«مغادرة نيفرلاند»... حكاية صبيين في مزرعة مايكل جاكسون

يسردان في فيلم وثائقي معاناة تعرّضا إليها في طفولتهما

يعرض الفيلم في المسرح المصري ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي في يوتا (أ.ب)
يعرض الفيلم في المسرح المصري ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي في يوتا (أ.ب)
TT

«مغادرة نيفرلاند»... حكاية صبيين في مزرعة مايكل جاكسون

يعرض الفيلم في المسرح المصري ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي في يوتا (أ.ب)
يعرض الفيلم في المسرح المصري ضمن فعاليات مهرجان صندانس السينمائي في يوتا (أ.ب)

بعد انتهاء العرض الأول لفيلم «مغادرة نيفرلاند» في أواخر الشهر الماضي، في مهرجان صندانس السينمائي، وعندما انطلقت الأضواء، لم يعلم ويد روبسون ولا جيمس سايفتشاك في ماذا يفكران. فلقد وصف كلٌ منهما وبتفاصيل مريعة، خلال الفيلم الوثائقي الذي يستغرق 236 دقيقة، كيف تعرض لهما مايكل جاكسون بالإيذاء الجنسي والجسدي عندما كانا صغيرين. ولقد كانت المرة الثانية التي يشاهدان فيها ذلك الفيلم، إنما المرة الأولى وسط الجمهور.
أثناء الاستراحة، تساءل المخرج دان ريد، ما إذا كانا سيتمكنان من تجاوز المؤتمر الموجز الذي وعدا بحضوره بعد انتهاء عرض الفيلم الوثائقي. وقال سايفتشاك إن الأمر بدا وكأنه «لكمة قوية في الوجه». لكنهما بقيا جالسين وتابعا مشاهدة الفيلم، ليُفاجأ بعد انتهاء الفيلم بمئات الجماهير يقفون ويصفقون لهما بحرارة.
شق روبسون (36 سنة)، وسايفتشاك (40 سنة)، طريقهما إلى المسرح، في حالة من الصدمة بات أثرها يتلاشى من ذكريات ما حدث في ماضيهما، لكنهما تمكّنا من تجاوزها للاستمرار بالحياة. وقد استغرق الأمر منهما لحظات كي يدركا السبب، كانت المرة الأولى التي يجربان فيها دعم الجمهور وإسناده لرواية تسرد قصتهما.
كانت السنوات الفائتة مفعمة بالاضطراب لكلا الرجلين، خصوصاً بعد تقدّمهما للإبلاغ عن الإيذاء الجنسي، بعد وفاة مايكل جاكسون في عام 2009، وبعد أن قالا من قبل، وفي غير مناسبة، إن الأمر لم يحدث في الكلية. ولقد شهد روبسون مدافعاً عن مايكل جاكسون في محاكمة التحرش الجنسي عام 2005، مع تبرئته النجم الأميركي الكبير. وأفادت الدعاوى القضائية المعنية في مزرعة مايكل جاكسون بأن رفض النظر في الاعتداء الجنسي كان لأسباب إجرائية، على الرغم من أن الاستئناف لا يزال سارياً، ولا تزال مزرعته تزعزع من مصداقيتهما، وقد واجها تكذيبات كثيرة وتهديدات من المعجبين بمايكل، حسب قولهما. لذلك؛ عندما تواصل معهما المخرج ريد، في عام 2017، بشأن هذه القصة لسردها في فيلم وثائقي من إخراجه، كانا متحفظين لدرجة كبيرة ومفهومة، لكنهما قررا الالتقاء به والحديث إليه من باب الفضول.
قال جيمس سايفتشاك لوكالة «أسوشييتد برس» الإخبارية في اليوم التالي للعرض الأول للفيلم الوثائقي رفقة روبسون والمخرج ريد: «ساورني القلق بشأن من يحاول إثارة مشاعر الناس حول القصة. فهل يقصد هذا الرجل إخراج فيلم وثائقي يسترعي انتباه الناس لأنه يتعلق بمايكل جاكسون؟ أو لعله شخص يسعى لتلاوة قصة الناجين، والإيذاء الذي تعرضوا له، وما شابه ذلك؟».
كانت خبرة ويد روبسون كبيرة مع وسائل الإعلام من واقع عمله مصمماً شهيراً للرقصات، وارتباطه بشخصيات مثل بريتني سبيرز وإن سينك، وكان يتحلّى بحذر خاص، غير أنه وافق على دعوة الغداء.
من جانبه، قال روبسون: «شعرت بارتياح سريع حيال الرجل، وأحسست بأنه نزيه وصادق في تناوله الأمر».
لم تكن لدى المخرج ريد خطة أو جدول أعمال واضح. بل كان هناك للاستماع والتوثيق. لذلك؛ فقد وافقا على الأمر، فأجرى مقابلة مع روبسون لمدة ثلاثة أيام، من ثمّ مع سايفتشاك لمدة يومين.
يقول المخرج ريد: «أردت لعقلي أن يكون متفتحاً تماماً. ففي النهاية، ليس هناك فيديو مسجل لمايكل جاكسون وهو يسيء معاملة ويد وجيمس. وليست هناك صورٌ ملتقطة كذلك. لذلك؛ فإن كل ما عليك هو الاستماع للشخص والحكم على كلامه ما إذا كانت هناك حقيقة من عدمها».
ويوضح الفيلم كيف تسنّى لروبسون وسايفتشاك وعائلتهما الثقة البالغة في مايكل جاكسون في أوج شهرته في ثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي. ووقع الاعتداء المزعوم في سن السابعة لدى روبسون، وفي سن العاشرة لدى سايفتشاك. من ثمّ جاء ميعاد الصدمة اللاحقة في مرحلة المراهقة والبلوغ عندما بدأ كلاهما إدراك ما حدث معهما. كما أجريت المقابلات الشخصية مع والدتهما، وكذلك مع زوجتيهما، ومع اثنين من أشقاء روبسون.
وخلُص المخرج ريد إلى أنه لا حاجة إلى طرح المزيد من الأسئلة، لكنه تقدم ببعض النصائح: لا تتطوّعا لإبداء التعليقات، قولا ما حدث بتجرد تام. وكان للنصيحة وقع الهدوء النفسي لدى روبسون، الذي قال: «لقد واجهت بالفعل الكثير من المعاناة النفسية والشدة بشأن تلاوة حقيقة ما حدث، ومحاولة سرد الحقيقة المجردة، حتى صار الأمر غريزياً واعتيادياً بالنسبة لي لدرجة أنه صار لزاماً عليّ أن أوضح دائماً موقفي وأفسّر القصة، وأوضح ما لابسها من مشاعر شديدة ومتضاربة. وكانت نصيحة دان ريد بألا ننجذب إلى هذه الطريق الوعرة التي أسفرت عن تجربة قوية للغاية بالنسبة لي. فلقد تمكّنت من استحضار نفسي تماماً أثناء سرد قصتي؛ الأمر الذي كان له الأثر الشافي عليّ. ومجرد المرور عبر تلك المقابلة الشخصية العلنية صار مثل الشفاء الناجع لنفسي وروحي».
بيد أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى جيمس سايفتشاك. الذي قال بضحكة ساخرة مترددة: «أجل، كلا. لا أعتقد أنه شافٍ بالنسبة لي. بل كان عسيراً».
لكن كلاهما مسرور بأن قصتيهما ستجدان طريقهما للعلن قريباً، حتى مع تزايد ردة الفعل العكسية من جانب المعجبين، ومن عزبة مايكل جاكسون نفسه.
فلقد أدانت مزرعة النجم الكبير الفيلم الوثائقي ومحتواه بشدة، وهاجمت مصداقية كل من روبسون وسايفتشاك، فضلاً عن المخرج دان ريد؛ لعدم إدراج أصوات شخصيات أخرى كانت تعرف مايكل جاكسون جيداً.
وقال المخرج ريد: «إنها قصة هاتين الأسرتين وليست عن الشخصيات الأخرى كافة التي تعرضت أو لم تتعرض للإيذاء من قبل مايكل جاكسون. كيف يمكن لمقابلة شخصية مع إنسان من أصدقاء مايكل جاكسون ولا يعرف شيئاً عن الأمر أن تساعدني في تلاوة هذه القصة تحديداً؟ وحقيقة أنه لم يكن يعتدي على الأطفال لساعات مطولة من اليوم لا تعني أنه لم يكن كذلك في أوقات أخرى».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.