النائب هنري حلو يحذر من «القضاء على الثقة بالقضاء»

عضو «اللقاء الديمقراطي» نبّه في حديث إلى«الشرق الأوسط» من محاولات العودة إلى حقبة الحرب

النائب هنري حلو
النائب هنري حلو
TT

النائب هنري حلو يحذر من «القضاء على الثقة بالقضاء»

النائب هنري حلو
النائب هنري حلو

حذّر عضو اللقاء الديمقراطي النائب هنري حلو، من أن «البعض يحاول العودة إلى حقبة سوداء من تاريخ لبنان، ونبش القبور ونكء الجراح»، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن ما جرى في الآونة الأخيرة من أحكام قضائية أثارت الجدل: «يصبّ في سياق النكايات السياسية وتصفية الحسابات في المحاكمات»، معتبراً أن «نتيجة ذلك واضحة: القضاء على الثقة بالقضاء».
وجاءت تصريحات حلو في حديث إلى «الشرق الأوسط» بموازاة تصعيد سياسي بين «التيار الوطني الحر» وأطراف أخرى، أبرزها تيار «المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، وصولاً إلى استذكار البعض حرب الجبل. وأبدى حلو أسفه كيف أنه بعد اتفاق الطائف ومصالحة الجبل التاريخية برعاية رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، والبطريرك الراحل نصر الله صفير: «نرى أن البعض يحاول العودة إلى حقبة سوداء من تاريخ لبنان، ونبش القبور، ونكء الجراح، الأمر الذي يترك أسى لدى الناس وأبناء الجبل بشكل عام؛ لأن تحريك الغرائز هو تحدٍّ للمشاعر الإنسانية وللمصالحة، ولهذا التعايش النموذجي بين كل العائلات الروحية في الجبل».
وقال حلو: «أوروبا هُدمت في الحرب العالمية الثانية وأعيد إعمارها، وباتت هناك عملة واحدة وحدود مفتوحة بين الأوروبيين، ولم يبقَ أي شيء من آثار الحرب، أما في لبنان، فكلما حصل خلاف سياسي في البلد، يعاد نبش القبور وفتح صفحات الحرب؛ حيث توقف الزمن لدى البعض عند تلك المرحلة»، علماً بأن التباينات السياسية «هي فعل ديمقراطي، وطبيعي أن تكون هناك في لبنان موالاة ومعارضة وتباينات».
وبالانتقال إلى جدل آخر أثير في الآونة الأخيرة، حول الحكم العسكري الصادر بحق المقدم سوزان الحاج، عن المحكمة العسكرية، والردود والردود المضادة، أكد حلو: «إننا مع القضاء العادل، وكل ما يمت للدولة والمؤسسات والشرعية والقوانين بصلة، فهذه ممارستنا في (اللقاء الديمقراطي) والحزب التقدمي الاشتراكي، إذ نحتكم دوماً إلى العدالة، ولكن ما جرى في الآونة الأخيرة إنما يصب في سياق النكايات السياسية وتصفية الحسابات في المحاكمات، ونتيجة ذلك واضحة: القضاء على الثقة بالقضاء».
وتطرق حلو إلى ما يحصل في الجبل من مهرجانات ومناسبات واستهدافات لرئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط، قائلاً: «بصراحة وموضوعية ومصداقية، إن وليد جنبلاط وفي كل المحطات والاجتماعات يشدد دوماً على أمن الجبل واستقراره، باعتباره خطاً أحمر، مهما حاول البعض جرّنا إلى فتنة قد تكون مطلوبة من قبل الحاقدين على جنبلاط؛ نظراً لموقعه ودوره وتاريخ المختارة التي كانت دوماً إلى جانب كل أهل الجبل واللبنانيين، ودون تمييز بين من ينتمي إلى هذا المذهب وذاك، أو هذه الطائفة وتلك».
وأضاف: «من هذا المنطلق، ثمة محاولات تجري بين الحين والآخر لضرب الاستقرار في الجبل أو السعي لفتنة تهز استقراره، وذلك ما نلمسه منذ ما قبل الانتخابات، وصولاً إلى المرحلة الراهنة؛ إذ يظهر جلياً أن ثمة قوى سياسية محلية وإقليمية تعمل على تحجيم دور وحضور جنبلاط والحزب الاشتراكي، ولكن الناس قالت كلمتها في الانتخابات النيابية وتقولها كل يوم، عبر دعمها للمختارة، والوقوف إلى جانبها، من خلال وفاء قل نظيره، وهذا هو الرابط التاريخي بين المختارة والأوفياء لها».
وعن الموازنة وتداعياتها السياسية والاقتصادية في ظل المبارزات السياسية حولها، أشار النائب حلو إلى أن «الموازنة أمر أساسي للدولة وللاقتصاد، ومن شأنها أن تعطي حيوية وتحرك العجلة الاقتصادية، ولكن اصطدمنا بعملية تصفية حسابات سياسية وخلافات ومزايدات شعبوية عبر النقاش الذي دار حول هذه الموازنة، وقد ينسحب ذلك بعد تحويلها إلى المجلس النيابي». وأضاف: «إن ما أقوله إننا في اللقاء الديمقراطي ومنذ البداية كنا الأوائل ممن كانت لهم رؤية اقتصادية؛ لا بل أنجزنا ورقة اقتصادية كاملة وشاملة تناولت كل الملفات، وأضأنا على مكامن الهدر والفساد، وعرضنا هذه الورقة الإصلاحية الاقتصادية المتقدمة، واستناداً إلى المختصين والخبراء، على كل القوى السياسية مجتمعة؛ لكن (على من تقرأ مزاميرك يا داود؟)».
ولا يرى حلو «أننا وصلنا إلى عملية إصلاحية»، مشيراً إلى ما جرى حول خطة الكهرباء «حيث لم تُقر الهيئة الناظمة، فكيف السبيل إلى إنجاح هذه الخطة وهي ناقصة ولم تلامس إطلاقاً العملية الإصلاحية؟ ناهيك عن قضايا كثيرة حصلت فيها ثغرات كثيرة». وقال: «نحن في (اللقاء الديمقراطي) والحزب التقدمي الاشتراكي مثلاً طرحنا موضوع الأملاك البحرية التي تُدخل أرقاماً كبيرة على خزينة الدولة، ولكن تمّ تجاوز هذه المسألة لاعتبارات معروفة لا تحتاج للتبصير أو التنجيم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.