أوروبا تحذر من تأثير الملفات السورية على الاستقرار الحكومي

TT

أوروبا تحذر من تأثير الملفات السورية على الاستقرار الحكومي

شبّه سفير دولة أوروبية معنية بالشأن اللبناني الحكومة بـ«الزجاج السريع العطب»، وعزا ذلك إلى الخلافات داخل مجلس الوزراء، وذكر أن وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب هو أول وزير أحدث بلبلة في الصف الحكومي وقسّم أعضاءها إلى مؤيد ومعارض، وقال إن الغريب تصرف بشكل غير مألوف؛ إذ سافر إلى دمشق دون أن يستأذن رئيس الحكومة أو يطلعه على طبيعة مهمته. ولفت السفير الأوروبي إلى أن الغريب زار دمشق بعد نيل الحكومة الثقة، وقبل أن تعقد أول جلسة لمجلس الوزراء، وهذا ما أدى إلى انزعاج الحريري من هذا التصرف، فاستدعاه وأبلغه ضرورة التقيد بالأصول المعمول بها لدى سفر أي وزير خارج البلاد، ومنعه من تقديم أي تقرير بنتائج الزيارة خلال جلسة مجلس الوزراء.
وكان انضم إلى انتقاد الغريب، وزراء حزب القوات اللبنانية وتيار «المستقبل»، واضطر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى التدخل عندما حاول وزراء القوات انتقاد الزيارة، وتحدث بلهجة حادة عن مهمة الغريب إلى دمشق ولم يعتبرها تستدعي الانتقاد ورفع الجلسة منعا لاشتعال النقاش. وفي اليوم الثاني استقبل الرئيس عون الغريب.
ولاحظ السفير الأوروبي أنه منذ أن بدأ الكلام عن مؤتمر النازحين في الأوساط السياسية والحكومية، احتجّ الغريب أيضا على تغييبه عن عضوية الوفد الوزاري الذي يترأسه الرئيس الحريري إلى المؤتمر وأيده النائب طلال أرسلان. واستغرب السفير انضمام وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الذي دافع عن مطالبة الغريب بأن يكون في عداد الوفد الرسمي إلى العاصمة البلجيكية. ولم يتردد السفير الأوروبي في الاستنتاج بأن التباين جدّي بين قصر بعبدا والسرايا الحكومي حول ما إذا كان يجب أن يكون الغريب في عضوية الوفد الرسمي.
وفي السياق نفسه، سألت مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت عن اعتذار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عن المشاركة في المؤتمر، على الرغم من أنه تلقى دعوة رسمية من المفوضية الأوروبية، مشيرة إلى أن تبريره عن سبب تغيبه لأن لديه الكثير من المواعيد بات غير مقنع.
وسأل السفير: «أليس الاجتماع على المستوى الوزاري في بروكسل لمناقشة ملف النازحين السوريين في لبنان هو أهم من كل المواعيد؟»، معيدا إلى الأذهان أن باسيل «قاد حملة ضد إبقاء النازحين السوريين في لبنان واستنفر وزارات الخارجية في العالم ليساندوا موقفه».
واستخلص السفير عينه أن الاضطراب الذي يصيب الاستقرار الحكومي من حين إلى آخر، يعود إلى الموقف من سوريا بين فريق من القوى السياسية يؤيد عودة العلاقات السورية مع لبنان إلى طبيعتها وكما كانت عليه، وفريق يعارض عودة لبنان إلى تلك العلاقات.
وختم السفير أن سرعة تأثر الاستقرار الحكومي لدى طرح أي موضوع متصل بسوريا جعل الكثير من الدول الأوروبية الغربية تشكك بإمكان انطلاقة مؤتمر سيدر أو مقررات مؤتمر روما لتسليح الجيش ووضع خريطة طريق لإعادة النازحين إلى ديارهم.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.