11 اتفاقية تعاون و4 تراخيص لشركات هندية للاستثمار في السعودية

على هامش زيارة ولي العهد لنيودلهي

11 اتفاقية تعاون و4 تراخيص لشركات هندية للاستثمار في السعودية
TT

11 اتفاقية تعاون و4 تراخيص لشركات هندية للاستثمار في السعودية

11 اتفاقية تعاون و4 تراخيص لشركات هندية للاستثمار في السعودية

شهد الملتقى السعودي - الهندي الذي انطلقت أعماله اليوم (الأربعاء)، بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز للهند، توقيع 11 اتفاقية تعاون ومنح 4 شركات هندية تراخيصاً للاستثمار في السعودية.
ويأتي الملتقى السعودي الهندي لتعزيز أواصر التعاون المشترك وتوثيق العلاقات الاقتصادية والثقافية بما يحقق أهداف التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
وشهد الملتقى توقيع محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر اتفاقيتين مع كل من "سوفت بنك" للتعريف بفرص الاستثمار في السوق السعودي، و"شركة أيون اكسجينج أريبيا" في قطاع معالجة وتوزيع المياه، كما شهد توقيع 9 اتفاقيات أخرى في قطاعات مختلفة منها المعادن والتنقيب، والترفيه، وصناعة الأدوية، والاتصالات وتقنية المعلومات.
ومنحت الهيئة العامة للاستثمار 4 تراخيص خدمية وصناعية وتجارية لشركات هندية لمزاولة نشاطها الاستثماري في السعودية.
وجاء انعقاد الملتقى بتنظيم من الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع المركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية واتحاد الصناعة الهندية (CII)، وشهدت أعماله حضوراً لافتاً وصل إلى 400 مشارك يمثلون قادة المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى في السعودية، والهند، وصناع القرار في المؤسسات الحكومية.
واستهل الملتقى أعماله بكلمة افتتاحية للرئيس التنفيذي للمركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية الدكتور فيصل الصقير، تناول فيها العلاقة الإسترتيجية بين المملكة والهند على كثير من الصعد، لافتاً إلى أن هناك فرصاً نوعية وواعدة لتوسيع القاعدة الاستثمارية بين البلدين.
وعلى هامش أعمال الملتقى، أكد محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر، أهمية العلاقة بين الجانبين وعمقها الاستراتيجي والتاريخي في العلاقات الاقتصادية الثنائية، ودورها في دعم الأهداف الشاملة للتنمية الاقتصادية المستدامة التي تتطلع إليها المملكة ضمن رؤيتها 2030.
وأوضح أن السعودية أطلقت 500 مبادرة إصلاح اقتصادي، نُفّذ منها إلى اليوم ما نسبته 45% من المبادرات، حيث أسهمت في تفعيل دور الهيئة العامة للاستثمار بفتح فرص الاستثمار الأجنبي في مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن جذب الاستثمارات من خلال فتح باب الملكية الأجنبية بنسبة 100% في مجموعة القطاعات الجديدة، وتسهيل اصدار تأشيرات العمل في غضون 24 ساعة، ومنح التراخيص اللازمة للشركات خلال يوم واحد.
من جانبه، قال وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لقطاع جذب وتطوير الاستثمار سلطان مفتي، إن السعودية تشهد حالياً مرحلة جديدة من التغييرات التنموية والاقتصادية الواعدة، تسهم في دعم النمو الاقتصادي بشكل مستدام، إضافة إلى إسهامه في الاقتصاد العالمي.
وفي سياق متصل، شارك كل من الرئيس التنفيذي لـ "سابك" يوسف البنيان، والرئيس التنفيذي لـ "أرامكو" أمين الناصر، ورئيس مجلس إدارة الشركة الهندية للبترول المحدودة سنجيف سينغ، ورئيس مجلس إدارة شركة "ويبرو" لاستشارت تقنية المعلومات عظيم بريمجي، في جلسة تناولت الفرص والتحديات على مستوى القطاعات التنموية، وأدارها فيكاس كاشول، شريك مؤسسة خدمات الاستشارات الإدارية "أيه تي كيرني" العالمية، حيث ركزت نقاشات الجلسة على الإمكانات والتوجهات في القطاعات الناشئة في إطار رؤية المملكة 2030.
من جهة آخر، عقد مجلس الأعمال السعودي - الهندي المشترك اجتماعه اليوم في نيودلهي، حيث ناقش أجندة العمل للفترة القادمة من خلال الأعمال التجارية والصناعية، والعمل على تنسيق الزيارات المتبادلة بين البلدين للوفود المتخصصة في المجالات الاستثمارية، مع التركيز على الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات النفط والغاز والسياحة والمعادن والرعاية الصحية وتقنية المعلومات والبنية التحتية.


مقالات ذات صلة

«السيادي» السعودي يدعم مشاريع مليارية مؤهلة ترسم ملامح مستقبل أكثر استدامة

الاقتصاد أحد مشاريع الطاقة الشمسية في السعودية (واس)

«السيادي» السعودي يدعم مشاريع مليارية مؤهلة ترسم ملامح مستقبل أكثر استدامة

تمكن صندوق الاستثمارات العامة السعودي من تحقيق التخصيص الكامل لحصيلة سنداته الخضراء، موجهاً 9 مليارات دولار لدعم المشاريع المؤهلة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد أحد المصانع في السعودية (واس)

إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي» لتطوير الصناعة في السعودية

أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية إطلاق مبادرة «تقنيات التحوّل الاستثنائي»، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست».

«الشرق الأوسط» (الرياض )
خاص مشاريع عقارية في الرياض (واس)

خاص كيف أعادت قرارات 2025 رسم مستقبل السوق العقارية في الرياض؟

شهدت العاصمة السعودية الرياض عام 2025 تحولاً هيكلياً غير مسبوق في بنيتها العقارية، يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برؤية استباقية.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«التوازن العقاري» تضبط السوق وتدفع بمؤشرات إيجابية نحو التداولات في الرياض

بعد إعلان الهيئة الملكية لمدينة الرياض نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية علمت «الشرق الأوسط» أن بعض تلك الأراضي ستباع بأقل من 1500 ريال للمتر.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد وزير السياحة مع رئيس «أرامكو السعودية» يقوم بجولة في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في المنطقة الشرقية (الشرق الأوسط)

مشروعات سياحية بقيمة 9 مليارات دولار في شرق السعودية

شهدت المنطقة الشرقية حراكاً استثمارياً متسارعاً في القطاع السياحي، مدعوماً بأكثر من 650 مشروعاً سياحياً معتمداً بقيمة تتجاوز 12.7 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (الخبر )

الذكاء الاصطناعي يرسخ مكانته في صميم استراتيجيات الاستثمار لعام 2026

لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يرسخ مكانته في صميم استراتيجيات الاستثمار لعام 2026

لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)

مع دخول الأسواق العالمية عصر «الاقتصاد المعرفي»، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد قطاع تقني عابر أو ظاهرة مؤقتة، بل أصبح محركاً رئيسياً يُعيد تشكيل النظام المالي العالمي. فبفضل قدرته على تحسين الإنتاجية وإيجاد سلاسل قيمة جديدة، أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً أساسياً في تحديد نجاح الشركات. واليوم، تُقاس قوة الشركات ومرونتها بقدرتها على استخدام الحوسبة المتقدمة والخوارزميات الذكية للتفوق في بيئة اقتصادية وجيوسياسية معقدة.

وتُشير توقعات شركات الوساطة العالمية لعام 2026 إلى أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور محوري في استراتيجيات الاستثمار، مع توقع استمرار مكاسب مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي للعام الثاني على التوالي.

وقال محللو استراتيجيات «باركليز»: «نعتقد أن المخاوف من انهيار سردية الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، ونتوقع استمرار النمو الاقتصادي لعام آخر». ومع ذلك، يبقى مستوى المخاطر قائماً، إذ يمكن لمفاجآت التضخم، والتقييمات المرتفعة، والتوترات الجمركية أن تؤدي إلى تصحيحات، حتى مع توقع المحللين أن يواصل الذكاء الاصطناعي وخفض أسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» دعم السوق الصاعدة.

توقعات النمو الاقتصادي العالمي

يتوقع المحللون أن يكون النمو الاقتصادي العالمي قوياً، مع تقديرات تُشير إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة.

وتُشير استطلاعات «رويترز» إلى أن مؤشر «ستاندرد آند بورز» القياسي سيرتفع بنحو 12 في المائة، ليصل إلى 7.490 نقطة بحلول نهاية عام 2026، ما سيؤدي إلى تسجيل العام الرابع على التوالي من الارتفاع إذا ما انتهى عام 2025 بزيادة مماثلة.

توقعات كبرى شركات الوساطة لأداء الأسهم

ومن بين توقعات مؤشرات الأسهم لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لعام 2026، تتراوح تقديرات شركات الوساطة الكبرى بين 7.100 نقطة كما لدى «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش»، وصولاً إلى 8.100 نقطة وفق إدارة «أوبنهايمر أسيت».

وتشمل الشركات البارزة الأخرى «باركليز» (7.400)، و«يو بي إس غلوبال ريسيرش» (7.500)، و«غولدمان ساكس» (7.600)، و«مورغان ستانلي» (7.800) و«سيتي غروب» (7.700).

كما تشير تقديرات إدارة «ويلز فارغو إنفستمنت» إلى نطاق 7.400-7.600 نقطة، في حين يتوقع معهد «إيفركور آي إس آي» 7.750 نقطة.

توقعات النمو الاقتصادي حسب المنطقة

وتُشير التقديرات إلى أن النمو في الولايات المتحدة يتراوح بين 1.3 و2.4 في المائة، في حين تتراوح توقعات منطقة اليورو بين 0.8 و2.4 في المائة. أما المملكة المتحدة، فيتوقع أن يُسجل النمو بين 0.9 و1.2 في المائة، في حين النمو العالمي يتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة حسب الشركة المصدرة للتقديرات، بما يعكس توقعات إيجابية نسبية للنمو الاقتصادي العالمي مقارنة بالمناطق الرئيسية.

كما تُشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيبقى محفزاً رئيسياً لاستراتيجيات الاستثمار في 2026؛ حيث تدعم الابتكارات في هذا المجال النمو الاقتصادي وتُحافظ على جاذبية السوق الصاعدة، رغم وجود المخاطر المتعلقة بالتقييمات العالية والتوترات الجيوسياسية والتجارية.


انحسار التداول في الأسهم الأوروبية قبل عطلة الأعياد

مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
TT

انحسار التداول في الأسهم الأوروبية قبل عطلة الأعياد

مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)

تراجعت وتيرة التداول في الأسهم الأوروبية، خلال تعاملات يوم الأربعاء، بعد أن أنهى المؤشر العام جلساته السابقة عند مستوى قياسي، في ظل انحسار شهية المستثمرين قبيل عطلة الأعياد، ما أسهم في تقليص النشاط خلال أسبوع تداول قصير.

واستقر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي دون تغير يُذكر، مرتفعاً بنسبة 0.1 في المائة إلى 589.16 نقطة، بحلول الساعة 09:24 بتوقيت غرينتش، وفق «رويترز».

وسجل المؤشر مكاسب تُقارب 16 في المائة منذ بداية العام، متجهاً نحو تحقيق أقوى أداء سنوي له منذ عام 2021، بدعم من تراجع أسعار الفائدة، وزيادة الإنفاق الحكومي في ألمانيا، إلى جانب تحول المحافظ الاستثمارية بعيداً عن أسهم التكنولوجيا الأميركية ذات القيم السوقية المرتفعة.

ومن المتوقع أن تبقى أحجام التداول ضعيفة مع دخول موسم العطلات، إذ من المقرر أن يغلق عدد من البورصات الأوروبية أبوابها أو تعمل بجلسات مختصرة. وستغلق أسواق أمستردام وبروكسل وباريس، في وقت مبكر، في حين ستبقى الأسواق في ألمانيا وميلانو مغلقة.

وسجلت أسهم الشركات المرتبطة بالسلع الأساسية ارتفاعاً طفيفاً، إذ صعد قطاع الطاقة بنسبة 0.3 في المائة، مع مواصلة أسعار النفط ارتفاعها للجلسة السادسة على التوالي.

كما ارتفعت أسهم شركات التعدين بشكل محدود، بعدما سجلت أسعار الذهب والفضة والبلاتين والنحاس مستويات قياسية، مدعومة بطلب قوي في الأسواق العالمية.

وقالت إيبك أوزكاردسكايا، كبيرة محللي السوق بشركة «سويسكوت»، إن العوامل الداعمة لأسعار المعادن، ومن بينها توقعات ارتفاع الدَّين الحكومي في عام 2026، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وتيسير السياسة النقدية، لا تزال تُبقي التوقعات إيجابية لأسواق المعادن على المديين المتوسط والطويل.

وأضافت أن الارتفاعات الحادة والسريعة للأسعار على المدى القصير قد تستدعي حدوث تصحيح سعري، وعدَّت أن ذلك سيكون صحياً للأسواق.

كان المؤشر الأوروبي القياسي قد سجل مستوى قياسياً جديداً في جلسة الثلاثاء، مدفوعاً بشكل أساسي بالأداء القوي لأسهم قطاع الرعاية الصحية، عقب حصول شركة «نوفو نورديسك» على موافقة تنظيمية أميركية حاسمة على دواء فموي لإنقاص الوزن. كما عززت المعنويات بيانات أظهرت نمواً أسرع من المتوقع للاقتصاد الأميركي خلال الربع الثالث، ما دفع المستثمرين إلى تقليص بعض رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قِبل «الاحتياطي الفيدرالي»، رغم تأجيل الإعلان الرسمي بسبب إغلاق حكومي.

وتترقب الأسواق توجهات السياسة النقدية الأميركية في العام المقبل، وسط توقعات بأن يميل الرئيس المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى نهج أكثر تيسيراً. في المقابل، تبدو آفاق السياسة النقدية الأوروبية أكثر تشدداً حتى عام 2026، بعدما أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير، الأسبوع الماضي، في إشارة إلى اقتراب نهاية دورة التيسير النقدي، واحتمال اتساع الفجوة مع سياسة «الاحتياطي الفيدرالي».

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفع سهم شركة «بي بي» بنسبة وصلت إلى 1.4 في المائة قبل أن يقلص مكاسبه، عقب موافقتها على بيع حصة قدرها 65 في المائة بشركة «كاسترول» لصالح شركة الاستثمار «ستونبيك»، في صفقة تُقدّر بنحو 6 مليارات دولار.


رحلة «الرعب المربح» في «وول ستريت»... كيف نجا المستثمرون من عواصف ترمب؟

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

رحلة «الرعب المربح» في «وول ستريت»... كيف نجا المستثمرون من عواصف ترمب؟

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

بين الخوف من التوقعات وقوة النتائج، يودّع المستثمرون عام 2025، وهو عام سيبقى في الذاكرة بوصفه «عام الرعب المربح». فقد كان عاماً استثنائياً شهد تقلبات حادة في «وول ستريت»، بسبب مزيج من العوامل المقلقة، أبرزها الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، وتقلب مسار أسعار الفائدة، إلى جانب المخاوف من تضخم فقاعة الذكاء الاصطناعي. ورغم هذه الاضطرابات، أثبتت الأسواق مجدداً أنها تكافئ المستثمرين الصبورين؛ إذ خرجوا من تحمّل التقلبات واحتفظوا باستثماراتهم رابحين في نهاية المطاف.

