مروان حمادة: صبر اللبنانيين بدأ ينفد من جبران باسيل

دعا الرئيس عون إلى «وضع حد لتصرفات وزير الخارجية»

وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة
وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة
TT

مروان حمادة: صبر اللبنانيين بدأ ينفد من جبران باسيل

وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة
وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة

يعتبر وزير التربية والتعليم العالي النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» مروان حمادة أن أحد أبرز المسؤولين عن تعطيل تشكيل الحكومة اللبنانية هو وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، ويرى أن لبنان قد يكون مقبلا على أزمة نظام وأزمة حكم خطيرة جدا في حال استمرار النهج القائم وعدم مسارعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ«وضع حد» لتصرفات باسيل.
ويشير حمادة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لبنان لا يواجه أزمة حكومية بالمعنى المطلق للكلمة، إنما يواجه أزمة سياسية عنوانها تسلط وزير الخارجية جبران باسيل الذي بات يتصرف وكأنه رئيس جمهورية ورئيس حكومة مكلف ورئيس للمجلس النيابي والمهيمن على الدولة بكل مفاصلها، فيوزع الحصص والمقاعد والحقائب ويمنع تشكيل حكومة متوازنة تضم كل الأطراف مبنية على نتائج الانتخابات النيابية لا على احتكار فئة عائلية ضيقة لها عقلية فاشية كل مفاصل الدولة».
ولا يرى حمادة أن تشكيل حكومة في وقت قريب مسألة مستعصية، ويعتبر أنه «بتفاصيل صغيرة وبتنازلات طفيفة من كل الأطراف، يمكن تشكيل حكومة بساعات قليلة، أما باستمرار النهج الحالي من قمة السلطة إلى قاعها، فذلك يعني أن لبنان متجه إلى أزمة نظام وأزمة حكم خطيرة جدا». ويرد حمادة على باسيل الذي أعلن مؤخرا أن «مهلة تأليف ​الحكومة​ بدأت تنتهي بالنسبة إلى جميع الناس الذين بدأ صبرهم ينفد وأنا منهم»، قائلا: «صبر الشعب اللبناني هو الذي بدأ ينفد من جبران باسيل، والنداء بات نداء جامعا وجامحا باتجاه عون ليضع حدا لتصرفات شخص سيقضي على ما تبقى من احترام لمواثيق الوفاق الوطني كاتفاق الطائف والدستور اللبناني».
ولا يعير حمادة كثيرا من الاهتمام للسيناريوهات التي بدأ تداولها عن وجوب اختصار مهلة التكليف أو حتى سحب البساط من تحت قدمي الرئيس المكلف سعد الحريري، ويعتبر أن «قضية وسائل اختصار مهلة التكليف، محصورة بمخيلات بعض الشخصيات التي طغى عليها منحى التعصب الطائفي والمذهبي والتي تحاول اقتناص الفرص للانقضاض على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف ورئاسة مجلس الوزراء». ويضيف: «لا وجود لعريضة نيابية ستجمع أكثرية كافية، ولا أي وسيلة أخرى تستطيع أن تؤدي إلى الانقلاب على ما اتفقنا عليه منذ الميثاق الوطني في عام 1943 أو في الطائف في عام 1989». ويشدد حمادة على أن «حكمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري من جهة، وصلابة الرئيس المكلف وصمود القوى اللبنانية الديمقراطية مثل الحزب (التقدمي الاشتراكي) و(القوات اللبنانية) من جهة أخرى، تشكل كلها حاجزا متينا يحول دون القفز في هوة الفتنة اللبنانية».
ويرفض حمادة الحديث عن «عقدة درزية» تحول دون تشكيل الحكومة، معتبرا أن «القصة ليست قصة توزير رئيس الحزب (الديمقراطي اللبناني) النائب طلال أرسلان أو عدمها، إنما القضية تُختصر بكونه ممنوعا على جبران باسيل أن يمد يده على التمثيل الدرزي في مجلس الوزراء، فيخلق بذلك سابقة لا تُحمد عقباها عادة».
ويراقب حمادة كما باقي الفرقاء السياسيين عملية تشكيل لجان حزبية لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، وأبرز هذه اللجان شكلها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر». ويؤكد حمادة أن «هذه اللجان لا قيمة لها، باعتبار أن الدولة اللبنانية هي السيدة في هذا الموضوع»، مضيفا: «كفانا تدخلا بالحرب السورية بالحديد والنار، فلا يجوز أن نقضي بوسائل عنصرية على ما تبقى من الشعب السوري المسكين والمهجر خارج الحدود».
ويعتبر وزير التربية أن حل أزمة النزوح يكون «سياسيا، وإنسانيا، وطوعيا»، مشيرا إلى أنه «بات واضحا أن كل الدول الكبرى كروسيا وأميركا والوكالات الأممية تهتم بهذا الشأن»، قائلا: «فليكف المتدخلون الصغار عن تشويه هذا الملف بعد كل ما قدمه لبنان من تضحيات نال على أساسها سمعة دولية براقة باستقباله النازحين والاهتمام بهم». ويختم حمادة: «فلتكن الخاتمة سعيدة بمستوى الشعب اللبناني وقيمه ومعاييره».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.