واشنطن تدعم تسوية الأزمة بين موسكو وتل أبيب

وزير إسرائيلي: علاقاتنا مع روسيا حميمة ولن تقع بيننا أي مواجهة

صورة من الأرشيف لطائرات روسية في قاعدة حميميم (أ.ب)
صورة من الأرشيف لطائرات روسية في قاعدة حميميم (أ.ب)
TT

واشنطن تدعم تسوية الأزمة بين موسكو وتل أبيب

صورة من الأرشيف لطائرات روسية في قاعدة حميميم (أ.ب)
صورة من الأرشيف لطائرات روسية في قاعدة حميميم (أ.ب)

في وقت كُشف فيه عن أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان قد رفض استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في موسكو بغرض تسوية الأزمة الناشئة عن سقوط الطائرة الروسية فوق اللاذقية، تجندت الإدارة الأميركية لمساندته. وأعلن الرئيس دونالد ترمب خلال لقائه في نيويورك، بعد ظهر أمس، بأنه يقف إلى جانب إسرائيل وأمنها 100 في المائة.
وأضاف ترمب، الذي يستقبل نتنياهو للمرة الرابعة على أرض الولايات المتحدة منذ توليه الرئاسة، أن موضوعات كثيرة طرحت على جدول الأبحاث، في مجالات «التجارة والاقتصاد والجيش والدفاع، ونحن نؤيد جداً ما تفعله إسرائيل في المجال الأمني 100 في المائة». وفيما يتعلق بالأزمة الإسرائيلية - الروسية بعد إسقاط طائرة روسية في سوريا، قال ترمب «سأتحدث مع بوتين إذا كان هذا مناسباً».
وقال مقرب من نتنياهو، إنه «في حال اختارت الإدارة الأميركية التدخل، من الممكن أن تدفع باتجاه صفقة واسعة، تشمل تأجيل صفقة منح الصواريخ الروسية المتطورة لسوريا مقابل تفاهمات واسعة النطاق بين واشنطن وموسكو وإسرائيل، بيد أن ذلك يتعلق بمدى اهتمام الرئيس الأميركي وجدول أعمال الإدارة الأميركية وقدرتها على التنفيذ التي تبينت أنها محدودة في الشرق الأوسط».
وبحسب مصدر إسرائيلي، تباحث الطرفان في عدد من القضايا، في مقدمتها الأزمة الحاصلة في العلاقات الإسرائيلية - الروسية وتحميل روسيا إسرائيل المسؤولية عن إسقاط الطائرة الروسية في سوريا ومقتل 15 ضابطاً وجندياً كانوا على متنها. كما تباحثا في مسألة الوجود الإيراني في سوريا، والعقوبات ضد إيران، والخطوات الأميركية المنحازة لإسرائيل ضد الفلسطينيين.
وكانت أوساط سياسية في تل أبيب قد كشفت أن نتنياهو طلب من الرئيس بوتين، فور سقوط الطائرة الروسية قبل تسعة أيام، أن يصل إلى موسكو ويلتقيه وجهاً لوجه؛ كي يتباحث معه في الموضوع بشكل معمق. لكن بوتين رفض. فعرض أن يسافر وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، ووفد من وزارة الدفاع. فرفض هذا الاقتراح أيضاً. وقال بوتين، إن هذه مسألة تستدعي البحث على مستوى فني ومهني وليس سياسياً. فاقترح نتنياهو إرسال مستشاره لشؤون الأمن القومي، اللواء موشيه بن شبات. فطلب بوتين إرسال قائد سلاح الطيران الإسرائيلي، عميكام نوركين، بوصفه المسؤول المباشر عن المشكلة. وهكذا سافر نوركين والتقى لمدة عشر ساعات المسؤولين الروس، وخرج بانطباع بأن الأمور سالكة والمشكلة قد حلت. لكن، وقبل أن تطأ قدماه مطار تل أبيب، أعلن الروس اتهامهم إسرائيل بالمسؤولية عن إسقاط الطائرة.
وبحسب المصادر السياسية في تل أبيب، فإن الأزمة بين إسرائيل وروسيا على خلفية إسقاط الطائرة الروسية «إيل 20» لا تزال بعيدة عن الحل، والمحققون الروس يقولون إن أداء الجيش الإسرائيلي في هذه الحادثة «غير المهني».
وقالت مصادر إسرائيلية للمحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إن الرواية الروسية تثير تساؤلات عدة، ويبدو أن موسكو لم تبذل جهداً أكثر من اللازم في مهنية تحقيقها. ويضيف أنه من المرجح أن روسيا «سئمت من استخدام إسرائيل للأجواء السورية وكأنها أجواؤها هي، وتنوي لجم حرية سلاح الجو الإسرائيلي في مواصلة العمليات في سوريا». ونقل هرئيل عن ضباط احتياط تعقيبهم على بيان المجلس الوزاري بشأن مواصلة العمليات في سوريا، قولهم إنه «في حال وجود ضرورة ملحة للعمل ضد نقل أسلحة إيرانية إلى لبنان، فإن إسرائيل ستخاطر وتنفذ العمل».
وفي السياق، صرح الوزير الإسرائيلي، تساحي هنغبي، بأن العلاقات بين إسرائيل وروسيا جيدة وحميمة، مستبعداً وقوع مواجهة معها. وأكد هنغبي في حديث إذاعي صباح أمس، أن إسرائيل تعمل في سوريا للتأكد من عدم نشوء وحش كـ«حزب الله» رقم 2، مشدداً على أن إسرائيل ستمنع ذلك مهما كان الثمن، وأن روسيا على علم اليقين بذلك. وأضاف أن الروس لا يدافعون عن سوريا، بل يزودونها بمنظومات صواريخ، محذراً من أن من يطلق النار على طائراتنا يعي معنى ذلك. وأشار إلى أنه على مر السنوات الثلاث الأخيرة التي عملت خلالها إسرائيل في سوريا لم يصب أي من العسكريين الروس بأذى؛ لما اتخذته إسرائيل من جانب الحيطة والحذر، وبفضل معلومات استخباراتية دقيقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».