مذكرات شريف بسيوني الحلقة (4): لم تكن لديّ سلطة لكني كنت صاحب نفوذ

سمحت أميركا لشاه إيران بالانتقال من بنما إلى مصر بعد استشارتي.. وجيهان السادات كانت صاحبة الفكرة

صورة تجمع شريف بسيوني وأوباما أثناء زيارة قام بها الرئيس الأميركي لشيكاغو عام 2008
صورة تجمع شريف بسيوني وأوباما أثناء زيارة قام بها الرئيس الأميركي لشيكاغو عام 2008
TT

مذكرات شريف بسيوني الحلقة (4): لم تكن لديّ سلطة لكني كنت صاحب نفوذ

صورة تجمع شريف بسيوني وأوباما أثناء زيارة قام بها الرئيس الأميركي لشيكاغو عام 2008
صورة تجمع شريف بسيوني وأوباما أثناء زيارة قام بها الرئيس الأميركي لشيكاغو عام 2008

أراد البروفسور محمود شريف بسيوني أن يصل بي إلى خلاصة، حول الفرق بين صاحب السلطة الذي تبدو قراراته مباشرة وواضحة على اختلافها، سواء كانت سياسية في الأزمات الدبلوماسية أو قرارات عسكرية، وبين أصحاب النفوذ. وقد توصل بسيوني خلال حياته وما مرّ به من تجارب، إلى اعتبار نفسه، في مناسبات عدة، من أصحاب النفوذ.
ومن أهم التجارب التي تحدث عنها، دوره في أزمة الرهائن الأميركيين في إيران سنة 1978، وفي انتقال شاه إيران إلى مصر ليقيم فيها كلاجئ سياسي، واعتماد الخارجية الأميركية على استشاراته في هذه المسألة، وكذلك في قضية الرهائن واحتمال محاكمتهم آنذاك، كما عرفنا بسيوني وعبر سرد ممتع، على الفرق بين مرتبتي «الأسرار» و«الأسرار العليا» (توب سيكرتس) التي تمنحها السلطات الأميركية لمن تتعامل معهم.
لما وقع احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في إيران، اهتم الرئيس الأميركي، جيمي كارتر بالأمر. وقد رأيته يتصرف مثل أب يحاول انقاذ أبنائه. رأيته مرات عدة، وتحدثت مع من يعملون في البيت الأبيض. كانت مشاعره العاطفية متداخلة جدا. وكان يشرف على أدق التفاصيل، ويتابع كل العمليات ويديرها بصورة شخصية، على الرغم من وجوده في البيت الأبيض.
كان هناك فريق يعمل حينها، تحت رئاسة هيرل ساندرس، الذي كان وكيل وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط. وكان مفتاح إدارة العمليات. لكن كارتر كان يتدخل شخصيا في كل التفاصيل. وبدأ يفكر في القيام بعملية عسكرية، وهي تلك التي بدأت بالطيران الأميركي وفشلت؛ لأن بعض الطائرات سقطت نتيجة زوبعة رملية. وبدأت تتردد اشاعات بأن الشباب الثوري الإيراني (الحرس الثوري)، سيحاكمون الرهائن عسكريا. وأخذت الفكرة تتبلور. كان موقف الحكومة الأميركية الرسمي، قائما على أن اتفاقية فيينا لسنة 1969، تمنع أي محاكمة، لكن الشباب الإيراني كان يرد بأنه سيحاكم أولئك الدبلوماسيين وفقا للشريعة الإسلامية.
بدأ الجانب الأميركي يتجه إلى استشارة خبراء في الشريعة الإسلامية، خصوصا في المجال الجنائي. كنت قد كتبت في هذا الموضوع قبل ذلك، ودعيت إلى مكتب مدير إدارة الشؤون القانونية في وزارة الخارجية، واستشرت في الشريعة الإسلامية، ففسرت لهم أن الشريعة الإسلامية مؤيدة لفكرة الحصانة الدبلوماسية منذ أيام الرسول؛ حيث كان يوفد الكثيرين إلى دول أخرى، ويستقبل وفودا. فهذه الفكرة موجودة وصيانة الدبلوماسي موجودة. طبعا اطمأنوا إلى هذا، وقالوا إذا كانت هناك محاكمة في إيران لا بد من الاستعداد لها. في هذا الوقت، كان ثمة خلاف في الرأي بين الاستخبارات والخارجية. فكان جهاز الاستخبارات (سي آي إيه) لا يرى ضرورة التحضير لأي محاكمات، خوفا من أن يشجع ذلك الإيرانيين، ويعطيهم انطباعا بأن الأميركيين يقبلون فكرة التطبيع، بينما كانت وزارة الخارجية تفكر بشكل آخر، وترى أن الاستعداد أفضل.
في النهاية، قامت وزارة الخارجية بعملها بطريقة غير مباشرة، إذ طلبت مني النظر في كيفية الدفاع، استنادا إلى الشريعة الإسلامية، وخصوصا وفق فقه الاثنى عشرية في إيران، وبالتالي بدأت العمل لتحضير هذا الدفاع، وكانت الأمور تجرى بسرية. ومن ضمن ما تعرضت له مما لا يخلو من طرافة، أن منحتني السلطات الأميركية صلاحية مرتبة السر، وهناك السر الأعلى أي «توب سيكرت»، ولم أكن أفهم أن مرتبة السر هي أدنى مستوى؛ فحتى السكرتيرات العاملات في جهات حكومية لهن مرتبة السر. لكن كل ما كنت انتجه من أعمال كان يصنف باعتباره «سرا أعلى» (توب سيكرت). ولم أكن أفهم ذلك، بالإضافة إلى أنني لا أستطيع الحصول على عملي أو توزيعه على آخرين، وليس من حقي التحدث عنه. واستمريت، وانتهت أزمة الرهائن بالتفاوض بين كارتر، في آخر أيام رئاسته، وحكومة إيران الإسلامية. وانتهى الأمر بالإفراج عن الرهائن.
أثناء مرحلة احتجاز الرهائن، كان الشاه قد جاء إلى الولايات المتحدة للعلاج، فقد كان مصابا بالسرطان. بدأت معالجته وسط ضغوط كبيرة على أميركا، التي كانت تتخوف من تصعيد يقوم به الحرس الثوري. فاتفقت واشنطن مع بنما التي كان يحكمها وقتها الجنرال توريخوس، على نقل الشاه إلى مستشفى هناك؛ حيث توجد منطقة عسكرية أميركية ومستشفى، فنقل إليه الشاه، وبهذه الطريقة جرى تخفيف العبء عن الولايات المتحدة. كان عدد الرهائن الحقيقي 59، وكانت أميركا تكرر حينذاك انهم 76؛ لأن عددا منهم تمكنوا من الفرار، ومنهم من هرب عبر سفارة كندا واختبأ فيها. ولم ترد أميركا الكشف عن أنها علمها بالموضوع، فاقتنع الإيرانيون بأن الأميركيين لا علم لهم بالهاربين.
في هذه الفترة، كان للمستشار القانوني للبيت الأبيض، لويد كاتلر، دور في هذه العملية. فقد استدعاني ذات يوم إلى البيت الأبيض، لكي يسألني عن الحالة في مصر، وما يمكن أن يحصل فيها لو أن الشاه ذهب إليها وحصل على اللجوء السياسي، أو لبى دعوة رئاسية؟ أجبته بأنني مطمئن تماما، إلى أن الشعب المصري سيتقبل هذا. فقال إن هناك تقارير تفيد بأن الشعب المصري لن يتقبل ذلك، وأن الإخوان سيثورون وكذلك التيار الإسلامي. فأجبته بأنه لا يوجد في مصر تيار إسلامي شيعي، وبأنني لا أعتقد أن الإسلام السني سيثور على دعوة شاه إيران، فقد كانت مصر معروفة، وقتها على الأقل، بأنها منفتحة على استقبال الرؤساء الأجانب، كما حصل فخلال الحرب الثانية.
وكان منح اللجوء تقليدا. وأبديت رأيي، بأني لا أرى أنه سيسبب أزمة داخلية في مصر. فسألني: هل سيسبب مشاكل لأنور السادات؟ أجبته بأني لا أعتقد ذلك سيسبب مشاكل للسادات أيضا. ثم تحدث قائلا إن بعض الجماعات يمكن أن تستغل هذا وتربطه باتفاقية السلام. أجبته بأن النظام في مصر ثابت، وأنور السادات ثابت في النظام، ويتمتع بتأييد شعبي جيد. فطلب مدير مكتب الرئيس كارتر هاتفبا، وكان اسمه هاملتن غوردن، فقيل له إنه خارج واشنطن في مهمة سرية للرئيس. فطلب سكرتيرة الرئيس كارتر لمقابلته، فقالت إنه في اجتماع. فأعاد سؤاله لي: هل أنت متأكد؟ قلت: نعم مائة في المائة، فرفع سماعة هاتف آخر على مكتبه، وطلب من سكرتيرته أن توصله بشخص معين، وعندما خاطبه قال له: «إتس آي غو» يعني موافقة على مسألة ما.
أنا لم أفهم ما كان يحدث. فكنت أتلكأ، بينما بدا الرجل وكأنه يقول لي دورك انتهى، يمكنك أن تذهب. فأبلغته بأني أرغب في فهم ما يحدث، فقال إن أردت ذلك، فعليك البقاء في هذا المكان لساعتين. فقلت: لا مشكلة. ثم طلب إذنا من الأمن فجلست لساعتين.
وفيما كنت أتحدث مع لويد كاتلر، لم يكن أي منا يعلم أن هاملتن غوردن، مدير مكتب الرئيس، كان في بنما في مهمة سرية للتفاوض مع الجنرال توريخوس على بقاء الشاه في المستشفى العسكري الأميركي، لأن طائرة آتية من إسبانيا إلى بنما تحمل محاميا فرنسيا يمثل حكومة إيران، ومعه أوراق تطالب بالقبض على الشاه لتسليمه كمجرم مطلوب للمحاكمة في إيران.
اتضح أنه في الوقت الذي كنت أتحدث فيه مع لويد كاتلر، لم أكن أي منا هعلى علم بأن هاملتن غوردن، مدير مكتب الرئيس، كان في بنما، في مهمة سرية للتفاوض مع الجنرال توريخوس، على بقاء شاه إيران في المستشفى العسكري الأميركي، لأن طائرة آتية من إسبانيا إلى بنما، على متنها محام فرنسي يمثل حكومة إيران، ومعه أوراق تطالب بالقبض على الشاه لتسليمه كمجرم مطلوب للمحاكمة في إيران. يبدو أن المخابرات الأميركية كانت على علم بهذا، وربما علمت لأن المحامي الفرنسي أبلغ المخابرات الفرنسية، التي بدورها أبلغت المخابرات الأميركية. المهم أنهم علموا، وكان أمام الطائرة التي تنقل المحامي ساعتين، وكان يجب أن يتخذ قرار خلال هذه الفترة الزمنية، ما إذا كان ينبغي القبض عليه حقيقة في بنما، أم يبقى في المستشفى العسكري الأميركي، أو يرحل إلى مصر. حين كنت مع فلويد كارتلر صباحا، لم يكن يعلى علم بان غوردن كان في بنما يتفاوض حول الموضوع. فقد كان يتصرف وفق تعليمات سابقة من الرئيس كارتر، ولم يبلغ بأن الرئيس أعطى تعليمات أخرى لهاملتن غوردن. وقتولّت شركة طيران من فلوريدا، يبدو أنها مملوكة للمخابرات الأميركية، بنقل الشاه وعائلته تحت حماية جوية أميركية رافقتها حتى ازورس إلى إسبانيا إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم جاء دور الطيران المصري فتولى الأمر.
أنا لم أعلم بقية التفاصيل إلا بعد ثمانية أشهر. في البيت الأبيض، لم أكن أعلم أكثر من أن اللورد أعطى التعليمات. وكان هناك برنامج لبيير سالغر، الذي كان يعمل صحافيا في حكومة كيندي، وقد وصف مواقف الرئيس كارتر بالتخبط؛ ففي حين أمر هاملتن غوردن بالتوجه إلى بنما، أمر لويد كابلر بتصرف آخر.. وقتها فهمت.
ومع مضي الوقت، أردت أن أفهم كيف أتت دعوة الشاه إلى مصر. ففي إحدى زياراتي إلى مصر بفيما بعد، دعتني السيدة جيهان السادات إلى منزلها لتناول الشاي وكان الرئيس السادات نائما. استيقظ وحضر للجلوس معنا لتناول الشاي، وكنت قد سمعت من قبل أن دعوة الشاه لمصر كانت من جيهان فأردت التأكد. سألت السادات عن حكاية الشاه كيف تمت؛ هل كان بطلب أميركي أم أن الدعوة أتت من طرفك؟ فأجاب: لا من الأميركان ولا مني.. قال: «بالبلدي كده من عندها»، مشيرا إلى السيدة جيهان. وقال: هي كانت تتكلم مع زوجة الشاه التي قالت لها إنه مريض جدا. فقالت لم لا يأت إلى مصر، فأجابت زوجته بأن الأمر ليس بيديهما، لكن يمكن أن يكون الكلام بين زوجيهما. وأضاف أنها قالت لا مشكلة، وأعطتني سماعة التليفون، فقلت ما هذا؟ فقالت إنه الشاه. وتحدثت مع الشاه ووجهت له دعوة لمصر، وأخذها بتلقائية وشهامة من دون التفكير في أي عواقب سياسية وكأنه فلاح مصري يدعو صديقا.
النقطة التي تهم القارئ العربي المتعود على أن المجتمع العربي مبني على السلطة، هي ان المجتمع الأميركي والمجتمعات الغربية ليست مبنية فقط على السلطة ولكن على النفوذ أيضا. فهناك شخصيات لها نفوذ من دون أن تكون لها سلطة. ومن الصعب تقييم ذلك، وكيف يتجري. ما شرحته يعبر عن نفوذ أو ظروف هيأت لي أن أكون في مكان ملائم في وقت ملائم لأنتج.

34 سنة على أزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران
قبل 34 عاما، وتحديدا في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1979، شهدت العلاقات الأميركية - الإيرانية أشهر أزمة سياسية في العصر الحديث، حينما احتل طلاب من الثوار الإيرانيين السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا 52 أميركيا كرهائن على مدى 444 يوما، احتجاجا على سماح الرئيس الأميركي جيمي كارتر لشاه إيران السابق، محمد رضا بهلوي، بالعلاج من مرض السرطان، في مستشفى بالولايات المتحدة.
تسببت الأزمة، التي جاءت بعد أشهر عدة فقط، على إطاحة نظام الشاه وقيام الثورة الإسلامية في إيران، في قطع العلاقات بين البلدين طوال هذه الفترة، وما تزال العلاقات مقطوعة حتى اليوم.
وقد أيد المرشد الأعلى للثورة الإمام الخميني، عملية الاحتجاز في حينها، ونادى بأن يظل الرهائن محتجزين. وكانت الدوافع وراء احتجاز الرهائن، المطالبة بعودة الشاه لمحاكمته في إيران. لكن الشاه توفى في يوليو (تموز) 1980، واستمر احتجاز الرهائن بعد وفاته لأشهر، إلى أن أفرج عنهم في يناير (كانون الثاني) 1981. ويقول مقربون إن الخميني لم يكن يعلم مسبقا بخطوة الطلبة للاستيلاء على السفارة الأميركية، فالطلبة لم يفاتحوا أحدا في الأمر سوى موسوي خوئيني، أحد مستشاري الخميني.
بعد أيام من الاحتجاز، نجح ستة من الدبلوماسيين الأميركيين في الفرار، واللجوء إلى منزل الدبلوماسي الكندي جون شيردوان، المسؤول السابق عن القنصلية الكندية في إيران، الذي تواصل، في سرية غير عادية، مع وزيرة الدولة الكندية للشؤون الخارجية فلورا ماكدونالد، ومع رئيس الوزراء الكندي جو كلارك، للمساعدة. وفي الحال، أعربا عن دعمهما للجهود، وتقرر تهريب الستة أميركيين في رحلة جوية دولية باستخدام جوازات سفر كندية.
وبالفعل أمر رئيس الوزراء الكندي بإصدار جوازات سفر كندية للدبلوماسيين الأميركيين. فقام شيردوان بمغامرة دبلوماسية خطيرة بإصدار جوازات السفر، وفيها مجموعة من التأشيرات الإيرانية المزورة، أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، كما قامت بإعداد ملابس مناسبة ومواد تغير مظهر الأميركيين.
وبعد ترتيبات سرية ومعقدة، تمكن الدبلوماسيون الستة من مغادرة إيران في يناير 1980، بفضل جوازات سفر كندية.
خلال تلك الفترة، قامت الولايات المتحدة بعملية عسكرية لإنقاذ رهائنها بعد شهور من التدريب، حيث انتقلت القوات الأميركية مدعومة بطائرات ومروحيات عدة إلی صحراء «طبس» شرق إيران، علی حين غفلة من الحكومة الإيرانية، لكن عاصفة عاتية تسببت في اصطدام الطائرات الأميركية فيما بينها، فقتل جمیع أفراد القوة، وافتضح أمرهم في اليوم التالي. وقد اعتبر الإمام الخمیني هذه الحادثة، من «المعجزات الإلهية» لتأييد الثورة الإسلامية في إيران.
أفرج عن باقي الرهائن الأميركيين في 20 يناير 1981 بعد اتفاق بين واشنطن وطهران بوساطة جزائرية، في آخر يوم للرئيس كارتر في البيت الأبيض، وأول يوم في حكم الرئيس رونالد ريغان.

مذكرات شريف بسيوني الحلقة (3)
مذكرات شريف بسيوني الحلقة (2)
مذكرات شريف بسيوني الحلقة (1)



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.