مصر تسعى لاتفاقيات {عادلة} مع دول حوض النيل

TT

مصر تسعى لاتفاقيات {عادلة} مع دول حوض النيل

شدَّد وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، أمس، على «الأهمية القصوى» لقطاع المياه بالنسبة للمصريين، منوهاً بجهود بلاده في «التعاون مع دول حوض النيل للوصول لاتفاقيات إقليمية عادلة لا تؤثر على البقاء». وذلك في إشارة إلى مفاوضات «سد النهضة» مع إثيوبيا، وكذلك مساعي مصر لحل أزمة الاتفاقية الإطارية مع دول الحوض، المتعلِّقة بتقاسم مياه النيل، بما لا يؤثر على حصة مصر التاريخية.
وتسعى مصر إلى التوصل لاتفاق مع إثيوبيا بشأن قواعد الملء والتشغيل الخاصة بسد النهضة، أخذاً في الاعتبار اتفاق إعلان المبادئ الموقع في مارس (آذار) 2015، بالإضافة للتوصل إلى توافق حول الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، وذلك من خلال حثِّ دول الحوض على تبني منهج أكثر شمولية، يضمن المنافع المشتركة، وفرص التعاون في إدارة الموارد المائية المشتركة، مع الحفاظ على حصة مصر المقدرة بنحو 55 مليار متر مكعب.
وفي كلمة ألقاها الوزير المصري خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر تعاون الاتحاد الأوروبي ومصر في مجال المياه، وذلك في إطار أسبوع المياه المنعقد حالياً بالقاهرة، نوه عبد العاطي بـ«الزيادة الكبيرة لعدد سكان مصر، على الرغم من أن كمية المياه ثابتة»، مضيفاً أن «ذلك يحتاج إلى جهود دؤوبة... والدولة اتخذت خطوات كبيرة في هذا المضمار».
كما أوضح وزير الري أن «التنمية على الشواطئ وتحلية المياه تستلزم كثيراً من الاستثمارات، وهي أولوية قصوى بالنسبة لمصر. والحكومة تخصص كثيراً من الأموال لمعالجة المياه وإعادة تدويرها».
في سياق ذلك، استعرض عبد العاطي ما تحقق في مجال المياه فيما يخص البنية التحية، أو الصرف الصحي، وثمناً التعاون مع الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن 90 في المائة من المشروعات في هذا المجال تقوم بها مصر من خلال التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي.
ووافق مجلس الوزراء المصري، أمس، على وثيقة لترشيد استهلاك المياه، تنص على اتفاق جميع الوزارات على تطبيق تكنولوجيا القطع الموفرة لاستهلاكات المياه بجميع المنشآت والمباني الحكومية العامة والخاصة، فضلاً عن تبني هذه الوزارات لنظم ومنهجيات الترشيد، من خلال نشر الوعي بأهمية الحفاظ على المياه، وسوف تتحمل كل جهة تكلفة تركيب القطع الموفِّرة الجديدة.
من جهته، قال إيفان سوركوش، سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، إن الاتحاد «يلتزم بمواجهة أسباب مشكلات المياه في العالم، ويلتزم بتوفير صرف صحي أفضل، والحكومة المصرية تهدف إلى خلق تجانس من خلال السياسات المائية، وتعزيز الابتكار في الوقت ذاته»، موضحاً أن مصر تتعرض لكثير من التحديات، مع زيادة نسبة التبخر والاستهلاك، واستجابة لهذه التحديات «نريد أن نسهم في تلبية احتياجات شعب مصر وشعوب المتوسط بما يزيد عن 450 مليون يورو في صورة مِنَح»، حسب تعبيره، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يستجيب لهذه التحديات منذ عام 2007.
كما أكد سوركوش التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الإدارة المستدامة للمياه من خلال استمرار المشاريع الإنمائية، إلى جانب التوسع في المباحثات مع صنّاع القرار في مصر. مشيراً إلى أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر في قطاع المياه يشمل برامج تغطي 12 محافظة مصرية، ستؤدي إلى تحسين حياة ما يقرب من 12.5 مليون مصري، أي نحو ثلث سكان هذه المحافظات، معظمهم من الأشد احتياجاً. كما نوه سوركوش بأن الشراكة الأخرى في قطاع المياه تدعم التعاون بين الباحثين المصريين ونظرائهم الأوروبيين، مشيراً إلى توقيع اتفاقية العام الماضي في مجال الأبحاث، وذلك في إطار برنامج «بريما»، لافتاً إلى أن مصر شاركت في 30 اتفاقية تمويل.
في سياق ذلك، قال سوركوش إن الحكومة المصرية تستهدف خطة طموحة لتنفيذ برامج في مجال المياه، مشيراً إلى أنه «كجزء من التعاون المائي سنطلق المنتدى الأول للمياه بين مصر والاتحاد الأوروبي، ونحتاج إلى مشاركة القطاع الخاص وشركاء التنمية»، مبرزاً أن الاتحاد الأوروبي سيطلق برنامجاً رائداً حتى عام 2020 بميزانية 120 مليون يورو، تهدف إلى تعزيز الأمن المائي في مصر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.