صلاح عبد الصبور هو أحد أكبر شعراء الحداثة وأكثرهم إخلاصا لجوهر الشعر وطبيعته ومعناه، رغم أن شهرته قد تقل قليلا عن مجايليه. وقد يكون من أسباب ذلك، أنه لم يكترث لكل ما يتصل ببريق الشهرة الخادع والنجومية الزائفة، بل كان يؤثر التواضع والتواري والإقامة في الظل، وكان شعره بالتالي هو الوجه الآخر لتجربته الحياتية، حيث الالتصاق الوثيق بالمعنى، والإصغاء المرهف إلى ما يغشى سمعه من أصوات الداخل والخارج، وإماطة اللثام عن النواة العميقة للأحزان.
ولأنه كذلك فلم يكن صاحب «شجر الليل» ليأبه كثيرا لمتطلبات الشكل أو للتوشيات الزخرفية المفرطة، بل كان همه الأساسي متمثلا في التعبير عما يكابده من اختبارات إنسانية مأزقية، وما تجيش به نفسه من مشاعر الحزن والقلق والاغتراب. هكذا بدا شعره مترسلا وخفيفا وشديد الانسياب، كما لو أنه مكتوب بروح النثر وعفويته وسلاسته. إنه ليس شعرا للمنابر العاتية والتصفيق المدوي، بل شعر التأمل الخافت.
ولا يحتاج قارئ عبد الصبور كثيرا من العناء لكي يكتشف أن فكرتي الحزن والموت تكادان أن تكونا اللازمتين المصاحبتين بشكل دائم لمعظم ما كتبه من قصائد. وثمة ما يقودنا إلى الاستنتاج بأن في تكوين الشاعر الفطري ما سهل لبذرة الحزن والتشاؤم سبل النمو، وما حوّلها إلى سمة دائمة من سمات شعره وحياته، وهو ما يؤكده إعجاب عبد الصبور الشديد بأبي العلاء المعري، وقد عده أهم الشعراء العرب وأخطرهم عبر العصور.
...المزيد
عبد الصبور... رؤية مأساوية يتلازم فيها الموت والحزن
قلص المسافة بين الشعر والنثر
عبد الصبور... رؤية مأساوية يتلازم فيها الموت والحزن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة