على الرّغم من مرور 10 سنوات على رحيله، فإنّ اسم المخرج العالمي المصري الرّاحل يوسف شاهين، لا يزال لامعاً في الأوساط الفنية العربية، وحاضراً بقوة في كل الفعاليات الفنية والمهرجانات الدُّولية السينمائية في العديد من البلدان العربية، فاسمه يأبى النسيان، بعد مساهمته في عالم الفن بقصص متنوعة ومختلفة، قد تبدو في كثير من الأحيان معقّدة وغير مباشرة، لكنّ ذلك هو أبرز ما يميز أعمال شاهين.
ونظم المركز الوطني للسينما والصورة في مدينة الثقافة في تونس العاصمة، أخيراً معرضاً فنياً أطلق عليه اسم «معرض شاهين إلى الأبد»، لعرض أفيشات وصور نادرة لأفلام المخرج المصري العالمي الرّاحل يوسف شاهين بمناسبة مرور 10 سنوات على رحيله، ويستمر المعرض حتى بداية العام المقبل، لإتاحة الفرصة للجمهور التونسي للتعرف عن قرب على أبرز أعمال الفنان الراحل وبعض كادراته الرائعة ونجومه المميزين عبر أكثر من نصف قرن من الزمن، أخرج خلالها أكثر من 40 فيلماً سينمائياً، اختير 12 منها في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن الماضي، متفوقاً على جميع أقرانه من المخرجين المصريين. وعُرضت صور وأفيشات أفلام شاهين للمرة الأولى في مهرجان الجونة السينمائي في مصر في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
واستقبل معرض شاهين بتونس الزائرين بلوحة لأفيش فيلم «المهاجر»، الذي عُرض عام 1994، وأثار ضجة كبيرة وقت عرضه في دور السينما المصرية، إذ تردّد وقتئذ أنّ أحداثه مأخوذة من قصة نبي الله يوسف. وشارك في بطولة الفيلم خالد النبوي، ويسرا، ومحمود حميدة، وحنان ترك. بينما أبرزت ثانية لوحات المعرض بوستر فيلم «إسكندرية كمان وكمان».
وتميز أفيش هذا الفيلم برسم أبطال العمل بطريقة كاريكاتورية ساخرة. بينما تصدّرت صورة شاهين البوستر. وفي هذا الفيلم واصل المخرج الراحل، سرد سيرته الذاتية للمرة الثّالثة بعد فيلمي «إسكندرية ليه؟»، و«حدوتة مصرية»، حيث تقاطع في هذا الفيلم العام بالخاص، والوثائقي بالسردي.
وأبرز المعرض صورة نادرة لشاهين خلف كاميرا سينمائية عملاقة بينما كان يدخن السجائر بشراهة، دوّن عليها اسم «ستديو بكر»، وكسرت لوحة لإحدى لقطات فيلم «وادعاً بونابرت» المميزة لوحات بوسترات الأفلام، حيث حاصر شاهين أحد أبطال الفيلم داخل تكوين إطاري مستطيل من الأعمدة الخشبية، بجانب لقطة أخرى بانورامية من الفيلم الذي عُرض عام 1985 للفنان المصري الراحل جميل راتب، وسط حشد من جنود الحملة الفرنسية والمصريين، ويوثق الفيلم احتلال قوات نابليون الإسكندرية في عام 1798، من ثمّ احتلال القاهرة. وللتّوثيق عُرض أفيش الفيلم المميز، الذي كُتب باللغتين العربية والفرنسية، وبعد معارك نابليون قدم المعرض أفيش فيلم «بياع الخواتم» للفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز، الذي عُرض عام 1965، وهو من تأليف عاصي ومنصور الرحباني وصبري شريف.
في السياق نفسه، أبرز المعرض عدة صور مميزة للمخرج الراحل في مواضع وأماكن وأزمنة مختلفة، من بينها صور له بالأبيض والأسود، في مرحلتي الأربعينات والخمسينات من عمره، بجانب صورة مشتركة لشاهين ومدير التصوير محسن نصر.
من جهته قال معز حمدي، 39 سنة، أحد زوار المعرض لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «معرض صور أفلام يوسف شاهين في مدينة الثّقافة فرصة جيدة جداً، للتّعرف على كل أعمال المخرج الكبير الراحل». ولفت قائلاً: «قبل زيارة المعرض كنت أعتقد أنّني شاهدت معظم أفلامه، لكنّني رأيت أفيشات وصور أفلام لم أرها أو أشاهدها من قبل، ودوّنتها لأشاهدها لاحقاً على موقع (يوتيوب)».
وأضاف معز: «يوسف شاهين من أكبر وأشهر المخرجين العرب في القرن الماضي، قدّم أفلاماً عالمية، ووثقت أعماله أحداثاً ومعارك كبيرة في العالم العربي، وكان صاحب رؤية مميزة ومختلفة، اتفقت أو اختلفت مع أسلوبه في السرد، لكن يبقى شاهين المخرج المفضل بالنسبة إليّ، فأعماله تتميز بالعمق والتأمل فهي دائماً تكون صاحبة رسائل غير مباشرة».
من جهته قال فوزي زكريا، صحافي ليبي، عن المعرض «انتهزت فرصة مشاركتي في إحدى الفعاليات التي أقيمت في مدينة الثقافة في ليبيا أخيراً وزرت المعرض، وعلى الرّغم من ضعف الإعلان عنه أو الإشارة إليه بكثرة في وسائل الإعلام، فإنّني من عشاق سينما يوسف شاهين، وأحاول الاستفادة والتعلم من لقطاته المميزة وأفكاره المدهشة».
وأضاف: «ينقلنا المعرض إلى عالم يوسف شاهين، من خلال أفيشات الأفلام التاريخية، بالأبيض والأسود، التي كوّنت بعض ثقافاتنا ونحن صغار، بجانب أفلام التسعينات بالألوان، التي حاولت الاقتراب أكثر من شخصية شاهين». وتابع: «أكثر ما جذبني في المعرض صور شاهين الشّخصية والنّادرة، فمعظم الأفلام قد شاهدتها كلها أو أجزاء منها، لكن تلك الأفلام لا تتيح لك التعرف على المخرج في أوقات معينة». ولفت إلى أنّ شاهين أحد المخرجين العرب القلائل المشهورين، وصورته يعرفها الجمهور مثل الفنانين على الرّغم من قضاء كل أوقاته خلف الكاميرا.
ويقدّم معرض صور أفلام يوسف شاهين، وجبة دسمة من لقطات المخرج الكبير الراحل، مثل لقطة من فيلم «صراع في الوادي»، للفنان المصري الراحل عمر الشريف والفنانة الراحلة فاتن حمامة، بينما عُرضت أربع لقطات متنوعة ومميزة أظهرت فنون الكادرات السينمائية المعتمدة على الإضاءة من فيلم «نساء بلا رجال» الذي عُرض عام 1953، بطولة الفنان الراحل عماد حمدي، وكمال الشناوي. وتوسطت المعرض صورة مبهجة من فيلم «الأرض» بعدما ظهر الثلاثي محمود المليجي، ويحيى شاهين، وحمدي أحمد، وقد ارتسمت الابتسامة على وجوههم، وهي لقطة شهيرة تُتداول حتى الآن على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وحاز الفيلم التاريخي الطويل «الناصر صلاح الدين»، بطولة الفنان الرّاحل أحمد مظهر، الذي عُرض بالألوان عام 1963 على نصيب الأسد من صور المعرض، حيث أظهر لقطات متنوعة من مشاهد الفيلم. واحتفى المعرض كذلك بفيلم «باب الحديد» الذي عُرض عام 1958 بطولة الفنانة هند رستم.
جدير بالذكر أنّ يوسف شاهين بدأ مشواره في عالم الإخراج بفيلم «بابا أمين»، الذي عُرض عام 1949، والذي احتفى المعرض به أيضاً في لوحاته بمدينة الثّقافة التونسية، بينما كان آخر أعماله السينمائية فيلم «هي فوضى» عام 2007. واختير الكثير من أفلامه في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في القرن الماضي. مثل أفلام «الأرض»، و«باب الحديد» و«الناصر صلاح الدين»، و«صراع في الوادي»، و«إسكندرية ليه»، و«العصفور»، و«عودة الابن الضال» و«المهاجر»، و«جميلة» و«ابن النيل»، و«حدوتة مصرية».
مدينة الثّقافة التونسية تحتفي بيوسف شاهين
نظّمت معرضاً لأفيشات أفلامه وصورها في الذكرى العاشرة لوفاته
مدينة الثّقافة التونسية تحتفي بيوسف شاهين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة