مروين... شاعر الضمير الأخلاقي

رحل عن 91 عاماً

مروين... شاعر الضمير الأخلاقي
TT

مروين... شاعر الضمير الأخلاقي

مروين... شاعر الضمير الأخلاقي

رحل صباح أمس عن 91 عاماً الشاعر الأميركي دبليو إس مروين أحد أبرز الشعراء الأميركيين المعاصرين، والحائز على جائزة بوليتزر، وشاعر الولايات المتحدة عام 2010، مخلفاً أكثر من 20 مجموعة شعرية، وترجمات لا تقل عدداً لكبار الشعراء العالميين، ومنهم أوسيب ماندلشتام وبابلو نيرودا، إضافة إلى عدة كتب نثرية.
واشتهر مروين بمواقفه الإنسانية المناهضة للعنف والحرب واللامساواة، حتى لقب بشاعر الضمير الإنساني. ولم يتهادن مرة في مواقفه تلك. وتجسد ذلك في رفضه جائزة بوليتزر عام 1971، قائلاً إنه «لن يشعر بالفخر كأميركي بتتويجه هذا» بعدما فعلت أميركا ما فعلت في فيتنام. ولكن عاد وقبل الجائزة بعدما استحقها عن ديوانه «ظل سيريوس» عام 2009. وكذلك رفض عضوية «المعهد الوطني للفنون والآداب» عام 1972، ثم عاد وقبلها عام 1977. ثم انهالت عليه الجوائز المهمة بعد هذا التاريخ. وباختصار، لم تبق جائزة إلا ونالها، بحيث اعتبر أكثر الكتاب الأحياء «فوزا بالجوائز مع أنه أكثر الكتاب زهداً بها».
كان مروين من الشعراء القلة الذين تجسد فيهم الانسجام بين الإبداع والممارسة. وربما دفعه هذا في السنوات الأخيرة من حياته إلى الانسحاب من هذا العالم «الصناعي»، المليء بالظلم والقبح، إلى الطبيعة، ليحتفي بها في مجموعاته الشعرية على مدى ثلاثين عاماً. لكن، مع ذلك، لا يمكن القول إنه «شاعر رعوي»، أو إنه «شاعر الطبيعة»، بمعنى توحده شبه الصوفي معها، والتغني بجمالها الفطري، كما يذهب بعض النقاد الغربيين. إنه شاعر غضب بالدرجة الأولى، وشاعر حب أيضاً في الوقت نفسه. غضب على العالم الصناعي الذي دمر الطبيعة، وعلى الإنسان الذي أفسد هواءها، بعدما فجر غضبه في مجموعاته الشعرية الأولى على الكولونيالية، والحرب، والظلم الاجتماعي. وهو شاعر حب لهذا الإنسان المعذب في الأرض، وللطبيعة التي يأكلها «الخراب الحضاري»، الوحش الذي يدمر ما تبقى من براءة عالمنا. إنه مغني الروح والسمو الإنسانيين اللذين يتضمنان بعداً بوذياً واضحاً، في عالم خلا منهما، كما انعكس ذلك في مجموعته «القمل»، التي كتبها عام 1967 كرد فعل على حرب فيتنام. يقول في مقابلة معه عن دور الشاعر: «هناك نوع من الأمل الملح نراه في شعر اليوم الذي يريد أن ينقذ العالم. إن المرء يحاول أن يكتب كل ما يستطيع عن أشياء يحبها ما دام هناك وقت. وأنا أعتقد أن هذا دور اجتماعي... أليس كذلك؟ نحن نبقى نعبر عن حبنا وغضبنا، ونرجو، ربما بلا أمل، أن يترك ذلك بعض التأثير».
تحول مروين حياتياً كثيراً، وترافق ذلك بالتوازي مع تطور فنه الشعري، الذي لم يتوقف منذ صدور مجموعته الأولى «قناع لجانوس» - وهو رب البدايات والتحولات والزمن والنهايات في الأسطورة الرومانية القديمة - الصادرة عام 1952 إلى آخر كتاب له وهو «الجوهري» عام 2017. لقد جرب كل الأساليب، شعرا ونثرا، وكتب الشعر الحر والموزون، وبلغة كثيفة التركيز تركت تأثيرها على معاصريه والشعراء الشباب.
وللأسف، لم يترجم لمروين الكثير إلى العربية، ما عدا ترجمة الشاعر العراقي سركون بولص لمجموعة من قصائده، وكانت للأسف مضطربة في مواضع كثيرة في رأينا.
ولد وليم ستانلي مروين في مدينة نيويورك عام 1927 لقس بروتستانتي يتبع الكنيسة المشيخية، ونشأ في نيوجرسي وسكرانتون، بنسلفانيا. بعد تخرجه عام 1948، تخصص في الأدب الرومانسي، ثم بدأ بترجمة الشعر، قبل أن يصدر مجموعته الشعرية الخاصة به 1952، التي يقول إنها جاءت تحت تأثير قراءاته الروائية، وخاصة لجزيف كونراد وليف تولستوي، أكثر من قراءاته الشعرية. وانتقل في عام 1976 إلى جزيرة هاواي لدراسة البوذية، واستقر نهائياً في ماوي التابعة لها لحين رحيله أمس.



«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».