تحوّل مخيم «المية ومية» للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب لبنان والذي كان قبل نحو عام تقريباً بؤرة أمنية متفجرة، إلى منطقة آمنة من دون مظاهر مسلحة نتيجة اتفاق لبناني - فلسطيني بدأ الإعداد له بُعيد انتهاء الاشتباكات التي اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بين حركتي «فتح» و«أنصار الله»، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى وترويع سكانه الفلسطينيين، واللبنانيين الذين يعيشون في محيطه.
وباشرت الفصائل الفلسطينية مساء الجمعة الماضي، إزالة الحواجز والدشم والتحصينات. كما أنهت كل المظاهر المسلحة بعدما كان المخيم يحوي مربعات أمنية ويشهد مناوشات بشكل مستمر بين القوى المسلحة التي تسيطر عليها. وعزز الجيش اللبناني وجوده عند المدخل الرئيسي للمخيم، على أن يسيّر دوريات في الشارع العام الممتد من أوله إلى قرية «المية ومية».
وأشارت مصادر عسكرية لبنانية إلى أن الاتفاق لحظ إخلاء السلاح الثقيل من المخيم على دفعتين، على أن تسيّر مخابرات الجيش دوريات داخل المخيم بوجود القوى الفلسطينية، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في مرحلة لاحقة من تطبيق الاتفاق سيبسط الجيش سلطته كاملة في المخيم. وأضافت أن «المفاوضات كانت تشمل هذا المخيم تحديداً نظراً إلى وضعه وموقعه، باعتبار أن الوضع يختلف في باقي المخيمات»، لافتة إلى أن الجيش يستكمل المفاوضات مع القوى الفلسطينية عبر مديرية المخابرات كي تبقى المخيمات هادئة.
وأشارت مصادر حركة «فتح» إلى أن الاتفاق يحصر حمل السلاح في بعض العناصر المكلفين حراسة بعض مكاتب القوى الفلسطينية، على أن يتم تخزين بقية الأسلحة في المخازن. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق لا يحوّل «المية ومية» إلى مخيم منزوع السلاح إنما إلى مخيم آمن، إذ «تم وضع حد للفوضى ومنع التجول بالألبسة العسكرية»، مشددةً على أن «ما حصل يشكل مصلحة لبنانية - فلسطينية مشتركة».
وقوبل الاتفاق بارتياح في صفوف المدنيين الفلسطينيين الذين لا يزالون يسكنون في المخيم كما في صفوف اللبنانيين الذين يعيشون على تخومه بعدما دفعت الاشتباكات الأخيرة العشرات منهم لترك منازلهم. ومن المرتقب أن تتولى القوى الفلسطينية توقيف أي مخلٍّ بالاتفاق وتسليمه للجيش اللبناني وإلا يقوم الجيش بالمهمة.
وتتولى لجان أمنية مشتركة تضم ممثلين عن أبرز الفصائل الفلسطينية، الأمن في مخيمات «عين الحلوة» و«البداوي» و«برج البراجنة»، والتي تعد أكبر تجمعات للاجئين الفلسطينيين في لبنان. ولا وجود للجيش والقوى الأمنية اللبنانية داخل 12 مخيماً فلسطينياً منتشراً في معظم المناطق اللبنانية، ما أدى إلى هرب عدد كبير من المطلوبين إلى داخل هذه المخيمات التي تشهد انتشاراً ظاهراً للسلاح من دون أي ضوابط.
ويعتبر رئيس «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني» الوزير السابق حسن منيمنة، أن «هناك ميلاً عاماً لدى الفلسطينيين الذي يعيشون في لبنان لوضع حد للسلاح المنتشر داخل المخيمات قناعةً منهم بأنه لم يعد يخدم قضيتهم وبات قسم منه في خدمة قوى خارجية، ما يؤدي إلى تحمل المدنيين عواقب استخدامه من قبل القوى المسلحة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل في «المية ومية» أخيراً «خطوة على الطريق الصحيح كي نصل إلى اليوم الذي لا يبقى فيه سلاح داخل المخيمات وهذا ما هو حاصل في مخيم «نهر البارد» الواقع شمال البلاد.
ولا تقتصر الإشكاليات التي يواجهها «المية ومية» على الأمن، إذ يرفع أهالي القرية اللبنانية أصواتهم منذ عشرات السنوات لاستعادة بعض أملاكهم التي تمت مصادرتها.
ويتابع عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدغار طرابلسي هذا الملف، مشيراً إلى أنه «في أثناء الحرب اللبنانية تمت مصادرة منازل وعقارات خارج نطاق المخيم وتم دفع بعض الإخلاءات والتعويضات مع إنشاء وزارة المهجّرين في العامين 1993 و1994، لكن العمل في هذا المجال توقف، ما ترك وضع نحو 120 عقاراً واقعاً في المية ومية ودرب السيم وحي الدكرمان – صيدا يملكها لبنانيون ويصادرها فلسطينيون، معلقاً».
وقال طرابلسي لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى اليوم لمعالجة هذا الموضوع، وقد وجدنا إيجابية في التعاطي معنا من قِبل المسؤولين المعنيين لأن الملف في النهاية ملف قانوني - حقوقي بامتياز، خصوصاً أن هناك أحكاماً قضائية لصالح المالكين اللبنانيين، أضف إلى ذلك أنه مرتبط بسيادة الدولة وبتحقيق المساواة بين اللبنانيين».
مخيم «المية ومية» الفلسطيني يودّع المظاهر المسلحة
مخيم «المية ومية» الفلسطيني يودّع المظاهر المسلحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة