الروائي المصري يحيى مختار: عالم النوبة تستحيل استعادته إلا بالكتابة

كرس مشروعه الروائي لحكاياتها وأساطيرها

يحيى مختار
يحيى مختار
TT

الروائي المصري يحيى مختار: عالم النوبة تستحيل استعادته إلا بالكتابة

يحيى مختار
يحيى مختار

يعد الكاتب المصري يحيي مختار أحد أعمدة أدب الجنوب، أو ما درج على تسميته «الأدب النوبي»، فقد ولد بين حكايات النوبة وأساطيرها، وعاش سنوات طفولته يتنفس هواءها الجنوبي الدافئ الحار، وارتبط اسمه وعالمه الروائي والقصصي بهذه الحكايات، التي لا تزال تشكل مسرحه الخاص، بخصوصيتها كمكان وتاريخ. إنه لا يزال متشبثاً بذاكرة قريته «الجنينة والشباك» التي غادرها وهو ابن سبع سنوات ليلحق بأسرته التي رحلت إلى القاهرة، على أثر عملية التهجير للنوبيين التي رافقت بناء السد العالي في ستينات القرن الماضي.
في هذا الحوار مع «الشرق الأوسط» الذي أصر يحيي مختار (83) عاما أن يكتبه بخط يده، لعدم قدرته على استخدام الكومبيوتر، نتعرف على انطباعاته الخاصة بأدب الجنوب، ورأيه في مصطلح «الأدب النوبي»، وتأمله لمسرح أعماله الأدبية ومنها عمله «جبال الكحل» الذي يتناول عملية التهجير النهائية للنوبيين، وارتباطها بتوثيق التاريخ النوبي عبر الأدب. هنا نص الحوار:
> بداية ما رأيك بمصطلح «الأدب النوبي» ؟
- ليس هناك أدب نوبي بجوار الأدب المصري العربي ومختلف عنه. إن أي كتابة سواء كانت إبداعاً أو غير ذلك تنسب إلى اللغة التي كتبت بها، وما دام أن كتابتي باللغة العربية، فهي إبداع عربي، فليس هناك ما يسمى الأدب النوبي كما يدعي البعض، كما أنه ليس هناك أدب سيناوي وصعيدي وسكندري... الخ. لا ينبغي أن نرسخ دعاوى الاستعمار والصهيونية التي تسعى لتفتيت الأمة، ومع ذلك ينبغي أن أضيف أن هناك ثقافة نوبية مغايرة للأدب النوبي. وهذه الثقافة المعبر عنها باللغة العربية بلهجتيها «الفادجة والكنزية» والثقافة النوبية تشمل فيما تشمل الأغاني والحكاوي والأحاجي والأساطير والأمثال والحكم والعادات والتقاليد الخاصة المرتبطة بخصوصية الحياة من ميلاد وموت وأفراح، إضافة إلى الحرف اليدوية الخاصة بالبيئة والعمارة، فهي منظومة تعكس تراثاً غنياً وتضاف إلى الثقافة المصرية في شمولها كرافد من روافدها وجزء حي من مكونات نسيج الوجود المصري على مر العصور منذ العصر الفرعوني وحتى الآن.
> كرست مشروعك لقصص النوبة رغم انتقالك مبكراً للعيش في القاهرة. ألم تحرضك المدينة على إعادة النظر في هذا المشروع؟
- تمر بالإنسان في حياته تجارب كثيرة ومتنوعة، ويمكن أن يكون منها ما هو جدير بل مثير للكتابة، لكن الحياة في النوبة تختلف جذرياً عن حياة المدينة. لن أكرر مقولة اللغة المغايرة ولا العادات ولا الثقافة المختلفة، ولكن يكفي أن أقول: إن تلك التجارب والأحداث والحياة المتنوعة والغنية لم يتم التعبير عنها ولا تناولها أحد سوى صديقي الراحل المناضل محمد خليل قاسم بروايته الفريدة «الشمندورة» التي أبدعها في سجن الواحات في النصف الأخير من الستينات في الوقت الذي كنت أستكمل أدواتي وأكتب قصصا قصيرة لا تمت للنوبة بصلة. هكذا لم يتصد للكتابة الروائية أو القصصية عن النوبة أحد قبل قاسم. نعم هناك شعراء أبدعوا شعرا عربيا عن النوبة وقاسم من بينهم، وجئت أنا بعده فقط بنحو خمس سنوات، وبعدنا جاء أدباء من النوبة للكتابة عنها، وأرى أن النوبة في حاجة إلى كتيبة من المبدعين لاستيعاب تجاربها، لكن هذا حلم صعب تحقيقه لأن الأجيال الجديدة من الكُتاب لم يعيشوا النوبة في قراها القديمة قبل السد، لن يكتب أحد عن عالم عاشه قبل أن يختفي تحت بحيرة ناصر، عالم يستحيل استعادته إلا بالكتابة، إنها كتابة الذاكرة، كتابة ليست مخلوقة من العدم أو محض خيال كما فعل الروائي الأميركي الشهير «وليم فوكنر» الذي اخترع مقاطعة لا وجود لها في الجنوب الأميركي وجعلها مسرحا لكل إبداعاته لتحتضن «سارتوريس» و«الصخب والعنف» و«قداسة الراهبة» وغيرها. لذلك أعتبر كتابتي عن جذوري محاولة لدمج النوبة في النسيج المكون للوطن.
> ما رأيك في تعبير «أدب الأقليات»؟ وهل يمكن تصنيف أدب النوبة ضمن هذا السياق؟
- الأدب القادم والمعبر عن النوبة ليس أدب أقليات. أعلم جيداً أن أي نوبي لا يشعر بأنه من «الأقليات» في وطنه. إنه عنصر فعال ممتزج بعمق في نسيج الشعب بكل فئاته. التنوع الثقافي في أي وطن يثريه ما دام لا يرتكز على عرقية متعصبة أو شوفينية بغيضة. فالنوبي كما يتحدث النوبية يتحدث العربية، ويؤمن بانتمائه لمصر كوطن، وهذا الانتماء ممتد منذ العصور القديمة، لقد أوضح ذلك الدكتور سيد ضيف الله أستاذ اللغة العربية والنقد بالجامعة الأميركية في دراسة مهمة بعنوان «التمازج الثقافي والهوية الصورية للنوبة» تناول فيها مجمل كتاباتي كمعبر عن هذا التمازج، وقال: «وجدت أنه أكثر الكتاب المصريين النوبيين قدرة على رصيد الهوية في تحولاتها، وكروائي أكثر رحابة وإنسانية من فكرة الانتماء العرقي النوبي».
وعلى الرغم من عزلة النوبة التي فرضتها الجغرافيا بحكم موقفها بين جندلين في النهر عند أسوان شمالا ووادي حلفا جنوبا، إضافة لخصوصية لغة مختلفة تماماً، فإنها لم تكن في يوم من الأيام إلا جزءا فاعلا ومنتميا للوطن مصر، كما أن الاستعمار الإنجليزي لمصر والسودان لم يستطع أن يبذر الفتنة وشق الشعب عندما سمى النوبيين بـ«البرابرة»، وأنهم «لا سودانيون ولا مصريون». وكمثال على ذلك عائلتنا، فعندما اطلعت على شهادة ميلاد والدي المدونة بتاريخ 1897 وجدت في خانة الجنسية «بربري»، وبناء على ذلك لا يحق للنوبيين «البرابرة» أن يجندوا في الجيش المصري ليدفعوا ضريبة الدم كمواطنين دفاعا عن مصر. استمر هذا الوضع حتى تمكن المحامي النوبي سليمان عجيب، عضو حزب الوفد في أول برلمان بأغلبية وفدية، من أن يحصل لنا نحن النوبيين على حق الانخراط في جيش الوطن، وأن ندفع ضريبة الدم كسائر المواطنين.
> تعاملت مع تراث النوبة بكثير من الحس الصوفي والغيبي، فأضفت إليه أسطورية خاصة ميزت مشروعك. من أين استمددت هذا التصور؟
- في عالم النوبة المحدود والمعزول بالجغرافيا واللغة يتحقق مجتمع الفطرة، لغة قديمة منذ آلاف السنين، ظلت باقية وصامدة حتى القرن الحادي والعشرين، وما زالت باقية بقوة أكبر في النوبة السودانية، ولم تستطع العربية أن تقضي عليها، وإن كانت أضعفتها في النوبة المصرية، فأوجدت ثنائية لغوية تنفرد بها النوبة في عمومها في مصر والسودان.
اللغة النوبية بعراقتها وبما تحمله من إرث إنساني على مر الدهور لا بد أن تشيع فيها الخرافة والأسطورة من بكارة العقل البشري، والإنسان الأول يحاول أن يفهم وجوده البكر ويتعامل مع واقع يريد أن يفهمه حتى ولو كانت هذه الأساطير وصلتنا بها غير مكتملة، بل شظايا متبقية من تلك العهود القديمة. تسود في المجتمع النوبي قديما وحديثا الرقة البالغة والعنف أيضاً، والسلام والأمان والهواجس الكابوسية. إنه عالم من طراز خاص امتزجت فيه الديانات القديمة من عبادة الأصنام إلى عبادة مظاهر الطبيعة، إلى عبادة الملوك والفراعنة وبعدها الديانات السماوية، فأوجدت حالة من الخصوصية قلما توجد في بقاع أخرى من العالم. أما ما يخصني، فكان هناك تأثير عميق لثقافتي الدينية كابن رجل كان ميرغنيا خاتميا من أتباع قطب الأقطاب سر الختم الميرغني.
> ألهذا كانت الهجرة للشمال ضرورة وجود وحياة ؟
- نعم، كان لا بد لي من الهجرة شمالاً لأتعلم، ولتمتزج هذه الثقافة الدينية العميقة بكل تجلياتها الروحية مع الثقافة الحديثة بتنوعاتها الفاعلة. جئت إلى الشمال حاملاً في أعماقي ما أشاعته تلك الرؤى الروحية، وما أشاعته الموالد لأولياء الله من عمق الصلة بالسماء، إيمان فطري عميق متسق مع ما انحدر على مر العصور منذ الفراعنة، ذلك الاحتفاء بالآخرة والبعث والحساب، وليكون إدخالي في الكتّاب لتعلم العربية وحفظ القرآن تمهيداً لالتحاقي بالمدرسة الابتدائية، ما عزز يقيني وإيماني بالرسالات السماوية وليتراكم في وجداني كل ما تشربته في «الجنينة والشباك» من الموالد مهتزاً مع المداحين والمنشدين والذاكرين رغم أنني لم أكن واعياً لمفردات أناشيدهم.
كل ذلك كان تمهيداً ضرورياً لأن أتجه للقراءة في التصوف، وإن كنت لم أبحر فيه كثيراً، وكما يدخل في مكوناتي الثقافية خلاف تلك الموروثات حكايات جدتي لأمي وجدتي لأبي، حيث هناك الفراغ حبل طويل بلا نهاية، وثمة علاقة غريبة ناشبة بيننا جميعاً مع النيل وما يحمله تاريخه من طقوس أسطورية.
> من خلال مذكرات مدرس التاريخ شيدت عالم «جبال الكحل»... لماذا اخترت المذكرات كقالب للحكي؟
- رواية «جبال الكحل» تتناول عملية التهجير النهائية للنوبيين، بعد الهجرات السابقة على ضفتي النيل التي تمت عند بناء «خزان أسوان» عام 1902 ثم التعلية الأولى عام 1912 ثم الثانية عام 1933، وكان التهجير الذي تم عام 1964 مع بناء السد العالي هو اقتلاع النوبيين من جذورهم التي عاشوا فيها منذ كان الإنسان الأول وبدء الحياة حول مجرى النيل، إنه حدث كوني بكل معنى الكلمة، 45 قرية عاش فيها النوبيون خلال تلك القرون الطويلة من شمال أسوان وحتى تخدم وادي حلفا، بل وهُجر نوبيو وادي حلفا السودانيون إلى «خشم القربة» شرقي السودان الشقيق، ولتحتل بحيرة السد كل أراضي النوبة المصرية على طول 350 كيلومتراً.
لم يكن من الممكن التعبير أو تناول هذه التجربة الفريدة في تاريخنا إلا من خلال مذكرات شخص متعلم واعٍ، عاش هذه التجربة وعاناها تماما والتي لا تزال في حاجة للكثير من الكتابة لاستيعابها بكل تداعياتها الإنسانية.
الرواية جاءتني على شكل مذكرات مما عشته فعلا هناك، في قريتي «الجنينة والشباك» ثم تغلغلت الأحداث في كياني فوثقتها كتابة قدر ما استطعت بتجرد وموضوعية لحسابه هذا الحدث القومي المؤثر في مسيرة وطننا للتقدم والتطور، هذا إضافة إلى أن كل الأرقام الواردة صحيحة وموثقة، كذلك الإحداث التي وقعت بالفعل، كما توضح الرواية الخطايا التي ارتكبت في التهجير، وموقف النوبيين الذين رحبوا بالانتقال شمالا في وطنهم خلاصا من العزلة والإهمال، ورددوا الأغاني مدحا في جمال عبد لناصر الحاكم الوحيد الذي زارهم في ديارهم.
فهناك قصدية في التوثيق لا يتيحها في ظني سوى تكنيك المذكرات التي ترصد بقدر الإمكان أهم أحداث التهجير، وينبغي أن نؤكد أن النوبيين قدموا لوطنهم أعظم التضحيات لمدة قرن كامل منذ بناء «خزان أسوان» عام 1902 وحتى الاقتلاع الكامل عام 1964 وهذا ما لم يقدمه أي إقليم من أقاليم الوطن.
> هل ترى أن هناك اهتماماً بتراث النوبة بشكل عام في الوقت الراهن؟
- هذه قضية تحمل إشكالية معقدة. هناك اهتمام وهناك إهمال. الاهتمام يتمثل بعدة مظاهر، فالنوبيون منذ ما قبل بناء (خزان أسوان) كانوا على صلة وتزاور وعمل في مدن شمال الوطن، وعندما زادت الهجرة للشمال، نتيجة لقلة الموارد الطبيعية لتحقيق احتياجات المعيشة وتقلص الرقع الزراعية بعد الخزان وإهمال حكومات الشمال، قام مواطنو كل قرية من الذين وفدوا للقاهرة والإسكندرية والمدن الأخرى بإنشاء وتكوين جمعيات خيرية لكل قرية تحمل اسمها، ومن مظاهر امتداد الاهتمام أيضا بعد التهجير إنشاء جمعية التراث النوبي عام 1982، كما تم اكتشاف أو الوصول إلى حروف لكتابة اللغة النوبية بلهجتها (النمادجة والكنزية) بعدما فقدت حروفها الأصلية القديمة نتيجة للغزوات والحروب بين مماليك النوبة القديمة والغزوات الرومانية والبطلمية ودخول المسيحية على أيدي اليعاقبة... الخ. لكن فيما يخص رأيي الشخصي في هذا الصدد فإن النوبة المصرية في طريقها للاندثار لغة وعادات وتقاليد، فكل الأجيال التي ولدت في مدن الشمال من الوطن لا يتحدثون النوبية ولا يفهمونها، ولا يعرفون تراثهم. فقط مجرد شظايا من عادات اجتماعية وعلاقات أسرية.



لماذا ينصح الخبراء بتجنب الإيموجي في رسائل البريد الإلكتروني المهنية؟

استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
TT

لماذا ينصح الخبراء بتجنب الإيموجي في رسائل البريد الإلكتروني المهنية؟

استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)
استخدام الرموز التعبيرية في الرسائل المهنية قد يؤدي إلى نتائج عكسية (بيكساباي)

إذا كنت تضع في رسائلك الإلكترونية بعض العبارات، أو التعبيرات (الإيموجي)، فإن ذلك يقلل من جديتها، وفقاً لخبراء.

وأفاد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الاعتذارات غير الضرورية، والوجوه الضاحكة، وعلامات التعجب، وحتى القبلات، تقلل من جدية الرسائل الإلكترونية في العمل.

الوجوه التعبيرية

وعلى الرغم من أن الكثير يستخدم تلك الوجوه التعبيرية، للتعبير عن الود، والتعاون، فإنه وفقاً لخبراء قد تُضعف هذه العادات اللغوية، دون قصد، مدى جدية تعامل الزملاء في العمل.

تشرح هانا سالتون، مدربة التطوير المهني، وويليام هانسون، مدرب الإتيكيت، سبب كتابة الكثيرين منا بهذه الطريقة، وتأثير ذلك على نظرة الآخرين إلينا، وحتى على فرص ترقيتنا في العمل.

علامات التعجب

ووجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي التجريبي أن النساء يستخدمن علامات التعجب أكثر بثلاث مرات من الرجال.

وتعتقد هانا أن ذلك يعود على الأرجح إلى فكرة أن «النساء غالباً ما يُحكم عليهن بقسوة أكبر من الرجال عندما يكنّ صريحات، ويُطلق عليهن لقب متسلطات، وغير ذلك من الكلمات السلبية المرتبطة بالجنس».

وتحذر هانا من أنه بينما لا تُمثل علامة التعجب الواحدة مشكلة، فإن التأثير التراكمي قد يكون كذلك. وتوضح قائلة: «إذا بدت علامات التعجب مُصطنعة، أو وكأنها تُخفي انعدام الثقة، فقد تؤثر على المصداقية».

الرموز التعبيرية تحمل دلالات لقلة الخبرة

ويلجأ الكثيرون إلى استخدام الرموز التعبيرية للتعبير عن ودهم، أو روح الدعابة لديهم، ولتجنب سوء الفهم، لكن خبير الإتيكيت ويليام هانسون يحذر من أن هذا قد يأتي بنتائج عكسية، ويقول: «قد يحمل الرمز التعبيري الواحد معاني مختلفة لدى مختلف الأشخاص، أو معنىً غير مقصود على الإطلاق».

وينصح قائلاً: «من الأفضل استخدام الكلمات، وإتقان اللغة الإنجليزية»، ويضيف أن الرموز التعبيرية قد تحمل دلالات طفولية، مما قد يدفع الآخرين إلى اعتبارك أصغر سناً، أو أقل خبرة، أو أقل كفاءة، أو أقل مسؤولية.

ويؤكد: «لا أنصح باستخدام الرموز التعبيرية في رسائل البريد الإلكتروني. يمكنك أن تكون ودوداً في كتابتك، وأن تحافظ على مهنيتك في الوقت نفسه». أما فيما يتعلق بختم الرسائل بقبلة، فيقول: «لن أضع قبلة في نهاية أي بريد إلكتروني إلا إذا كنت سأقبلهم على خدّهم في الواقع».

عبارات ذات معنيين

قد يؤدي استخدام لغة لطيفة إلى إضعاف السلطة، وتقول هانا إن رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمن عبارات تطمينية قد تُفسر على أنها استخفاف بالنفس، مضيفةً أن هذه النبرة، مع مرور الوقت، قد تُؤثر بشكل غير مباشر على نظرة الآخرين للشخص.

