تصعيد جديد بين الغرب وروسيا بعد أزمة السفن الأوكرانية

واشنطن ولندن حذرتا موسكو من انتهاك القانون الدولي

ناشط أوكراني يشارك في الاحتجاجات أمام القنصلية الروسية في خاركيف أمس (إ.ب.أ)
ناشط أوكراني يشارك في الاحتجاجات أمام القنصلية الروسية في خاركيف أمس (إ.ب.أ)
TT

تصعيد جديد بين الغرب وروسيا بعد أزمة السفن الأوكرانية

ناشط أوكراني يشارك في الاحتجاجات أمام القنصلية الروسية في خاركيف أمس (إ.ب.أ)
ناشط أوكراني يشارك في الاحتجاجات أمام القنصلية الروسية في خاركيف أمس (إ.ب.أ)

تواجه كييف وموسكو أسوأ أزمة منذ سنوات، بعدما طالبت أوكرانيا وحلفاؤها في الغرب أمس بالإفراج عن السفن الأوكرانية الثلاث التي احتجزتها روسيا، بعد إطلاق النار عليها بالقرب من شبه جزيرة القرم.
واحتجزت روسيا سفينتين حربيتين مصفحتين وسفينة جر الأحد، بعد اتهامها بدخول المياه الروسية بشكل غير شرعي قبالة ساحل القرم في بحر آزوف.
وحذّرت الولايات المتحدة روسيا، أمس، من أن التحركات «الخارجة عن القانون» مثل احتجاز سفن أوكرانية في بحر آزوف تحول دون تطوير علاقات طبيعية بين واشنطن وموسكو. وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أمام مجلس الأمن الدولي إن «الولايات المتحدة ترحب بوجود علاقات طبيعية مع روسيا. ولكن الأفعال الخارجة عن القانون مثل هذه تستمر في جعل ذلك مستحيلا».
ودعت هايلي أيضا روسيا إلى «الإفراج» عن السفن الأوكرانية وطواقمها. وقالت: «ندعو روسيا لاحترام واجباتها الدولية وعدم الاعتراض أو مضايقة الملاحة البحرية الأوكرانية في مضيق كيرتش»، و«الإفراج عن السفن الأوكرانية المحتجزة وطواقمها»، و«خفض حدة التوتر التي سببتها». وتابعت هايلي: «باسم السلام والأمن في العالم، على روسيا أن توقف فورا تصرفاتها خارج إطار القانون واحترام حرية الملاحة وحريات جميع الدول»، من دون الإشارة إلى احتمال فرض عقوبات أميركية جديدة على روسيا كما تطالب كييف. وعرقلت واشنطن جلسة لمجلس الأمن الدولي طالبت بها موسكو صباح أمس.
ووضع الجيش الأوكراني في حالة تأهب عليا، كما من المقرر أن يصوت البرلمان على طلب من الرئيس بترو بوروشينكو لفرض الأحكام العرفية لمدة 30 يوماً. وأثار الحادث مخاوف من اتساع التصعيد العسكري، ما دفع مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة أمس.
من جهته، اقترح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن تقوم برلين وباريس بجهود وساطة. وقال إنه بمناسبة اجتماع مقرر منذ فترة مع روسيا وأوكرانيا في برلين، ستعمل فرنسا وألمانيا «معا وعند الحاجة كوسيطين من أجل تجنب تحول هذا النزاع إلى أزمة خطيرة».
واتهم حلفاء أوكرانيا الغربيون روسيا باستخدام القوة دون مبرر، فيما دعت كييف شركاءها إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو. وقال وزير الخارجية الأوكراني، بافلو كليمكين، للصحافيين في كييف إن «هذه أعمال عدائية مخططة من قبل الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا. سنطالب (في مجلس الأمن) بالإفراج الفوري عن بحارتنا وتحرير سفننا». وأشار إلى أن محادثات تجري مع الاتحاد الأوروبي وغيره حول فرض مزيد من العقوبات على روسيا.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على «تويتر»: «أدين استخدام روسيا للقوة في بحر آزوف»، مضيفاً أن «السلطات الروسية يجب أن تعيد البحارة والسفن الأوكرانية والامتناع عن أي استفزاز جديد». فيما عبّر سفراء فرنسا وبريطانيا والسويد وبولندا وهولندا الذين يقومون بجولة في الصين في بيان مشترك عن «مخاوفهم من تصاعد التوتر الأخير في بحر آزوف ومضيق كيرتش»، وحثوا روسيا على إطلاق سراح البحّارة الأوكرانيين المعتقلين وإعادة السفن المحتجزة.
بدورها، أكّدت فرنسا أنّها لا ترى «مبرراً ظاهراً في استخدام روسيا القوة» ضد السفن الأوكرانية. وقال متحدث باسم الخارجية الفرنسية في بيان: «ندعو روسيا لإطلاق سراح البحارة الأوكرانيين الموقوفين وإعادة السفن المحتجزة».
أما المتحدث باسم الحكومة البريطانية، فقال: «نحن ندين العمل العدائي الروسي باحتجاز ثلاث سفن أوكرانية وطواقمها»، مضيفا أن «الحادث يوفر مزيدا من الأدلة على سلوك روسيا المزعزع لاستقرار المنطقة». واتهم وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت روسيا بانتهاك القانون الدولي. وأعلن: «مرة أخرى نرى الازدراء الروسي للأعراف الدولية والسيادة الأوكرانية... يجب على روسيا الإفراج عن السفن والبحارة المحتجزين وضمان حرية العبور في مضيق كيرتش».
وأصرت موسكو على أن اللوم يقع على كييف. وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس، أن «الجانب الروسي تصرّف بشكل يتطابق تماماً مع القانون الدولي والقانون الداخلي في آن معاً»، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بـانتهاك سفن حربية أجنبية المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية.
فيما اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من جهته أوكرانيا بانتهاك القانون الدولي عبر «أساليب خطيرة شكلت تهديدات ومخاطر على حركة عبور السفن الطبيعية في هذا الممر البحري» معتبراً الأمر «استفزازاً صريحاً».
واندلعت الأزمة عندما كانت السفن الأوكرانية تمر في مضيق كيرتش المؤدي إلى بحر آزوف من البحر الأسود، والذي تستخدمه أوكرانيا وروسيا. وقالت أوكرانيا إن سفينة تابعة لحرس الحدود الروسي صدمت سفينة جر أوكرانية، وبعد ذلك أطلقت النار على السفن وشلت حركتها. وأضافت أن مضيق كيرتش أغلق بناقلة نفط وأن طائرات الجيش الروسي كانت تحلق فوق البحر.
وأكد جهاز «إف إس بي» الأمني الروسي المشرف على قوات الحدود، أن النيران أطلقت وأن السفن احتجزت، متهما السفن الأوكرانية بـ«انتهاك الحدود الروسية». وقالت أوكرانيا إن ستة من بحارتها أصيبوا، وإن إصابة اثنين منهما خطيرة. بينما قال جهاز «إف إس بي» إن ثلاثة فقط أصيبوا بجروح غير خطيرة وتلقوا علاجاً طبياً.
وتعتبر هذه المواجهة تطورا خطيرا في النزاع الطويل بين أوكرانيا وروسيا والمتمردين المدعومين من موسكو في شرق أوكرانيا. وقتل أكثر من 10 آلاف شخص في القتال.
وتتصاعد التوترات منذ فترة حول مضيق كيرتش، حيث بنت روسيا جسراً جديداً يربط برا بينها وبين منطقة القرم التي ضمتها روسيا في 2014. واتهمت كييف موسكو بمنع دخول السفن الأوكرانية عبر مضيق كيرتش، الذي يعتبر الطريق الوحيد للدخول والخروج من بحر آزوف إلى البحر الأسود.
وفي الأشهر الأخيرة، نشر الجانبان مزيدا من السفن الحربية وسفن خفر السواحل في المنطقة. وذكرت مجموعة يوراسيا للأبحاث أن «الحادث يشير إلى تصعيد كبير للنزاع بين روسيا وأوكرانيا»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضافت: «ستقف الحكومات الغربية إلى جانب أوكرانيا في مواجهة روسيا في هذا الحادث... مما يرجح فرضها عقوبات جديدة على موسكو».
وعقد بوروشينكو اجتماعا في وقت متأخر من الليل لحكومته العسكرية واقترح فرض الأحكام العرفية في أوكرانيا «لضمان أمن وسلامة المواطنين». وقالت مجموعة يوراسيا إن فرض الأحكام العرفية يمكن أن يخلف تبعات واسعة داخليا خاصة لأنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في مارس (آذار)، وأن بوروشنكو متراجع في استطلاعات الراي. وذكرت المجموعة أن «بوروشينكو لم يتخذ مثل هذا العمل خلال أسوأ فترات النزاع في 2014 و2015». ويثير هذا المخاوف من أنه قد يؤدي إلى تأجيل انتخابات الرئاسة. وتجمع المحتجون في الكثير من المدن الأوكرانية للتنديد بروسيا، وتوجه مئات من النشطاء اليمينيين المتطرفين إلى البرلمان في كييف، وأشعلوا المفرقعات.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.