«النهضة» التونسية تبحث عن مرشحها للانتخابات الرئاسية

TT

«النهضة» التونسية تبحث عن مرشحها للانتخابات الرئاسية

أكد راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، أن حزبه يبحث عن «المرشح النادر» ليقدم له الدعم خلال الانتخابات الرئاسية، وهو ما دفع عدداً كبيراً من الشخصيات إلى التسابق من أجل التقرب من حركة النهضة، وتقديم نفسها في حلة «المرشح النادر» الذي تحدث عنه الغنوشي.
وقال كمال مرجان، رئيس حزب المبادرة الدستورية، المندمج حديثاً مع حركة «تحيا تونس»، التي يتزعمها يوسف الشاهد، إنه يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية. لكنه لم يتخذ القرار بعد، في إشارة إلى ضرورة توفره على الدعم السياسي الكافي، علماً أن «النهضة» سبق لها أن امتدحت مرجان، أحد رموز النظام السابق، حيث قال أحد قيادييها إن الحركة ستختاره مرشحاً للانتخابات الرئاسية، وتدعمه في حال قررت اختيار دعم مرشح من خارجها.
على صعيد متصل، انتقد قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري، إثر إعلانه نية الترشح للانتخابات الرئاسية، مقترح الرئيس الباجي قائد السبسي بخصوص المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وهو ما اعتبره بعض المراقبين «تقرباً من حركة النهضة»، التي رفضت هذا المقترح، ومحاولة لاستمالة جانب مهم من القاعدة الانتخابية لحركة النهضة، وهو ما نفاه سعيد في تصريحات سابقة.
بدوره، قال حمادي الجبالي، رئيس الحكومة السابق والأمين العام المستقيل من حركة النهضة في تصريح إعلامي، إنه «الأجدر بكسب أصوات أنصار حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، باعتباره أحد أبنائها»، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد سيكون منافسه في هذا السباق.
واعترف الجبالي بأن سبب استقالته من حركة النهضة سنة 2014 يعود بالأساس إلى رفض «النهضة» دعم أحد المرشحين في الانتخابات الرئاسية السابقة، وهو ما اعتبره مساندة غير مباشرة لترشح الباجي قائد السبسي، الذي ظل يرفضه مرشحاً، على حد قوله.
من جانبه، أعلن رضوان المصمودي، رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية وعضو حركة النهضة، إنه يفكر هو الآخر في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب ما اعتبره «وجود أزمة ثقة في البلاد سببها الأحزاب والطبقة الحاكمة».
وبسؤاله إذا كان يمثل «المرشح النادر» الذي يمكن أن تدعمه أو ترشحه حركة النهضة، أجاب المصمودي بثقة: «ولم لا؟... النهضة ستختار من ستدعم من بين مجموعة كبيرة من المرشحين»، مضيفاً حول رأيه في المنافسة التي قد يلقاها من قبل حمادي الجبالي، القيادي السابق بحركة النهضة: «هذا أمر جيد - ونحن نعمل على أن يتنافس كل المترشحين على أساس الكفاءة والبرامج... لا مجرد الترشح من أجل الترشح فقط».
وبخصوص إمكانية اختيار حركة النهضة مرشحاً من قياداتها لخوض منافسات الرئاسة، أكد قيادي الحزب عبد الحميد الجلاصي أن الأمر «لم يحسم بعد، وما زال في طور النقاش. وفي حال قدمت الحركة دعمها لمرشح من خارجها، فإن ذلك سيخضع إلى مجموعة من المواصفات والتعاقدات».
في السياق ذاته، قال عادل العوني، المحلل السياسي التونسي، إن ترشيح حركة النهضة شخصية من خارج الحزب، فيما بات يعرف في تونس بـ«العصفور النادر» يخضع لاعتبارات عدة، من بينها شروط التوافق اللاحقة والتعاقدات الأقرب إلى المقايضة، على حد تعبيره.
وتوقع العوني أن تقدم حركة النهضة مرشحها في حال فشلها في العثور على «عصفورها النادر»، الذي يلبي شروطها ويحفظ مصالحها، منتقداً في السياق ذاته طريقة الفرز التي ستعتمدها حركة النهضة بقوله: «إنها تبحث عن عصفور منقرض وليس نادراً، وذلك بسبب صعوبة توافق الأحزاب السياسية حول مرشح للرئاسة يحظى بدعم سياسي من قبل جميع الفرقاء»، مشيراً إلى أنها تعني بالعصفور النادر «العصفور المستعد للمقايضة السياسية من بين العصافير الكثيرة المتوفرة»، على حد تعبيره.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».