دفعت الميليشيات الحوثية بالمزيد من معمميها الطائفيين إلى مناطق الساحل الغربي ومحافظة الحديدة، لبث الفتاوى الموجبة للقتال في صفوفها، وسط استمرار حملاتها من أجل التجنيد وإعادة العسكريين المنقطعين إلى الخدمة، وبالتزامن مع أوامر وجهتها للموالين لها من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» تحضّهم على تكثيف مساعيهم لاستقطاب أتباع الحزب إلى الجبهات.
في غضون ذلك، ردت الميليشيات على دعوات التثوير التي أطلقها العميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح في خطابيه الأخيرين، بإصدار المزيد من أحكام الإعدام بحق المناهضين، وتكثيف حملات الاعتقال والاختطاف في صنعاء والحديدة وذمار والبيضاء وتعز وإب وريمة، في مسعى يهدف إلى إثارة الرعب بين المواطنين من مغبة التفكير في مناهضة وجودها الانقلابي.
وفي سياق التحركات الحثيثة للجماعة لتوظيف المنابر واستخدام الخطاب الطائفي عبر إصدار الفتاوى الداعية إلى وجوب القتال معها في الساحل الغربي، دفعت بالمزيد من معمميها الطائفيين إلى مساجد مدينة الحديدة والمديريات التابعة لها ضمن مساعيها لاستقطاب المجندين ومحاولة إقناع السكان بالدفع بأبنائهم وذويهم إلى صفوفها.
وأفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» بأن القيادي الحوثي المعيَّن من قبل الجماعة وكيلاً لأوقافها وإرشادها، صالح الخولاني، شدَّد على خطباء المساجد وأئمتها في مديرية الزيدية شمال الحديدة، من أجل تحريض الناس على القتال وتزيين فكرة الموت في سبيل الجماعة التي زعم أنها تنافح عن الإسلام بأوامر إلهية.
وبحسب المصادر، دفع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بواحد من كبار أقاربه والمعممين البارزين، وهو عبد المجيد الحوثي، إلى مديرية باجل وهي كبرى مديريات الحديدة الممتدة إلى الشمال والشرق منها، من أجل الغاية ذاتها المتمثلة في بث فتاوى الجهاد مع الميليشيات وتحبيب فكرة الموت من أجلها، في مواجهة القوات الحكومية والتحالف الداعم لها.
وذكرت المصادر أن قريب الحوثي، أفتى في ندوة أقامها بأحد مساجد المديرية، بأن «من لم يستجِب للنفير والقتال مع ميليشيات الجماعة فإن إسلامه باطل، وكل أعماله الصالحة غير مقبولة عند الله»، على حد زعمه، كما حذرهم من العقوبة الإلهية التي ستطالهم إذا لم يقوموا بالتبرع بأموالهم لصالح المجهود الحربي.
وفي سياق متصل، عاقبت الميليشيات الحوثية في مدينة حجة نزلاء السجن المركزي في المدينة بفرض حضورهم احتفال أقامه عناصر الجماعة لمناسبة ذكرى استقدام «الطقس الإيراني» المتمثل في الصرخة الخمينية إلى اليمن قبل 16 عاماً، على يد مؤسس الجماعة وشقيق زعيمها الحالي، حسين الحوثي.
وذكرت مصادر أمنية في المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة ساقت مئات السجناء إلى ساحة السجن المركزي، حيث أقامت الاحتفال، وأجبرتهم على الحضور بالقوة، كما أجبرتهم على ترديد «الصرخة الخمينية»، وسط أنباء عن مساعٍ لديها للإفراج عن العشرات منهم وإلحاقهم بجبهات القتال.
إلى ذلك، أصدرت، أول من أمس (السبت)، محكمة خاضعة للميليشيات في صنعاء أحكاماً بالإعدام على أربعة مواطنين لفقَتْ لهم تهماً بمساندة قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية والتحالف الداعم لها، وبتنفيذ أنشطة استخبارية أدت إلى استهداف مواقع ومعسكرات ومخازن أسلحة حوثية في صنعاء وصعدة وحجة، على حد ما زعمته المصادر الرسمية للجماعة.
وجاءت أحكام الإعدام لتلحق بعشرات الأحكام الصادرة خلال الأشهر الماضية، التي يرى المراقبون أنها تأتي في سياق سعي الجماعة الحوثية إلى إرهاب السكان من مناهضتها أو التفكير في مساندة القوات الحكومية، أو الاستجابة لدعوات العميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس الراحل المحرضة على الانتفاض في وجه الجماعة.
وردّاً على هذه الدعوات التي أطلقها طارق صالح في خطابيه الأخيرين، لجميع سُكّان صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة لحمل السلاح من أجل القضاء عليها، وعلى مشروعها الطائفي المسنود إيرانيّاً، كثَّفَتْ الميليشيات من حملات الاعتقال والاختطاف ومحاصرة القرى في أكثر من محافظة.
كما شَدَّدت الميليشيات على قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» لاستنفار أتباعهم للقتال وعدم الاكتفاء بالخضوع الشكلي للجماعة من قبلهم، طبقاً لما أفادت به مصادر حزبية في صنعاء، عقب استدعاء رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط لهذه القيادات وتحذيرها من مغبة التقاعس في التحشيد والاستنفار نحو الساحل الغربي.
وذكرت المصادر أن المشاط استدعى قيادات الحزب الموالية لجماعته في عمران وريمة والجوف وصنعاء، ومن بينهم محافظون ونواب في البرلمان ووزراء وقادة أمنيون في الحكومة الحوثية الانقلابية غير المعترف بها دوليّاً، إذ أمرهم على نحو منفصل بإثبات ولائهم للجماعة، والردّ عمليّاً على دعوات طارق صالح بحشد المجندين للقتال.
وفي السياق ذاته، دعا محافظ الجماعة في إب، المحسوب على حزب الرئيس الراحل (المؤتمر الشعبي) عبد الواحد صلاح أعيان المحافظة وقياداتها وكبار المسؤولين إلى عقد اجتماع موسع، اليوم (الاثنين)، للردِّ على دعوات طارق صالح، التي أشار إليها في تصريحات نقلتها المصادر بأنها دعوات للإخلال بالأمن والاستقرار في محافظة إب.
وفي صنعاء، عقد القيادي في الحزب جلال الرويشان المعين من قبل الجماعة نائباً لرئيس حكومتها لشؤون الأمن والدفاع، اجتماعاً للجنة الأمنية العليا الخاضعة للميليشيات، وذكرت المصادر الرسمية الحوثية أن الاجتماع جاء استجابة لأوامر المشاط، للرويشان، لجهة بحث تكثيف أعمال الملاحقة للخلايا المناهضة للوجود الحوثي، ولاستقطاب وتحشيد المجندين.
وفيما تصاعدت حملات الناشطين والمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي لفضح جرائم الميليشيات، والكثيرون منهم من أنصار حزب «المؤتمر الشعبي»، حذرت الجماعة في تصريحات لمسؤول إعلامها الأمني، من مغبة التحريض ضد الجماعة أو محاولة الإساءة إلى ميليشياتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وزعم القيادي الحوثي نجيب العنسي في تصريحاته أن أجهزة الجماعة ستتعقب مَن وَصَفَهم بالمحرضين وبعناصر الطابور الخامس، وأنها لن تتهاون معهم - على حد تهديده - سواء عبر مراقبة تغريداتهم في مواقع التواصل، أو عبر رسائل الهاتف أو عبر الحديث في المجالس والتجمعات والأماكن العامة ووسائل النقل، مشيراً إلى تمكُّن الميليشيات من اعتقال عدد منهم.
وردّاً على التهديد باختطاف الناشطين والمغردين، دعا ناشطون في حزب «المؤتمر» أنصار الحزب إلى لزوم الصمت في الفترة الراهنة، وعدم تعريض أنفسهم للتنكيل والاعتقال جراء ما يكتبونه من منشورات ضد الجماعة، مؤكدين أن الميليشيات قررت كما يبدو تكميم الأفواه بشكل نهائي.
وكانت الميليشيات الحوثية، فرضت، منذ أول من أمس، حصاراً، على منطقة مسور في مديرية مزهر، التابعة لمحافظة ريمة، وأغلقت الطرقات المؤدية إليها، واستدعت تعزيزات تمهيداً لاقتحامها، بعد أن رفض الأهالي تسليم ضابط عسكري، تتهمه الميليشيات بأنه على اتصال مع طارق صالح للتخطيط لعمليات ضد وجودها في المحافظة.
كما أفادت مصادر أمنية وناشطون بأن الميليشيات، شنَّت حملات اعتقال في مدينة زبيد، جنوب شرقي الحديدة، التي يقترب منها الجيش وقوات المقاومة الشعبية، بتهمة التواصل والتنسيق مع هذه القوات لطرد الميليشيات من المديرية ومدينتها التاريخية.
وذكرت المصادر أن الجماعة اعتقلت مدير أمن المدينة وليد حكمي، وعدداً من أعيانها واقتادتهم إلى مكان مجهول، بعد أن اتهمتهم بالتواصل مع ألوية العمالقة لتسهيل مهمة القوات في تحرير مديرية زبيد. وعلى نحو متصل، اتهمت مصادر حقوقية في محافظة حجة الجماعة الحوثية بتصفية المحامي محمد العبدلي، في مديرية أفلح الشام، بعد ثلاثة أيام من وصوله إليها فارّاً من تعسف وملاحقة الميليشيات له في صنعاء، والتضييق عليه لمنعه من أداء عمله في مواجهة انتهاكاتها.
وفي محافظة البيضاء، اعتقلت الجماعة مدير مكتب رئيس جامعة البيضاء صدام العرشي، وفيما ذكرت مصادر أكاديمية أن مسلحي الجماعة اختطفوا العرشي بعد خروجه من مكان عمله، رجحت أن دافعهم للاختطاف هو الانتقام منه بعد أن ضبط أحد عناصر الجماعة متلبساً بالغشِّ أثناء أداء الامتحان، واتخذ معه الإجراءات القانونية.
الميليشيات تدفع بكبار معمميها إلى الحديدة وتعاقب السجناء بـ«طقوس إيرانية»
الميليشيات تدفع بكبار معمميها إلى الحديدة وتعاقب السجناء بـ«طقوس إيرانية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة