{حماس} تستبق المجلس المركزي وتشعل معركة خلافة عباس المؤقتة

الدويك يقول إنه الأحق... وفتح تعد رئاسة «التشريعي» غير قائمة

TT

{حماس} تستبق المجلس المركزي وتشعل معركة خلافة عباس المؤقتة

أشعلت حركة حماس مجددا، معركة خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بإعلانها أن القيادي في الحركة عزيز الدويك، «رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني»، سيخلف عباس في حال غيابه، «وفق القانون الأساسي» للسلطة، الأمر الذي ردت عليه حركة فتح، بقولها إن الدويك لم يعد على رأس المجلس المنعدم قانونيا، ملوّحة باتخاذ قرارات مصيرية حول الأمر.
وخرج الدويك بنفسه، ليقول إنه في حال تعذر قيام الرئيس بواجباته، أو في حال غيابه تحت أي عذر أو ظرف، أو وفاته، فإن الرئيس المقبل حسب القانون والدستور في هذه الحالات هو رئيس المجلس التشريعي. مضيفا لوكالة سما المحلية: «أنا الآن رئيس المجلس التشريعي وبالتالي سأكون أنا أو أي شخص غيري يتقلد هذا المنصب هو الرئيس القادم».
وحذر الدويك من أن الفوضى ستعم في حال تجاوز السلطة الفلسطينية والقائمين عليها للدستور الفلسطيني والقانون الأساسي، مطالبا الجميع باحترام القانون والاستحقاقات الدستورية والأخذ بها، وألا يجري تجاوزهما بأي صورة من الصور وتحت أي ظرف من الظروف، وإلا فستسود الفوضى بدل النظام داخل المجتمع الفلسطيني.
وينص القانون الأساسي الفلسطيني، على أن يتسلم رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة بشكل مؤقت، في حال أي غياب قهري للرئيس لمدة لا تزيد على 60 يوما تجرى خلالها انتخابات رئاسية.
وفي عام 2004، حينما توفي الرئيس السابق ياسر عرفات، حل مكانه رئيس المجلس التشريعي آنذاك، روحي فتوح، قبل أن ينتخب الفلسطينيون محمود عباس رئيسا، لكن يوجد خلاف قانوني وسياسي اليوم بين حركتي فتح وحماس حول المجلس التشريعي المعطل ورئاسته.
وفي حين تقول حماس إن رئيس المجلس هو الدويك، تقول فتح إن فترة رئاسة المجلس انتهت، وإنه يجب انتخاب رئاسة جديدة بعد دعوة الرئيس محمود عباس للمجلس من أجل الانعقاد، ناهيك عن أن المجلس معطل منذ حوالي 10 أعوام، ويجب البت في مصيره عبر المجلس المركزي الفلسطيني.
وقال منير الجاغوب رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم: «الدويك يعرف أنه لم يعد رئيسا للمجلس التشريعي. لقد انتهت رئاسته للمجلس التشريعي في 2007 ولم تجدد. موضوع رئاسة المجلس التشريعي، حاليا، منعدمة قانونيا، لأن ذلك يحتاج إلى انعقاد دورة جديدة للمجلس بدعوة من الرئيس. المجلس لم ينعقد ورئاسته لم تجدد».
وأضاف الجاغوب لـ«لشرق الأوسط»: «المجلس كله في حكم المنعدم قانونيا وثمة أطر رسمية للبت في مصيره».
واتهم الناطق الفتحاوي، الدويك بمحاولة حرف البوصلة عن الأولويات الفلسطينية: «التي تتمحور حول الالتفاف حول موقف القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس، الرافض لصفقة القرن والمتصدي لكل ما يحاك ضد شعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني، من مخططات تستهدف شعبنا برمته، وتهدف إلى تجاوز حقوقه الوطنية كافة، وإعادة قضيتنا لتصبح من جديد قضية إنسانية دون أي مضمون سياسي أو قانوني أو أخلاقي».
ورفض الجاغوب أسلوب «اختلاق قضايا ثانوية غير مطروحة للنقاش»، وقال إنها «محاولة للهروب من المطالب والاستحقاقات التي ينتظر شعبنا إنجازها فوراً، ليتمكن من مواصلة صموده في وطنه متصدياً للاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي، وفي مقدمة تلك المطالب والاستحقاقات، يأتي إنهاء الانقلاب وتبعاته، وما ألحقه بشعبنا وخاصة أهلنا في غزة من ويلات، حتى نتمكن من طي هذه الصفحة إلى الأبد، والانتقال إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية كوسيلة وحيدة لتداول السلطة، بدل اللجوء إلى الانقلاب على النظام السياسي، كما حدث في غزة قبل 11 عاماً. وبدل الخروج بتصريحاتٍ بائسة كتلك التي أدلى بها السيد الدويك، والتي تبدو وكأنها استعجال لرحيل الأخ الرئيس أطال الله عمره، وهو مطلب إسرائيلي وأميركي، نأمل ألا ينجرّ أي فلسطيني إلى جوقة المطالبين به تحت أي ذريعة كانت».
وطالب الجاغوب الكل الفلسطيني بعدم «اختلاق ثغرات في الموقف الفلسطيني يمكن أن ينفذ من خلالها أعداؤنا المتربصون بشعبنا وقضيتنا وحقوقنا الوطنية، التي سقط من أجل ترسيخها وتحقيقها قوافل متتالية من الشهداء والجرحى والأسرى، بعيداً عن الأفق الضيق المحصور في السعي إلى الوصول إلى السلطة والكرسي مهما كلف الثمن، وبعيداً عن فهم طبيعة الأولويات والتحديات التي يتحتم التصدي لها».
وهذه ليست أول مرة تتطرق فيها حماس للأمر، في ظل خلاف قانوني وسياسي حول المجلس التشريعي، وهو خلاف يفترض أن يناقشه المجلس المركزي الفلسطيني الذي يجتمع الشهر المقبل.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن المركزي الذي أخذ صلاحيات المجلس الوطني يعد، عمليا، أعلى هيئة تشريعية فلسطينية، ويضم المجلس التشريعي.
وأضافت المصادر: «بصفته مرجعية للسلطة، فان من حقه حل التشريعي والدعوة إلى انتخابات عامة».
وبحسب المصادر، فإنه إذا تم حل المجلس التشريعي أو لم يتم، فإن رئيس المجلس الوطني والمركزي، وهو الآن سليم الزعنون، هو الذي سيخلف عباس. وتابعت المصادر: «حتى الآن أنه في حالة أي غياب قهري للرئيس، سيتولى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون المهمة لحين إجراء انتخابات، باعتبار المجلس الوطني يضم المجلس التشريعي».
وتناقش القيادة الفلسطينية سيناريو ثانيا، وهو اللجوء مباشرة إلى انتخاب نائب لرئيس السلطة الفلسطينية، واستحداث المنصب يحتاج إلى تعديلات في القانون الأساسي، وهذا رهن بانعقاد المجلس التشريعي، لكن كونه معطلاً، فإن المجلس المركزي سيكون صاحب القرار.
أما السيناريو الثالث، فهو الذهاب إلى مصالحة مع حماس، وإجراء انتخابات عامة جديدة، وهي مسألة تبدو بعيدة المنال.
وترفض حماس كل هذه السيناريوهات. وقال القيادي في الحركة أحمد بحر، إن الإعلان عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير بديلاً للمجلس التشريعي المنتخب، سيعد «انقلابا» واضحا على القانون الأساسي وخطوة خطيرة نحو تعميق الانقسام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».