البرلمان العراقي ينهي الجدل الدستوري حول جلساته

رئيسه يباشر مهامه بزيارة البصرة اليوم... ومرشح حزب بارزاني نائباً ثانياً له

TT

البرلمان العراقي ينهي الجدل الدستوري حول جلساته

بانتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي رشيد حداد، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، يكون البرلمان قد أنهى الجدل بشأن لا دستورية جلساته منذ جلسته الأولى في 3 سبتمبر (أيلول) الحالي وحتى يوم أمس.
وكان البرلمان انتخب أول من أمس محمد الحلبوسي رئيساً له، وحسن الكعبي عن تحالف «سائرون» نائباً أول، بينما لم يتمكن مرشح «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني من الفوز بما يكفي من الأصوات للحصول على منصب النائب الثاني، الأمر الذي دفع رئيس السن محمد علي زيني إلى تأجيل انتخابه إلى أمس. وفيما أدى انتخاب الحلبوسي ممثلاً عن المكون السني لهذا المنصب إلى نشوب خلافات داخل أطراف الكتل السنية بدأت ترافقها حملة إعلامية ضد الحلبوسي والمحور الوطني الذي يمثله وهو أحد التشكيلات السنية، فإن حصول «سائرون» على منصب النائب الأول و«الديمقراطي» على النائب الثاني سوف يحدد ملامح منصبي رئيسي الجمهورية والوزراء.
وعما إذا كان عدم حصول توافق كردي - كردي قد هيمن على انتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان، يقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي عضو البرلمان السابق، لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم التوافق الكردي أسهم بالتأكيد في عدم حصول مرشح الديمقراطي الكردستاني على الأغلبية المريحة في اليوم الأول رغم أنه اقترب منها»، مبيناً أن «هناك سبباً آخر، وهو أن أحزاب المعارضة الكردية طرحت مرشحين من قبلها، وهو ما أدى إلى تشتيت الأصوات». وأوضح شنكالي أن «الأمر اختلف أمس وبدا أن توافقاً قد حصل بين الحزبين، بالإضافة إلى أن حصول الديمقراطي على منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان سوف يعزز فرص الاتحاد الوطني في الفوز بمنصب رئيس الجمهورية ويجعله يتمسك به أكثر».
وطبقاً لما يراه المراقبون السياسيون في بغداد، فإن حصول «الديمقراطي الكردستاني» على منصب النائب الثاني لرئيس البرلمان حدد ملامح المرشح لمنصب رئيس الجمهورية الذي سيكون من حصة الاتحاد الوطني، بينما حصول «سائرون» على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان يعني أن منصب رئيس الوزراء سوف يكون من حصة تحالف «البناء» الذي يضم تحالفي «الفتح» بزعامة هادي العامري و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي.
على صعيد آخر، أكد تحالف المحور الوطني الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أن الكتل السياسية «أثبتت قناعتها» بمشروع التغيير والبناء. وقال المتحدث باسم التحالف ليث الدليمي في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب مع نواب التحالف أمس، إن «تحالف المحور يقدر الوقفة الوطنية لأعضاء مجلس النواب لتحملهم المسؤولية الوطنية ومنحهم قيادة برلمانية شابة تتميز بالكفاءة والإخلاص»، مبيناً أن «الوقفة الوطنية تأكيد على الرغبة السياسية لضخ دماء جديدة لتنشيط العملية السياسية والتوجه نحو البناء لإعادة مجد العراق». وأضاف الدليمي أن «الكتل السياسية أثبتت قناعتها بمشروع التغيير والبناء ونأمل أن يكون موعداً لانطلاق مشروع بناء الدولة».
وحول الخلافات السنية - السنية التي فجرها انتخاب الحلبوسي بدعم من كتلة «البناء» والاتهامات الموجهة له وللمحور الذي ينتمي إليه، أكد القيادي البارز في التحالف محمد الكربولي عضو البرلمان العراقي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مثل هذه الاتهامات ليست جديدة، ونحن كنا منذ البدء نعرف أننا سنكون في مواجهة كم هائل من الاتهامات من هذا الطرف أو ذاك ممن كانوا قد تسببوا بكل الخراب الذي عاشته مناطقنا خلال السنوات الماضية». وأضاف الكربولي: «نعرف أن أعداء النجاح سوف يضعون مزيداً من العراقيل بهدف إفشال مشروعنا الوطني، لكننا سنمضي دون أن نأبه لمثل هذه الأصوات بعد أن وضعنا ثقتنا في قيادة شابة وشجاعة للبرلمان».
من جانبه، قرر الحلبوسي أن تكون بداية عمله من محافظة البصرة التي تشهد منذ أكثر من 3 شهور احتجاجات واضطرابات وصلت حد حرق المواجهات المسلحة التي سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى. وقال الحلبوسي خلال كلمة له عند بدء تسلمه مهام منصبه إنه سيبدأ اليوم زيارة إلى البصرة على رأس وفد نيابي كبير. من جهتها، أكدت رحاب العبودة عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة البصرة تعليقاً على عزم الحلبوسي زيارة البصرة، أن «الوضع في البصرة لا يمكن إصلاحه بمجرد الزيارات التي يمكن أن يكون لها وقع إعلامي ومعنوي ليس أكثر». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع في البصرة تحتاج وقفة أعمق من قبل البرلمان، وذلك عبر عقد جلسة كاملة النصاب في البصرة بحضور المسؤولين التنفيذيين واتخاذ القرارات اللازمة لمعالجة مشكلاتها وإلزام المسؤولين التنفيذيين بتلك القرارات، وفقاً لمدد زمنية مدروسة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.