أبو مازن يرضخ للضغوط ويعتذر عن خطابه حول «اليهود»

TT

أبو مازن يرضخ للضغوط ويعتذر عن خطابه حول «اليهود»

اعتذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، عن تصريحات دفعت عدداً من الدول إلى اتهامه بمعادة السامية، وذلك بعدما قال في كلمة له خلال افتتاح أعمال المجلس الوطني إن الاضطهاد التاريخي لليهود الأوروبيين نجم عن دورهم الاجتماعي المتعلق بعملهم في البنوك والربا، وليس بسبب دينهم.
وأكد عباس، في بيان، احترامه للديانة اليهودية، وإدانته للمحرقة النازية، بقوله: «إذا شعر الناس بالإهانة من خطابي أمام المجلس الوطني الفلسطيني، خصوصاً من أتباع الديانة اليهودية، فأنا أعتذر لهم. وأود أن أؤكد للجميع أنه لم يكن في نيتي القيام بذلك، وأنا أؤكد مجدداً على احترامي الكامل للدين اليهودي، وكذلك غيره من الأديان السماوية».
وأضاف عباس: «أريد أيضاً أن أكرر إدانتنا للمحرقة النازية، كونها أشنع جريمة في التاريخ، وأن أعرب عن تعاطفنا مع ضحاياها. كما ندين معاداة السامية بجميع أشكالها، ونؤكد التزامنا بحل الدولتين، والعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن».
وجاء اعتذار عباس بعد هجوم إسرائيلي - أميركي شديد، وانتقادات أوروبية لقوله إن المحرقة لم تكن بسبب دين اليهود، بل دورهم الاجتماعي.
لكن رغم تصريحات عباس، فإن وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان رفض الاعتذار، وقال إنه اعتذار «بائس».
وكتب ليبرمان، الذي يتزعّم حزب «يسرائيل بيتينا» اليميني، على «تويتر»: «أبو مازن منكر بائس للمحرقة، وقد نال الدكتوراه بفضل إنكاره للمحرقة. وبعد ذلك، نشر كتاباً عن إنكار المحرقة. يجب التعامل معه على هذا الأساس. اعتذاره غير مقبول».
كان صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قد اتهم منتقدي عباس بتحريف أقواله، وقال مدافعاً عن عباس: «الرئيس لم ينفِ المذابح التي تعرض لها اليهود، بما فيها المحرقة، وهو يؤمن بالسلام والمفاوضات، وبإقامة دولتين تعيشان بسلام وأمن وحسن جوار، حسب رؤيته للسلام التي طرحها أمام مجلس الأمن في فبراير (شباط) الماضي».
وكانت حكومة إسرائيل قد باشرت بشن حملة تحريض شعواء على الرئيس عباس، وقدمت شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي بشأن تصريحاته، كما طالب داني دانون، سفير إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، في الشكوى التي تقدم بها، بـ«إدانة» ما اعتبره «تعليقات معادية للسامية من قبل الرئيس الفلسطيني، وألا يقف مكتوف الأيدي إزاء إنكار حق إسرائيل في الوجود».
بدوره، اقترح وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، محاصرة أبو مازن في المقاطعة، مثلما حاصرت ياسر عرفات في حينه، ومنعه من مغادرة رام الله.
وتأثرت قوى كثيرة في الغرب بهذه الحملة ضد عباس، إذ طالبته صحيفة «نيويورك تايمز» في مقال افتتاحي بالاستقالة، علماً بأنها صحيفة ليبرالية، ولا تكن العداء للفلسطينيين، حسب عدد من المراقبين، وتنتقد بشكل عام السياسة الإسرائيلية لأنها تتنكر لحقوق الفلسطينيين.
ورغم أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أصدر بياناً هاجم فيه الحملة الإسرائيلية، وشدد على أنه جرى تحريف أقوال عباس خلال افتتاح أعمال المجلس الوطني الفلسطيني، فإن هذا البيان لم يكن كافياً، حيث باشر عدد من الشخصيات السياسية الإسرائيلية المعروفة بمناصرتها لعملية السلام، التي تشعر بأن اليمين الإسرائيلي يريد تدمير أي أمل في مسيرة السلام، بالاتصال بسلطات رام الله، طالبين أن يصدر عباس بياناً واضحاً يسحب فيه البساط من تحت أقدام نتنياهو، ويصد حملته التحريضية. وهذا ما حدث بالفعل، حيث أصدر عباس بيان الاعتذار المذكور، على أمل أن يجهض حملة اليمين الإسرائيلي، ويعيد الأمور إلى نصابها.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.