عمد المديرون التنفيذيون في شركة «جيليت» العالمية، ولعقود طويلة، على تحديد طريقة الحلاقة واعتبارها طقساً من الطقوس اليومية الروتينية.
تشتهر الشركة بإرسال شفرات الحلاقة المجانية، مع بطاقات بعنوان «مرحباً بالرجولة»، على الملايين من الرجال سنوياً، حال بلوغهم العام الثامن عشر من أعمارهم. وتركز إعلانات الشركة على تجارب الحلاقة الشخصية التي ينقلها الآباء إلى الأبناء من جيل إلى جيل (وأحياناً بمساعدة من رياضيين مشهورين على الصعيد العالمي).
لكن في السنوات الأخيرة، بدأ المسؤولون التنفيذيون في الشركة في رؤية علامة مميزة أخرى باتت تظهر في حياة العملاء: وهي اللحظة التي يبدأ الأبناء في الحلاقة للآباء المسنين.
يقول مات هودغسون، مهندس التصاميم لدى شركة «بروكتر أند غامبل» العالمية التي تمتلك شركة «جيليت»: «لقد بدأنا نشاهد ذلك في جميع وسائل الإعلام الاجتماعي أخيراً، الرجال الذين ينشرون تجاربهم مع غسيل وحلق ذقون الآباء. وإنه شيء صعب للغاية ومؤثر وعاطفي بدرجة كبيرة».
واتضح أن هناك قدراً من التحديات اللوجيستية المعنية بالأمر كذلك. فكبار السن من طريحي الفراش ليست لديهم وسيلة مناسبة للوصول إلى المياه الحالية لغسيل الشفرات أو غسيل كريم الحلاقة. والشفرات التقليدية سريعة في إحداث الخدوش بالبشرة الرقيقة لكبار السن. وقال هودغسون: «نحن متخصصون في تطوير شفرات الحلاقة، ومع ذلك، فإن كل المنتجات الموجودة في الأسواق تتعلق بالحلاقة الذاتي. وعندما تستخدم الشفرة مع شخص آخر فإنها لا تعمل بصورة مناسبة أبداً. وكان من الواضح أننا في حاجة إلى إيجاد منتج جديد تماماً».
وبعد ثلاث سنوات من الملاحظة، والتصميم، والاختبار، تتأهب شركة «جيليت» لطرح أول شفرة حلاقة مصممة خصيصاً لمقدمي الرعاية لحلق ذقون الآخرين. ومنتج «جيليت تريو» يأتي بمقبض واسع للغاية، ومزود بأنبوب يحتوي على هلام شفاف ولطيف يستخدم بديلاً عن الماء الجاري أو كريم الحلاقة التقليدي.
وتبحث الشركة، صاحبة العلامة التجارية الكبيرة والشهيرة، التي بدأت في فقدان العملاء من صغار السن بسبب الشركات الناشئة الجديدة على الإنترنت مثل شركة «هاري»، عن الفرص للوصول إلى الشريحة السكانية الأسرع نمواً في البلاد: المواطنين الأميركيين الذين يبلغون 65 عاماً من العمر وأكثر.
ومن المتوقَّع لعدد كبار السن في الولايات المتحدة أن يتضاعف بحلول عام 2050، الأمر الذي يخلق بيئة مناسبة تماماً لنمو تجاز التجزئة والشركات المصنعة. وتنفق شركة «بيست باي»، التي تستثمر بكثافة في مجال تكنولوجيا خدمات كبار السن، نحو 800 مليون دولار على شركة «غريت كول»، وهي شركة تقنية تقف وراء إنتاج هاتف «جيتربوغ» الصديق لكبار السن، والذي يأتي بأزرار وشاشات كبيرة للغاية، وينبه أول المتصلين بالهاتف إن كانت هناك حالة طوارئ قد ألَمّت بصاحب الهاتف (من شأن عملية الاستحواذ، المقرر الانتهاء منها خلال هذا الخريف، أن تكون الأكبر في تاريخ شركة «بيست باي»). وهناك شركات أخرى تعمل على تصنيع فرشاة وأمشاط الشعر ذات المقابض القابلة للإطالة، وفرشاة أسنان ثلاثية الرؤوس، والأحذية المزودة بالمجسات التي يمكنها اكتشاف العثرات وتحذر من السقوط، وكلها تهدف إلى شريحة كبار السن وأولئك الذين يهتمون برعايتهم.
