الحرب الدعائية ضد «كيماوي» دوما... نموذج كلاسيكي للتضليل الروسي

TT

الحرب الدعائية ضد «كيماوي» دوما... نموذج كلاسيكي للتضليل الروسي

بعد الضربات الأميركية - الفرنسية - البريطانية على أهداف سورية محددة، يتحدث البعض عن اقتراب صدام عسكري مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، إلا أن هناك حقيقة واحدة يجري تجاهلها وهي أن القوتين في حالة حرب فعلية، لكن في ميدان المعركة الدعائية. واعتمد الخصمان، حتى الآن، في ميدان هذه المعركة، أساليب مختلفة، سعياً وراء تحقيق أهدافهما المختلفة.
وتُعتَبَر خطة الحرب الدعائية الروسية من الأمثلة الكلاسيكية على التضليل الذي عمل خبراء الدعاية في الاستخبارات الروسية القديمة على تطويره، إبان حقبة الحرب الباردة. وتهدف خطة الحرب الروسية هذه إلى تقويض مصداقية الخطاب الأميركي المتعلّق باستخدام الرئيس بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد أبناء شعبه.
وينطلق الخطاب الروسي المناوئ عبر شبكة إعلامية واسعة النطاق يسيطر عليها الكرملين مع جماهير كبيرة داخل الاتحاد الروسي وحول العالم.
ويجري تضخيم الرسالة الدعائية عن طريق ما يُقدَّر بنحو 60 ألف جندي من جنود وسائل الإعلام الاجتماعية المتفرغين تماماً، الذين يُعرفون في وسائل الإعلام العالمية وفي الفضاء الإلكتروني باسم «المتصيدون»، والذين يعملون باستخدام أكثر من 12 لغة أجنبية مختلفة.
ويروج الخطاب الروسي المنطلق من موسكو إلى «تيمات» مختلفة:
الأولى هي أن الهجوم الكيماوي على دوما في الغوطة الشرقية، لم يحدث بالأساس، وأن الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة عبر الإنترنت من إنتاج قوات المعارضة لنظام الأسد باستخدام ممثلين على الأرض، من بينهم الأطفال الصغار، لمحاكاة هذه الكارثة المروِّعة.
ولأن هذه المزاعم عصية على الترويج والتسويق انتقل الروس فوراً إلى التيمة الثانية: نحن لا نعلم على وجه اليقين إن كان الهجوم قد وقع من عدمه، وإن كان هناك هجوم، فمَن هو المسؤول المباشر عنه...؟!
ومع التشكيك الكبير في هذه المزاعم أيضاً، خرج علينا الروس بالتيمة الثالثة: لماذا لا يتم إجراء تحقيق مستقل على الأرض في دوما؟ ويجب تذكير الجانب الروسي بأنهم قد استخدموا بالفعل حق النقض (فيتو) ضد إجراء مثل هذا التحقيق على الأرض، ومن ثم تحولت خطة الكرملين الدعائية إلى التيمة الرابعة: أن الهجوم على قوات بشار الأسد قد يسفر عن اندلاع حرب واسعة النطاق، وربما تكون هي الحرب العالمية الثالثة. وبعبارة أخرى، فإن الخيار الذي نحن بصدده إما أن يكون عدم اتخاذ أي إجراءات على الإطلاق أو المخاطرة بحريق عالمي هائل. وحقيقة أن كثيراً من الخيارات العسكرية، والسياسية، والاقتصادية لن تتجاوز إلا هذين الخيارين المتطرفين هي حقيقة لا يلتفت إليها من أحد في واقع الأمر.
وهناك التيمة الخامسة، التي تتعلق بالتيمة الرابعة من حيث إن التدخل من جانب الديمقراطيات الغربية قد يؤدي إلى كارثة على نحو ما حدث من قبل في أفغانستان والعراق. ولقد تلاشت من الأجواء تماماً، حقيقة أن الشعبين الأفغاني والعراقي سوف يكونون أكثر أماناً وسعادة وتفاؤلاً مما كانوا عليه تحت حكم طالبان أو صدام حسين. كما توارت في طي النسيان أيضاً حقيقة أن عدم التدخل الغربي في الأزمة السورية لم يمنع مقتل أكثر من نصف مليون مواطن، وهو أكثر من ضعف عدد الذين قُتِلوا في التدخلات الغربية المشار إليها في أفغانستان والعراق.
