بوتين وروحاني بحثا احتواء التوتر في سوريا

موسكو تتهم واشنطن بـ«التقاعس»

تعزيزات لقوات النظام إلى جنوب سوريا (وسائل تواصل اجتماعي)
تعزيزات لقوات النظام إلى جنوب سوريا (وسائل تواصل اجتماعي)
TT

بوتين وروحاني بحثا احتواء التوتر في سوريا

تعزيزات لقوات النظام إلى جنوب سوريا (وسائل تواصل اجتماعي)
تعزيزات لقوات النظام إلى جنوب سوريا (وسائل تواصل اجتماعي)

سعى الرئيس فلاديمير بوتين إلى تخفيف التوتر مع إيران خلال لقائه الرئيس حسن روحاني في الصين, في وقت حَمَلت وزارة الدفاع الروسية بعنف، أمس، على الولايات المتحدة، واتهمتها بالتسبب في «كارثة كبرى في سوريا بسبب تغاضيها عن نشاط الإرهابيين في المناطق التي تسيطر عليها».
وخلافاً للهجة المرنة التي أبدتها الدبلوماسية الروسية خلال الأيام الأخيرة حيال واشنطن، خصوصاً في ظل توقعات باتفاق الطرفين على ترتيب قمة روسية - أميركية، حملت تصريحات المستوى العسكري الروسي هجوماً شديد اللهجة على سياسات واشنطن في سوريا.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع إيغور كوناشينكوف، إن توسع تنظيم داعش في سوريا غدا ممكناً، بسبب ما وصفه بـ«التقاعس المجرم» الذي أظهرته واشنطن.
وأجرى الرئيس بوتين أمس محادثات مع نظيره الإيراني هي الأولى على هذا المستوى بين الطرفين، منذ توتر العلاقات بسبب إعلان موسكو ضرورة انسحاب القوات الإيرانية من الجنوب السوري، وتوصلها إلى تفاهمات بهذا الشأن مع إسرائيل.
وكان لافتاً، أن الكرملين اكتفى بنشر تفاصيل العبارات القصيرة التي تبادلها الطرفان في مستهل اللقاء، الذي جرى على هامش اجتماع قمة البلدان المنضوية في منظمة «شاغهاي للتعاون» التي تنعقد هذا العام في الصين. وتكتم على نتائج المحادثات التي جرت خلف أبواب مغلقة. وأشار بوتين في مستهل اللقاء إلى ما وصفه بـ«نتائج ملموسة للتعاون بين روسيا وإيران في تسوية الأزمة السورية».
وخاطب نظيره الإيراني بالإشارة إلى «نجاحنا في التعاون في سوريا. ولدينا هنا ما نتحدث عنه، لأن ثمة نتائج ملموسة» في هذا الشأن.
وأكد روحاني أن «نتائج التفاعل مع روسيا بشأن ضمان أمن المنطقة أصبح ملموساً»، وقال إن «النتائج تبدو جلية يوماً بعد يوم».
ورغم تكتم الكرملين على نتائج المحادثات، فإن أوساطاً إعلامية روسية مرافقة لبوتين في زيارته إلى الصين رجحت أن «المحادثات كانت صعبة»، مشيرة إلى أن «الخلافات هذه المرة واضحة جداً، ويحتاج الطرفان إلى إعادة ضبط الساعات من أجل التوصل إلى تفاهمات حول عدد من القضايا». وكانت وسائل إعلام روسية أشارت خلال اليومين الماضيين إلى أن الوضع في الجنوب السوري يشكل «اختباراً جدياً لقدرة الكرملين على فرض رؤيته لتسوية الأوضاع، بدءاً من تهدئة في مساحة جغرافية محدودة، وصولاً إلى وضع ترتيبات لتسوية شاملة». كما لفتت أوساط إعلامية إلى «التحدي الذي تشكله الميليشيات التابعة لإيران»، ونشرت مقتطفات من حديث الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قال فيها إن عناصره لن يغادروا سوريا حتى لو اجتمع العالم ضدها. واعتبرتها «رسالة تحد مباشرة إلى موسكو».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».