وفي مشهد يعكس متانة الاقتصاد الأميركي، لم تكتفِ صناديق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، التي تُعد ركيزة أساسية لحسابات التقاعد (401k)، بالصمود أمام التقلبات، بل حققت أداءً قوياً، مسجلةً عائداً تجاوز 18 في المائة حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول). ومع تسجيل المؤشر مستوى قياسياً جديداً في 11 من الشهر نفسه، أنهى عامه الثالث على التوالي بمكاسب قوية، مؤكّداً أن فترات الاضطراب كثيراً ما تُخفي فرصاً مهمة لبناء الثروة.

حاويات شركة «يانغ مينغ» التايوانية مكدسة في ميناء لوس أنجليس (أ.ب)

مفاجآت أسواق المال في 2025

تقلبات الرسوم الجمركية

أثارت الرسوم التي أعلنها ترمب في يوم «التحرير» في أبريل (نيسان) مفاجأة كبرى؛ إذ كانت أشد مما توقعه المستثمرون. فقد تسببت على الفور في مخاوف من ركود محتمل وارتفاع التضخم، إذ هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة نحو 5 في المائة في 3 أبريل، مسجلاً أسوأ يوم منذ أزمة كورونا 2020، ثم انخفض بنسبة 6 في المائة في اليوم التالي بعد رد الصين، مما أثار المخاوف من حرب تجارية متبادلة.

وتجاوز تأثير الرسوم سوق الأسهم، إذ تراجعت قيمة الدولار الأميركي، وانتشرت المخاوف حتى في سوق سندات الخزانة الأميركية، التي تعد من أكثر الأسواق أماناً في العالم. وعلى أثر ذلك، أوقف ترمب تطبيق التعريفات مؤقتاً في 9 أبريل بعد ملاحظة توتر سوق السندات الأميركية، مما أعاد الهدوء إلى «وول ستريت»، وتبع ذلك اتفاقات مع دول لتخفيض التعريفات المقترحة على وارداتها.

وشهد الصيف ارتفاعاً ملحوظاً بفضل التفاؤل حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتقارير أرباح قوية من الشركات، كما دعمت السوق ثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي». ومع ذلك، لا تزال المخاوف التجارية تهز الأسواق، فقد أعاد ترمب التوتر في أكتوبر (تشرين الأول) مع تهديدات بزيادة التعريفات على الصين.

صراع ترمب و«الفيدرالي»

مفاجأة أخرى كانت مدى تدخل ترمب الشخصي لدفع «الاحتياطي الفيدرالي» إلى تخفيض أسعار الفائدة. فلطالما عمل «الاحتياطي الفيدرالي» بشكل مستقل عن الحكومة، مما يمنحه حرية اتخاذ قرارات صعبة لكنها ضرورية لاستقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

مؤتمر صحافي لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يُعرض على شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك 10 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ويضع الإبقاء على أسعار الفائدة في مستويات مقيدة، الاقتصاد أمام معادلة صعبة؛ فهو كفيل بكبح جماح التضخم، لكنه في الوقت ذاته يهدد بتباطؤ النمو، مما يثير حفيظة السياسيين المتأهبين لاستحقاقاتهم الانتخابية. ومع بقاء التضخم عصياً على الانحناء أمام مستهدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، تمسك البنك المركزي بنهج «التثبيت الموغل في الحذر» حتى أغسطس (آب)، وهي الخطوة التي أجّجت صداماً علنياً مع الرئيس ترمب؛ إذ رأى فيها الأخير عائقاً أمام طموحاته، رغم أن سياساته التجارية ذات المنزع الحمائي كانت هي المحرك الأول لمخاوف التضخم التي كبلت يد «الفيدرالي».

وهاجم ترمب رئيس «الاحتياطي» جيروم باول، ووصفه أحياناً بلقب «متأخر جداً»، ووصل التوتر إلى ذروته في يوليو (تموز) عندما انتقد ترمب إدارة تكاليف تجديد مقر «الاحتياطي الفيدرالي» أمام الكاميرات، فيما رد باول بهز رأسه.

وعلى الرغم من حب «وول ستريت» لأسعار الفائدة المنخفضة، فإن هذه الهجمات الشخصية أثارت بعض القلق بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»، مع انتهاء ولاية باول كرئيس في مايو (أيار)، وارتفاع التوقعات بأن ترمب سيختار خليفة أكثر ميلاً لتخفيض الأسعار.

الأداء العالمي وتقلبات العملات الرقمية

لم يمتد شعار «أميركا أولاً» إلى الأسواق العالمية، فحتى مع ارتفاع الأسهم الأميركية لتحقيق مكاسب مزدوجة الأرقام، فإن العديد من الأسواق الأجنبية سجلت أداءً أفضل. وأسهمت طفرة التكنولوجيا، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، في رفع مؤشر «كوسبي» الكوري لأعلى مستوى خلال أكثر من عقدين، فيما سجلت اليابان مكاسب مزدوجة الأرقام للمرة الثالثة على التوالي مدعومة بالاستثمارات في الذكاء الاصطناعي وحزمة تحفيز بقيمة 135 مليار دولار. كما شهدت الأسواق الأوروبية عاماً قوياً، حيث عززت خطط ألمانيا لزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، النمو، فيما أسهمت تخفيضات البنك المركزي الأوروبي للفائدة في النصف الأول من العام في دعم الأسواق الأوروبية.

متداول عملات يراقب شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» في مقر بنك «هانا» بسيول (أ.ب)

ورغم تقلباتها المعهودة، استطاعت العملات الرقمية مفاجأة المستثمرين. وهبطت «البتكوين» في بداية العام مع ابتعاد المستثمرين عن المخاطرة بسبب سياسات ترمب التجارية، لكنها عاودت الارتفاع مع دعم البيت الأبيض والكونغرس العملات الرقمية، وإطلاق عائلة ترمب مشاريع في هذا المجال. ووصل سعر «البتكوين» إلى نحو 125000 دولار في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم انخفض سريعاً إلى نحو 89400 دولار، متراجعاً نحو 28 في المائة عن ذروته و4 في المائة دون مستواه في بداية العام.

التوقعات لعام 2026

يتوقع عديد من المستثمرين استمرار المكاسب في 2026، مع توقع استمرار الاقتصاد في النمو وتجنب الركود، مما سيدعم أرباح الشركات الأميركية. ويتوقع محللو «فاكت ست» نمو أرباح السهم لشركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 14.5 في المائة في 2026، مقارنةً بـ12.1 في المائة في 2025.

ومع ذلك، تستمر بعض المخاوف، خصوصاً بشأن ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستترجَم إلى أرباح حقيقية، وهو ما قد يضغط على أسهم شركات مثل «إنفيديا» و«برودكوم».

ولا تقتصر المخاوف على أسهم الذكاء الاصطناعي، فأسعار الأسهم بشكل عام تبدو مرتفعة مقارنةً بالأرباح، مما يدفع خبراء «فانغارد» إلى تقدير عوائد سنوية للأسهم الأميركية تتراوح بين 3.5 في المائة و5.5 في المائة على مدى العقد المقبل. كما ترى «سافيتا سوبرامانيان» من بنك «أوف أميركا» أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قد يرتفع بمعدل أقل من نصف نمو الأرباح في 2026، نتيجة تراجع عمليات إعادة شراء الأسهم وتقليص البنوك المركزية العالمية لتخفيضات الفائدة.