يقول جورجان بندر، الاستشاري الذي يساعد تجار التجزئة على استيعاب المتسوقين من كبار السن: «إن الموجة تتحول، وبدأ تجار التجزئة في إدراك الفرص الكبيرة في هذا المجال، التي لا يهتمون بها. لقد ركز الجميع ولفترة طويلة للغاية على العملاء من صغار السن، لكن إن نظرنا إلى الإحصائيات، لا يزال جيل الطفرة السكانية يسيطرون على نسبة 70 في المائة من الدخل المتاح في البلاد».
ومن المتوقع لمعدلات الإنفاق لدى المواطنين الأميركيين البالغين 50 عاما وأكثر أن ترتفع بنسبة 58 في المائة وصولاً إلى 4.74 تريليون دولار خلال السنوات العشرين المقبلة، وفقا إلى الرابطة الأميركية للمتقاعدين. (ومن المتوقع لمعدلات الإنفاق للفئة العمرية 25 إلى 50 عاما، على النقيض من ذلك، أن تزيد بنسبة 24 في المائة فقط). وفي الوقت نفسه، فإن عدد البالغين الذين يعتنون بالآباء من كبار السن من المنتظر أن يزيد بوتيرة ثابتة خلال السنوات المقبلة.يقول داني سيلفرمان، كبير مسؤولي التسويق لدى شركة تحليلات التجارة الإلكترونية «كلافيس إنسايت»: «لقد صار الأمر كحمّى البحث عن الذهب. سواء كنت من مصنعي فرشاة الشعر أو مجرد شركة من شركات التكنولوجيا، فإنك تفكر في كيفية تلبية احتياجات المواطنين من كبار السن في البلاد». يتخذ تجار التجزئة في كل أنحاء البلاد خطوات جيدة نحو جعل متاجرهم أكثر صداقة وملاءمة للمتسوقين من كبار السن. وبدأت بعض المتاجر في إضافة نظارات مكبرة على الأرفف، في حين أن هناك متاجر كبيرة أخرى قد زادت من حجم خط الكتابة المستخدم في ملصقات الأدوية. ومتاجر أخرى بدأت تستخدم أضواء أكثر توهجا وأرضيات مانعة للانزلاق.
وقال بندر: «بدءاً من سن الستين عاماً، فأنت تحتاج إلى المزيد من الضوء ليساعدك على الرؤية. ولا تزال كثير من المتاجر تبدو مظلمة للغاية حتى الآن كما نقول لهم. وهناك جميع هؤلاء الأشخاص مع الكثير من الأموال بحوزتهم، ولكنهم لا يستطيعون رؤية المنتجات على الأرفف بشكل سليم».
في شركة «بيست باي»، يتزايد التركيز بشكل واضح على المواطنين الأميركيين من كبار السن الذين يعيشون في المنازل.
الخطوة الأولى: اجعل الأمر سهلاً على البالغين الذين يراعون آباءهم من متابعة حياتهم اليومية. ويستخدم برنامج «أشورد ليفينغ»، الذي طبقته الشركة اعتباراً من العام الماضي، شبكة من المجسات المتعددة لتنبيه مقدمي الرعاية بأية تغييرات في الروتين لدى كبار السن.
هل تناولت أمي الدواء؟ هل لا تزال في غرفتها؟ هل ارتفعت الحرارة في غرفتها؟ هل باب الغرفة مفتوح؟ يقول تجار التجزئة إن مجسات الخزائن، والمجسات تحت الأسرة، وأنظمة الحرارة الذكية، والكاميرات الأمنية يمكنها مساعدة البالغين على المراقبة الفعالة لآبائهم وضمان سلامتهم بشكل استباقي داخل المنازل. والأساور القابلة للارتداء، في الوقت ذاته، تنبه مقدمي الرعاية، أو عمال الإغاثة، في حالات الطوارئ.
يقول هوبرت جولي، المدير التنفيذي لشركة «بيست باي» إن «جزءاً من السوق المستهدفة لدينا هم المواطنون الضعفاء: أي الأشخاص الذين لا يزالون يتمتعون بصحة جيدة ويعيشون في منازلهم، والذين يمكن أن تتدهور صحتهم بصورة خطيرة إذا سقطوا على الأرض أو كانت هناك موجة حارة شديدة»، وأضاف قائلاً إن البيانات الواردة من هذه الأجهزة يمكن أن تفيد أيضاً في المجال الطبي وشركات التأمين.
- خدمة «واشنطن بوست»