الحلبوسي لـ«الشرق الأوسط»: القوات الأميركية في العراق توفر غطاء سياسياً في مواجهة التدخلات الخارجية

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي (أ. ف. ب)
رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي (أ. ف. ب)
TT

الحلبوسي لـ«الشرق الأوسط»: القوات الأميركية في العراق توفر غطاء سياسياً في مواجهة التدخلات الخارجية

رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي (أ. ف. ب)
رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي (أ. ف. ب)

أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي أن الاقتراحات التي صدرت عن بعض الكتل النيابية بتقديم مشروع قانون يدعو لسحب القوات الأميركية من العراق، طويت نهائياً.
وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» في مبنى السفارة العراقية في واشنطن، أن هذا الموضوع جرى التوافق عليه بين الرؤساء الثلاثة؛ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب، وكذلك مع كل الكتل السياسية والأحزاب، وأنه سحب من التداول نهائياً.
وأضاف أن المطالبة بسحب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق في هذه المرحلة، يصب في مصلحة الإرهاب، مؤكداً أن بقاءها ضمانة للعراق ويوفر غطاء سياسياً له في مواجهة التدخلات الأجنبية.
كما أعلن الحلبوسي أنه اتصل برئيس مجلس شورى الدولة في المملكة العربية السعودية وناقشا عقد اجتماع لرؤساء المجالس النيابية لدول جوار العراق؛ الأردن وسوريا والسعودية والكويت وتركيا وإيران في 20 أبريل (نيسان) في بغداد، لضمان استقرار العراق.
الحلبوسي الذي زار العاصمة الأميركية واشنطن، على رأس وفد نيابي ضم ممثلين عن أطياف الشعب العراقي، التقى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ونائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان، فضلاً عن قادة الكونغرس. وبدت زيارته كأنها رسالة تطمين للمسؤولين الأميركيين، خصوصاً أن قضية سحب الجنود كانت القضية الأبرز التي بحثها معهم، بحسب قوله.
ورد الحلبوسي على من يتهمه بأنه يستخدم خطابين في كل من بغداد وواشنطن، حول سحب القوات الأميركية بأن موقفه واضح ولم يستخدم أبداً لغتين للتعبير عن موقفه.
وأضاف أنه يعبر عن مصالح العراق، لكن الأصوات التي تصدر من عدد من النواب لا يعني أنها تمثل إرادة كل الشعب العراقي. وقال: «هناك 329 نائباً ولهم الحق في الإدلاء بأي موقف، لكن في النهاية القرارات تتخذ بالأغلبية المطلقة في هذه المواضيع، وقد تم التواصل مع كل الكتل النيابية والسياسية والحزبية، والتوافق كان بالأغلبية الكاسحة على رفض الحديث عن أي سحب لقوات التحالف».
وأضاف الحلبوسي أن الحرب على الإرهاب لم تنتهِ وهذا ما ناقشته مع المسؤولين الأميركيين، وتوافقنا على أننا دخلنا مرحلة جديدة من هذه الحرب، التي تستهدف تجفيف منابعه الفكرية والمالية وحرمان هذا الفكر المتطرف من قدرته على استقطاب مناصرين جدد له. وأكد أن كل القوى السياسية متفقة على استمرار الجهود الاستخبارية وتدريب القوات وتقديم الدعم الفني واللوجيستي للقوات العراقية وكل ما يراه مناسباً القائد العام للقوات المسلحة، وأن هذا الأمر تحدث به هنا وفي بغداد وفي طهران.
وأضاف أن «البعض قد يكون استاء من زيارتي إلى طهران، لكني أقول بوضوح وصراحة إنه في سبيل مصلحة العراق سأزور أي بلد، خصوصاً دول الجوار، وإيران لدينا معها 1400 كيلومتراً من الحدود ولا يمكن تجاهل حضورها».
وفي رده على سؤال حول اتهام إيران بأنها هي التي تقف وراء تحريض بعض الكتل النيابية للمطالبة بسحب القوات الأميركية من العراق، قال الحلبوسي إنه «كما نحن نتحرك لمصلحة العراق، قد يكون هناك قوى تتحرك لمصلحة جهات أخرى، لكني أؤكد لك أن الأمر توقف نهائياً». وأضاف أن إضاعة مزيد من الوقت على بحث هذا الموضوع يصب في مصلحة الإرهاب وليس العراق.
وعن دور القوات الأميركية في العراق وما وصفه الحلبوسي بالمرحلة الثانية من محاربة الإرهاب، وعمّا إذا كانت واشنطن قد وافقت على الالتزام بتلك المهمات فقط، وعن موقف العراق فيما لو قررت القوات الأميركية الموجودة في العراق القيام بعمليات في سوريا، قال الحلبوسي إن «الاتفاق الأصلي بين الولايات المتحدة والعراق ينظم دور تلك القوات في دحر تنظيم داعش والإرهاب، وهذا يتطلب القيام بعمليات عسكرية على الحدود داخل العراق وخارجه». وذكّر الحلبوسي بالتنسيق الذي كان قائماً بين القوات العراقية والأميركية خلال رئاسته اللجنة الأمنية في الأنبار عندما كان محافظاً لها، وبأن العمليات يجري تنسيقها تحت إشراف القيادة العسكرية، مؤكداً أن عدد القوات الأميركية في العراق لن يتم إنقاصه وأن علاقة العراق بالولايات المتحدة ليست مرتبطة ولا تتأثر بعلاقته مع أي بلد آخر.
وأكد الحلبوسي أنه ناقش موضوع العقوبات المفروضة على إيران مع المسؤولين الأميركيين، وأنه طلب منح العراق مزيداً من الوقت لتنمية قدراته واستثماراته التي تمكنه من التخلي عن أي مصادر للطاقة يحتاجها الشعب العراقي الآن.
وأضاف أن العراق يستعين بالغاز الإيراني وبالطاقة الكهربائية، وناقش مع المسؤولين الأميركيين مشاريع عقود تجريها وزارة النفط العراقية مع شركة «إكسون موبيل» للاستثمار في هذه القطاعات لمساعدة العراق على الاكتفاء ذاتياً. وأضاف أنه كان واضحاً أن تلك المشاريع ستنفذ على 3 مراحل، وتنتهي بعد 3 سنوات، و«من غير المعقول أن تفرض على العراق عقوبات لا يمكنه تحملها ولا إيجاد بدائل سريعة لتفاديها». وأضاف أن العراق سيواصل المطالبة بإعفاءات من العقوبات على إيران، وأن هذا الأمر ستتم العودة إلى بحثه عندما يتم توقيع العقد مع شركة «إكسون موبيل» قريباً.
وأكد الحلبوسي أن العراق لا يدافع عن أحد ولكن ظروفه لا تسمح له الآن بتلبية احتياجاته، مضيفاً أنه لا يذيع سراً عندما يقول إن هناك عدم ارتياح من التدخل الإيراني وكيفية إنهاء تدخلها سواء في العراق أو في المنطقة. وقال إن العلاقة معها يجب أن تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل واحترام سيادة العراق. وأضاف أنه بحث مع المسؤولين الأميركيين وقف التدخلات الخارجية، خصوصاً أن إيران ليست وحدها من يتدخل في العراق، وهناك تركيا أيضاً. وقال إن إعادة بناء عراق قوي ضمانة للاستقرار في المنطقة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة على إيران قد قلص النفوذ الإيراني في العراق، قال الحلبوسي إنه لم يناقش علاقات واشنطن بطهران، لكنه يستطيع التأكيد على أن بقاء القوات الأميركية في العراق يوفر له غطاء سياسياً وإسناداً لوقف أي تدخل أجنبي.
وكان الحلبوسي قد أعلن في حوار أجري معه في المعهد الأميركي للسلام، أنه وجه دعوات إلى رؤساء المجالس النيابية لدول جوار العراق لعقد جلسة في بغداد لبحث استقرار العراق. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه اتصل برئيس مجلس الشورى في المملكة السعودية وناقش معه تحديد موعد لهذا الاجتماع في 20 أبريل، وأنهما اتفقا من حيث المبدأ. وأضاف أن الدعوة ستوجه إلى 6 دول؛ هي السعودية والكويت والأردن وتركيا وسوريا وإيران.
من جهة أخرى، أكد الحلبوسي حرص العراق بكل سلطاته، التنفيذية والتشريعية، على الانفتاح على محيطه العربي وتعزيز علاقاته معه، خصوصاً مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة السعودية. وأكد ضرورة وجود شراكة حقيقية مع هذا المحيط، وأن يكون لهذه الشراكة تأثير إيجابي على معالجة ملفات كثيرة في العراق، سواء على مستوى الاستثمار أو إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية وإعادة إحياء التبادل التجاري الحر.



تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
TT

تنديد أميركي ويمني بجرائم الحوثيين في قرية «حنكة آل مسعود»

جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)
جانب من قوات الحوثيين تحاصر قرية يمنية في محافظة البيضاء للتنكيل بسكانها (إكس)

على وقع الحصار والهجوم العنيف الذي تشنه الجماعة الحوثية على قرية «حنكة آل مسعود» في محافظة البيضاء اليمنية، أدانت السفارة الأميركية لدى اليمن هذه الجرائم، بالتزامن مع إدانات حقوقية وحكومية واسعة.

وحسب مصادر محلية، عزز الحوثيون من قواتهم لاقتحام القرية المحاصرة منذ نحو أسبوع، مستخدمين مختلف الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة في مهاجمة منازل القرية، وسط مخاوف من «ارتكاب إبادة» في أوساط السكان، بخاصة مع قيام الجماعة، بقطع الاتصالات عن القرية.

وكان هجوم قوات الجماعة على القرية، الخميس الماضي، أدى إلى مقتل وإصابة 13 مدنياً، في حين زعم إعلام الجماعة، السبت، أن عملية الهجوم متواصلة، وأن أربعة من سكان القرية قتلوا عندما فجروا أحزمة ناسفة.

وفي بيان للسفارة الأميركية، السبت، أدانت «بشدة» الهجمات الحوثية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في محافظة البيضاء، وقالت: «إن عمليات القتل والإصابات والاعتقالات غير المشروعة التي يرتكبها الإرهابيون الحوثيون بحق اليمنيين الأبرياء تحرم الشعب اليمني من السلام ومن المستقبل المشرق».

وعادة ما يشن الحوثيون عمليات تنكيل وقمع في محافظة البيضاء منذ احتلالها في 2014، في مسعى لإخضاع أبناء القبائل المختلفين مذهبياً، والسيطرة عليهم خوفاً من أي انتفاضة تنشأ في تلك المناطق، بخاصة في مناطق قبائل «قيفة».

115 منظمة

مع استمرار الهجمة الحوثية على القرية الواقعة في مديرية القريشية القريبة من مدينة رداع، أدانت 115 من منظمات المجتمع المدني هذه «الجريمة» بحق المدنيين والأعيان المدنية في قرية الحنكة، حيث قبيلة آل مسعود.

وقال بيان مشترك للمنظمات إن الميليشيات الحوثية قامت بمنع إسعاف المصابين، إلى جانب تدمير وإحراق عدد من الأعيان المدنية ودور العبادة وتشريد مئات الأسر بعد أيام من فرض الحصار الغاشم على أهالي القرية.

واتهم بيان المنظمات الجماعة الحوثية بقطع المياه والغذاء والأدوية عن سكان القرية، بالتزامن مع استمرار القصف بالطائرات المسيرة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كارثي، خصوصاً بين الأطفال والنساء وكبار السن.

وقال البيان: «إن هذه الجرائم التي تشمل القتل العمد والحصار والتهجير القسري، واستهداف الأعيان المدنية ودور العبادة تأتي في سياق تصعيد عسكري من قِبل الحوثيين على مختلف الجبهات بالتزامن مع تدهور الأوضاع الإنسانية».

وطالبت منظمات المجتمع المدني في اليمن، الحوثيين، بفك الحصار الفوري، ووقف الاعتداءات العسكرية التي تستهدف المدنيين في المنطقة، كما دعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات.

هجوم وحشي

أدان معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، الهجوم الحوثي على القرية، ووصفه بـ«الوحشي»، وقال إنه «يظهر بوضوح بشاعة الجرائم التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين الأبرياء، ويؤكد تعمدها إراقة الدماء، ونشر الخراب (...) دون أي اعتبار للقوانين الدولية وحقوق الإنسان».

وأوضح الوزير اليمني، في تصريح رسمي، أن الجماعة الحوثية أرسلت حملة ضخمة من عناصرها المدججين بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة، وقامت بشن هجوم على منازل وممتلكات المدنيين في القرية، إذ استخدمت قذائف الدبابات والمدفعية، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى أضرار كبيرة للمنازل والممتلكات الخاصة، وتدمير مسجد القرية.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وحسب الوزير اليمني، يأتي الهجوم الحوثي في وقت تعيش فيه المنطقة تحت حصار خانق منذ أكثر من أسبوع، في محاولة لحرمان الأهالي من احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويضاعف الأوضاع الإنسانية المزرية التي يعيشونها، في حلقة جديدة من مسلسل التنكيل المتواصل.

وأضاف بالقول: «هذا الهجوم المروع الذي استهدف منازل المواطنين والمساجد، وأدى إلى سقوط العديد من الضحايا، بينهم نساء وأطفال، وتدمير الممتلكات، ليس إلا انعكاساً لحقد ميليشيا الحوثي الدفين على أبناء البيضاء بشكل عام وقيفة رداع بشكل خاص، وكل من يقف ضد مشروعها الإمامي الكهنوتي العنصري المتخلف».

وأكد وزير الإعلام اليمني أن ما تعرضت له قرية «حنكة آل مسعود» يُظهر مرة أخرى كيف أن الميليشيا الحوثية لا تكترث بالقوانين الدولية، مشدداً على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، مسؤوليته في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الهجمات الوحشية فوراً.