إجراء ترمب ضد «هواوي» يحظى بدعم الحزبين ويصعّد الحرب مع الصين

بكين دعته إلى التراجع... وعواصم أوروبية رفضت فرض حظر كامل

ترمب لدى مخاطبته الصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
ترمب لدى مخاطبته الصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
TT

إجراء ترمب ضد «هواوي» يحظى بدعم الحزبين ويصعّد الحرب مع الصين

ترمب لدى مخاطبته الصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)
ترمب لدى مخاطبته الصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء (أ.ب)

حذّرت الصين من أن حظر الولايات المتحدة دخول معدات مجموعة الاتصالات الصينية الكبيرة «هواوي» إلى الأسواق الأميركية، قد يهدد بإلحاق المزيد من الأضرار بالعلاقات التجارية بين البلدين.
وطالب المتحدث باسم الخارجية الصينية غاو فينغ، في مؤتمر صحافي، الولايات المتحدة بالعودة عن القرار، واصفاً إياه بالسلوك الخاطئ. وفيما أعلنت بكين أنها ليست لديها معلومات بشأن خطط واشنطن لمواصلة مفاوضاتهما التجارية، أعلن وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين، أن المفاوضات ستُستأنف كما كان مخططاً لها. وأضاف أن الوفد الأميركي سيتوجّه إلى الصين لاستكمال جولة المفاوضات الجديدة التي انتهى أحد فصولها الأسبوع الماضي في واشنطن، من دون تحقيق نتائج نهائية. وكانت واشنطن قد فرضت الجمعة الماضية، حزمة جديدة من التعريفات الجمركية على بضائع صينية بأكثر من 200 مليار دولار. وأعلن الرئيس ترمب أنه يستعد لحزمة أخرى بقيمة 300 مليار دولار إضافية، إذا لم تسفر تلك المفاوضات عن توقيع اتفاق يلبّي شروط بلاده في نزاعها مع الصين.
وأمر ترمب في قرار تنفيذي، مساء أول من أمس، وزير التجارة ويلبر روس، بالطلب من شركات الاتصالات الأميركية وقف استيراد معدات إلكترونية تصنّعها شركات أجنبية وتعد خطراً أمنياً، في إجراء استهدف الشركة الصينية بالدرجة الأولى التي يدور معها خلاف حول شبكات الجيل الخامس من أجهزة الاتصالات المستقبلية، وتتعرض لملاحقات قانونية بسبب اتّهامها بخرق نظام العقوبات على إيران، وجرى توقيف مديرتها المالية في كندا.
ولتمكين الرئيس من تنفيذ الطلب، أعلن ترمب «حالة الطوارئ الوطنية» ليتجنب المساءلة القانونية جراء منعه شركات أجنبية من توريد معداتها إلى الأسواق الأميركية، في خطوة قد تثير خلافات أيضاً مع منظمة التجارة العالمية.
ولكن في استهدافٍ واضح لشركة «هواوي»، أعلنت وزارة التجارة بشكل منفصل أنها وضعت الشركة وعشرات الشركات التابعة لها على قائمة الشركات التي تعد خطراً على الأمن القومي. وستُمنع من شراء قطع الغيار والتقنيات الأميركية دون طلب موافقة حكومة الولايات المتحدة.
وأعلنت شركة «هواوي» أن الولايات المتحدة انتهكت حقوقها بفرضها قيوداً غير معقولة، قائلة إن منعها من العمل في السوق الأميركية لن يجعل الولايات المتحدة أكثر أمناً أو أقوى، بل سيؤدي إلى اقتصار المنافسة والخيارات على بدائل أقل مستوى وأكثر كلفة.
وبرّر البيت الأبيض من جهته هذا الإجراء بوجود خصوم أجانب يستخدمون بصورة متزايدة مكامن ضعف في الخدمات والبنى التحتية التكنولوجية في مجالي الإعلام والاتصالات في الولايات المتحدة. وحذّر البنتاغون ومسؤولو المخابرات الأميركية من أن الشركات الصينية ستكون قادرة على السيطرة على شبكات الاتصالات في البلاد. وأعربوا عن مخاوفهم ليس فقط من أن الرسائل الآمنة يمكن اعتراضها أو تحويلها سراً إلى الصين، ولكن يمكن للسلطات الصينية أن تطلب من شركة «هواوي» إغلاق الشبكات خلال أي صراع، وتعطيل البنية التحتية الأميركية مثل خطوط أنابيب الغاز وشبكات الهواتف المحمولة.
ونفت الشركة هذه الاتهامات، وقال رئيسها التنفيذي إنه سيغلق الشركة بدلاً من الامتثال لأوامر الحكومة الصينية باعتراض حركة المرور على الإنترنت أو تحويلها. لكن الأميركيين يقولون إن الشركة ليس أمامها خيار، فالقانون الصيني يشترط أن تلتزم شركات البلاد بالتعليمات من وزارة أمن الدولة.
ويعكس قرار ترمب الأخير أنه عازم على المضيّ في حربه التجارية مع الصين إلى حين تطبيق شروطه، مستفيداً من رهانه على تقارير ودراسات اقتصادية تؤكد أن الصين تعاني من أزمة اقتصادية حقيقية، يرغب في استغلالها لتعديل ميزان التبادل التجاري معها وإنهاء العديد من شروطها في التعامل مع الشركات والاستثمارات الأجنبية فيها.
وتحظى حربه التجارية مع الصين بتأييد قلّ نظيره من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وحث العديد من قادة الحزب الديمقراطي ترمب على المضي في هذه المواجهة. وبعدما نال تأييد كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشوك شومر، أعلن السيناتور مارك وورنر كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن قرار الرئيس ترمب هو خطوة مطلوبة وتعكس حقيقة أن شركتي «هواوي» و«زي تي إي» تمثلان تهديداً على أمن وشبكة الاتصالات في الولايات المتحدة وحلفائها.
وقالت أوساط أميركية إن ترمب عقد اجتماعات سرية كثيفة مع كبار مسؤولي شركات الاتصالات الأميركية بهدف بلورة القرار الذي يريد اتخاذه، وأكد أمامهم ضرورة «ربح معركة الجيل الخامس»، وأنه لن يسمح لأي شركة غير أميركية بالفوز بعقد تطوير هذا الجيل على الأراضي الأميركية.
ويسيطر قطاع التكنولوجيا على المنافسة التجارية الدائرة بين البلدين، فيما تعتقد واشنطن أن الوقت قد حان لإعادة فرض شروطها التجارية، ليس فقط على الصين بل ومع العديد من شركائها وحلفائها، حيث يهدد ترمب بفرض تعريفات جمركية جديدة على قطاع استيراد السيارات من الاتحاد الأوروبي أيضاً.
وجعل ترمب من الصين أحد أهدافه المفضلة في حملته الانتخابية عام 2016، ويراهن الآن على تحقيق إنجازات في هذا الملف، لدعم حملته الجديدة في انتخابات 2020.
وكشفت تقارير إعلامية أمس، أن ترمب لطالما كان يحبّذ فرض التعريفات الجمركية على خصوم الولايات المتحدة ومنافسيها، وذلك منذ الثمانينات. وهو كان من أكثر المتحمسين للحرب التجارية التي نشبت بين الولايات المتحدة واليابان في ذروة صعودها الاقتصادي في تلك الفترة، وهو ما يرغب في تكراره مع الصين اليوم.
ولا يبدو أن الإجراء الأميركي يلقى ترحيباً في العواصم الأوروبية، فبعد أن رفضت لندن الامتثال لطلب واشنطن فرض حظر كامل على «هواوي» واختارت بدلاً من ذلك إطلاق عملية تقييم شاملة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدوره إنه لا يعتزم الرضوخ للضغط الأميركي. ويشار إلى أن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة من بين الدول التي ترفض الطلب الأميركي حظر «هواوي» تماماً من المشاركة في بناء شبكة الجيل الخامس.
وقال ماكرون لتلفزيون «بلومبرغ» في أثناء حضوره مؤتمراً تكنولوجياً في باريس، أمس: «توجُّهنا هو عدم حظر (هواوي) أو أي شركة أخرى». وأضاف أن «فرنسا وأوروبا واقعيتان ومنطقيتان. نحن نؤمن بالتعاون والتعددية. وفي الوقت نفسه نحن حريصون للغاية بشأن التعامل مع التكنولوجيا الجيدة وحماية أمننا الوطني وجميع قواعد السلامة».


مقالات ذات صلة

«هواوي» تدشن حقبة جديدة من الابتكار في الأجهزة القابلة للطي

عالم الاعمال «هواوي» تكشف عن حقبة جديدة من التميز في الهواتف القابلة للطي خلال فعالية «طيّة تنبض بالكلاسيكية» في دبي

«هواوي» تدشن حقبة جديدة من الابتكار في الأجهزة القابلة للطي

أعلنت مجموعة هواوي لأعمال المستهلكين (CBG) عن إطلاق مجموعة من المنتجات الرائدة.

عالم الاعمال «هواوي» تطور أنظمه متطورة في عالم تكنولوجيا الصحة القابلة للارتداء

«هواوي» تطور أنظمه متطورة في عالم تكنولوجيا الصحة القابلة للارتداء

طوَّرت «هواوي» نظام HUAWEI TruSense لأجهزتها القابلة للارتداء الجديدة، مثل سلسلة HUAWEI WATCH GT 5.

الاقتصاد شعار أكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم فوق شريحة إلكترونية (رويترز)

أزمة لأكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم بسبب هاتف «هواوي» الجديد

علّقت شركة تصنيع أشباه الموصّلات التايوانية «تي إس إم سي»، شحناتها إلى شركة تصميم الرقائق الصينية «سوفغو» بعد العثور على شريحة خاصة بها في معالج «هواوي» الحديث.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا بدا إطلاق «هواوي» لهاتفها ثلاثي الطيات بمثابة تحدٍّ مباشر لـ«أبل» قبيل حدثها السنوي الكبير (الشرق الأوسط)

من سرق الأضواء أكثر... «أبل آيفون 16» أم «هواوي Mate XT»؟

«آيفون 16» من «أبل» يقف في تحدٍّ واضح أمام الهاتف الأول في العالم ثلاثي الطيات من «هواوي».

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد عملاء يتسوقون في متجر «هواوي» الرئيسي في بكين (رويترز)

«هواوي» تسجل أرباحاً قياسية في النصف الأول من العام

أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «هواوي» عن قفزات كبيرة في إيراداتها وصافي أرباحها في النصف الأول من العام يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.