إسرائيل مصدومة من الاتهامات الروسية وتعتبرها «إسفيناً إعلامياً»

TT

إسرائيل مصدومة من الاتهامات الروسية وتعتبرها «إسفيناً إعلامياً»

تلقت إسرائيل الرسمية، الاتهامات الروسية، أمس (الأحد)، بتحميلها مسؤولية إسقاط الطائرة «اليوشين 20» في أجواء اللاذقية قبل أسبوع، بالصدمة. ومع أن المسؤولين الرسميين امتنعوا عن الحديث الصريح في الموضوع، إلا أنهم سرّبوا للإعلام توضيحات وتقييمات ولسعات سياسية، مفادها أن «الروس يطلقون حملة إعلامية هدفها تثبيت موقف جديد يقيد حرية سلاح الطيران الإسرائيلي في تنفيذ الغارات على القواعد الإيرانية في سوريا».
وقال القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي إلياهو بن نون، إن «الروس استقبلوا قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء عميكام نوركين، الخميس الماضي، واستمعوا لأقواله وتفسيراته حول سقوط الطائرة وأبدوا له أنهم تقبلوا تفسيراته بأن الدفاعات السورية هي المسؤولة عن سقوط الطائرة، ولكنهم يخرجون إلى العلن الآن في هذه الحملة الإعلامية العلنية بموقف مناقض تماماً، لأغراض سياسية، فهم في وضع حرج جداً، إذ قام حلفاؤهم السوريون بإسقاط طائرة تجسس لهم وقتل كل طاقمها المؤلف من 15 فرداً، والأمر يمس بهيبتهم ومكانتهم في سوريا والعالم. ولذلك يوجهون سهامهم نحو إسرائيل على أمل أن يستطيعوا اتخاذ إجراءات تحفظ لهم مكانتهم».
ولكن ابن نون انتقد الحكومة الإسرائيلية على طريقة معالجتها الموضوع. وقال: «في مثل هذه القضايا لا يجوز أن تحاول تبرئة نفسك من الاتهام ولا يصح أن تشترك في لعبة (من المسؤول عن الخطأ؟). فالحديث هنا يتعلق بهيبة دولة عظمى ابتُليت بمصيبة من أصدقائها. وكان يجب التركز في أمر آخر تماماً هو ما أوحى لنا به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما قال في مكالمته مع رئيس حكومتنا، بنيامين نتنياهو، إن ما جرى هو مسلسل أخطاء. وكان علينا أن نقبل هذا التفسير ونعيد تكراره، ونقول: هناك أخطاء من جميع الأطراف. ومن جهة إسرائيل فإننا سوف نستخلص العبر ونساهم بكل قدراتنا حتى لا يتكرر».
وقال المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، إن «أهم ما فعله الروس اليوم (أمس الأحد)، هو تجاهلهم التام للتفسير الإسرائيلي لما جرى في سماء اللاذقية في ذلك اليوم المشؤوم. فإسرائيل خرجت عن المألوف في العلاقات الدبلوماسية وأرسلت قائد سلاح الجو وكبار ضباط الاستخبارات محملين بالوثائق المتعلقة ليس فقط بالحادث نفسه بل أيضاً في ظروفه كلها. ومع ذلك فقد تجاهلوا كل ما قيل لهم وضربوا به عرض الحائط. وعادوا إلى الادعاءات التي نشروها في حينه، فور سقوط الطائرة واتهموا إسرائيل، وأظهروها ناكرةً للجميل».
ويضيف ابن يشاي: «هناك استنتاجان أساسيان يمكن أن يخرج بهما من يقرأ بعمق الموقف الروسي. الأول هو أنهم يحاولون تبييض سمعتهم، إذ إن ما جرى في اللاذقية يدل ليس فقط على أن جيش سوريا تصرف بإهمال وجهل، بل إن المدربين الروس لم يدربوهم جيداً ولم يمنحوهم الأدوات المهنية لاكتشاف وجود طائرة روسية في مكان القصف. وهناك صراعات قوة داخل روسيا ومعارضة وانتقادات، وأفضل شيء لهم هو إقحام إسرائيل في المعركة. والاستنتاج الثاني هو أن الروس لا يريدون أن يكسروا كل القوالب مع إسرائيل لذلك لم يطالبوها بوقف غاراتها، لكنهم في الوقت نفسه يسعون لتقييد أيدي إسرائيل وتخفيف غاراتها، عدداً وحجماً. فبعد اتهام إسرائيل ستكون هناك لقاءات وجلسات ومفاوضات، وسيطلبون منا تفاهمات جديدة وقيوداً جديدة».
وأكد ابن يشاي أن «على الحكومة الإسرائيلية أن تبتلع الأكاذيب الروسية الجديدة والتوجه الإيجابي للتوصل إلى تفاهمات جديدة، أهم ما فيها هو أن تصر إسرائيل على ألا يبقى إيرانيون في سوريا وألا يستمر نقل الأسلحة».
وقال المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إنه ما كان يجب أن يفاجئ الموقف الروسي أحداً، باستثناء أولئك الذين انبهروا بألاعيب نتنياهو عندما كان يمتدح نفسه على العلاقات المميزة مع بوتين وعندما كان يروج أن بوتين صاحب مصداقية و«كلمته كلمة». فالعلاقات مع إسرائيل تعود لحجمها الطبيعي الآن. فما يهم روسيا هو مصالحها، ومن مصلحتها أن تلقي بالمسؤولية على إسرائيل. ويضيف هرئيل: «مصداقية التحقيقات الروسية ليست عالية، بالتأكيد. وحسب خبراء في الطيران العسكري فإن هناك ادعاءات غير مهنية وساذجة في تقريرهم. ولكنهم يسمحون لأنفسهم بمثل هذا التقرير لكي يحققوا الأمر الأهم والاستراتيجي. فالرئيس بوتين، صاحب القول الفصل في روسيا، سيترجم تقرير وزارة الدفاع الروسية إلى تغييرات في التفاهمات الإسرائيلية الروسية في سوريا، بحيث يكون لموسكو دور أكبر وثقل أكبر في الحسابات الإسرائيلية. ولا ينبغي الاعتماد عليه بأنه يفكر كثيراً في المصالح الإسرائيلية.
بوتين يعرف أن شحنات أسلحة إيرانية ستكون في الطرق إلى سوريا في فترة قريبة، وأن إسرائيل تريد تدمير هذه الشحنات. وسيكون هناك امتحان آخر للتفاهمات الروسية الإسرائيلية عندئذ».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».