صفقة محتملة تتيح لليبرمان وراثة نتنياهو مؤقتاً مقابل تبكير موعد الانتخابات

TT

صفقة محتملة تتيح لليبرمان وراثة نتنياهو مؤقتاً مقابل تبكير موعد الانتخابات

في الوقت الذي يثير فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أجواء حربية صاخبة، على عكس رغبة الجيش وغالبية أجهزة المخابرات، تجري في تل أبيب مساع حثيثة لتبكير موعد الانتخابات البرلمانية، بغرض تعزيز قوته الجماهيرية في مواجهة قضايا الفساد التي تتراكم ضده في الشرطة والنيابة.
ولأن نتنياهو يواجه معارضة شديدة في صفوف أقرب حلفائه في اليمين واليمين المتطرف، فهو يسعى لإبرام صفقة مع وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، توفر له الأكثرية المطلوبة لحل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) خلال الشهرين المقبلين والتوجه لانتخابات جديدة. وتستند هذه الصفقة إلى موقف الأحزاب الدينية التي تعارض قانون فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على اليهود المتدينين. وحسب السيناريو المتوقع، فإن هذه الأحزاب تصر على سن قانون يقلص فرص فرض التجنيد على الشبان المتدينين، فيصوت ليبرمان ضده وينسحب من الائتلاف الحكومي، فيصبح لنتنياهو حكومة أقلية تعتمد على 61 نائبا فقط من بين 120 نائبا.
ويطلب ليبرمان، لتحقيق هذا السيناريو، صفقة يتعهد نتنياهو بموجبها، بضم حزب ليبرمان إلى الليكود في تكتل حزبي واحد، وباستحداث منصب «القائم بأعمال رئيس الوزراء»، وتعيين ليبرمان في هذا المنصب إلى جانب إبقائه وزيرا للدفاع. وفي حال إصرار الشرطة والنيابة على محاكمة نتنياهو في ملفات الفساد، وتقديم لائحة اتهام ضده، يتولى ليبرمان منصب رئيس الوزراء بالوكالة، ويتعهد بأن يساند نتنياهو في قضيته من هذا الموقع المسؤول.
ومع أن عناصر مقربة من الرجلين تؤكد أن الصفقة باتت ناجزة في هذا الاتجاه، فإن عناصر أساسية في حزب الليكود الحاكم ترفض هذا التوجه بشدة، وتقول إن تحالفا بين الليكود وليبرمان، تم في الماضي (سنة 2012) لكنه فشل فشلا ذريعا في الانتخابات ولم يحرز أكثر من 31 مقعدا، (الحزبان معا كانا ممثلين بـ42 مقعدا قبل هذه الانتخابات، 27 مقعدا لليكود و15 مقعدا لليبرمان)، وتفكك التحالف بعد أقل من سنتين، في سنة 2014. ويعارض قادة الليكود الأساسيون هذه الفكرة، لأنها ستقضي على فرصهم للحلول محل نتنياهو. وهم يعلنون بأن تحالفا كهذا وبهذا الشرط، إنما يعني التفريط بالليكود والقضاء عليه كحزب تاريخي لليمين، لصالح ليبرمان الانتهازي.
لكن نتنياهو مصر على إيجاد وسيلة تجعله يبكر موعد الانتخابات. وهو لا يريد تكرار خطأ سابقه، إيهود أولمرت، الذي استقال من رئاسة الحكومة بمجرد إعلان النيابة نيتها تقديم لائحة اتهام ضده بشبهات فساد. فأصبح كالأيتام على مائدة اللئام. استفردوا به في غرف التحقيق واستسهلوا جلب شهود ملكيين ضده، ووجهوا له اتهامات تتيح الحكم عليه بالسجن 15 – 20 عاما. وقد تبين، فيما بعد، أن الاتهامات مبالغ فيها وقسم منها مفبرك، وتم الحكم عليه بالسجن 18 شهرا أمضى منها في السجن 10 شهور.
ويرى نتنياهو أن أفضل وسيلة له هي أن يجابه الشرطة والنيابة من موقعه كرئيس حكومة. والانتخابات، حسب استطلاعات الرأي، تتيح له أن يعزز قوته أكثر مما هي عليها الآن. وهو يحاول مواجهة المعارضة الداخلية في الحزب. ويرى أنه حتى لو وقع، واضطر إلى الوقوف في قفص الاتهام، فإنه يحتاج إلى رئيس حكومة مخلص له. وفي مثل هذه المواضيع، لن يجد من هو أخلص من ليبرمان. إذ أنه هو بنفسه (ليبرمان) خاض معركة طويلة ومريرة مع النيابة وتحقيقات الشرطة في قضايا الفساد، ويوجد اليوم 35 شخصية من حزبه في مراحل مختلفة من التورط، بينهم وزيران أحدهما انتهت محاكمته ويمضي حكما بالسجن، ووزيرة أخرى ما زالت محاكمتها سارية. هذا فضلا عن أن تسلمه المنصب بعد نتنياهو، سيكون فرصة العمر لتولي زمام القيادة في إسرائيل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.