رئيس وزراء إيطاليا يبحث في تونس تداعيات أزمة ليبيا

ملف الهجرة غير الشرعية سيطر على مباحثات كونتي والشاهد

الباجي قائد السبسي خلال استقباله جيوزبي كونتي في القصر الرئاسي بقرطاج أمس (أ.ب)
الباجي قائد السبسي خلال استقباله جيوزبي كونتي في القصر الرئاسي بقرطاج أمس (أ.ب)
TT

رئيس وزراء إيطاليا يبحث في تونس تداعيات أزمة ليبيا

الباجي قائد السبسي خلال استقباله جيوزبي كونتي في القصر الرئاسي بقرطاج أمس (أ.ب)
الباجي قائد السبسي خلال استقباله جيوزبي كونتي في القصر الرئاسي بقرطاج أمس (أ.ب)

سيطر ملف الأزمة الليبية على المشاورات التي دارت أمس، بين رئيس الوزراء الإيطالي جيوزبي كونتي والمسؤولين التونسيين، خلال زيارته إلى تونس، وعلى رأسهم الرئيس الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد. وتصدر المؤتمر الدولي رفيع المستوى، الذي ستحتضنه مدينة باليرمو الإيطالية في 12 و13 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، حول الأزمة الليبية، محاور اجتماع الطرفين، علاوة على أزمة الهجرة غير الشرعية، والإجراءات الأوروبية المتخذة للحد من هذه الظاهرة التي تفاقمت حدتها بعد الأزمة السياسية التي تمر بها ليبيا، ودعوة الجانب الأوروبي المرفوضة إلى فتح مخيمات لاجئين على أراضي بلدان جنوب المتوسط.
وتنتظر دول جوار ليبيا، خاصة تونس والجزائر في الضفة الجنوبية للمتوسط، وإيطاليا وفرنسا في الضفة الشمالية، أن يتمخض مؤتمر باليرمو عن توافق دولي على حلول يتفق عليها الأفرقاء الليبيون، وتفضي إلى انتخابات ليبية. فيما ترفض عدة دول، وفي مقدمتها تونس والجزائر التدخل العسكري الأجنبي لحل الأزمة الليبية، وتفضل عوض ذلك إعطاء أولوية للأطراف الليبية المتناحرة لحل خلافاتها السياسية.
وقام رئيس الوزراء الإيطالي بزيارة دامت يوما واحدا إلى تونس، هي الأولى من نوعها لإحدى بلدان المغرب العربي بعد تشكيل الحكومة الإيطالية الجديدة، نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، ومن المنتظر أن يقوم بزيارة مماثلة إلى الجزائر المجاورة، وذلك في إطار مشاورات حثيثة تجريها إيطاليا حول عدد من الملفات السياسية العالقة، وعلى رأسها ملف الأزمة الليبية ومعضلة الهجرة غير الشرعية.
ووفق بيان رئاسة الحكومة التونسية، فإن هذه الزيارة تندرج في إطار تعزيز أواصر الصداقة والتعاون الثنائي في مختلف المجالات، وتعميق التشاور بخصوص القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، التقى خلالها رئيس الحكومة الإيطالية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وتزامنت هذه الزيارة مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق ليبي بين المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي حول توحيد السلطة، وبالتالي إعادة هيكلة السلطة التنفيذية، وتشكيل مجلس رئاسي جديد مكون من رئيس ونائبين، ورئيس وزراء يشكل حكومة وحدة وطنية، يمتد نفوذها على كامل التراب الليبي.
وكان ماتيو سالفيني، وزير الداخلية الإيطالي (من اليمين المتطرف) قد قام بدوره بزيارة إلى تونس في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، التقى خلالها الرئيس التونسي، كما اجتمع بنظيره التونسي هشام الفراتي.
ووصل رئيس الوزراء الإيطالي إلى تونس، في أعقاب جدل بين البلدين حول تصريحات هجومية نسبت إلى وزير الداخلية الإيطالي تجاه تونس، من بينها اتهامات وجهها للحكومة التونسية بإرسال مهاجرين غير شرعيين مجرمين، ومن ذوي سوابق عدلية، واستغرابه من الهجرة المكثفة، انطلاقا من تونس، رغم أنها ليست في حالة حرب. كما تأتي الزيارة في ظل توتر حاد بشأن توزيع المهام حول عمليات الإنقاذ في البحر المتوسط، وعمليات ترحيل المهاجرين التونسيين، الذين وصلوا السواحل الإيطالية في رحلات سرية. وكان الجانب الإيطالي قد أعلن مؤخرا عن سعيه إلى تعديل اتفاقية إعادة المهاجرين مع تونس الموقعة سنة2011، نظرا لزيادة تدفقات الهجرة السرية إلى إيطاليا (نحو أربعة آلاف مهاجر تونسي وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية السنة الحالية)، رغم «عدم وجود حرب أو مجاعة هناك»، على حد تعبير قيادات سياسية إيطالية، وتعهد بإرجاع عشرات التونسيين الموجودين في إيطاليا إلى بلدهم الأم.
وتطالب الجمعيات الحقوقية التونسية بـ«تعامل أفضل مع ملف المفقودين التونسيين»، وتحث السلطات الإيطالية على ضرورة كشف المعطيات الخاصة بنحو 504 تونسيين فقدوا في إيطاليا خلال هجرات جماعية غير شرعية عرفتها بداية سنة 2011، ولم تتوفر لعائلاتهم أي معلومات عن مصيرهم حتى اليوم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.