باحتفالات محدودة في أضيق النطاق، أحيت مصر أمس الذكرى الأولى لاحتجاجات «30 يونيو» في مصر، التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي. وافتقدت الاحتفالات الزخم الشعبي والصخب الثوري، خاصة في الميادين التي كانت مسرحا لأحداث ثورة 30 يونيو، وذلك بعدما قررت السلطات ومعظم القوى السياسية، عدم إقامة أي فعاليات كبيرة توفيرا للنفقات، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر من جهة، إضافة للمخاوف الأمنية واحتمالية وقوع اشتباكات مع عناصر الإخوان المسلمين، التي بدورها تستعد وحلفاؤها للتظاهر بعد غد (الخميس) في 3 يوليو (تموز) الحالي، إحياء لذكرى عزل مرسي، حيث دعت الجماعة أنصارها لـلتظاهر في ميدان التحرير (وسط القاهرة) وأمام منازل كبار رجال الدولة للمطالبة بعودة مرسي.
وشهدت القاهرة، أمس، عدة تفجيرات في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، تزامنا مع الذكرى الأولى لثورة 30 يونيو.
وعزل الجيش مرسي في 3 يوليو العام الماضي، بعد أن خرج ملايين المصريين في مظاهرات حاشدة بمختلف محافظات الجمهورية في 30 يونيو 2013، للمطالبة بسحب الثقة منه، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، استجابة لحملة «تمرد» الشبابية، التي جمعت ملايين التوقيعات من المواطنين من أجل ذلك. وبعد عام من حملتها، أعلنت «تمرد» أمس تدشينها حزبا سياسيا جديدا.
وقال مراقبون إن أحد الأسباب الرئيسة لفتور الاحتفالات بذكرى الثورة، هو تفكك تحالف 30 يونيو، الذي كان يتشكل من لفيف من الأحزاب والحركات من جميع التيارات (ليبرالية ويسارية وإسلامية)، حيث سحبت بعض تلك الحركات دعمها للثورة، لعدم تحقق عدد من مطالبها، منها «6 أبريل»، و«مصر القوية»، إضافة إلى استقالة محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية السابق. كما لعب إصرار الحكومة على تطبيق قانون التظاهر واعتقال كثير من رموز ثورة 25 يناير 2011 دورا في وجود حالة من الغضب بين الشباب المشاركين في الثورة.
واقتصرت مشاركة عدد من الحركات الثورية لإحياء الذكرى الأولى لثورة يونيو على الدعوة إلى إفطار جماعي بميدان التحرير وصلاة التراويح داخله، منها الجبهة الحرة للتغيير السلمي وتكتل القوى الوطنية واتحاد شباب الثورة وتحالف الوطني الثوري وتيار المستقبل.
وقامت قوات الأمن والجيش بإغلاق ميدان التحرير أمس أمام حركة مرور السيارات، تحسبا لاحتفالات المواطنين بالذكرى الأولى لثورة 30 يونيو. وقامت قوات الجيش بنشر الآليات العسكرية بمداخل الميدان من ناحية ميدان عبد المنعم رياض، وكوبري قصر النيل وميدان سيمون بوليفار، وشوارع قصر العيني، ومحمد محمود، والفلكي، وطلعت حرب، كما وضعت حواجز معدنية مدعومة بالأسلاك الشائكة أمام تلك الآليات العسكرية على جميع المداخل المؤدية إلى الميدان، في الوقت الذي جرى الدفع فيه بتشكيلين من قوات الأمن المركزي بالقرب من السفارة الأميركية، بالإضافة إلى تعزيز الخدمات الأمنية بمحيط مقر مجلس الوزراء والبرلمان ووزارة الداخلية.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر عسكرية قولها إن «القوات المسلحة ألغت جميع الاحتفالات التي كان من المقرر إجراؤها بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو، حيث جرى توجيه جميع المخصصات المالية لتلك الاحتفالات لدعم جهات مختلفة بالدولة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر وعجز الموازنة المتزايد».
وقالت المصادر إن وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي وجه إلى ضرورة توفير أي أموال من مخصصات الجيش التي يمكن الاستغناء عنها مؤقتا لدعم اقتصاد الدولة، وهو ما جرى أخيرا، من خلال وضع مليار جنيه من أرصدة شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية تحت تصرف «صندوق تحيا مصر» استجابة لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجاوز الظروف الراهنة التي تمر بها مصر.
وقال أحمد الكيلاني القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني بالسويس إنه يجب علينا أن نفخر بثورة 30 يونيو، وما قام به الشعب والجيش الذي رفض أن يتخلى عن المواطنين واستجاب لندائهم، مؤكدا أن الأيام المقبلة ستشهد القضاء الكامل على الإرهاب والتطرف.
ومن جانبه، أكد علي أمين القيادي بحزب الوفد أن ثورة 30 يونيو هي ثورة شعبية كاملة، قائلا: «يجب علينا جميعا الوقوف في صف واحد من أجل القضاء على التطرف».
وطالب الحكومة بمناسبة الذكرى الأولى للثورة بضرورة السيطرة على ارتفاع الأسعار، ومواصلة حماية محدودي الدخل، خاصة أن الجماعات المتطرفة، مثل الإخوان، تقوم باستغلال هذه القضايا بنشر الشائعات وتخويف الشعب مما هو مقبل.
من جهتها، أعلنت حركة تمرد، التي قادت مظاهرات 30 يونيو، أنها تستعد للتحول إلى حزب باسم «الحركة الشعبية العربية»، وأنها ستقدم خلال الأيام المقبلة وثيقة سياسية تحمل في مضمونها مبادئ ثورة يوليو ومشروعها بدولة مصرية عظيمة، ورؤية عصرية تستوعب جيدا التطورات على المستويين المحلي والدولي.
وأشار «الحركة الشعبية العربية» في بيان بمناسبة الذكرى الأولى لـ30 يونيو إلى أنه سيقدم برنامجا سياسيا ليس فقط مشروعا لحزب، ولكنه مشروع يصلح للدولة المصرية خلال السنوات المقبلة، كما سيجري إصدار مشروع انتخابي كبير يطرح رؤية الحزب في البرلمان المقبل، ومشاريع القوانين التي سيجري تقديمها للبرلمان، والحرص على إقرارها.
وأضاف الحزب: «ستمر علينا ذكرى 30 يونيو، وكذلك 3 يوليو، لن نطالب فيها المصريين بمظاهر احتفالية، لن ندعو إلا للعمل فقط، فلن تصلح الأمة إلا بالعمل».
وواصل قائلا: «نقدم الشكر لكل مصري ساهم في نشر استمارات تمرد، ولكل وطني وقع عليها، ولكل مؤمن بدولتنا المصرية غامر بحياته لكي يتم استكمال ثورته كما حلم بها، الشكر موصول للشرطة المصرية وأفرادها الذين تحملوا الكثير من أجل أمن هذا الوطن».
وتابع البيان: «أما قواتنا المسلحة، فستظل علامة على الشرف والكرامة، لا نستطيع شكرها؛ فما قام به جيشنا الوطني هو ما تعودنا عليه منه، وسيبقى درع الوطن وسيفه حاملا رايته، عابرا به فوق كل المحن».
وتابع حزب «تمرد»: «أما قاضينا الجليل ورئيس جمهوريتنا السابق المستشار عدلي منصور، له منا كل الود والتقدير لما تحمله من عبء تنوء به الجبال، نشكر له استجابته لمطالب ملايين المصريين وتركه منصة القضاء، ليحمل على كاهله كل أزمات الدولة المصرية في لحظة فارقة من تاريخنا، لن نستطيع أن نوفيه حقه، ولكن سيبقى اسمك دائما يا سيادة المستشار مقترنا باسم مصر».
وأكدت «تمرد» أنها ستبقى وسط الجماهير، نوابا في برلمانهم، وفي مجالسهم المحلية، ومساهمين في صنع قوانين تحقق حلم العدالة الاجتماعية، وإعادة بناء منظومة الحقوق والواجبات في التشريعات الجديدة. في المقابل، قال «تحالف دعم الشرعية» المناصر للرئيس المعزول، الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين، إن انتفاضة 3 يوليو ستكون «يوم غضب عارم يضع بداية للنهاية، أو أيام غضب تؤهل لمرحلة الحسم، والشعب صاحب القرار».
ودعا التحالف أنصاره في بيان أصدره أمس للتظاهر من كل مكان ومن المساجد بـ«اتجاه ميادين التحرير وفي كافة المحافظات»، لكنه أكد أن «قرار الدخول للميادين يعود للكوادر الموجودة على الأرض». وحدد التحالف بعض الأماكن الرئيسة للتظاهر، منها «منازل القضاة وكبار رجال الدولة وعلى رأسهم محمد إبراهيم وزير الداخلية وصدقي صبحي وزير الدفاع والمستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، والخروج في مسيرات من 35 مسجدا في العاصمة القاهرة باتجاه ميادين التحرير». وحدد التحالف هتافات خاصة تتعلق برفع الدعم وغلاء الأسعار وعدهما خطا أحمر.
مصر تحيي ذكرى ثورة 30 يونيو باحتفالات «محدودة».. و«تمرد» تتحول لحزب سياسي
«الإخوان» تدعو أنصارها للتظاهر بميدان التحرير يوم «عزل مرسي»
مصر تحيي ذكرى ثورة 30 يونيو باحتفالات «محدودة».. و«تمرد» تتحول لحزب سياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة




