» ساهمت في تسجيل أعلى إيرادات سنوية، وكذلك أعلى صافي أرباح صافية على الإطلاق.
كما أعلنت «معادن» عن منح العقد الأول في بناء المصنع الثالث لتصنيع الفوسفات؛ مما يدل على أن فرص النمو قائمة، والتزام وقدرة الشركة في الحفاظ على وتيرة النمو في تصاعد.
وستستمر «معادن» في التخطيط والعمل لتحقيق تقدم كبير في عمليات التشغيل، حيث حصلت على ثلاث شهادات «آيزو» في إدارة البيئة، والصحة والسلامة المهنية، وإدارة الرعاية المسؤولة بصفتها أول شركة في الشرق الأوسط تعمل في تعدين البوكسيت والألومينا تحصل على هذه الشهادة.
كذلك حصلت «معادن» على المركز الأول للشراكات والتعاون في الجوائز العربية للمسؤولية الاجتماعية للشركات.
الرئيس التنفيذي لـ«معادن»: السعودية ثاني أكبر منتج عالمي للفوسفات عام 2025
قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشاريع التعدين تتوج المملكة لاعباً أساسياً في استقرار الأمن الغذائي عالمياً
الرئيس التنفيذي لـ«معادن»: السعودية ثاني أكبر منتج عالمي للفوسفات عام 2025
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة