طارق صالح إلى «إماطة» الكابوس الحوثي من اليمن

مشاهد ومنعطفات لعلاقة الرئيس السابق بالانقلاب... وانتفاضته ونجل شقيقه ضد «الجماعة»

طارق صالح مع أحد أفراد القوات التي يقودها غرب اليمن في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي
طارق صالح مع أحد أفراد القوات التي يقودها غرب اليمن في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي
TT

طارق صالح إلى «إماطة» الكابوس الحوثي من اليمن

طارق صالح مع أحد أفراد القوات التي يقودها غرب اليمن في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي
طارق صالح مع أحد أفراد القوات التي يقودها غرب اليمن في صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي

من «معسكر خالد» في المخا غرب محافظة تعز، انطلق الرئيس السابق علي عبد الله صالح لرئاسة اليمن عام 1978، ومنه بدأ العميد طارق صالح عام 2018 لتنفيذ المهمة الموكلة إليه من الحكومة الشرعية تحت لوائها لتحرير مناطق الساحل الغربي من يد الميليشيات الحوثية.
بين انطلاق صالح وتحرك طارق عاشت اليمن على مدار ثلاثة عقود من حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي كان يشبّه حكمه بالرقص على رؤوس الثعابين، سلسلة من التحالفات السياسية والانقلاب عليها، تسبب آخرها مع «أنصار الله» عام 2014، في تغيير المعادلة السياسية كاملة داخل اليمن وخارجها، ليسجل بانقلابه عليهم حادثة سقوطه في جحرهم، وإسدال الستار على آخر عرض رقص فيه صالح على رؤوس الثعابين. وسردت مصادر من حزب المؤتمر الشعبي العام (فضلت حجب هويتها خشية من الاستهداف) تفاصيل ومشاهد من حكم صالح وتحالفاته إلى قيادة نجل شقيقه عجلة إماطة الكابوس الحوثي الذي ألم باليمن.

حقائق تاريخية
كان علي عبد الله صالح أكثر من يعلم بخطر الحركة الحوثية بعد فترة من تأسيسها من قِبل حسين بدر الدين الحوثي، وأعلنها حركة متمردة على الدولة، هدفها إسقاط النظام الجمهوري والعودة للحكم الإمامي، وخاض ضدهم ست حروب منذ 2003، انتهت الحرب الأولى منها بمقتل مؤسسها على يد الجيش اليمني، ولأن الحركة تحمل معها فكراً عقائدياً ومشروعاً سياسياً يمثل امتداداً للثورة الإسلامية في إيران، ظلت تقتنص الفرصة للدخول على المشهد السياسي في البلد من نافذة تخدم مشروعها، وتحقق من خلاله أهدافها في السيطرة على اليمن والانطلاق منه إلى باقي بلدان المنطقة.
في 2011، جاءت الفرصة التي كانوا يتمنونها للوقوف ضد نظام علي عبد الله صالح وفق استغلال ممنهج ومدروس لكل ما ترتب عن ما أسموه ثورات الربيع العربي، وتحقق لهم ما كانوا يحلمون به، وهو السيطرة الكاملة على محافظة صعدة مع معسكراتها، وصارت لهم مظلومية خاصة بحروب صعدة في مؤتمر الحوار الوطني، وخرجوا باعتذار رسمي من المؤتمر وشركائهم في الثورة على نظام صالح، ودخلت الحركة لأول مرة بممثل لوزارتين في حكومة الوفاق الوطني.
في هذه الأثناء، استغل الحوثي كل الفجوات والثارات السياسية التي أنتجتها أحداث 2011، وما تلاها بين فرقاء العمل السياسي؛ فعمد إلى تهيئة الجو المناسب لوثبته القاتلة وانقضاضه على الدولة، التي ساهمت في هيكلة الجيش، وخصوصاً الحرس الجمهوري بما يخدم أجندته التي تماهت مع أنشطة مؤتمر الحوار الوطني حتى النهاية.

شعارات زائفة
استخدم الحوثيون شعارات زائفة للتأثير على الرأي العام للانخراط في مشروعهم من دون دراية أو وعي مجتمعي لأهدافه، وفرضوا حصارهم على منطقة دماج الرافضة فكرهم المذهبي، واستخدموا حججاً واهية لإخضاعها تحت سيطرتهم، كما أوجدوا شعارات مختلفة بررت لهم دخول عمران للقضاء على باقي النفوذ القبلي لأسرة آل الأحمر التي كانوا شركاء معهم في الثورة على نظام علي عبد الله صالح؛ لذلك غازلوا علي عبد الله صالح لمساعدتهم لمعرفتهم بقوة علاقته بمشايخ تلك القبائل لمنع اصطدامهم بالحوثي، وكان لهم ذلك.
ومع دخولهم صنعاء كانت شعاراتهم تحمل المطالبة برفع الظلم عن الشعب، وتغيير الحكومة وتحقيق مضامين وثيقة الحوار الوطني، ونجحوا عشية اجتياحهم صنعاء في إبرام اتفاق السلم والشراكة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، والأحزاب الممثلة في حكومة الوفاق الوطني، برعاية الأمم المتحدة والدول الداعمة لليمن في 21 سبتمبر (أيلول) 2014، وكان هذا الاتفاق هو الأداة الذي استخدمها الحوثيون للتغلغل في كل مفاصل الدولة والتأثير على كل المؤسسات، بما فيها المؤسسة العسكرية.
كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح يعلم علم اليقين أن الحوثيين لن يغفروا له حربه عليهم، وقتله مؤسسهم، إلا أنه كان محصوراً أمام خيارين، إما أن يهرب مع من هرب ويفقد بذلك كل أنواع الممارسة السياسية الضاغطة، وشعبيته العارمة في أوساط اليمنيين من خلال حزب المؤتمر الشعبي العام، ويظهر أنه تخلى عن شعاره بعدم مغادرة اليمن التي لن يموت ولن يدفن إلا في ترابه، أو الخيار الثاني وهو أن يظل في اليمن ويتحمل تبعات بقائه، ولن يكون ذلك إلا بالقبول بسلطة انقلاب الحوثي واقعاً مريراً.

تحكيم العقل
مع دخول عاصفة الحزم في 26 مارس (آذار) 2015، كان لزاماً على صالح أن يعلن التحالف مضطراً مع الحوثي أمام التحالف والتماهي، ولو بما أمكن مع شعارات الحوثي، واختار الخيار الثاني وهو يعلم يقيناً أنه لن يدوم، خصوصاً مع ما أبداه الحوثي من استفزاز للمؤتمر الشعبي العام من أول المرحلة.
بدأ الحوثي يستقطب شرائح مهمة من المؤتمر من القواعد والقادة وصاروا شبه تابعين له، وصار يطلق عليهم «المتحوثين»، وهذه الخطوة هي التي جعلت علي عبد الله صالح يستعجل بالتحرك مع بداية عام 2017 من خلال عقد لقاءات متتالية مع قيادات المؤتمر، ويستنفر كل أطر وهيئات المؤتمر لدراسة واستيعاب الميثاق الوطني لمنع انجرارهم وراء ثقافة الحوثي وملازمهم ودوراتهم الثقافية.
وبالتوازي مع ذلك، بدأ يخطط لعودة الحرس الجمهوري الذي شملته هيكلة الرئيس عبد ربه منصور هادي من خلال بناء معسكر تجنيد وتدريب يستقبلهم ويعيد تدريبهم، وعيّن لهذه المهمة قائد حراسته وابن شقيقه العميد ركن طارق محمد عبد الله صالح، الذي حمل على عاتقه تنفيذ المهمة من خلال معسكر «حسن الملصي»)، إضافة إلى ذلك، إصراره على شراكة حقيقية في كل المؤسسات لمنع استئثار الحوثيين بالقرار والوظيفة العامة، كما منع الحوثيين من تحقيق هدفهم في إرغام العسكريين المتواجدين في بيوتهم منذ بداية الحرب من دون مرتبات على دخول الحرب والانخراط في صفوف الحوثيين إلا ما ندر من المتطوعين.
وبينما كان علي عبد الله صالح يحارب الحوثيين ويمنع بطشهم واستئسادهم وتدمير البنية الهيكلية للمؤسسات وهيئات الوظيفة العامة بوسائله الممكنة من داخل الوطن ومن بين صفوفهم، كان زعيمهم عبد الملك الحوثي يلمح بخطورة المؤتمر وعلي عبد الله صالح من خلال وصفهم تارة بالطابور الخامس وتارة بمزعزعي الجبهة الداخلية.
نقطة التحول

