لجنة إحكام الصياغة تنهي أعمالها... والوساطة الأفريقية ترجئ التسليم لليوم

اجتماعات مكثفة مع «الجبهة الثورية» في أديس أبابا لبحث تحقيق السلام

امرأتان تمران بالقرب من حافلة كتبت عليها عبارات مؤيدة للثورة ومنددة بالنظام السابق (رويترز)
امرأتان تمران بالقرب من حافلة كتبت عليها عبارات مؤيدة للثورة ومنددة بالنظام السابق (رويترز)
TT

لجنة إحكام الصياغة تنهي أعمالها... والوساطة الأفريقية ترجئ التسليم لليوم

امرأتان تمران بالقرب من حافلة كتبت عليها عبارات مؤيدة للثورة ومنددة بالنظام السابق (رويترز)
امرأتان تمران بالقرب من حافلة كتبت عليها عبارات مؤيدة للثورة ومنددة بالنظام السابق (رويترز)

أنهت اللجنة القانونية المكلفة بإحكام صياغة مسودة الاتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي السوداني مهمتها، وسلمت النص النهائي للوساطة الأفريقية المشتركة، التي أرجأت تسليمها للطرفين إلى اليوم الخميس، لأسباب فنية، وأثناء ذلك تتواصل الاجتماعات بين وفد قوى إعلان الحرية والتغيير، وقادة «الجبهة الثورية» في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث قضايا تحقيق السلام ووقف الحرب في البلاد.
وكلف الطرفان لجنة فنية مشتركة مكونة من قانونيين لإعادة إحكام صياغة نص الاتفاق الذي توصلا له الجمعة الماضي، وتدقيق النسخة العربية مع الإنجليزية، مع نص الاتفاق الذي قدمته الوساطة الأفريقية ووافق عليه الطرفان.
وقال الوسيطان الإثيوبي محمود درير والأفريقي محمد الحسن ولد لبات في تصريحات مشتركة أمس، إن اجتماع اللجنة السامية لصياغة الاتفاق قرر إرجاء تسليم الوثيقة النهائية لأسباب فنية ليوم الخميس (اليوم). وبدوره، قال عضو اللجنة المحامي نبيل أديب لـ«الشرق الأوسط»، إن لجنته ضبطت صياغة الاتفاق الموقع بين الطرفين، وسلمت المسودة النهائية للوسيط الأفريقي لتسليمها للطرفين.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الوساطة رأت تقديم نص الاتفاق للطرفين في اجتماع مشترك لدراسته وإجازته، بيد أن أحد الطرفين اعتذر بحجة ضيق الوقت، ويرجح أنه الطرف العسكري. وأشار المصدر إلى أن هناك نحو 7 نقاط غير مجمع عليها، معظمها فنية ترتبط بالصياغة، ما عدا نقطة جوهرية واحدة، ينتظر أن يجري نقاش حولها، لكن المصدر قال إنه لا يعرف ماهية هذه النقطة تحديداً.
وتوصل الطرفان بعد تفاوض شاق فجر الجمعة الماضية، إلى «اتفاق» على فترة انتقالية تصل إلى 39 شهراً، يتولى العسكريون الرئاسة طوال الـ(21) شهراً الأولى، والثمانية عشرة شهرا الأخيرة يترأسها المدنيون، وعلى مجلس سيادة مكون من 11 شخصاً خمسة عسكريين ومثلهم مدنيون، وأن يتوافق الطرفان على الشخصية المدنية الحادية عشرة المكملة للعدد، وتكوين حكومة مدنية تختارها قوى إعلان الحرية والتغيير بما في ذلك رئيس الوزراء، لتحكم البلاد طوال فترة الانتقال.
كما اتفق الطرفان على تأجيل البت في أمر المجلس التشريعي «البرلمان الانتقالي» لثلاثة أشهر، وتكوين لجنة تحقيق وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث القتل والإصابات وكل الجرائم التي حدثت في البلاد منذ سقوط نظام البشير.
وفي سياق آخر، دعت اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحافيين السودانيين، لإلغاء القوانين التي صيغت في عهد النظام البائد، واستخدمت لتكبيل والتضييق على الصحف والحريات الصحافية، ونددت بما سمته «أساليب التركيع والإنهاك الاقتصادي» للصحف عن طريق احتكار الإعلان والتحكم في طرق توزيعه، ووصفت قانون جهاز الأمن الوطني، بأنه من أبرز القوانين المقيدة للحريات الصحافية.
وقال عضو اللجنة ماهر أبو الجوخ في مؤتمر صحافي أمس، إن اللجنة ترفض بشكل قاطع استمرار الاتحاد العام للصحافيين السودانيين، باعتباره من بقايا نظام الإخوان، وطالب بحله على الفور، وأضاف أنه « جسم لا يعبر ولا يمثل الوسط الصحافي».
وندد أبو الجوخ بقرارات وقف الصحافيين والمراسلين المحليين والأجانب، والسماح لهم بمزاولة عملهم دون قيود، والاحتكام للقضاء حال حدوث مخالفات، وعدم إيقاف الصحف المحلية، ومنع الإعلام الأجنبي من تغطية الأحداث إلاّ بقرار قضائي.
ودعت اللجنة التي تكونت عقب الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، كبديل للاتحاد الإخواني الذي كان مفروضاً على الصحافيين، إلى تعزيز عملية الانتقال الديمقراطي بالبلاد، وإتاحة الحريات العامة والصحافية في البلاد.
ورفضت بشدة تدخل «الجهات الحكومية» في عمل أجهزة الإعلام الرسمية، وأبدت أسفها ورفضها لتدخلها في عمله وبث تقارير وأخبار تسيء للثورة السودانية وتعمل على تشويه الثوار، بنشر أخبار كاذبة وملفقة.
وقالت اللجنة إنها تعمل على حصر العضوية العاملة في المؤسسات الإعلامية والصحافية، وكشفت عن قرب إكمال النقاش المرتبط بالنظام الأساسي المقترح لنقابة الصحافيين، لتقديمه للمؤتمر العام المزمع.
من جهة أخرى، تجري اجتماعات بين وفد من قوى إعلان الحرية والتغيير والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية»، وتهدف لتطمين هذه الحركات على أولوية السلام ووقف الحرب، وإنهاء الجفوة بينها وبين قوى إعلان الحرية والتغيير إثر توقيع الاتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي.
ونقلت مصادر للصحيفة، أن الاجتماعات المستمرة منذ يوم أمس، أفلحت حتى الآن في تهدئة الأوضاع، على تتواصل اليوم للوصول إلى تفاهمات بشأن عملية السلام، والتي خصص الاتفاق لها الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية.
وتتكون الجبهة الثورية من «حركة تحرير السودان» بقيادة منى أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وهما اللتان تخوضان حرباً مع القوات الحكومية في إقليم دارفور منذ العام 2003. إضافة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال بقيادة مالك عقار، المكونة من مقاتلين سودانيين انحازوا للحركة الشعبية الأم في جنوب السودان قبل الانفصال، ثم اندلع نزاع مسلح في المنطقتين «النيل الأزرق وجنوب كردفان» 2011 بين القوات الحكومية والقوات التابعة لها، وذلك قبل أن تنشق الحركة إلى جناحين أحدهما يقوده عبد العزيز آدم الحلو، ويسيطر على مناطق في جبال النوبة، والثاني بقيادة مالك عقار ويحارب القوات الحكومية في مناطق بالنيل الأزرق.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.