قال يوسف بن علوي بن عبد الله وزير الشؤون الخارجية العماني إن بلاده تطرح أفكاراً لمساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التقارب، لكنها لا تلعب دور الوسيط.
وأضاف الوزير خلال منتدى حوار المنامة الأمني إن بلاده «تعتمد على الولايات المتحدة ومساعي رئيسها دونالد ترمب في العمل في اتجاه صفقة القرن».
وتابع أن «إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة ونحن جميعا ندرك ذلك والعالم أيضاً، وربما حان الوقت لمعاملة إسرائيل بالمعاملة نفسها (كالدول الأخرى) وأن تتحمل أيضا الالتزامات نفسها». وأكد بن علوي: «لا نقول إن الطريق سهل الآن ومفروش بالورود، لكن أولويتنا وضع نهاية للصراع والمضي نحو عالم جديد».
وجاءت تصريحات بن علوي غداة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان، وبعد أيام قليلة من قيام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة للسلطنة استمرت ثلاثة أيام. وكان كل من عباس ونتنياهو التقيا بالسلطان قابوس أثناء زيارتهما المتتابعة للسلطنة. وعرض قابوس على عباس التدخل من أجل تقريب وجهات نظر بحسب مصادر فلسطينية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن عباس رحب بذلك. وقالت المصادر إن الرئيس الفلسطيني «مع أي تدخل من شأنه إنقاذ الوضع. لكن وفق رؤيته المعروفة القائمة على آلية دولية». وأكدت المصادر أن «الرئيس يريد دولاً عربية ضمن هذه الآلية إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة ودول أخرى». وكان عباس على علم على ما يبدو باتصالات ولقاءات ستجري مع نتنياهو.
ومنع عباس أي إساءة لسلطنة عمان وأمر متحدثين ومسؤولين بتجنب التعليق على لقاء قابوس بنتنياهو، وبسحب أي تصريحات بهذا الصدد. والتزمت السلطة الصمت تجاه اللقاء، واضطر مسؤولون في حركة فتح لسحب تصريحاتهم حول «التطبيع» المرفوض.
ولم يعرف إذا كانت سلطنة عمان ستنجح في إحداث اختراق. لكن مصادر فلسطينية استبعدت ذلك في ظل التعقيدات الحالية. وقالت إن ثمة تبايناً في وجهات النظر حول كيفية إطلاق عملية سياسية.
ولم تكن رام الله تفضل أن يتم استقبال نتنياهو بهذه الطريقة حتى لا يتشجع آخرون على بدء تطبيع علني مع إسرائيل.
ويقول المسؤولون الفلسطينيون إن ذلك يجب أن يكون نتاجاً لاتفاق سلام وليس قبل ذلك. لكن هذه ليست أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع للسلطنة.
ففي عام 1994، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين سلطنة عمان، حيث استقبله السلطان قابوس بن سعيد، وفي عام 1995، بعد أيام قليلة من اغتيال رابين، استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريس، وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في القدس، وفي يناير (كانون الثاني) 1996، وقعت إسرائيل وعمان، اتفاقا بشأن الافتتاح المتبادل لمكاتب التمثيل التجاري. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت: «تعتقد عمان أن الخطوة الحالية ستؤدي إلى استمرار التقدم في عملية السلام، وزيادة الاستقرار في المنطقة».
وبعد أربعة أشهر، زار بيريس عمان لافتتاح «مكتب تمثيل تجاري إسرائيلي» رسمياً هناك، وعمل المكتب برئاسة فريق صغير من ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين، لكن من دون العلم الإسرائيلي، قبل أن توقف عمان العلاقات مع إسرائيل مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، وتغلق المكتب.
وتشكل زيارة نتنياهو الأخيرة أول اتصال علني بين إسرائيل وعمان. وجاءت الزيارة بعد مفاوضات ليست قصيرة. ورافق نتنياهو في هذه الزيارة رئيس جهاز «الموساد» يوسي كوهين ومستشار الأمن القومي مئير بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم.
وكان بيان مشترك صدر عن تل أبيب وعمان جاء فيه أن الزعيمين بحثا سبل دفع العملية السلمية قدما وناقشا عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن «زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان تشكل خطوة ملموسة في إطار تنفيذ سياسة رئيس الوزراء التي تسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد».
رفض «حماس»
وبخلاف موقف السلطة الذي فضل الصمت، أكدت حركة «حماس» رفضها لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي على المستويات كافة، «لما لذلك من تداعيات خطيرة على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية في أرضه ووطنه، وعلى وحدة وتماسك الأمة وشعوبها المناهضة لهذه السياسات غير المنسجمة مع المزاج العام لشعوب الأمة العربية والإسلامية المساندين للحق الفلسطيني ولعدالة قضيته».
واستهجنت الحركة في بيان لها «تسارع وتيرة التطبيع مع إسرائيل»، واعتبرت أن «التطبيع بمثابة تشجيع وغطاء لإسرائيل لارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وخنجر في ظهره، وتخلٍ عنه وعن قضيته العادلة».
واستنكرت الحركة الزيارات واللقاءات التي تجري لسياسيين أو رياضيين إسرائيليين في بعض الدول العربية. كما أدانت بشدة لقاء نتنياهو بالسلطان قابوس في عُمان.
من جهة أخرى، أبدت طهران معارضتها لاستقبال نتنياهو في عمان، واعتبر مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، أن حدث استضافة عمان لرئيس الوزراء الإسرائيلي «بعيد كل البعد عن الحكمة المعهودة للسلطان قابوس بن سعيد». ونقلت وكالة «مهر» للأنباء عن عبد اللهيان قوله في تعليق عبر حسابه على «تويتر» أن ترمب ونتنياهو «لن يجنيا ثمار صفقة القرن».