مع اتساع رقعة الخلاف بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين ووصفهم بالميليشيات في خطابه قبل 21 أغسطس (آب)، واستفحاله في كل المجالات، خصوصاً رفد الجبهات بالمقاتلين فقد كان يشترط عدم إقحام الجيش في الجبهات إلا بصرف مرتباته كاملة وصرف كل استحقاقاته، واكتفى بإرسال النزر اليسير من المتطوعين، وكان العميد طارق المعروف بمهارته العالية في مجالات التدريب والتأهيل، وكذا تواضعه وتدينه قربه من مرؤوسيه، فكان رجل المهمات الصعبة في هذه الفترة.
كان علي عبد الله صالح قبل اغتياله حريصاً جداً على بقاء طارق حياً، وأمره بأن يحمل على عاتقه وصاياه التي كان أهم ما فيها «المساهمة في اجتثاث حركة أنصار الله (الحوثية) من اليمن وعودة الدولة اليمنية».
بعد ظهور طارق الأول في شبوة معزياً في استشهاد رفيق صالح عارف الزوكه، انطلق لبناء اللبنة الأولى في ألوية الحرس الجمهوري في معسكر بدر بالعاصمة المؤقتة عدن، وهناك أجمع كل اليمنيين شمالاً وجنوباً على هدف واحد، وانضمت تحت قيادة العميد طارق قوات وقيادات جنوبية بإشراف مباشر من الحكومة الشرعية والتحالف العربي، كما أن المناطق المحررة في جنوب اليمن استقبلت ضباط وأفراد الجيش والحرس الجمهوري المغادرين مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال بكل ترحاب، وأوصلوهم من مداخل المدن بمواكب اعتزاز حتى وصولهم إلى معسكر التدريب؛ مما أكسب القوات المنضوية تحت ألوية الحرس الجمهوري زخماً وطنياً ووحدوياً كبيراً. واستقبل الحوثيون خبر ظهور طارق في قيادة جبهة ميمنة الساحل الغربي بحالة من الهستيريا والرعب، جعلت قياداتهم تهرع جميعها إلى الحديدة والمحافظات لتحشيد المقاتلين وتثبيت عزائم مقاتليهم المنهارة.

تنوع الطيف السياسي
من المعروف أن المؤسسة العسكرية في اليمن، حسب الثوابت الثقافية، تختلف عن أي مؤسسة عسكرية في أي دولة أخرى، فعلى سبيل المثال بُني الحرس الجمهوري في اليمن على مبدأ الولاء للقبيلة أو الرئيس، وبناءً على التركيبة التي هي جزء من ثقافة اليمن الاجتماعية والسياسية، وبحكم الوضع السياسي والأمني الراهن، أفرزت المرحلة الحالية تقسيمات معينة (مقومات عسكرية) تعمل تحت مظلة الحكومة الشرعية لتحرير المناطق اليمنية.
هذه القوات العسكرية والأمنية التي أوجدتها الحكومة الشرعية ساهمت في تحرير محافظاتها وحفظ الأمن والاستقرار فيها، فعلى سبيل المثال أسهمت قوات النخبة الحضرمية في العمليات المشتركة للتحالف العربي لمحاربة الإرهاب شرق اليمن، التي كان من بينها عملية «السيل الجارف» و«الفيصل» وعملية «الجبال السود».
جميع هذه القوات دربت على مواجهة جماعات التهريب والجريمة المنظمة والإرهاب وتهريب المخدرات، بالإضافة إلى حفظ الأمن والاستقرار، وأسهمت بالفعل في عملية تحرير الكثير من المناطق في اليمن ومسؤولية حفظ الأمن فيها.
وتتميز تشكيلة قوات الحرس الجمهوري قبل الهيكلة، بأنها مدربة على أسس علمية وبحرفية عالية على خوض المعركة المشتركة الحديثة بكل تعقيداتها، كما أن جزءاً منها متخصص في القتال في المناطق الجبلية والأحراش، وفي مختلف ظروف الطقس طوال العام، بالإضافة إلى أن احتكاك العميد طارق بقيادات ومدربين في صفوف الميليشيات أكسبته من هذه التجربة الكثير من المهارات الإضافية، ولا يمكن إغفال أن أغلب قوام قوات الحرس الجمهوري سابقاً كانت من مناطق الشمال وشمال الشمال (مناطق سيطرة ونفوذ الحوثيين).
العميد طارق عمل على الاستفادة من شباب قبائل الجنوب ومناطق الساحل الغربي، وقام بتجنيدهم وتدريبهم وإدخالهم ساحة المعركة وهم بجهوزية عالية لتنفيذ المهمة، وكل هذه العناصر مجتمعة تكسب الجيش الوطني عموماً إمكانات بشرية وقدرات عسكرية مؤهلة ومنظمة لتنفيذ مهمة استعادة الحديدة على طريق تحرير كامل تراب اليمن من يد الميليشيات.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».