مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» لغز البحث عن الحب المطلق

تتناول المخاطر المخفية بين ثنائي مرتبط

مشهد من مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
مشهد من مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
TT

مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» لغز البحث عن الحب المطلق

مشهد من مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)
مشهد من مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية» (صفحة المخرج على «فيسبوك»)

القصة قديمة وتعود إلى أيام آدم وحواء عندما اجتمعا في علاقة ثنائية تحكمت بها رغبة جامحة لقضم تفاحة محرمة. ومنذ ذلك الوقت والعلاقة العاطفية بين اثنين تتحكم بها الرغبات والتمزقات وتبادل الاتهامات لتخفي وراءها بحثهما الدائم عن الحب. هذا هو باختصار الموضوع الأساسي الذي تتناوله مسرحية «مشاهد من الحياة الزوجية»، لميشال جبر، التي انطلقت عروضها على خشبة مسرح المدينة في بيروت.
فأن تتفرج على مشكلات الزواج الرائجة حالياً وأنت تجلس خارج الصحن، فيتخبط في فضائه زوجين نموذجيين معاصرين لم يكن بادياً أن ثمة شيئاً يهدد علاقتهما، سيسهل دون شك استيعابك للقطبة المخفية بشكل أفضل، إذ من الصعب أن تكتشفها وأنت في داخله.
ولعل أداء رودريغ سليمان ونيللي معتوق، بطلا هذا العمل المقتبس عن «مشاهد من الحياة الزوجية» في نسخته الأساسية لإنغمار برغمان، المتسم بالحرفية والطبيعية وبالكيمياء السارية بينهما، ساهم في رفع مستوى الاستيعاب لدى مشاهدها، بحيث شعر وكأنه يتفرج على قصته الشخصية، أو على واحدة عايشها عن قرب بفعل حصولها في بيوت مقربين منه.
ومنذ بداية المسرحية، في مشهد حواري بين الثنائي المتزوج، يبدأ المخرج في تمرير رسائل صغيرة لنا حول سطحية الموضوعات التي تدور بين المتزوجين بعيد مرور 10 سنوات على زواجهما. فهي إما تتناول مشكلات الأولاد، وإما سطوة الحماوات، وأما تنظيم الميزانية المالية بينهما، ليسودها بشكل واضح ملل روتين يرغبان أحياناً في كسره بمحاولات فاشلة. وتتبع أحداث المسرحية أسلوب الكريشاندو المتقن في هذا النوع من الأعمال، لتستهل بمشاهد هادئة يسكنها بركان نائم، تتضح خفايا معالمها مع الوقت، ولتنفجر في النهاية. فأن يقتفى المشاهد خيوط علاقة واهية، يسودها القلق وعدم الرضا بين ثنائي متزوج، رغم مظاهر السعادة والرخاء البادية عليهما، يدفعه إلى حل هذا اللغز المتشعب الخطوط والمطبات. فيتفاعل لا شعوريا مع قصتهما التي تحكي في الحقيقة مشاهد واقعية. فيتابعها متشوقا لمعرفة نهايتها، كونها تشرّح عن قرب المشكلة الأزلية الموجودة بين الزوجين عادة.
وينجح الممثل رودريغ سليمان، صاحب المشوار الغني بمشاركاته في أعمال تلفزيونية وسينمائية ومسرحية، في تجسيد دور مركب للزوج الذي يتحفنا بظاهر تصرفات الرجل المتفهم الهادئ، فيحاول إيجاد الحلول لمشكلاته الزوجية العرضية بأقل خسائر ممكنة في البداية، ليكشف في القسم الثاني من المسرحية عن حقائق في شخصيته كان يخفيها عن زوجته، بفعل غياب المصارحة والحوار الجديين بينهما، تفادياً للخناقات، وليطالعنا في الجزء الأخير بملامح رجل شرس خائن لعهده (يحب فتاة في الـ23 من عمرها)، ولكنه لا يتوانى عن ممارسة العنف الجسدي مع زوجته لأنه يرفض فكرة تساويها معه في الإحساس. وبينما هما على مشارف توقيع أوراق الطلاق، وقد علم بأنها وجدت هي أيضاً الرجل الآخر كي ينشلها من محنتها، تغلبه غريزته ولا يتقبل هذا الواقع.
أما نيللي معتوق، التي سبق وتعاونت مع المخرج ميشال جبر في «كيفك يا ليلى»، فبدت مرتاحة محنكة في تقمصها دور المرأة العادية المظلومة المطالبة بحقوقها الحميمة، دون أن تفقد الأمل، مع أنها على علم ودراية بأنها تعيش كذبة.
وعلى مدى نحو 90 دقيقة (مدة المسرحية) تأخذنا «مشاهد من الحياة الزوجية» في شريط ممسرح متقن لا يفرض بثقله على المشاهد، بل يدعوه لاكتشاف حقيقة واحدة. فالعلاقات الثنائية المحكومة بالارتباط العاطفي قابلة للاهتزاز بين دقيقة وأخرى. ولذلك يدق المخرج جرس الإنذار على طريقته في أذن المتفرج، ليأخذ الحرز والتدابير الاحتياطية الواقية من فشل العلاقة. فتطن عبارة «كان لازم نتخانق مع بعضنا كي لا نصل إلى هنا، فلا نعض على الجرح ونتركه ينزف في داخلنا». وهي بمثابة قاعدة ذهبية يرددها بطلا المسرحية أكثر من مرة في سياق أحداثها.


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.