إقليم كردستان يحيي الذكرى الـ31 لـ«حملات الأنفال»

اكتشاف أربع مقابر جماعية في جنوب العراق دفن فيها نحو 200 كردي

صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس برهم صالح خلال زيارته أمس لمقبرة جماعية لأكراد تعود إلى أكثر من 30 عاما مضت عثر عليها في بادية السماوة جنوب البلاد
صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس برهم صالح خلال زيارته أمس لمقبرة جماعية لأكراد تعود إلى أكثر من 30 عاما مضت عثر عليها في بادية السماوة جنوب البلاد
TT

إقليم كردستان يحيي الذكرى الـ31 لـ«حملات الأنفال»

صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس برهم صالح خلال زيارته أمس لمقبرة جماعية لأكراد تعود إلى أكثر من 30 عاما مضت عثر عليها في بادية السماوة جنوب البلاد
صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس برهم صالح خلال زيارته أمس لمقبرة جماعية لأكراد تعود إلى أكثر من 30 عاما مضت عثر عليها في بادية السماوة جنوب البلاد

أحيا إقليم كردستان العراق، أمس (الأحد)، على المستويين الرسمي والشعبي، الذكرى السنوية الحادية والثلاثين لـ«حملات الأنفال» التي اقترفها النظام السابق بحق المواطنين الكرد على مراحل استمرت أكثر من عامين، وانتهت في 14 من أبريل (نيسان) 1988، وأودت بحياة نحو مائتي ألف كردي، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن دُفِنوا جميعاً أحياء، في مقابر جماعية بصحارى محافظات المثنى والقادسية وذي قار في جنوب العراق.
ومنذ عام 1992، تُقام في الإقليم سنوياً مراسم تأبينية خاصة في ذلك التأريخ، تخليداً لذكرى تلك الأحداث وضحاياها.
وتزامنت المناسبة هذا العام مع نجاح جهود فرق البحث والتنقيب عن المقابر الجماعية، في العثور على أربع مقابر جماعية تضم رفات نحو 200 من ضحايا «حملات الأنفال»، في منطقة الشيخة الواقعة على بعد 125 كلم غرب مدينة السماوة مركز محافظة المثنى. وتوجه الرئيس العراقي برهم صالح أمس إلى السماوة لتفقد الموقع، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة رفات الضحايا إلى ذويهم في إقليم كردستان.
وألقى صالح كلمة في حشد من ذوي الضحايا الذين تفقدوا موقع المقابر الجماعية، أكد فيها أن «حملات الأنفال» وغيرها من جرائم النظام السابق بحق أبناء الشعب الكردي في العراق، لا تُنسى على مر التاريخ، كونها جرائم ضد الإنسانية استهدفت القضاء المبرم على الشعب الكردي، موضحاً أن مرتكبي تلك الجرائم وفي مقدمتهم رأس النظام السابق، قد نالوا عقابهم الذي يستحقون.
وأوضح صالح أن الإجراءات المطلوبة ينبغي اتخاذها بسرعة بغية إعادة رفات الضحايا إلى مواطنها الأصلية، منوها بأن تلك الجرائم البشعة، ونتائجها الكارثية تعكس صورة جلية عن مدى الظلم والقهر الذي مورس بحق الشعب الكردي في العراق، كما تجسد حقيقة ساطعة مفادها أن الظلم لن يدوم. وأضاف: «الآن وقد زالت الديكتاتورية في العراق، فإننا نسعى للحيلولة دون تكرار المآسي مستقبلاً»، معرباً في الوقت ذاته عن الشكر والامتنان لأهالي السماوة على تعاونهم الجاد في العثور على تلك المقابر، مثلما أسهموا في إيواء واحتضان العديد من ضحايا الأنفال وإخفائهم عن أعين أجهزة أمن النظام السابق، وختم كلمته بالتعهّد ببذل كل جهد مستطاع لتعويض أهالي وأسر الضحايا». من جانبه، أكد نبيل كامل، مدير الرقابة في محافظة المثنى، أن رفع القبور الجماعية الأربعة يستدعي إجراءات إدارية وقانونية، وموافقات قضائية قد تستغرق فترة طويلة، وأضاف في بيان أن التقديرات الأولية تشير إلى أن مجموع رفات الضحايا في تلك القبور يبلغ نحو 200.
وكان فرقان صاحب (25 عاماً)، وهو أحد المتطوعين ضمن فرق البحث والتنقيب عن المقابر الجماعية ومن أهالي المناطق الصحراوية في السماوة، قد أشار إلى أن جميع الضحايا في تلك القبور هم من الكرد، وأضاف: «لقد شاهدتُ في إحدى المقابر امرأة كردية تحتضن طفلتها الصغيرة، في مشهد يهز الوجدان».
من جانبها، دعت حكومة إقليم كردستان، السلطات الاتحادية، إلى تعويض ذوي ضحايا «حملات الأنفال» مادياً ومعنوياً، إسهاماً منها في بلسمة جراحاتهم العميقة، كما قررت توزيع 11 ألف قطعة أرض سكنية، على ذوي الضحايا في مناطقهم.
يُذكر أن النظام السابق كان قد أطلق «حملات الأنفال» في 12 من مارس (آذار) 1986، وطالت القرى الأرياف في محيط محافظات كركوك وأربيل والسليمانية ودهوك، وانتهت في 14 من أبريل (نيسان) 1988 بالقضاء على 182 ألف مواطن كردي، من ضمنهم 8 آلاف بارزاني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.