«حزب الله» اعتذر عن الإساءة لبشير الجميل استجابة لإصرار عون ولتهدئة الشارع

TT

«حزب الله» اعتذر عن الإساءة لبشير الجميل استجابة لإصرار عون ولتهدئة الشارع

كشفت مصادر وزارية ونيابية مواكبة للاتصالات التي جرت فور قول النائب في «حزب الله» نوّاف الموسوي، أثناء انعقاد الجلسات النيابية المخصصة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري التي نالت على أساسه ثقة البرلمان، أن «بندقية المقاومة هي التي أوصلت العماد ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية»، وتلميحه إلى أن الرئيس الراحل بشير الجميل «انتخب رئيساً على ظهر دبابة إسرائيلية»، بأن اعتذار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد باسم الحزب، وطلبه شطب كلامه من محضر الجلسة، جاء بناء على إلحاح الرئيس عون، إضافة إلى احتجاج نواب حزبي «الكتائب» و«القوات اللبنانية» الذين تضامن معهم نواب كتلة «لبنان القوي» بزعامة «التيار الوطني الحر».
وأكدت المصادر الوزارية والنيابية نفسها أن الرئيس عون أبدى انزعاجه الشديد من الكلام الذي صدر عن النائب الموسوي، وأن قيادة «حزب الله» أُحيطت علماً بانزعاجه، وأن دوائر القصر الجمهوري في بعبدا لفتت إلى أنه لا لزوم لكل ما قاله الموسوي، سواء عن الرئيس عون، أو عن الرئيس الراحل بشير الجميل. وقالت إن انزعاج رئيس الجمهورية الذي تبلغته قيادة «حزب الله» تزامن مع أن الأخيرة لم تكن مرتاحة أبداً لكلامه، ورأت أنه لا يعبّر عن رأي الحزب، ويشكّل خروجاً عن المألوف في تعاطيه مع الأطراف السياسية.
وقالت المصادر هذه إن الموسوي عُوتب من قيادة الحزب على انفعاله، وبالتالي فهي أبدت انفتاحاً على الاتصالات التي شملت عدداً من النواب المنتمين إلى كتلة «الوفاء للمقاومة»، وأن ما قاله النائب رعد في مستهل الجلسة الأخيرة من جلسات المناقشة أدى إلى استيعاب الاحتقان السياسي من جهة، وإلى تهدئة ردود الفعل الغاضبة في الشارع المسيحي من جهة ثانية.
وعزت المصادر الوزارية والنيابية سبب انزعاج الرئيس عون من كلام الموسوي إلى أن قول الأخير بأن «بندقية المقاومة كانت وراء انتخابه رئيساً للجمهورية» يسبب إحراجاً للرئاسة الأولى حيال المجتمع الدولي في ضوء ما كان صدر من ردود فعل أميركية وأوروبية، فور إعلان نتائج الانتخابات النيابية في أول تعليق لها على هذه النتائج، معتبرة أن «حزب الله» يسيطر على البرلمان.
كما أن كلام الموسوي لا يخدم حرص رئيس الجمهورية على أن ينظر إليه المجتمع الدولي على أنه رئيس جامع، وانتخب من كتل نيابية عدة، من بينها كتلة «الوفاء للمقاومة».
ناهيك عن أن استحضار الموسوي لـ«بندقية المقاومة» في انتخاب عون شكّل إحراجاً لـ«حزب الله» الذي ينفي على الدوام اتهامات خصومه له بأنه يستخدم سلاحه في الداخل، وأن فائض القوة التي يتمتع بها ناجمة عن الاستقواء بسلاحه على اللبنانيين.
لذلك، فإن اعتذار رعد وطلب شطب كلام الموسوي من محضر الجلسة، جاء ليتجاوز إصرار نواب «الكتائب» و«القوات» و«التيار الوطني» على الاعتذار إلى رئيس الجمهورية الذي كان وراء الإسراع في تطويق ردود الفعل من خلال ما صدر عن رعد.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.