قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وضع قواعد جديدة لعدد اللاعبين المسموح لكل نادٍ بإعارتهم. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، وبدلاً من أن يسمح كل نادٍ لفريق الرديف أو الصف الثاني باللعب في المستوى الثاني للدوري الإنجليزي الممتاز باللاعبين الشباب المميزين لديه، بدأت الأندية الأغنى في إعارة لاعبيها في جميع أنحاء أوروبا. وأصبح من يُترك للعب في فرق الأندية تحت 23 عاماً هم اللاعبين الأقل من 19 أو 20 عاماً. ويعد أبرز مثال على ذلك هو نادي تشيلسي، الذي لديه أكثر من 10 لاعبين في الفريق الأول لا يلعبون إلا نادراً تحت قيادة المدير الفني الإيطالي ماوريسيو ساري. وعلاوة على ذلك، فإن تشيلسي أعار 39 لاعباً لأندية أخرى، بعيداً عن فريق الرديف بالنادي، وهو ما يعني أن تشيلسي لديه عدد من اللاعبين يكفي لتكوين التشكيلة الأساسية لـ6 فرق!
ولو وضعت مقترحات الفيفا حيز التنفيذ، فإنه سيُسمح لكل نادٍ بأن يعير ما يتراوح بين 6 و8 لاعبين فقط بدءاً من موسم 2020/ 2021، على الرغم من أن الأندية تأمل ألا تؤثر القرارات الجديدة في الأندية المحلية واللاعبين الشباب الذين نشأوا داخل النادي.
وبالنظر إلى صرامة القواعد الجديدة، فمن المتوقع ألا تؤثر في تشيلسي فقط، لكنها ستؤثر أيضاً في مانشستر سيتي وولفرهامبتون واندررز وغيرها من الأندية. وأشار المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا إلى أن النادي سوف يتكيف مع القوانين الجديدة، مضيفاً: «سوف يتعين علينا أن نعيد اللاعبين المعارين ونرى أين سيلعبون. وإذا لم نجد لهم مكاناً معنا، فسوف نضطر إلى بيعهم».
ويعني النظام الحالي أنه يمكن للاعبين أن ينتقلوا إلى أندية أخرى على سبيل الإعارة عاماً بعد عام. ويكفي أن نعرف أن لاعباً مثل مايكل هيكتور قد لعب 11 مرة على سبيل الإعارة من نادي ريدينغ، ويلعب الآن للمرة الرابعة في شيفيلد وينزداي على سبيل الإعارة منذ انتقاله من ريدينغ لتشيلسي في عام 2015. وهناك أيضاً اللاعب جيمس ويلسون، الذي يلعب الآن للمرة الرابعة في فريق ابردين الاسكوتلندي على سبيل الإعارة من مانشستر يونايتد، وحارس المرمى سام جونستون، الذي أعاره مانشستر يونايتد 10 مرات إلى 8 أندية خلال 7 سنوات قبل انتقاله إلى وست بروميتش ألبيون الصيف الماضي.
وعلى الرغم من امتلاك مانشستر سيتي الموارد المالية القادرة على إغراء أفضل اللاعبين الشباب في العالم للانتقال إلى ملعب الاتحاد، فإن فريق الرديف بنادي مانشستر سيتي يتكون في الأساس من لاعبين معظمهم من المحليين. فعندما شاهدت هذا الفريق قبل عدة أسابيع وهو يلعب في المستوى الثاني للدوري الإنجليزي الممتاز، كان الفريق يضم 9 لاعبين نشأوا في بيئة كرة القدم الإنجليزية، فضلاً عن أن معظم لاعبي هذا الفريق قد ولدوا في إنجلترا - بما في ذلك كولين روزلر الذي يلعب في صفوف منتخب النرويج تحت 21 عاماً - بالإضافة إلى 7 لاعبين من بلدان أوروبية أخرى ولاعب أرجنتيني. وقد يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في هذا الأمر أيضاً.
ويمتلك إيان كارلو بوفيدا، لاعب خط الوسط البالغ من العمر 18 عاماً، إمكانات وقدرات تشبه النجم الإسباني ديفيد سيلفا. وهناك أيضاً اللاعب الويلزي الشاب رابي ماتوندو، الذي يبلغ من العمر 18 عاماً، والذي يعد واحداً من أسرع لاعبي كرة القدم في إنجلترا، وتشبه طريقة لعبه طريقة النجم الويلزي السابق ريان غيغز. أما ماتوندو فلديه قدرة فائقة على استغلال سرعته بشكل رائع في المرور من لاعبي الفرق المنافسة، بالإضافة إلى قدرته على الدخول لعمق الملعب وإرسال كرات عرضية متقنة إلى مناطق الخطورة. ويمكن القول إن فريق الشباب في مانشستر سيتي لديه السرعة والإبداع والمهارة نفسها التي نراها في الفريق الأول للنادي، بالإضافة إلى الضغط المتواصل بطول الملعب، وإن كان الفريق يفتقر للانضباط التكتيكي نتيجة أعمار اللاعبين الصغيرة. لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوفيدا أو ماتوندو سيسيران على النهج نفسه للاعبين الشباب بالنادي، من أمثال فيل فودين، للانضمام للفريق الأول تحت قيادة غوارديولا. لكن على الأقل، يعرف غوارديولا قدرات هؤلاء اللاعبين جيداً ويحرص على حضور تدريباتهم مرة في الأسبوع على الأقل.
ويشرف على تدريب فريق الرديف بنادي مانشستر سيتي مدير فني شاب ليست لديه خبرات كبيرة، وهو لاعب خط الوسط السابق لنادي بورت فايل، بول هارسلي. ويمكن القول إن هارسلي، البالغ من العمر 40 عاماً، قد جاء من عالم مختلف تماماً إلى لاعبيه الصغار، الذين يتقاضى بعضهم أجوراً أسبوعية فلكية. وقد أمضى هارسلي الغالبية العظمى من مسيرته في أدنى قسمين في كرة القدم الإنجليزية، في المقام الأول مع ناديي سكونثورب وماكليسفيلد، قبل أن ينتهي به المطاف في نادي فيريبي، الذي لا يلعب في بطولة رسمية.
وقد حقق هارسلي طفرة في تدريب فرق الشباب في سكونثورب وبيرمنغهام سيتي، ثم تولى تدريب نادي بارنسلي تحت 23 عاماً، قبل أن ينتقل للعمل في مانشستر سيتي الصيف الماضي. عاد هارسلي إلى أوكويل الأسبوع الماضي، حيث تغلب فريقه على بارنسلي بركلات الترجيح. ويتميز هارسلي بالهدوء وهو يقف بجوار خط التماس لتقديم تعليمات منطقية وبسيطة للاعبيه. وقد تم تكليفه هو ومعاونيه بمساعدة هؤلاء اللاعبين المراهقين في أن يصبحوا لاعبي كرة قدم محترفين على أعلى مستوى. ولو كان مثل هذا الرجل يعمل في أحد أندية القمة أو حتى في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا، لكان مانشستر سيتي بحاجة إلى إنفاق مبالغ مالية طائلة من أجل إقناعه بالعمل معه.
وحتى قبل أن تدرك الأندية العملاقة أن بيع لاعبيها الصغار يعد طريقة جيدة للامتثال لقواعد اللعب المالي النظيف التي أقرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، كان المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون قد أكد أن أي لاعب شاب يريد أن يرحل عن مانشستر يونايتد يجب أن يرحل بقيمته السوقية، وهو ما كان يعني الحصول على ملايين الجنيهات لإضافتها إلى ميزانية الفريق الأول.
ويعتبر مانشستر سيتي وتشيلسي بمثابة مثالين متطرفين في هذا الصدد، حيث استخدما أكاديميات الشباب لديهما من أجل إنتاج لاعبين رائعين، لا لأنفسهما ولكن للأندية الأخرى. ويسمح النظام الحالي المتعلق باللاعبين المعارين لهذين الناديين بأن يحتفظا باللاعبين الشباب لسنوات، حتى لو لم يكن لهؤلاء الشباب أي فرصة للمشاركة مع الفريق الأول. وتهدف اللوائح الجديدة للاتحاد الدولي لكرة القدم لوقف هذا الأمر، مع استخدام إعارات اللاعبين «بغرض تطوير اللاعبين الشباب في مقابل الاستغلال التجاري». وكما قال غوارديولا، فإن الأندية الكبيرة قد تبيع عدداً كبيراً من لاعبيها الشباب خلال الفترة المقبلة.
جياني إنفانتينو رئيس «الفيفا» قال في وقت سابق: «أحضرنا الجميع للجلوس على الطاولة وأدرك جميع الممثلين لعناصر اللعبة أننا بحاجة لاتخاذ إجراءات تقود إلى تطبيق مقترح الإصلاح هذا. هذه خطوة أولى لكنها مهمة نحو تحقيق قدر أكبر من الشفافية... وتطوير توافق آراء بشأن كيفية معالجة مسألة الوكلاء وعقود الإعارة وجوانب رئيسية أخرى في نظام انتقالات اللاعبين».
قرار منع تكديس اللاعبين محاولة لوقف استغلال الناشئين
مانشستر سيتي وتشيلسي استخدما أكاديميات الشباب لديهما لإنتاج لاعبين واعدين للأندية الأخرى
قرار منع تكديس اللاعبين محاولة لوقف استغلال الناشئين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة