باريس للأزياء الراقية... تفاؤل بالمستقبل وعودة إلى الماضي

مصمم دار «فالنتينو» أنهى الأسبوع على نغمة عالية

من عرض «شانيل» - من عرض «شانيل»... فتحات عالية بسحابات
من عرض «شانيل» - من عرض «شانيل»... فتحات عالية بسحابات
TT

باريس للأزياء الراقية... تفاؤل بالمستقبل وعودة إلى الماضي

من عرض «شانيل» - من عرض «شانيل»... فتحات عالية بسحابات
من عرض «شانيل» - من عرض «شانيل»... فتحات عالية بسحابات

«شانيل»

حتى كارل لاغرفيلد الذي كان إلى عهد قريب ينأى بنفسه عن كل ما يمكن وصفه بـ«الجميل» لم يعد يخاف أو يتهرب من هذا الوصف، والسبب كما قال: «إنه يعكس حجم التفاؤل الذي تعيشه فرنسا حالياً بعد انتخاب ماكرون». كان عرضه فرنسياً محضاً، وهو ما لم ينكره أو يخفيه. فقد سبق أن صرح بأن «مهمة الأزياء الفرنسية أن تُروج لباريس» مضيفاً: «إن هذا جزء من عملي». هذا التصريح كان رداً على سؤال حول الديكور الذي اختاره وكان عبارة عن شارع باريسي على طول نهر السين تترامى حوله «أكشاك» لبيع مجلات الموضة والقطع الفنية على خلفية مبانٍ لمؤسسات معروفة مثل المعهد الفرنسي الذي بناه لويس لو فو للكاردينال مازارين في عام 1660. الأزياء هي الأخرى عكست هذه البنايات من خلال خطوطها الهندسية ودرجات ألوانها التي تتباين بين الرمادي والبيج في غالبها، وبين الحين والآخر تتخللها تطريزات تلمع لتضيئها وتُدخل عليها الحيوية.
علاقة الحب بين كارل لاغرفيلد وباريس بدأت في الخمسينات حين وصل إليها وعمره 18 سنة فقط، ولحسن الحظ أنها لا تزال مستمرة وقوية تأخذ في الآونة الأخيرة أشكالاً اقتصادية وفنية على حدٍّ سواء. اقتصادياً كان من بين أوائل المصممين الذين اختاروا فرنسا مكاناً لعروض الـ«كروز» التي كانت الفكرة منها الترحال بعيداً إلى وجهات لا تخطر على البال. السبب واضح ويعود إلى محاولته الإسهام في إنعاش اقتصادها. فنياً ظل يستقي من شوارعها وثقافتها لسنوات، ومنذ أن ضمت «شانيل» ورشات حرفية متخصصة مثل «لوساج» و«ماسارو» وغيرهما وهو يُبرهن أن الـ«هوت كوتير» حق باريسي، وتستحق مكانتها الرفيعة كأحد الوجوه الفنية التي يجب الاحتفال بها. لكن الجميل في الأمر أنه أيضاً يشجع على التعامل معها كخط يناسب كل المناسبات، بإخراجها من نخبويتها لكن بأسلوب راق لا يتنازل عن الأساسيات التي أسس عليها هذا الخط منذ أكثر من قرن من الزمن.
فبعد عدة مواسم من محاولات التغزل بالشابات ومحاولات إدخالهن نادي الـ«هوت كوتير»، الأمر الذي يعني محاولات لإنزال هذا الخط من برجه العاجي بضخه بالأسلوب «السبور»، يبدو أنه مثل العديد من المصممين ممن أعادوا ترتيب أوراقهم وأفكارهم. فموسم خريف 2018 وشتاء 2019 كان عودة واضحة إلى أناقة زمان والأسلوب الكلاسيكي إلى حد ما. انتبهوا أخيراً إلى أنه ليست كل الشابات هن «ريهانا» أو «بيونسي» وأن الزبونة الحقيقية التي تشتري تصاميمهم امرأة تعيش حياة أخرى تماماً. لكنّ هذا لا يعني أنهم عادوا إلى التنورات المستديرة الضخمة أو الفساتين ذات الذيول الطويلة التي تستحضر صور الأميرات. ما قاموا به أنهم أعادوا صياغة مفهوم الأناقة الراقية بأسلوب عصري. فمثلاً، لم يستغنِ كارل لاغرفيلد عن رموز الدار مثل التويد، ماركة الدار المسجلة. فقد استعمله حتى في فستان الزفاف الذي أنهى به العرض. هذه المرة بدا التويد عموماً أكثر سمكاً، ربما لأن الموسم موجه إلى الخريف والشتاء، وقد ظهر هذا السُّمك أكثر في جاكيتات بأكمام مُبتكرة وتنورات طويلة تُفتح بسحابات عالية لتكشف أحياناً عن تنورات قصيرة من تحتها تتلالأ بالأحجار والتطريزات.
الابتكار في الأكمام تجسد أيضاً في فتحات عالية تعلو الكوع وتتمتع هي الأخرى بسحابات في حال أرادت صاحبتها تركها مفتوحة. بيد أن التويد لم يكن القماش الوحيد المستعمل في هذه التشكيلة، فقد استعمل المصمم المخمل والموسلين وغيرها من الأقمشة التي أضفت على أزياء السهرة والمساء تحديداً نعومة. وعموماً كانت التشكيلة سهلة، بمعنى أنه يمكن استعمالها لكل المناسبات، وهو أمر لمسناه في أغلب عروض هذا الموسم. حتى ستيفان رولان خفف من تصاميمه المعمارية ليقدم اقتراحات أكثر مرونة يمكن تطويعها للحياة اليومية. قال إنه خص بها امرأة مسافرة، أو على الأقل تعيش في بيئات مختلفة، لهذا فهي تناسب كل مكان وزمان. مثله مثل «شانيل» قدم صورة عصرية مُفعمة بالديناميكية تُبرر حقها الشرعي في أسبوع تُقدَّر فيه القطعة الواحدة بمئات الآلاف من الدولارات. ورغم هذه الأسعار الخرافية، فإن الفكرة من الـ«هوت كوتير» حسب ما كرره معظم المصممين هذا الموسم، وترجموه على منصات العروض، هو الإبقاء على تلك العلاقة بين الزبونة والأزياء واقعيةً، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة أو بمعطف أو «كاب» أو بتايور للعمل. محاولات كثيرة قاموا بها لتحقيق هذه المعادلة. نجح بعضهم بينما لا يزال بعضهم الآخر يتخبط ويجتهد في تعلم لغة العصر التي تفرضها الزبونات الجديدات.

إيلي صعب

> أقل ما يقال عنه أنه أخذنا في رحلة شيقة إلى برشلونة. قال إنه استوحى تشكيلته لخريف وشتاء 2018 من أجوائها، أو بالأحرى من أعمال المهندس المعماري أنطوني غاودي. عنوانها كان «الأشكال والضوء» وبالتالي لعب فيها على الضوء والألوان وعلى الأحجام، مستحضراً بذلك أيضاً ابن إسبانيا العبقري كريستوبال بالنسياجا، الذي كان عاشقاً للأحجام الهندسية الضخمة. قال صعب إنه حاول هنا استكشاف تلك العلاقة بين الضوء والأشكال الطبيعية والخطوط الهندسية، وهي عناصر تُميز أعمال غاودي. لكنه لم يُترجمها بشكل حرفي واضح، بل اختار كعادته استعمالها بجرعات خفيفة جداً بحيث لم تطغَ على أسلوبه الذي عوَّدنا عليه. صحيح أن بعض الأشكال الضخمة كانت توجهاً جديداً لم نعهده في تصاميمه من قبل، لكنه نجح في تطويعها وجعلها متناغمة مع أسلوبه الرومانسي.
وحتى يفهم الحضور عرضه أكثر، قدم كتيباً في بداية العرض تظهر فيه صور لبعض أعمال المهندس الإسباني ألهمته وتكتسب ديناميكية أحياناً في حجم «كاب» طويل وأحياناً في غرزات صغيرة على ياقة أو أكمام أو حواشٍ وأحياناً أخرى في ألوان رمادية وبيضاء طبعت مباني إسبانية كثيرة صممها المهندس. لكن بعد المجموعة الأولى من العرض والتي تميزت بضخامة الأشكال وفخامة التصاميم، بدأت الصورة تعود إلى ما تعودنا عليه من المصمم، فساتين منسدلة على الجسم وأخرى محددة تعانقه بأسلوب رومانسي مع بعض التطريزات التي تُطالعنا بين الفينة والأخرى. كان واضحاً أن الرغبة في الابتكار موجودة، كذلك الرغبة في استقطاب الزبونات الجديدات، لكن ليس على حساب زبوناته الوفيّات، الأمر الذي يفسر التنوع الذي تضمنه العرض. ما يُحسب لإيلي صعب ذكاؤه الفطري، والذي يمكن القول إنه نابع من شخصية وفية، إنه حتى قبل أن ينتبه باقي المصممين إلى أن الزبونة «ملكة» تتحكم في سوق الـ«هوت كوتير»، أدرك هو هذا الأمر واحترمه دائماً، وبالتالي لم يحاول ركوب موجة «السبور» التي ظهرت على الساحة وأصابت الكل بالتخمة. صحيح أنها قد تكون مناسبة لموسم الأزياء الجاهزة، لكن عندما يتعلق الأمر بقطعة تكلف مئات الآلاف فإن المرأة تريد ما هو أكثر. انطلاقاً من قناعته هذه، فهو لا يتوقف على تطوير نفسه والدفع بعجلة الابتكار إلى الأمام من دون الوقوع في مطب الصراعات وركوب موجات آنية. في كل موسم يُفاجئنا بالجديد، كما في الجزء الأول من عرضه في الأسبوع الماضي، إلى جانب تجديده للكلاسيكي بذكاء فني وتجاري فطري فيما يمكن اعتباره معادلة صعبة بالنسبة إلى العديد من المصممين المنافسين له على نفس السوق.
لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أنه حتى عندما يتعلق الأمر بالكلاسيكي فإن التقنيات التي يستعملها والحرفية التي يُنجز بها كل قطعة تجعلها تحفة تُغذي العين والروح، وتؤكد قدرته العجيبة على إبهار واستقطاب حتى أكثر الفتيات جرأة ورغبة في الثوري. السبب بسيط أنه يطعّمها دائماً بلمسة «روك آند رول» أو نفحة قوطية تروق لها وتُدخلها عالمها الخاص.

جيورجيو أرماني ... الحلقة الأضعف

> في أسبوع زخر بالاقتراحات والابتكارات، ربما يكون المخضرم جيورجيو أرماني الحلقة الأضعف في هذا الطبق الدسم. هذا لا يعني أننا يمكننا نعته بعدم الحرفية والدقة في التفصيل التي اشتهر بها، ومن الصعب انتقاده في هذا الأمر، تهمته هنا أنه لم يقدم جديداً يُذكر. فأسلوبه لم يتغير باستثناء بعض التفاصيل التي أضافها حتى يُعطي الانطباع بأنها مختلفة عما قدمه في المواسم الماضية. فساتين السهرة كانت محددة على الجسم، أحياناً بطيّات أوريغامي مبتكرة، بينما جاءت التايورات والقطع المنفصلة، مثل البنطلونات والقمصان وغيرها، عملية جداً يسهل تسويقها. ولأن حسه التجاري في قوة حسه الفني، فإنه اجتهد هنا على شد انتباه الزبونات الشابات بتقديم قطع تناسب الحفلات والسهرات، لم يبخل فيها عليهن بأحجار الكريستال وكل ما يلمع. بعد عرض «فالنتينو» وما قدمه مصممها بييرباولو بيكيولي الذي شد الأنفاس، كان الأمل أن يقدم مخضرم مثل أرماني ما هو مماثل على الأقل، لأنه يمتلك داره وبالتالي له مطلق الحرية لكي يطلق العنان لخياله وتقديم الجديد بالمعنى الثوري وليس التجاري فحسب.

«ديور»

> إذا كان كارل لاغرفيلد محظوظاً، من ناحية أنه لا يحتاج إلى إثبات نفسه بعد كل هذا العمر والخبرة، فإن الإيطالية ماريا غراتزيا تشيوري، لا تنعم بنفس الحظ. كان لا بد أن تخط لها أسلوباً خاصاً بها بعد أن دخلت دار «ديور» في عام 2016. تعليماتها كانت واضحة تتلخص في أن تستقطب شريحة الشابات، وهذا يعني أن تقدم تصاميم تخاطبهن وتُذوب أي مقاومة أو حساسية تجاه هذا الخط الذي كان في يوم ما حكراً على أمهاتهن وجداتهن.
مهمة ليست سهلة في دار تحتفل بعامها الـ70 وتُعد مؤسسة قائمة بذاتها تفتخر بها كل فرنسا. لكنها اجتازتها، ربما ليس بامتياز لكن حتماً بشرف. هذا الموسم احتفلت بطريقتها بمرور 70 عاماً على تأسيس الدار، بديكور ضخم في متحف «لو رودان» الذي أصبح شبه مقر رئيسي لعروض الدار. ديكور استوحته من المعرض الذي أقامته «ديور» مؤخراً في متحف الفنون الزخرفية وتنوي نقله إلى متحف «فكتوريا آند ألبرت» في شهر فبراير (شباط) المقبل. غطت كل الجدران من الأرض إلى السقف بتصاميم متنوعة يغلب عليها اللون الأبيض. كان الهدف من هذا الديكور خلق انطباع بأننا في «أتولييه» أي مشغل وبأن الضيفات في جلسة حميمة لاختيار ما يناسبهن منها. كان الأبيض وكل هذه التصاميم المعلقة، خلفية رائعة لتشكيلة غلبت عليها ألوان هادئة ترجمت فيها «ذي نيو لوك» التي تشتهر بها الدار وترتبط بها منذ عام 1947 بلغة عصرية.
المشكلة أنه رغم أن كل قطعة اختالت بها العارضات كانت في قمة الجمال والرومانسية، وكل ما فيها يشي بحرفية عالية، فإنها لم تنجح في شد الأنفاس أو خلق ذلك الإحساس بالانبهار أو الحلم. فالمصممة اجتهدت، لكن المأخذ عليها أنها لم تتجرأ على المتعارف عليه أو الخروج عن ميدان «المضمون». السؤال الذي يمكن طرحه: هل ستحقق المطلوب، أي النجاح التجاري؟ والجواب هو نعم، فهي قطع أنيقة تخاطب امرأة شابة أياً كانت المناسبة التي ستحضرها، وفي الوقت ذاته تتميز بخطوط كلاسيكية تجعلها استثماراً بفضل تركيز تشيوري على الحرفية والتصميم الدقيق، مستعملة في المقابل أقمشة خفيفة وعصرية من دون أي مبالغات أو تطريزات على الإطلاق.
تفسيرها لهذا الأمر أنها أرادتها أن تكون مضاداً للموجة السائدة حالياً، وتتمثل في تلك الحاجة الملحّة التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي لخلق صور مُبهرة وملونة، على حساب الأناقة أحياناً، بينما تطمح هي أن تقدم أزياء تعكس وتتضمن قيمة فنية «فأنا لا أريد الصورة فقط، بل أريد أن تجد المرأة عندما تدخل المحل أزياء مصنوعة بحرفية وبأناقة تُدخل على نفسها السعادة».

«فالنتينو»

> إذا كان الانبهار مفقوداً في عرض «ديور» فإن بيير باولو بيكيولي، مصممم دار «فالنتينو» عوض عن كل ما افتقده الأسبوع كله من إبهار. كان عرضه مسك الختام وأنهاه على نغمة أوبرالية عالية وصورة لا يمكن أن تنمحي من الذهن بسهولة، من الشعر المنفوخ بشكل مبالغ فيه إلى التصاميم الفخمة ذات الأحجام الضخمة. ذكّرنا بأن الـ«هوت كوتير» تقوم على غزل الأحلام ونسجها من أقمشة مترفة وتصاميم فريدة، وهنا كانت عبقريته التي تجلت بكل بساطة في قدرته على بيع ما يمكن وصفه بالكلاسيكي لأصغر زبونة في القاعة التي صدح فيها صوت ماريا كالاس عالياً. الطريف أن هذا المصمم الذي كان نجم الأسبوع بلا منازع لم يكن يحلم أن يصبح مصمماً. كان يريد أن يكون مخرجاً سينمائياً قبل أن يغويه التصوير الفوتوغرافي.
ولعل هذه القدرة على التقاط الصور هي مكمن قوته لأنه في كل إطلالة قدم لوحة فنية متكاملة من كل الزوايا، قال إنه أراد من خلالها أن يواجه الماضي ويترجمه بتصور جديد «والنتيجة أن هذه هي أكثر تشكيلة حميمة أقدمها».
الطريف أن الحميمية لم تكن هي الوصف الذي خرج به الحضور، فالفخامة كانت أنسب وصف. الجميل فيها أنها رغم أنها كانت فخامة تحنّ إلى الماضي، بدءاً من تسريحات الشعر المنفوخة إلى القبعات التي أبدعها فيليب ترايسي مروراً بـ«كابات» التافتا الطويلة وألوان المجوهرات والطبيعة المتفتحة التي غلبت عليها، إلا أنها لم تخاصم الحاضر. ويمكن القول إنها قامت بما هو أكثر من ذلك، فبعد أسبوع طويل من الإبداعات والاجتهادات لإدخال الـ«هوت كوتير» الألفية وخزانة امرأة شابة في العشرينات من عمرها، وضح لنا خلال 20 دقيقة كانت فترة العرض، معنى الـ«هوت كوتير» الحقيقي وما يُبرر أسعارها الصاروخية.
كان كل شيء في هذه التشكيلة مادة دسمة قابلة للنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك لم تعطِ الإحساس بأنها تحيد عن التقاليد القديمة وتلك الأساسيات التي بُني عليها هذا الخط منذ أكثر من قرن من الزمن. «كاب» واحد استنفد أكثر من 14 متراً من القماش، وفستان سهرة استغرق 900 ساعة لتنفيذه، وهكذا.

«جيفنشي»

> بينما كان عرض «فالنتينو» مسك الختام، فإن عرض «جيفنشي» كان في أول يوم من الأسبوع. أكدت فيه كلير وايت كيلر، مصممة الدار أنها لا تزال منتعشة بضربة الحظ التي حققتها باختيار ميغان ماركل لها لتصميم فستان زفافها.
ويبدو أنها تفاءلت خيراً بمؤسس الدار الذي استلهمت منه تصميم الفستان، لأنها في تشكيلتها هذه عادت إلى أرشيفه لتستقي منه أفكاراً طعّمتها بأسلوبها الرومانسي.
وبهذا أعادت للواجهة ذلك السؤال الملح حول أهمية الإرث وإلى أي حد على المصمم أن يتقيد به. المصمم السابق ريكاردو تيشي حلّق بخياله عالياً لكي يضع بصمته الخاصة، ضارباً عرض الحائط بهذا الإرث. فقد أخذ منه القليل جداً حتى يُبقي على خيط الوصل حياً لا أقل ولا أكثر. المصممة البريطانية في المقابل، ومنذ التحاقها بالدار، تحاول ربط خيوط أكثر سمكاً وعمقاً مع هذا الإرث. فصورة أودري هيبورن، التي ارتبطت بمؤسس الدار هيبار جيفنشي، وكانت مُلهمته وصديقته، تلوح لنا في معظم عروضها بشكل أو بآخر.
كيلر فهمت أن رومانسية السيد جيفنشي لم تكن من النوع الواضح بقدر ما كانت من النوع الذي تلمسه بين الخطوط والخيوط، لهذا لم تنسَ أن تضيف لها رشة قوة حتى تتوصل إلى وصفة متوازنة.
أدخلت التفصيل الرجالي مثلاً على الأكتاف أو الخصر وأبقت على الألوان والقصات مفعمة بالأنوثة، لتأتي النتيجة موفقة تعكس قوة داخلية تمتلكها المرأة.

«جيفنشي»

> بينما كان عرض «فالنتينو» مسك الختام، فإن عرض «جيفنشي» كان في أول يوم من الأسبوع. أكدت فيه كلير وايت كيلر، مصممة الدار أنها لا تزال منتعشة بضربة الحظ التي حققتها باختيار ميغان ماركل لها لتصميم فستان زفافها.
ويبدو أنها تفاءلت خيراً بمؤسس الدار الذي استلهمت منه تصميم الفستان، لأنها في تشكيلتها هذه عادت إلى أرشيفه لتستقي منه أفكاراً طعّمتها بأسلوبها الرومانسي.
وبهذا أعادت للواجهة ذلك السؤال الملح حول أهمية الإرث وإلى أي حد على المصمم أن يتقيد به. المصمم السابق ريكاردو تيشي حلّق بخياله عالياً لكي يضع بصمته الخاصة، ضارباً عرض الحائط بهذا الإرث. فقد أخذ منه القليل جداً حتى يُبقي على خيط الوصل حياً لا أقل ولا أكثر. المصممة البريطانية في المقابل، ومنذ التحاقها بالدار، تحاول ربط خيوط أكثر سمكاً وعمقاً مع هذا الإرث. فصورة أودري هيبورن، التي ارتبطت بمؤسس الدار هيبار جيفنشي، وكانت مُلهمته وصديقته، تلوح لنا في معظم عروضها بشكل أو بآخر.
كيلر فهمت أن رومانسية السيد جيفنشي لم تكن من النوع الواضح بقدر ما كانت من النوع الذي تلمسه بين الخطوط والخيوط، لهذا لم تنسَ أن تضيف لها رشة قوة حتى تتوصل إلى وصفة متوازنة.
أدخلت التفصيل الرجالي مثلاً على الأكتاف أو الخصر وأبقت على الألوان والقصات مفعمة بالأنوثة، لتأتي النتيجة موفقة تعكس قوة داخلية تمتلكها المرأة.

جون بول غوتييه

> شقي الموضة الفرنسية جون بول غوتييه، أدخل الرجل عالم الـ«هوت كوتير». فقد استهلّ عرضه بمجموعة رجالية غلب عليها «التوكسيدو» قبل أن يرسل مجموعته النسائية. وهذه أول مرة نرى فيها هذا التوجه تقريباً رغم أنه لعب سابقاً على مفهوم الأنوثة والذكورة من خلال تايورات مفصلة. هذه المرة كان الأمر أكثر وضوحاً، سواء تعلق الأمر بالأزياء أو الإكسسوارات، وليس أدل على ذلك من قبعة الـ«فاس» التي يقول البعض إنها مستوحاة من الثقافة التركية والبعض الآخر من مدينة فاس المغربية، وزينت رؤوس العارضين والعارضات على حد سواء. قال المصمم بعد عرضه إنه أراد أن يُذيق الرجل طعم الـ«هوت كوتير» منذ زمان «ولمَ لا؟ فنحن في عهد جديد أصبح كل شيء فيه مقبولاً ومفتوحاً».
من هذا المنظور كان من الطبيعي أن يكون التفصيل هو أساس هذه التشكيلة رغم وجود مجموعة لا يستهان بها من الفساتين والقطع المنفصلة.
فالـ«توكسيدو» مثلاً أخذ عدة أشكال وألوان تعكس شخصية المصمم الشقية وميله إلى المرح والدعابة، سواء تعلق الأمر بتايور أو بدلة أو بفستان مستوحى من هذه القطعة.
ما يُحسب له أنه لم يبالغ في هذا الأمر أو يجعله يأتي على حساب الأناقة الكلاسيكية. فهو أكثر مَن يعرف ضرورة أن تبيع تصاميمه، بعد أن أغلق جانب الأزياء الجاهزة ليتفرغ للـ«هوت كوتير» وبالتالي يحتاج إلى كل إمكاناته وخياله لكي يستمر.


مقالات ذات صلة

جون غاليانو يعود من الانكسار ليُحقق الانتصار

لمسات الموضة  كان عرضاً جريئاً بإثارته الأنثوية وتقنياته الفلسفية (ميزون مارجيلا)

جون غاليانو يعود من الانكسار ليُحقق الانتصار

كانت الإطلالات تحتاج إلى ترويضها للتخفيف من جموحها الفانتازي وجُرأتها، لكنها حتى بلعبها على التضاريس الأنثوية بشكل مبالغ فيه تضمنت معاني فلسفية وفنية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أدريان أبيولازا

من هو مصمم «موسكينو» الجديد؟

أعلنت دار «موسكينو» عن تعيينها أدريان أبيولازا مديراً إبداعياً جديداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة المصممة تامارا رالف في مشغلها (أوديمار بيغيه)

تمارا رالف لـ«الشرق الأوسط»: أنظر إلى كأسي هذه الفترة فأراها تنضح بالحب والحظ

المصممة تامارا رالف تغلبها روح الأمومة هذه الأيام، وتريد أن تحتضن المرأة في كل مكان وزمان وتُحفزها على أن تثق بنفسها وقدراتها «لأن أي واحدة منا تستطيع خوض

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اختار لعروس فستاناً بلون بيج يستحضر كثبان الرمل الذهبية (إيلي صعب)

«وردة الصحراء» ملهمة تشكيلة إيلي صعب لربيع وصيف 2024

خط «الهوت كوتور» بالنسبة لإيلي صعب ليس مجرد «بريستيج» أو أداة للترويج للأزياء الجاهزة أو لبيع العطور بل عمود «ميزون إيلي صعب» الفقري.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لتكون في المستوى العالمي تحرص «ليم» على الجودة في الخامات والدقة في التفاصيل (ليم)

كيف وصلت «ليم» السعودية إلى العالمية؟

لعبت «ليم» على الحبلين، حتى تضمن نجاحها بكل الأشكال. وفي الحالتين كانت تضع العالمية على رأس قائمة أولوياتها...

جميلة حلفيشي (لندن)

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
TT

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)

هيلاري كلينتون سياسية مخضرمة ومثقفة تتمتع بمؤهلات كثيرة قد يتفق عليها البعض أو لا يتفقون. لكن المؤكد أن الأناقة ليست واحدة منها، إذ يستحيل وضع اسمها ضمن خانة أيقونات الموضة بمفهومنا المعاصر. ومع ذلك، كانت أفضل من لخَّص أهمية حقيبة اليد في حياة المرأة حين قالت في لقاء أجرته معها مجلة أميركية عام 2011: «أعتقد أن هذا الإكسسوار له القدرة على الجمع بين النساء أو التفريق بينهن». وتابعت: «لا ينبغي لأحد أن ينتقد أي شخص آخر على اختياراته في هذا المجال... فالحقيبة حاجة نفسية عميقة تعكس رغبة في تنظيم ما هو مهم في حياتك اليومية وما تحتاج إلى حمله معك في كل الأوقات».

أصبحت تصاميم «تيسا فونتانيدا» تثير الرغبة فيها لعمليتها وحرفيتها (خاص)

لخصت هيلاري الدور الأساسي لحقيبة اليد، ألا وهو منح صاحبتها الطمأنينة والأمان وهي تعرف أنها تحمل معها كل الأغراض التي تحتاج إليها سواء كانت متوجهة إلى مكان العمل أو لحضور دعوة غداء. لكن ما لم تُشر له سيدة البيت الأبيض السابقة أن للحقيبة أدواراً أخرى تتعدى الدور الوظيفي. هي الآن من الإكسسوارات التي تُستعمل لتغذية رغبة دفينة تسكن المرأة والرجل على حد سواء في التميز والتفرد فضلاً عن كونها وسيلة للتعبير عن الوجاهة والمكانة الاجتماعية. لم تعد مجرد مكمل للأناقة، بل من أساسياتها مثلها مثل الجاكيت الأسود وبنطلون الجينز والقميص الأبيض أو الفستان الناعم. وكلما خلا تصميمها من البهرجة دخلت كل المواسم والفصول والمناسبات. ثم لا ننسى أنها الدجاجة التي تبيض ذهباً لبيوت الأزياء العالمية.

«برايفت آي» من «ميتييه» التي يُقدّر سعرها بـ2.250 جنيه إسترليني

لهذا كان من الطبيعي أن تُغذي بيوت أزياء شهيرة مثل «شانيل» و«هيرميس» وغيرهما هذه الاحتياجات النفسية والاجتماعية بابتكار أساليب تسويقية ذكية؛ «شانيل» برفع أسعارها باستمرار، و«هيرميس» بابتداع ما أصبح يعرف بلائحة الانتظار على حقيبتها «البيركن». كان للعمليتين مفعول السحر ترجمَتْه أرقام المبيعات. تبيَّن أنه كلما زاد السعر وارتفع وضَح الفرق بين المقتدرات والمتطلعات، وهذا هو المطلوب. هذا هو أيضاً السبب الذي يجعل «هيرميس» تنتقي بعناية شديدة من تُوفر له حقيبتيها: «الكيلي» و«البيركن».

صعوبة الحصول على حقيبة «البيركن» تحديداً لا يختلف عليها اثنان، ومنذ زمن يعود إلى 1984، تاريخ ولادتها. نُدرتها، بمعنى عدم توفرها في الأسواق، فضلاً عن الانتقائية التي يخضع لها كل من يسعى لاقتنائها، هما من أهم أسرار جاذبيتها وصمودها طوال هذه السنين كاستثمار بقيمة الذهب أو أكثر.

حقيبة «البيركن» من «هيرميس» في مزاد «سوذبيز» بنيويورك تؤكد أنها استثمار بقيمة الذهب وأكثر (رويترز)

منذ أسبوع تقريباً، انتشر خبر أن زبونتين أميركيتين رفعتا دعوة على محل «هيرميس» في سان فرنسيسكو. التهمة أن المحل يحتفظ بهذه الحقيبة لزبائنه المهمين فقط ويرفض توفيرها لغيرهم. جاء في الدعوة أيضاً أن واحدة من المدعيتين

قالت إنها لكي تحصل على الحقيبة كان عليها شراء منتجات أخرى من المحل، وهو ما يتعارض مع القانون. القضية مستمرة ومعها تستمر أهمية حقيبة اليد كإكسسوار يعكس الجاه والمكانة الاجتماعية ويُحسن الحالة النفسية.

الطريف في حقيبة «البيركن» بالذات، أنها بحجمها الكبير، أغوت حتى الرجال. هم أيضاً أقبلوا على استعمالها للتعبير على ميلهم للموضة من جهة، واستعراض قدراتهم المادية من جهة ثانية. في مشهد الموضة الحاضر، لم يعد مظهرهم يثير الاستغراب، لا سيما بعد أن دخلت هذه الحقيبة المزادات العلنية وتعدّت قيمتها في بعض الأحيان سعرها الأصلي. هي الآن أكثر ما ينافس الذهب بوصفها استثماراً بعيد المدى.

الأميرة رجوة تحمل حقيبة «غابرييل» من موينا (موينا)

لكن كل شيء يزيد على حدّه ينقلب إلى ضده. هذا الهوس بالحقيبة خلق نوعاً من التخمة من كل الحقائب التي تتعرف عليها العين من الوهلة الأولى، مما جعل شريحة مهمة من العارفين والعارفات بأسرار الموضة يبحثون عن بدائل.

انتعاش موضة تبدو بسيطة وهادئة في ظاهرها لكن تتضمن كل معاني الفخامة والرُقيّ في جوهرها كان المضاد الذي يبحثون عنه. لقيت هذه الموجة إقبالاً أدى إلى تقسيم عشاق الموضة إلى قسمين: قسم حقَّق ثروته من نجاحاته ويريد الاستمتاع بها على الملأ، وقسم ورثها أباً عن جد ولا يريد أن يتشبه بأحد في اختياراته وأناقته.

لم تقتصر هذه الموضة الهادئة على الأزياء وشملت أيضاً الإكسسوارات بما فيها حقائب اليد، مع العلم أن هذا لا يعني أن «البيركن» ستفقد مكانتها. أبداً، فهي استثمار مضمون بفضل خاماتها الطبيعية وطرق تنفيذها باليد والتي قد تستغرق أسابيع إن لم نقل أشهُراً عدا عن تصميمها الأنيق والعملي. لكنها ليست الوحيدة التي تتصدر المشهد حالياً. اصبح لها منافسون، من أمثال «مارغو» و«ماوسي» و«برايفت آي» وغيرها من الحقائب الخالية من «اللوغوهات».

حقيبة «مارغو» من علامة «ذي رو» تشهد إقبالاً منقطع النظير حالياً رغم بساطة تصميمها (خاص)

حقيبة «مارغو»

حقيبة تحمل توقيع الأختين أولسن، مؤسستي علامة «ذي رو». تصميمها لا يشد الانتباه كثيراً. فهي بسيطة بمقبض علوي بجوانب منحنية وإبزيمين على الجانبين. فقط شعار ذهبي صغير منقوش على جزء من الحافة يشي باسمها وهويتها. ومع ذلك الكل يتكلم ويتساءل عنها، حيث ارتفعت عمليات البحث عنها على مواقع التسوق الإلكتروني بنسبة 198 في المائة وفقاً لمنصة «لايست». محلات «سيلفريدجز» اللندنية أيضاً سجلت ازدياداً في الاهتمام والشراء إلى حد أنه أصبحت لها هي الأخرى قائمة انتظار. موقع «ماتشز» أيضاً سجل الإقبال ذاته، إذ أعلن أنها تنفّذ في أقل من أسبوع من طرحها. مثل «البيركن»، قوتها تكمن في أنها أنيقة وعمليّة بفضل جيوبها المتعددة وجلدها المرن الخالي من التفاصيل التي لا حاجة لها سوى أنها تُثقلها وتجعل العين تمل منها بعد فترة. ثم لا ننسى أنها بأسعار أقل مقارنةً بـ«البيركن».

«برايفت آي مراكش» من «ميتييه» مصنوعة من السويد (خاص)

حقيبة «برايفت آي»من «ميتييه»

«مارغو» ليست الحقيبة الوحيدة التي تثير الاهتمام أو تدخل ضمن خانة الأناقة الراقية والهادئة. فهناك حقائب أخرى مثل «ميتييه برايفت آي Métier’s Private Eye» التي يقدر سعرها بـ2.250 جنيه استرليني وتتمتع بنفس المواصفات الراقية والهادئة التي تتمتع بها «مارغو» و«البيركن». رأت هذه الحقيبة النور أول مرة في 2018، وسرعان ما ذاع صيتها بين العارفات بخبايا الموضة. مكمن قوتها أنها على الرغم من حجمها واللمسات التي أُضيفت إليها لتعزز تماسكها، تبقى خفيفة الوزن. وفق ما قالته المصممة ميليسا موريس، فإنها حرصت على أن تأتي بتصميمها مناسبة لحمل جهاز الكومبيوتر خلال النهار، كما لا تبدو نشازاً في أي مناسبة اجتماعية.

حقيبة «غابرييل» من «موينا» (خاص)

حقيبة «غابرييل» من علامة «موينا Moynat» التي تأسست عام 1849 كأحد أعرق صنّاع حقائب السفر في العالم. تَعدّ هذا التصميم من كلاسيكياتها. فكل ما فيها يفوح بالتميز ورائحة الجلود الطبيعية. من ناحية الشكل، فهي تعتمد على خطوط غرافيكية هندسية ودرزات منحنية في الأعلى والأسفل، بينما يزيّنها قفل يحاكي المجوهرات من البلاديوم يحمل الحرف الأول من الدار. مظهرها الكلاسيكي الذي لا يعترف بزمن لم يُلغ أنها عملية ومرنة يمكن استعمالها بعدة أشكال حسب المناسبة والرغبة. فهي تأتي بمقبض يُسهل حملها باليد، وأيضاً بحزام من الجلد قابل للتعديل أو الإخفاء في حال كانت الرغبة ارتداءها على الكتف.

حقيبة «بيغ موسي Big Mausi»

من تصميم «تيسا فونتانيدا» وهي حقيبة تتمتع بكل المواصفات المطلوبة لتكون الرفيق المثالي لامرأة أنيقة في كل المناسبات. تأتي بألوان متنوعة وبحزام قابل للفصل لتلك اللحظات الخاصة التي تحتاج إلى حقيبة مسائية. مثل أغلب الحقائب التي تحمل توقيع الدار، صُنعت يدوياً على يد حِرفيين لهم باع في تطويع جلد النابا الناعم. وتربط المصممة علاقة حميمة بهذا الجلد تحديداً، إذ تعرفت عليه أول مرة خلال عملها مع دار «لويفي» قبل أن تؤسس علامتها. رغم تميز الحقيبة، فإنها تخلو من أي لوغو يشي باسمها. فقط تلك الفقاعات الصغيرة التي تكسوها بالكامل وأصبحت ماركتها المسجلة هي التي تكشف عن هويتها. وهي نتيجة تقنية معقدة تعتمد على البخار اعتمدتها تيسا للاختلاف.


«إم بي آند إف» تكشف عن جانبها الأنثوي

تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
TT

«إم بي آند إف» تكشف عن جانبها الأنثوي

تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)

قبل 4 سنوات، بدأت العملية الإبداعية لساعة «ليغاسي ماشين فلاينغ تي (LEGACY MACHINE FLYING T)» انطلاقاً من رغبة ماكسميليان بوسير تكريم الأنثى في حياته. يقول: «أسّست (إم بي آند إف) لأعبر عمّا أؤمن به، ولصنع قطع منحوتة ثلاثية الأبعاد من الفن الحركي تشير إلى الزمن. في مرحلة ما، ألحّت عليّ رغبة أن أبدع عملاً يحتفي بنساء من عائلتي أثرن على حياتي».

ماكسيميليان بوسير (خاص)

كانت والدته واحدة من هؤلاء النساء الملهمات؛ الأمر الذي انعكس على تصميم «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» المفعم بالأنوثة والأمومة على حد سواء. يشرح: «انطلقت من قناعتي أن النساء يشكلن دعامة - عمود - الإنسانية. وفي الوقت نفسه، هناك معنى آخر لا يقل قوة تجسّد في دوّار على شكل الشمس؛ كونها عُنصر مانح للحياة، كما أنها مصدر من مصادر العيش الذي ننجذب نحوه وحوله».

كان ماكسميليان بوسير يُدرك أن العملية تتطلب ما هو أكثر من تصغير حجم ساعة رجالية وإضفاء ألوان زاهية عليها.

كان لا بد من أن تتضمن تعقيدات «إم بي آند إف» المعروفة؛ بدءاً من آلة قياس الزمن الجريئة، إلى إعادة تصميم علبة «ليغاسي ماشين» بشكل كامل.

وهكذا جرى تقليص ارتفاع وقطر العلبة لنقل التركيز إلى قبة البلور السافيري المحدبة للغاية، وتقليل سمك العروات، وتأكيد انحناءاتها، مع إدخال شطبات عميقة لمظهر أكثر أناقة.

عند موضع الساعة «7» يوجد ميناء من الطلاء اللامع «اللّك» الأبيض أو الأسود (أو من الحجر الكريم)، يُشار إلى الساعات والدقائق فوقه بواسطة عقربين يلتويان بشكل أفعواني. ويميل هذا الميناء إلى أعلى بزاوية ميل تبلغ 50 درجة، بحيث لا يتمكن من قراءة الزمن إلا من يرتدي الساعة.

رقم «7» مهم لكل من ماكسميليان بوسير و«إم بي آند إف» على أساس أن الطاقة الإبداعية تأتي في صورة دورات مدة كل منها 7 سنوات (خاص)

رقم «7» مهم لكل من ماكسيميليان بوسير و«إم بي آند إف»، على أساس أن الطاقة الإبداعية تأتي في صورة دورات مدة كل منها 7 سنوات. في العام السابع لتأسيس «إم بي آند إف» ولدت مجموعة «ليغاسي ماشين»، ومعها مزيد من إبداعات «إم بي آند إف» المشتركة. في العام الرابع عشر لتأسيس «إم بي آند إف» جرى الكشف عن طريق جديدة لاستكشاف قياس الزمن. تتمثل هذه الطريق في آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي»، التي أُطلقت لأول مرة في عام 2019، لتكون أولى قطع الفن الساعاتي ثلاثي الأبعاد لـ«إم بي آند إف» المستلهمة من النساء. علبة مستديرة من الذهب أو البلاتين، ذات إطار نحيل مقوس بشكل حاد، وعروات ممدودة رشيقة، غالباً ما تأتي مرصعة بالكامل بأحجار الألماس. ومن الإطار ترتفع قبة عالية من البلور السافيري محدبة. وأسفل هذه القبة، توجد صفيحة الميناء المنحنية، بتشطيبات تتنوع بين اللون الأسود السائل مع طبقات ممتدة من الورنيش «اللّك»، وزخارف «غيوشيه»، وأحجار كريمة نابضة بالحياة.

أُطلقت آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» لأول مرة عام 2019 ومنذ 2020 تخصص ميناءً خاصاً مصنوعاً من أحد الأحجار الكريمة (خاص)

أُطلقت آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» لأول مرة في عام 2019 في 3 إصدارات؛ جميعها من الذهب الأبيض ومرصعة بأحجار الألماس. أُتبعت بإصدارَين محدودَين مصنوعَين من الذهب الأحمر عيار 18 قيراطاً والبلاتين، من دون ترصيع بأحجار الألماس، ولكنهما يتميزان بصفيحتَي ميناء مزخرفتَين بتقنية «غيوشيه».

ومنذ عام 2020، تستضيف مجموعة «فلاينغ تي» كل عام ميناءً خاصاً مصنوعاً من أحد الأحجار الكريمة، مثل اللازورد، والملكيت، وعين النمر، والتنزانيت «أنوليت»... وغيرها. وفي عام 2024، ينضم إلى هذه السلسلة الخاصة من موانئ الأحجار الكريمة؛ إصدار «إل إم فلاينغ تي أونيكس». يتميز بصفيحة ميناء من حجر الجزع – العقيق اليماني – الكريم باللون الأسود العميق، تحتضنه علبة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطاً.


كيف كسب المصممون العرب قلوب نجمات بوليوود؟

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
TT

كيف كسب المصممون العرب قلوب نجمات بوليوود؟

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي

الواضح أن المصممين العرب أصبحوا يشكّلون الوجهة المفضلة لنجمات بوليوود عندما تجتاحهن الرغبة في التألق أو خطف الأضواء في المناسبات الكبرى سواء على السجاد الأحمر أو حفلات الزفاف. من بين أكثر الأسماء تداولاً في أوساطهن إيلي صعب، وزهير مراد، ورامي العلي، ومحمد آشي وجان لويس صبجي وكريكور جابوتيان ورامي قاضي، وبيوت أزياء أخرى توجد مقراتها إما في دبي أو الكويت أو السعودية.

اللافت أنه حتى في حفل إطلاق مركز نيتا موكيش الثقافي، عام 2023 في مومباي، وهو المركز الأول من نوعه في الهند، والذي كان من المفترض فيه تفضيل تصاميم بتوقيع مصممين محليين، اختارت علياء بهات وبريانكا شوبرا جوناس فساتين من مصممين عرب لهذه الليلة الكبيرة.

بريانكا شوبرا وفستان من نيكولا جبران

أسماء كثيرة وكبيرة عشقت اللمسات الشرقية، وحتى الآن، اعتمدت كل من أيشواريا راي باتشان، وديبيكا بادكون، وكارينا كابور، سونام كابور أهوجا، وعليا بهات، وسوناكشي سينها، وجانفي كابور إبداعات هؤلاء المصممين العرب. ملكة جمال العالم السابقة ونجمة بوليوود، بريانكا تشوبرا جوناس، شاركت جمهورها مؤخراً عبر حسابها على موقع «إنستغرام» صورة تبدو فيها بفستان أنيق من المصمم اللبناني إيلي صعب، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي تتألق فيها النجمة الهندية بإبداعاته. كما سبق لها أن اعتمدت فساتين من كل من زهير مراد ونيكولا جبران. إذا أخذنا عدد الفساتين التي ظهرت بها، وكانت بتوقيع هذا الأخير، أي نيكولا جبران، يمكننا أن نستنتج أنه المصمم المفضل لديها حالياً. آخر تعاون بينهما كان فستاناً من الساتان الأصفر المشرق تألقت فيه على السجادة الحمراء في الدورة الثانية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة في ديسمبر (كانون الأول) 2022.

بريانكا شوبرا في فستان مبتكر من المغربي محمد بنشلال (من حساب شوبرا على الإنستغرام)

ويبدو واضحاً من اختياراتها أنها تُقبل على كل ما هو جريء ومثير، سواء تعلق الأمر بالألوان الساطعة التي تناسب بشرتها السمراء، أو التصاميم الهندسية ذات التفاصيل اللافتة. في عام 2021، مثلاً اختارت تصميماً مذهلاً باللون الزعفراني من دار «بنشلال» لصاحبها المغربي محمد بنشلال، كان عبارة عن سترة شبكية برتقالية وغطاء رأس وجيوب نسقته مع بنطلون أسود ضيق وحذاء بكعب عالٍ. علاوة على ذلك، دعمت شوبرا كذلك العلامة التجارية اللبنانية ـ الأميركية الصاعدة «مونو» عام 2021، عندما اختارت في عام 2021 فستاناً أبيض صممته الدار خصيصاً لها بمناسبة تصويرها إعلاناً لمنتج للعناية بالشعر.

النجمة مانوشي تشيلار في فستان من تصميم سعيد قبيسي

بيد أن شوبرا ليست وحدها من وقعت تحت سحر المصممين العرب. في مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2023، أثارت ممثلة بوليوود مانوشي تشيلار، وملكة جمال العالم السابقة، الأنظار بفستان أسود مبتكر بتوقيع المصمم اللبناني سعيد قبيسي. وفي الفعالية ذاتها، بدت ممثلة أخرى من بوليوود، هي إيشا غوبتا، في كامل أناقتها وهي ترتدي فستاناً أبيض من الساتان ذا فتحة عالية من تصميم نيكولا جبران. وكان للشبكة الشفافة في المقدمة، والتي تحمل زخارف أزهار بيضاء، عامل السحر في الإطلالة بأكملها.

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي

أما النجمة أيشواريا راي باتشان فلفتت الأنظار إلى إبداعات عدد من المواهب الشابة، وعلى رأسهم رامي قاضي، الذي ظهرت في عام 2016، وخلال مهرجان كان السينمائي الدولي، بفستان من توقيعه. ومنذ ذلك الحين، وهي تتعاون معه إلى جانب تعاونها مع عدد من المصممين العرب، من بينهم اللبناني جان لويس صبجي ودار «صوفي كوتور»، لصاحبتها الأذربيجانية، غونيل باباييفا والتي يوجد مقرها بدبي، بينما ارتدت ممثلة بوليوود المخضرمة نيتو كابور، من إبداعات دار ريما أمير، التي تتخذ هي الأخرى من دبي مقراً لها في مناسبة حفل زفاف ابنها العام الماضي.

ومن بين إطلالاتها التي لا تنسى، تألقها عام 2018 أمام الكاميرات مرتدية ثوباً مزيناً بالترتر ومن دون حمالات لرامي القاضي. وفي إطلالة أخرى لها عام 2019، اختارت فستاناً من الجلد منقوشاً بالليزر من تصميم اللبناني جان لويس صبجي، وكان لافتاً أنه يلتقط أشعة الشمس فتتغير ألوانه البراقة ما بين الذهبي والبرتقالي إلى الأخضر والأصفر.

أيشواريا في فستان من دار «لابورجوازي» ويوجد مقرها في الكويت (لابورجوازي)

دار «لابورجوازي»، التي تتخذ من الكويت مقراً لها، هي الأخرى نجحت في استقطاب نجمات ومشاهير الهند مثل مغنية بوليوود جاكلين فيرنانديز، التي تألقت في فستان لامع بكرات من الفرو الصناعي المبالغ في حجمها مؤخراً. واختارت منها جانفي كابور أيضاً فستاناً مزداناً بألواح شفافة مثيرة خلال حضورها فعالية أقيمت حديثاً.

سبب الإقبال على لسان خبراء الأزياء يعود إلى أن المصممين العرب يفهمون الأجسام الهندية جيداً. تقول منسقة أزياء المشاهير المعروفة في الهند، أسثا شارما، إنه لدى بوليوود قاعدة جماهيرية كبيرة في العالم العربي، والمصممون العرب لديهم فهم كبير لمشاهير بوليوود، وهو ما يجعل تصاميمهم تناسب تضاريسهن الجسدية، وتضفي عليهن الجمال والأنوثة.

كريتي سانون بفستان باللون الأخضر من اللبناني فؤاد سركيس (فؤاد سركيس)

منذ أسابيع قليلة، وبمناسبة مشاركتها ضمن لجنة حكم مسابقة ملكة جمال العالم (Miss World) التي جرت فعالياتها في مومباي، تألقت نجمة بوليوود كريتي سانون بفستان باللون الأخضر من اللبناني فؤاد سركيس.


ما الذهب الرملي الذي ظهر في ساعة أوديمار بيغه الجديدة؟

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
TT

ما الذهب الرملي الذي ظهر في ساعة أوديمار بيغه الجديدة؟

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)

الإبداع بالنسبة لشركة «أوديمار بيغه» لا يقتصر على الوظائف المعقدة والتصاميم المبتكرة، بل أيضاً على الألوان والمواد. مؤخراً طرحت ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد (Royal Oak Selfwinding Flying Tourbillon Openworked)». أكثر ما يلفت فيها أنها من الذهب الرملي. لون جديد تشرح الدار السويسرية أنه نتيجة تفاعل سبيكة من الذهب عيار 18 قيراطاً، تتراوح بين الذهب الأبيض والذهب الوردي. يتغير لونها حسب الزاوية والضوء، مما يوفر إمكانياتٍ جماليةً متنوعة، علماً بأن المصنع يُقدم هذا المعدن واللون المميز لأول مرة في هذه الساعة التي يبلغ قطرها 41 مم.

«رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الأحدث مصنوعة من الذهب الرملي (الصور من أوديمار بيغه)

أما الهيكل والسوار المصنوعان من الذهب الجديد، فطوّرتهما أوديمار بيغه أيضاً باستعمال هذا اللون لتزيين الجسور المخرمة والصفيحة الرئيسية للحركة الذي تتميز بهندسية معمارية. ولأنها بهندسية تعتمد على تعدد الطبقات جاءت تُشكِل مركز الصدارة على وجهَي الساعة. ويتباين هذا اللون بشكل دقيق مع المكونات ذات لون الروديوم في الأجزاء الداخلية للحركة، ما يخلق تأثيراً ثلاثي الأبعاد.

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)

تشرح الدار أن هذه السبيكة سُميت على اسم الكثبان الرملية. مصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً الذي يضفي عليه النحاس والبلاديوم مظهراً دافئاً. لتعزيز مظهرها الأنيق تم تشطيب الهيكل والسوار بالصقل الساتاني واللامع، فيما تتباين الجسور والصفيحة الرئيسية ذات اللون الذهبي الرملي أيضاً مع لمسات من اللون الرمادي. ويكتمل خزان الطاقة ومجموعة التروس والتوربيون العائم عند موضع الساعة الـ6 - جميعها بلون الروديوم - بعلامات ساعات وعقارب مصنوعة من الذهب الأبيض، تم ملؤها بمادةٍ مضيئة.

تترافق الساعة الجديدة مع حركة متعددة الطبقات مُخرّمة ومهيكلة وبألوان الذهب الرملي والروديوم (أوديمار بيغه)

تاريخ من الساعات الذهبية

علاقة «أوديمار بيغه»، وغيرها من بيوت المجوهرات والساعات الفاخرة بالذهب ليست جديدة. فهو يعدّ معدناً نبيلاً يتمتع بقيمة جمالية وخصائص تقنية مهمة على رأسها صلابته، ومقاومته للتآكل والأكسدة وتغيّر اللون. هو أيضاً مادة حيوية ومرنة يسهل تطويعها والتعامل معها مقارنة بمعادن أخرى. يقول سيباستيان فيفاس، مدير التراث ومتحف أوديمار بيغه أنه «باستعمالها الذهب الرملي، فإن الشركة تعمل فقط على إحياء النهج الإبداعي في التعامل مع سبائك الذهب وألوانه التي سادت منذ آلاف السنين حتى الستينات».

سيباستيان يؤكد الدور الذي لعبه هذا المعدن منذ تأسيس الشركة. فمن بين 567 ساعة معصم معقدة تمت صناعة هياكلها وتسليمها من قبل المصنع بين عامي 1882 و1969، صُنِعَ 432 منها من الذهب (248 من الذهب الأصفر، 68 من الذهب الأبيض، 41 من الذهب الوردي، 32 من الذهب الأخضر و43 دون لون محدد حسب جدول الألوان).

ظهر أول طراز من «رويال أوك» من الذهب، في النسخة النسائية من رويال أوك 2 - Royal Oak II. كان ذلك في عام 1977 وبلغ قطرها 29 مم. كانت من تصميم جاكلين ديمييه. هي الأخرى استلهمتها من إصدار من الفولاذ المقاوم للصدأ ظهر أول مرة في عام 1976. في عام 1978 ظهرت نسخة محدودة من التصميم نفسه لكن من الذهب الأبيض. في عام 1977، أطلق المصنع أيضاً أول طرازات 5402 رويال أوك بقطر 39 مم من مزيج من الذهب الأصفر والذهب الأبيض. ومنذ عام 1979، فإن ما يقرب من ثلاثة أرباع ساعات رويال أوك مصنوعة جزئياً أو كلياً من الذهب. فالشركة لم تستغن عنه أو تُخفف منه حتى في عز أزمة ارتفاع أسعار الذهب في الثمانينات.


«سوذبيز - دبي» تزيح الستار عن أبرز معروضات مزاد جنيف للمجوهرات الفريدة

بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
TT

«سوذبيز - دبي» تزيح الستار عن أبرز معروضات مزاد جنيف للمجوهرات الفريدة

بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)

تعرض «سوذبيز - دبي» هذا الشهر أبرز المعروضات التي سيضمّها مزاد المجوهرات الفريدة المرتقب في جنيف خلال شهر مايو (أيار) المقبل، بما في ذلك مجوهرات من مزاد لمالك واحد بعنوان «جواهر أيقونية: إحساسها بالأناقة» والعديد من القطع الاستثنائية الأخرى. تم تنسيق هذه المجموعة وتجميعها على مدار خمسة عقود، وتضم أكثر من 250 قطعة من أعلى مستويات الجودة والتصميم حيث تقدر قيمتها بما بين 5.4 و8.3 مليون دولار.

مجموعة من الياقوت والماس تحتوي على قلادة وسوار وخاتم قيمتها 1.5 مليون دولار (سوذبيز)

وتعدّ هذه المجموعة بمثابة تكريم لفنّ تصميم المجوهرات في القرن العشرين وعرض موسوعي لقطعها الأكثر شهرة واتجاهاتها الأكثر تأثيراً كما صاغتها إبداعات أرقى دور المجوهرات، مثل «كارتييه» و«فان كليف أند آربلز» و«بولغاري» و«بوشرون» و«شوميه» و«ديفيد ويب» و«موبوسان» و«مارينا ب».

عقد «ألجي» من رينيه بويفين المصنوع من الفيروز والأميتيست (القيمة التقديرية 22 - 34 ألف دولار)

ومن بين تلك الأسماء، يحتل رينيه بويفين، مكاناً خاصاً ضمن المجموعة. ومع نحو ثلاثين قطعة سيجري عرضها في إطار «المجوهرات الأيقونية: إحساسها بالأناقة»، تضم المعروضات أكبر مجموعة من مجوهرات بويفين تُطرح في مزاد على الإطلاق. من بينها عقد «ألجي» المصنوع من الفيروز والأميتيست (القيمة التقديرية 22 - 34 ألف دولار) إلى جانب قطع أخرى من مزاد المالك الفردي، بما فيها Devant-de-corsage من كارتييه (القيمة التقديرية 225 دولار - 450 ألف دولار)، وسوار «توتي فروتي» من كارتييه (القيمة التقديرية 225 - 450 ألف دولار) وزوج من الأقراط من بولغاري تتراوح قيمته بين 450 - 675 ألف دولار.

سوار «بانثر» من «كارتييه» يقدر بين 250 ألف و350 ألف فرانك سويسري (سوذبيز)

وإضافة إلى أبرز معروضات مزاد المالك الفردي، سوف تعرض سوذبيز دبي العديد من القطع الاستثنائية لمزاد المجوهرات الفريدة. وهي تحتوي على ماسة صفراء عتيقة نادرة من نوع Fancy Vivid وبروش من الألماس يبلغ وزنه 101.29 قيراط، تم تصميمها نحو عام 1952 من قبل دار «كارتييه». بقيمة تقديرية تتراوح بين 6.2 دولار و7.4 مليون دولار، تعدّ هذه الجوهرة مثالاً لبراعة «كارتييه» وجاذبيتها الدائمة. هناك أيضاً العديد من الأحجار الكريمة الأخرى البارزة مثل عقد وسوار وخاتم وأقراط رائعة من الياقوت والألماس، إضافة إلى ساعة تقدر قيمتها بما بين 800 ألف دولار و1.5 مليون دولار، وخاتم من الياقوت والألماس يزن 6.59 قيراط ويتوقّع أن تصل قيمته إلى ما بين 450 ألف و560 ألف دولار.


«علامات فاخرة» تقود رجل أعمال مصرياً للحصول على الجنسية الإيطالية

رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
TT

«علامات فاخرة» تقود رجل أعمال مصرياً للحصول على الجنسية الإيطالية

رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)

قادت علامات تجارية فاخرة رجل الأعمال المصري ووزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، للحصول على الجنسية الإيطالية؛ تكريماً لمجهوداته وإنجازاته المتميزة في عالم الاقتصاد والأعمال.

وقد أصدر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا قراراً بمنح الجنسية الإيطالية لرشيد، بعد موافقة مجلس الوزراء الإيطالي على التقرير الذي اقترح تكريم رشيد بمنحه الجنسية بوصفه استحقاقاً خاصاً، لما له من إنجازات وتميز في مجالات الاقتصاد والأعمال والابتكار في إيطاليا وخارجها.

رجل الأعمال المصري رشيد محمد رشيد (الشرق الأوسط)

وبحسب وصف المذكرة الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية الإيطالية، فإنه تم منح هذا التكريم لرشيد: لـ«التزامه الريادي، إلى جانب المعرفة العميقة، والقرب الصادق من الثقافة الإيطالية، التي تم إثباتها دائماً، مما أسهم في إعطاء الهيبة لصورة إيطاليا في العالم».

وكان رشيد قد حصل على وسام الاستحقاق (أعلى وسام في إيطاليا) من الرئيس الإيطالي السابق جورجيو نابوليتانو عام 2010.

وعبّر رشيد الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة «السارة»، والرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمار عن امتنانه الشديد لهذه الخطوة، لا سيما أنها بقرار نابع من الحكومة الإيطالية ذاتها، قائلاً في تصريحات صحافية: «يشرفني أن أتلقى هذا الثناء من بلد أؤمن به دائماً، فإيطاليا هي مثال للتميز في كل قطاع، سأستمر في دعم الصناعة في إيطاليا، وتعزيز القيم التي نستثمر فيها وهي الموهبة والإبداع والابتكار».

ونال رشيد إشادات عدة من رجال صناعة وإعلاميين إيطاليين لتميزه في مجال الاقتصاد والأعمال بإيطاليا على مدار السنوات الماضية.

من عرض «فالنتينو» (فالنتينو)

وبدأ رجل الأعمال المصري البارز الاستثمار في ماركات الأزياء العالمية للمرة الأولى في عام 2012 بصفته الرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمارات، التي تمتلك دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» ودار الأزياء الفرنسية «بالمان»، بالإضافة إلى تقلده منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة «ليبتون» العالمية لشاي «ليبتون». وكان رشيد عضو مجلس إدارة في شركة «يونيليفر» العالمية، ومؤسساً في عديد من الشركات العالمية في السلع الاستهلاكية والأغذية.

وفي عام 2017، أسس رشيد مجموعة «السارة» للاستثمار، وهي شركة قابضة مقرها سويسرا تعمل في مجال بناء والاستثمار في العلامات التجارية الفاخرة، لكن مقرها التشغيلي في ميلانو، والرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمارات، المساهم الرئيسي في «فالنتينو» ومالك «بالمان».

بعض منتجات «بالمان» (حساب الشركة على «فيسبوك»)

ولد رشيد في الإسكندرية عام 1955 لعائلة مصرية بارزة تنشط في قطاع النقل، وتخرج في جامعة الإسكندرية وكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، وكان يتمتع بخبرة مهنية في شركة العائلة قبل الانضمام إلى شركة «يونيليفر»، وهي شركة كان رئيساً لها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

كما شغل رشيد في الفترة من 2004 إلى 2011، منصب وزير الصناعة والتجارة والاستثمار في الحكومة المصرية.


حديقة قصر هايغروف تُلهم «بيربري» للمرة الثالثة

في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
TT

حديقة قصر هايغروف تُلهم «بيربري» للمرة الثالثة

في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة

في عام 1980 حصل الملك تشارلز الثالث على ملكية «هايغروف» الواقع في منطقة غلوسيسترشاير. أصبح القصر ملاذه الريفي والحديقة المترامية ملعبه. زرع فيها كل المبادئ التي يؤمن بها بدءاً من شكلها الهندسي إلى اختياره الأزهار والنباتات الصديقة للبيئة وما شابه. أمضى حوالي 40 عاماً تقريباً يعمل على تحويلها إلى ما آلت إليه الآن.

شكل لأربعة أوشحة من الحرير العضوي ومنها اثنان يصوران زهوراً برية متعددة الألوان (بيربري)

الزائر إليها اليوم، لن يرى حديقة عادية، بل لوحة فنية رسمها ملك شغوف بالطبيعة. وهذا تحديداً ما ألهم دار «بيربري»، وجعلها تطرح مجموعة ثالثة من الأوشحة الحريرية والمعاطف الواقية من المطر تنبض بألوانها وأزهارها ونباتاتها بعد أن تكلل تعاونها مع مؤسسة «هايغروف» بالنجاح في تجربتين سابقتين. تجدر الإشارة إلى أن «بيربري» تحمل ختم العائلة البريطانية المالكة منذ الخمسينات من القرن الماضي. حصلت عليه من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وأيضاً من الملك تشارلز عندما كان ولياً للعهد. هذا الختم يمنحها صلاحيات قد لا تتوافر لغيرها، وهو ما يؤكده حصولها على حق رسم الحديقة وبيعها في متاجر «هايغروف» وفي محلاتها وموقعها الإلكتروني.

قالت المتحدثة باسم مؤسسة الملك تشارلز الخيرية «The King's Foundation» إن القطع التي طرحتها الدار البريطانية تم «تصميمها بعناية لتُعبّر عن التزام كل من بيربري وهايغروف بالحرفية والممارسات التجارية المسؤولة والصديقة للبيئة».

وشاح يظهر فيه الدلفينيوم الأرجواني والأزرق الأصفر والأزرق (بيربري)

تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة الثالثة. سبق وأن طرحت الدار في الخريف الماضي مجموعة من الأوشحة تزامناً مع حفل تتويج الملك. أوكلت تصميمها لثمانية طلاب منخرطين في برنامج تدريب الحرفيين المعاصرين ضمن برنامج يهتم بالشباب، يدعمهم لضمان نقل إرث الحرف اليدوية والفنية إلى الجيل المقبل.

معطف بلون اللبلاب ببطانة تجسد مرجاً من الزهور البرية المستوحاة من حديقة القصر (بيربري)

في هذه المجموعة، تعاونت الدار مع هولي ميلز، وهي فنانة بريطانية تخرجت في مدرسة الرسم الملكية، التي أسسها الأمير تشارلز في عام 2000. حرصت على أن تلتقط في كل قطعة مروج الزهور البرية والأشجار. وطبعاً زهرة الدلفينيوم المفضلة لدى الملك تشارلز. كل الأوشحة صُنعت من الحرير العضوي، وتم تشطيبها بحواف ملفوفة يدوياً؛ لضمان جودة تدوم طويلاً. لم تقتصر المجموعة على الأوشحة هذه المرة. ضمت إليها معاطف مضادة للمطر في غاية الأناقة والكلاسيكية تحمل كل بصمات الدار البريطانية العريقة.

يتميز المعطف بأناقة وكلاسيكية في ظاهره لكن بطانته تخفي لوحة فنية (بيربري)

الجديد أن النقشات المربعة التي تُغطي بطاناتها عادة لتُميزها استُبدلت بواسطة أزهار ونباتات حديقة القصر، الأمر الذي ارتقى بها. اقتصارها على البطانة يجعلها تظهر فقط عندما يكون المعطف مفتوحاً، ولا يعرف بوجودها سوى صاحبها، وهو ما يُعد قمة الترف.


«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
TT

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

شهدت ساحة الموضة مؤخراً هزة كراسي قوية شملت تغيير مناصب تنفيذية وإقالات واستقالات. المصمم البلجيكي دريز فان نوتن أعلن منذ أسابيع خبر تنحيه عن إدارة الدار التي أسسها منذ 38 عاماً، تلاه مباشرة إعلان خروج بييرباولو بيكيولي من دار «فالنتينو» بعد 25 عاماً. الأول برر قراره بأنه يريد فتح المجال للشباب لكي يضخوا داره بدماء جديدة ورغبته في خوض مغامرات ومشاريع شخصية أجلها طويلاً، وحان الوقت ليستمتع بها. أما الثاني، فجاء في البيان الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام أن قرار المغادرة كان ودياً بينه وبين الشركة الأم. لكن هذه البيانات أصبحت مكررة تفتح أبواب التكهنات. بنفس الحبر تقريباً كُتب بيان مغادرة سارة بيرتون دار «ألكسندر ماكوين» التابعة لمجموعة «كيرينغ» في العام الماضي، وهي التي شغلت منصبها لـ13 عاماً، وأصبحت مصممة أميرة وايلز، كاثرين المفضلة، إن لم نقل الرسمية.

لا مكانتها في البلاط الملكي شفعت لها، ولا الشاعرية والديناميكية التي ميزت تصاميم وعروض «فالنتينو» شفعت لبيكيولي أمام موجة التغيير.

لم يمضِ سوى أيام حتى تم الإعلان عن خليفة له: أليساندرو ميكيلي، مصمم دار «غوتشي» السابق، ما يجعل توقيت الإعلانين مثيراً، لأنه جاء بعد فترة قصيرة من استحواذ مجموعة «كيرينغ» على حصة 30 في المائة من «فالنتينو» مقابل 1.7 مليار يورو، مع إمكانية استحواذها على النسبة المتبقية بحلول عام 2028. المتابعون يعرفون أن هذه الصفقة تأتي في فترة تشهد فيها «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي» و«ألكسندر ماكوين» وغيرها عملية نفض مكثفة تستهدف تغيير كراسي رؤساء تنفيذيين ومصممين على حد سواء.

غني عن القول بأنها تغييرات تأتي كرد فعل للصدمات الاقتصادية التي تلقتها سوق المنتجات المترفة ككل في السنوات الأخيرة، وإن كانت خيوطها بدأت تُحاك منذ عقدين تقريباً لتجريد الموضة من جانبها الإنساني، وخلق ثقافة دخيلة تعطي الأولوية للتسويق، والأرباح. ولو على حساب الإبداع.

لم يتلاعب بإرث الدار لكنه ضخها بديناميكية عصرية وشاعرية في الوقت ذاته (فالنتينو)

بييرباولو بيكيولي صَرح في لقاء صحافي سابق بأن مشهد الموضة تغيّر بشكل صادم، قال وكأنه كان يعرف ما يُخبئ له المستقبل القريب: «بغض النظر عن شكل التعبير الفني، أصبح المنتجون أقوى من الموسيقيين، وأصحاب المعارض أقوى من الفنانين، والمجموعات الكبيرة أقوى من المصممين». علَق أيضاً أن قواعد اللعبة تغيرت حين أصبح للرؤساء التنفيذيين الكلمة المسموعة بحجة تسهيل عمليات التسويق. بييرباولو بيكيولي من الجيل الذي يؤمن بالإبداع، والروح الإنسانية أولاً. كان من الممكن أن يجاري متطلبات السوق، لكنه فضل التمسك بقناعاته «كان واضحاً بالنسبة لي ما سيؤدي إليه التوجه الجديد. لا يهمني كل ما يقال، فأنا أعرف ما أريد، ولا يمكنني التنازل عن قناعاتي مهما كانت متطلبات الأسواق، وتغير الأذواق. فهذا النظام الجديد لا يمكن أن يستمر». بحسب رأيه هو نظام يتنافى مع الإبداع، و«بلا مستقبل، لأن من يفتقد القدرة على الخيال، فلن يقدر على الإبداع بأي شكل من الأشكال».

الوردي لا يزال حاضرات لكن بدرجات اقل توهجا من "بي.بي.بينك" (فالنتينو)

بييرباولو بيكيولي ليس وحده من عبّر عن قلقه من ترجيح كفة الجانب التجاري والتسويقي على الجانب الإبداعي. كل من المصمم راف سيمونز والراحل ألبير إلبيز أعربا في وقت من الأوقات عن قلقهما من أن تفقد الموضة شيئاً أساسياً تصعب استعادته. بل يمكن القول بأن أول من دق أجراس الخطر كان الراحل إيف سان لوران عندما أعلن تقاعده وهو يرمي جام غضبه على سطوة المجموعات الكبيرة، ولهفتها على تحقيق الربح بأي ثمن.

بغض النظر عن كل التكهنات عن الأسباب والمسببات، وما إذا كان غياب بييرباولو بيكيولي سيُخلف ثغرة في ساحة الموضة، أو أن الوقت حان لبعض التغيير بعد 25 عاماً قضاها فيها، فإن المتابعين لتاريخ الموضة يُدركون أن «العرض سيستمر». بتنصيب أليساندرو ميكيلي، الذي سبق وحقق لدار «غوتشي» نجاحات مهمة قبل أن يصيب أسلوبه المبالغ فيه بالتخمة، فإن المجموعة تطمح أن يكرر لها نفس النجاحات التجارية في داره الجديدة.

غير أن خروج بيكيولي لن يُنسينا ما خلّفه من إرث إنساني، وصور شاعرية ستبقى في الذاكرة، بدءاً من درجة الوردي الذي أصبح لصيقاً باسمه إلى الجانب الإنساني الذي تبناه طوال فترته كمصمم.

من عرضه لخريف وشتاء 2024 (فالنتينو)

في كل لقاءاته كان بييرباولو يؤكد على ضرورة أن تحافظ الموضة على العنصر الإنساني بأن تبقى واقعية. من جهته، جعلها تتعدى الألوان والأزياء والإكسسوارات، ووظفها لتعانق الاختلاف، وتفسح المجال للآخر. كان أكثر مصمم استعان بعارضات أفريقيات في عروضه.

في عام 2022، أقام عرضاً ضخماً في روما كانت خلفيته المدرج الإسباني، وافتتحته عارضة سودانية. أطلق عليه عنوان البداية «The Beginning»، وطرز الكثير من اقتراحاته بالورود، والأزهار، ليذكرنا ببدايات تأسيس الدار في روما على يد غارافاني فالنتينو. كان أيضاً رسالة حب للعالم، شارك في كتابتها عارضون وعارضات من كل الأجناس، والألوان، والأحجام أيضاً.

مشهود له بقدرته على مزج الألوان واختيار العارضات (فالنتينو)

دعا لحضوره 120 طالباً من معاهد موضة إيطالية في لفتة لبداياته كطالب كان يتابع عروض الأزياء من بعيد، ولا يتصور أنه سيكون جزءاً منها في يوم من الأيام. في آخر العرض، لم ينس الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة في هذه التشكيلة، وغيرها. خرج معهم جميعاً وهو يحفز ضيوفه للتصفيق لهم.

لكن ستبقى مهارته في مزج الألوان بشاعرية وفنية هي أكثر ما ستذكره كتب الموضة عنه. لم تضاهه مهارة فيها سوى إيف سان لوران وكريستيان لاكروا، وإيمليو بوتشي، وجون باتو. كانت الألوان بالنسبة له «الأداة الأكثر مباشرة لتغيير وجهات النظر، وتكسير الأفكار المسبقة» وفق قوله.

المملة نينا دوبريف في زي من مجموعة "بي.بي. بينك" التي رغم كل المخاوف التي اثارتها "بي.بي. بينك" حققت النجاح (فالنتينو)

في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 قدم لـ«بي بي بينك» اللون الوردي الذي اجتاح ساحة الموضة حتى قبل أن يصدر فيلم «باربي». ابتكره بمساعدة «مؤسسة بانتون للألوان». أثار مخاوف شريحة لا يستهان بها من النساء عندما أطل علينا بجرعات قوية، إلا أن مفعوله كان قوياً. ارتفعت المبيعات بنسبة 15 في المائة في ذلك العام لتصل إلى 1.5 مليار دولار. ظهر بعده الأزرق، والأبيض، والذهبي، وألوان أخرى خلقت نوعاً من الدراما الشاعرية، وجعلت البعض يقارنه بفنانين كبار رغم رفضه لهذه الصفة. «بالنسبة لي الموضة ليست فناً، لأنها تحتاج لأن تتعامل مع الجسد بشكل عملي، وواقعي، بينما لا يتقيد الفن بهذا الأمر» وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» في لقاء سابق، مضيفاً: «أعتقد أن الفن والموضة شيئان مختلفان. فالفن بالنسبة لي لا يلبي احتياجات ملموسة في أرض الواقع، على العكس من الموضة. فهي مفيدة، وتستهدف أموراً محددة، وعملية في الحياة. لكن بالتأكيد هناك قواسم مشتركة كثيرة بينهما، مثل بحثهما الدائم عن الجمال، والرغبة في تحرير الخيال».

كان الأسود هو اللون الأوحد في عرضه الأخير لخريف 2024 وشتاء 2025 (فالنتينو)

بيد أن حبه للألوان، ومهارته في جعلها تتناغم حتى في أقصى تناقضاتها تجعل تشكيلته الأخيرة لخريف وشتاء 2024 - 2025 مثيرة للتساؤل. لون 63 قطعة بالأسود. كان جريئاً في جعله اللون الأوحد. تجريده للوحاته من ألوانها مُبقياً على لونٍ واحدٍ يتيح له القيام بالكثير باستخدام القليل، مضاعفاً الاحتمالات التعبيريّة. من هذا المنظور، وبعد إعلان خبر خروجه من «فالنتينو» فهي تُعبّر هنا أيضاً عن مشاعر «الفقد»، وأنه كان يشعر باقتراب ساعات الفراق. وهذا ما يجعلها أيضاً نقطة النهاية لفصل مهم في تاريخ دار إيطالية، ومسيرة مصمم رفض أن يساير الموجة السائدة، مفضلاً أن يحتفظ بقناعاته، ومبادئه. فالنتينو غارافاني، مؤسس الدار، نشر على صفحته الخاصة مُعلقاً على خبر مغادرته: «شكراً بييرباولو، أنت المصمم الوحيد الذي لم يحاول تشويه رموز علامة كبيرة بسبب جنون العظمة، وتضخم الأنا».

وداعا بييرباولو بيكيولي (فالنتينو)

أهم المحطات في مسيرته

ولد بيكيولي في عام 1967 في «نيتونو»، مدينة ساحلية صغيرة تبعد عن روما بنحو 35 ميلاً جنوباً. لا يزال يعيش فيها مع زوجته، وأبنائه الثلاثة. بدأ العمل مع دار «فالنتينو» في عام 1999 في قسم الإكسسوارات. في عام 2008 أصبح المدير الإبداعي لقسم الأزياء مع زميلته ماريا غراتزيا تشيوري التي سبق وعمل معها في دار «فندي» لعشر سنوات. في عام 2016، انتقلت تشيوري إلى «ديور» كأول امرأة تتسلم هذه المهمة كمصممة. بقي هو المصمم الوحيد في «فالنتينو»، ومنذ أول عرض له من خط الـ«هوت كوتور» تحديداً كشف عن عبقرية، وخصوبة خيال. كان كل عرض يقدمه من هذا الخط يثير العواطف إلى حد انتزاع الدموع من الحضور، مثلما حدث مع المغنية سيلين ديون في عام 2019.

على العكس من المصممين الشباب الذين تسلموا مقاليد بيوت أزياء لمؤسسين إما تقاعدوا أو غيبهم الموت، وحاولوا وضع لمساتهم الشخصية عليها، بقي هو وفياً لرموزها الأساسية. فالنتينو غارافاني، مؤسس الدار، أشاد به في كل المناسبات، وهو ما يعتبر سابقة بحد ذاتها. فمعظم المؤسسين لم يكونوا راضين عن خلفائهم، أشهرهم كان إيف سان لوران ومشكلاته مع توم فورد.

حتى عندما يتعامل مع لون واحد فإنه يُبدعه بشكل يجعله ملوَنا (فالنتينو)

ما يحسب له أنه رغم احترامه رموز الدار وجيناتها، لم يبق أسيراً لهذا الإرث. أمر قال إنه تعلمه من الراحل كارل لاغرفيلد الذي عمل معه في دار «فندي» في بدايته «كان كارل مهووسا بفكرة عدم العودة إلى الماضي، وهو ما كان درساً مهماً لي». ومع ذلك احترم ماضي الدار، ومؤسسها. كان يعود إليه فقط لكي يضخه بحداثة تواكب العصر.


عودة الابن المتمرد إلى حُضن الموضة

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
TT

عودة الابن المتمرد إلى حُضن الموضة

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

في أقل من أسبوع خرج بييرباولو بيكيولي من دار «فالنتينو» ليدخلها أليساندرو ميكيلي. حركة أثارت الكثير من التساؤلات. رغم أن أليساندرو شكر رشيد محمد رشيد، رئيس شركة «مايهولا» شخصياً لاختياره، والثقة التي وضعها فيه، إلا أن هذا لا يمنع من التساؤل ما إذا كانت مجموعة «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي» و«سان لوران» و«بالنسياغا» وغيرها ساهمت في هذا الاختيار، كونه عمل معها لسنوات في دار «غوتشي» قبل أن يغادرها في عام 2022؟

صحيح أن «فالنتينو» لا تزال ملكاً لشركة «مايهولا» الاستثمارية القطرية المالكة لـ«بالمان» و«بال زيليري»، إلا أن «كيرينغ» اشترت في شهر يوليو (تموز) الماضي نسبة 30 في المائة منها، مع إمكانية أن تحصل عليها كاملة بحلول 2028، وهذا ما يجعل هذه التنقلات مثيرة في هذا التوقيت.

ما يعرفه متابعو الموضة وأسواق المال والأعمال أن مبيعات «غوتشي» التي حققت أرباحاً ضخمة للمجموعة الفرنسية في عهد أليساندرو ميكيلي، انخفضت بنحو 20 في المائة خلال الربع الأول من سنتها المالية الأخيرة رغم محاولات مصممها الجديد ساباتو دي سارنو خلق أسلوب راقٍ وجذاب بعيد كل البعد عن أسلوب «الماكسيماليزم» الذي اعتمده سلفه، وكان واحداً من أسباب نجاحه، وسقوطه.

ومع ذلك تراجعت مبيعات غوتشي بشكل كبير في الأسواق الآسيوية، وبما أن الدار تشكل نحو ثلثي الأرباح التي تحققها مجموعة «كيرينغ»، فإن الأمر ليس هيناً. الآن وبتعيين أليساندرو ميكيلي مديراً إبداعياً لدار «فالنتينو» بعد أن استحوذت «كيرينغ» على نسبة 30 في المائة منها، فإنها و«مايهولا» تطمحان أن يحقق فيها ما حققه لـ«غوتشي» في سنواته الأولى.

التحق ميكيلي بـ«غوتشي» أول مرة في عام 2002 قادماً إليها من «فندي». عمل مع فريدا جيانيني من 2011 إلى 2015، العام الذي تسلَّم فيه وظيفة المدير الإبداعي للدار. وهنا بدأ في كتابة فصل غني بالألوان الغنية والنقشات المتضاربة. كانت خلطة مثيرة وغريبة أعطت ثمارها سريعاً. ارتفعت المبيعات وأصبح مجرد اسم «غوتشي» مطلباً للشباب في كل أنحاء العالم. بعد سنوات ومع تكرر نفس الأسلوب، أصيب هذا الزبون بالتخمة وعزف عنها. أشيع حينها أنه طُلب منه التطوير والبحث عن أفكار جديدة، لكن ميكيلي تشبّث برؤيته الفنية، وفضل المغادرة على التنازل. في بيان نشره بعد إعلان خبر تعيينه كتب ميكيلي: «أشعر بسعادة عارمة ومسؤولية وأنا ألتحق بدار أزياء راقية ارتبط اسمها بالجمال، وأناقة فريدة». سيوجه أول تشكيلة له لربيع وصيف 2025. الكل يترقب الفصل الجديد بفضول وشوق.


«دولتشي آند غابانا» تفتتح أول محل لها في الرياض

أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
TT

«دولتشي آند غابانا» تفتتح أول محل لها في الرياض

أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)

سلسلة الافتتاحات التي تشهدها منطقة «فيا الرياض» بمدينة الرياض لا تزال مستمرة. آخرها كان افتتاح «بوتيك دولتشي آند غابانا» على مساحة قدرها 531.42 ألف متر مربع. تقول العلامة الإيطالية إنه الأول لها في المنطقة ولن يكون الأخير، بالنظر إلى العلاقة التي تجمعها بزبائنها منذ زمن. وأيضاً للمكانة التي تحتلها منطقة الشرق الأوسط ككل في سوق الترف. السعودية طبعاً تأتي ضمن أولويات دور الأزياء والمجوهرات العالمية حالياً. أغلبهم يعقدون عليها آمالا كبيرة. فهي سوق تَعد بالكثير من ناحية الاستراتيجيات التي تنتهجها منذ انطلاق «رؤية 2030» وأيضاً لنسبة سكانها من الشباب واهتمامهم بكل ما يتعلق بالجمال والحياة.

احترام المنطقة وثقافتها لم يأتِ على حساب أسلوب الدار العصري (خاص)

اختارت «دولتشي آند غابانا» عنوان «فيا الرياض» لأنه أصبح لصيقاً بالفخامة والرقيّ في كل المجالات؛ من الضيافة إلى وسائل الراحة والتسهيلات التي يوفرها. طبعاً لا ننسى أن الدار ستكون هنا جارة لأسماء مثل «إيلي صعب» و«توم فورد» والبقية تأتي.

شخصية «دولتشي آند غابانا» حاضرة في الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة (خاص)

أهم ما يثير في محل «دولتشي آند غابانا» الجديد الطريقة التي حرص فيها على احترام ثقافة الترف وثقافة البلد في الوقت ذاته. فهذا الافتتاح لم يأتِ بين ليلة وضحاها كما يقول المصممان والمؤسسان دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا. بل بعد دراسة متأنية وتوطيد علاقة طويلة. فعدا أن عدد زبائن الدار في المنطقة لا يستهان به، كانت أول من أقام عرض أزياء ضخم في منطقة العلا عام 2022، ثم لا يمكن أن ننسى أنها أول دار أزياء قدمت «تشكيلة رمضانية» مبنيّة على العباءات والقفاطين وحققت نجاحاً كبيراً، لتبدأ السباق الرمضاني الذي أصبح تقليداً سنوياً في هذه المناسبة.

استخدمت الحجر السلماني الأصفر الشائع في الرياض لتزيين الواجهة وكذلك التصميم الداخلي (خاص)

الجميل في المحل الجديد أن احترام ثقافة البلد لم يتطلب منها إلغاء شخصيتها الإيطالية، سواء كانت ألواناً صارخة أو نقشات متضاربة أو زخرفات غنية. كانت كل هذه التفاصيل حاضرة. كل ما في الأمر أنها جعلتها تتماهى مع روح المكان، بالعمل على إثراء المشهد المحلي واحترام موروثاته، وهو ما تجلى أيضاً في الهندسة المعمارية التي استُخدم فيها الحجر السلماني الأصفر، الشائع في الرياض. استعملته لتزيين الواجهة وكذلك في التصميم الداخلي، الأمر الذي خلق تفاعلاً آسراً مع الأبيض الذي لوَن الجدران، وأسطح ألوان الخشب والأرضية البازلتية، التي تُميز معظم محلات «دولتشي آند غابانا» في العالم.