وتقول: «بصفتي مديرة، من الصعب تحقيق التوازن بين أن أكون محبوبة، ومحترمة، وإذا لم أكن صريحة، فهناك خطر إعطاء انطباع بأنني أقل كفاءة». وتضيف: «بالتأكيد هناك أوقات قد تجعلك فيها المبالغة في الاعتذار أو التردد في التواصل تبدو أقل تأثيراً». وتقول هانا: «الكثير من ذلك يحدث دون وعي. لا أحد يقرأ بريداً إلكترونياً ويفكر: (أوه، إنهم لا يثقون بأنفسهم)، الأمر أكثر دقة من ذلك». وتختتم قائلة: «لكن إذا كنت تتواصل باستمرار بطريقة تُرضي الآخرين، فقد يُكوّن ذلك انطباعاً بأنك شخص لا يثق بنفسه، أو أنه ربما أقل كفاءة».

اسأل الذكاء الاصطناعي

يؤكد كل من هانا وويليام أن الأمر لا يتعلق بإزالة كل الدفء، أو الطابع الشخصي من التواصل المهني. وتقول هانا: «الأسلوب الشخصي مهم. إظهار شخصيتك في العمل ليس أمراً سيئاً. لا تريد أن تشعر بأنك مضطر لتصفية كل ما تكتبه، وإزالة أي طابع شخصي منه، ولكن في الوقت نفسه، لا ينبغي عليك استخدام كلمات ورموز معينة باعتبارها أداة لكسب الإعجاب».

وتضيف سالتون أن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون مفيدة أيضاً في مراجعة المسودات، وإزالة الكلمات الزائدة، أو المُطوّلة. وتقول سالتون إنّ إحدى الطرق العملية لاكتشاف هذه العادات والحدّ منها دون المساس بشخصيتك هي الانتباه إلى رسائل البريد الإلكتروني التي تتلقاها، وملاحظة تأثير الأساليب المختلفة عليها -ما يبدو واضحاً، وواثقاً، ومطمئناً، وما يبدو مبالغاً فيه.

ما يجب حذفه من رسائلك الإلكترونية

إليك بعض الأمور التي قد ترغب في حذفها لتبدو أكثر احترافية، كما يقترح الخبراء:

- كلمات مثل «فقط» («كنت أتأكد»، «كنت أتساءل»).

- اعتذارات استباقية مثل «آسف للإزعاج»، أو «أنا متأكد من أنك مشغول جداً، ولكن...».

- عبارات تأكيد مثل: «هل هذا واضح؟»، «أتمنى أن يكون هذا مناسباً»، أو «لا بأس على أي حال».

- علامات التعجب. والرموز التعبيرية. القبلات، أو عبارات الوداع المبالغ فيها.


«بين ضفّتين» من الأزرق: فاديا أحمد تُحوّل المتوسّط إلى جغرافيا نفسية

طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
TT

«بين ضفّتين» من الأزرق: فاديا أحمد تُحوّل المتوسّط إلى جغرافيا نفسية

طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)
طبقات من الأزرق تترك للعين أن تُكمل الحكاية (فاديا أحمد)

بين ضفّتين، لا يقف الإنسان دائماً على اليابسة. أحياناً يقف في الماء وفي المسافة التي لا تُعرَّف، حيث لا يكون الانتماء قراراً واضحاً. في هذا الوقوف المُراوغ، يتحوَّل الانتماء إلى حالة مُتقلّبة تتبدَّل مع الضوء والذاكرة ومع تغيُّر الأزرق نفسه. في معرضها الجديد، تفتح الرسّامة فاديا أحمد هذا الفضاء الأزرق، وتدع الزائر يعبُره بهدوء من دون أن تفرض عليه اتجاهاً أو تفسيراً جاهزاً.

الأزرق مسافة تُقطع بالنظر قبل أن تُقطع بالذاكرة (فاديا أحمد)

في الأعمال المعروضة، لا يظهر الأزرق لوناً جمالياً أو خياراً شكلياً. إنه حيّز نفسي يتكرَّر لأنه يعود، وذاكرة لا تتوقَّف عن إعادة طرح نفسها. تقول فاديا أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنّ الأزرق، بالنسبة إليها، «أكثر من لون. هو مساحة للتنفُّس وذاكرة لا تخبو، ومجال بين ما عشتُه وما لا أزال أبحث عنه». تكراره في الأعمال عودة دائمة إلى نغمة قديمة تظهر في لحظة جديدة، كأنّ اللون نفسه يتحرّك مع الزمن وليس خارجه.

هذا الأزرق لا يسعى إلى ابتكار لغة بصرية جديدة، بقدر ما يكشف عن لغة كامنة فيه لا تظهر إلا حين يتوقَّف المُتلقّي عن البحث عن المعنى المباشر، ويترك للصورة أن تتكلَّم بإيقاعها الخاص. في اللوحات التي تُحاكي البحر والسماء والماء المفتوح، لا حدود واضحة ولا خطوط فاصلة حادّة. كلّ شيء في حالة عبور. فالضوء ينساب والظلال تتداخل والمسافة بين الأعلى والأسفل تصبح سؤالاً بصرياً أكثر منها تركيباً هندسياً.

بحر بلا ضفاف واضحة كأنّ المكان يتردَّد في أن يكون وطناً (فاديا أحمد)

عبارة «بين ضفّتين» التي تحضر في عنوان المعرض، توصيف لحياة معيشة بين أماكن متعدّدة، بين لبنان وإسبانيا وأفريقيا، وبين الذاكرة والمنفى، وما تُرك خلفاً وما لا يزال يُحمَل في الروح. هذا العبور اليومي، كما تقول الفنانة، جعل نظرتها إلى العالم أقل يقيناً وأكثر إنسانية. فالانتماء، في تجربتها، حركة دائمة لردم المسافات، في الصورة كما في الذات.

من هنا، يمكن قراءة المعرض على أنه محاولة لإعادة التفكير في معنى الانتماء. هو عند فاديا أحمد ليس مفهوماً فكرياً أو تعريفاً نظرياً. إنه تجربة حسّية تصعب تسميتها. الانتماء، كما تراه، يتجاوز كونه مكاناً وشعوراً واضح الحدود، ليغدو توقاً واهتزازاً داخلياً. المعرض يدعو إلى الغوص في هذا الإحساس من دون وصاية.

هنا يتحوَّل المتوسّط من جغرافيا إلى حالة نفسية. البحر في الصور سكون وعمق، خوف وانفتاح، احتواء وقلق. هو، كما تصفه الفنانة، جغرافيا روحية ترى فيها حالات وجود. في بعض الأعمال، يبدو البحر أشبه برحم كونية، تحتضن أكثر مما تفصل وتجمع ما يبدو متناقضاً في الظاهر.

المتوسّط حالة نفسية أكثر منه جغرافيا (فاديا أحمد)

السؤال عن العودة حاضر بقوة. العودة هنا إلى مكان وعودة إلى الذات. وتكاد الفنانة ترى أنّ المحاولتين متداخلتان إلى حدّ يصعب فصلهما. فكلّ محاولة للعودة إلى الوطن تقود إلى مواجهة الذات، وكلّ محاولة لفهم الذات تُعيد طرح سؤال المكان. غير أن استعادة الذات في نظرها هي الأصعب، لأنها تتطلَّب شجاعة يومية وعملاً داخلياً لا ينتهي.

حين يغيب البشر تظلّ آثارهم عالقة في الضوء والفراغ (فاديا أحمد)

على مستوى الزمن، لا تتعامل فاديا أحمد مع الصورة على أنها أداة لتجميد اللحظة. تراها وسيلة لتفكيكها وإعادة ترتيبها. التصوير، بالنسبة إليها إعادة بناء الوقت. اللحظة المُصوَّرة شظايا زمنية يُعاد جمعها بطريقة تتيح رؤيتها بوضوح أكبر. من هنا، تحمل الصور إحساساً بالزمن المُعلَّق، كأنها لا تنتمي إلى لحظة واحدة، وإنما إلى سلسلة من اللحظات المُتشابكة.

صورة تُعيد ترتيب زمن اللحظة (فاديا أحمد)

ورغم غياب الأشخاص عن معظم الأعمال، لا يبدو المعرض خالياً من الحضور الإنساني. على العكس، تكمن إنسانيته في الأثر والفراغ، وفي المساحات التي تركها البشر خلفهم. فالصورة، كما ترى الفنانة، تصبح إنسانية حين تحمل نَفَساً، حتى وإن غاب الجسد. وأحياناً، يكون الغياب أكثر كثافة من الحضور وأكثر قدرة على استدعاء التجربة الإنسانية العميقة.

لا بداية واضحة ولا نهاية مؤكدة (فاديا أحمد)

معرض «بين ضفّتين» مساحة تتيح التأمُّل في العبور والانقسام والشعور الغامض بأنّ الإنسان يعيش دائماً بين مكانَيْن ويحمل كليهما في قلبه. يُقام في «نو شيف إنْ ذا كتشن» بمنطقة الصيفي البيروتية، ويقترح على زائره أن يتوقّف قليلاً وينظر، فيسمح للأزرق بأن يقوده إلى داخله.


ماسك أول شخص في التاريخ تتجاوز ثروته 600 مليار دولار

يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
TT

ماسك أول شخص في التاريخ تتجاوز ثروته 600 مليار دولار

يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)
يلون ماسك يشير بيده (أ.ف.ب)

أعلنت مجلة «فوربس» أن إيلون ماسك أصبح الاثنين أول شخص على الإطلاق تبلغ ثروته 600 مليار دولار، وذلك في أعقاب تقارير تفيد بأن شركته الناشئة «سبيس إكس» من المرجح أن تُطرح للاكتتاب العام بتقييم قدره 800 مليار دولار.

وأفادت وكالة «رويترز»، الأسبوع الماضي، بأن ماسك، الذي كان أول من تجاوز صافي ثروته 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول)، يملك حصة تقارب 42 بالمائة في «سبيس إكس» التي تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب العام المقبل.

وذكرت «فوربس» أن من شأن تقييم «سبيس إكس» أن يرفع ثروة ماسك 168 مليار دولار إلى نحو 677 مليار دولار اعتباراً من الساعة 12 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة اليوم.

وحصلت ثروة ماسك أيضاً على دفعة من حصته البالغة 12 بالمائة تقريباً في شركة «تسلا» لتصنيع السيارات الكهربائية التي قفزت أسهمها 13 بالمائة حتى الآن هذا العام على الرغم من تراجع المبيعات. وصعدت أربعة بالمائة تقريباً اليوم بعد قول ماسك إن الشركة تختبر سيارات روبوتية دون شاشات لمراقبة السلامة في مقعد الراكب الأمامي.

يظهر شعار شركة «سبيس إكس» وصورة إيلون ماسك (رويترز)

ووافق مساهمو «تسلا» في نوفمبر (تشرين الثاني) على خطة أجور بقيمة تريليون دولار لماسك، وهي أكبر حزمة أجور للشركات في التاريخ، إذ أيد المستثمرون رؤيته لتحويل شركة تصنيع السيارات الكهربائية إلى شركة عملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر تقرير إعلامي أن شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» تجري محادثات في مرحلة متقدمة لجمع 15 مليار دولار من طرح أسهم جديدة بتقييم يبلغ 230 مليار دولار.