ومن ثم تحوَّلت خطة الدعاية الروسية إلى محاولات تجميل القبح الظاهر على نظام الأسد. قيل لنا إن الأسد حاكم علماني يقوم مقام الجدار الصلب في وجه التطرف والإرهاب. ومع ذلك، فإن الدستور السوري، الذي صاغه حافظ السد والد بشار الأسد، يقر ويعترف بأن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، ولقد استخدم النظام السوري الحاكم، خلال السنوات السبع العجاف الماضية، سلاح الطائفية القميء في وجه معارضيه المسلحين وغير المسلحين.
وتأتينا التيمة الأخرى التي تدور حول أن الخيار القائم في سوريا هو القبول بين الأسد أو تنظيم «داعش» الإرهابي، وأن الأسد يستحق الدعم والتأييد بسبب أنه كان يقاتل الخلافة المتطرفة الموهومة. ورغم ذلك، هناك حقيقة واقعة تفيد بأن قوات بشار الأسد لم تواجه قوات «داعش» على الأرض إلا في أربعة اشتباكات كبيرة فقط، وكان من أبرزها تلك المعركة التي دارت حول مدينة تدمر الأثرية القديمة. وعلى مدار السنوات الماضية، عاش الأسد و«داعش» جنباً إلى جنب، وكانت تتركز الجهود على محاربة قوات المعارضة المناهضين للحكم البعثي من غير الموالين لـ«داعش». ولم تلعب روسيا وحلفاؤها في طهران أي دور يُذكر في سحق عناصر «داعش» هناك، التي تعرضت للهزائم والتدمير على أيدي القوات العراقية والكردية والغربية الذين قضوا على سيطرة التنظيم على 90 في المائة من الأراضي التي استولى عليها داخل كل من سوريا والعراق.
أما التيمة التالية، فتقول إن الهجوم الغربي على الأهداف الموالية لنظام الأسد من شأنه أن يلحق الضرر بالقوات والأصول العسكرية الروسية في سوريا، الأمر الذي قد يدفع موسكو إلى الانتقام.
ومع ذلك أيضاً، هناك آلية لدى الولايات المتحدة وروسيا تُعرف باسم «قناة اتصالات الطوارئ»، ومن خلالها يمكن للدولتين تنسيق الإجراءات التي من المرجَّح لها التأثير على أي من قواتهما العاملة في سوريا. ولقد استخدمت هذه الآلية قبل ما يقرب من عام كامل عندما هاجمت الولايات المتحدة إحدى القواعد الجوية التابعة لجيش بشار الأسد بعدما أصدرت إنذاراً بهذا الشأن إلى الجانب الروسي لأجل نقل القوات الروسية من الموقع المستهدف. وعلى أي حال، لم تصدر عن موسكو أي استجابة تُذكر عندما أسقطت الدفاعات الأرضية التركية إحدى المقاتلات الروسية. كما لم تندفع موسكو إلى إعلان الحرب عندما أودى الهجوم الأميركي بحياة العشرات من العسكريين الموالين لروسيا، ومن المفترَض أنهم يعملون وفق تعاقد خاص مع روسيا داخل سوريا.
وعلى الرغم من ولعه الشديد بالاستعراض والمباهاة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من لاعبي السياسة الكارهين لخوض المخاطر الكبيرة، وهو يتوقف على الفور، إن كان في مواجهة خضم عسير وصعب.
وننتقل إلى التيمة الأخرى، من تيمات الدعاية الروسية المضادة وهي تنبني على الادعاء بأن الخطة الروسية التي وضعها بوتين لإرساء الأمن والاستقرار في سوريا قد بدأت تؤتي أُكُلها. وأن موسكو - وبمرور الوقت - سوف تدفع بشار الأسد، وبكل هدوء، نحو مغادرة مسرح الأحداث في نهاية المطاف. ولذا، ما الداعي إلى التصعيد الكبير عن طريق مهاجمة مختلف الأهداف الحكومية السورية الآن؟ إن هذا الطرح يعني ببساطة خلع عباءة السلام الباهتة على سنوات الفظاعة والتوحش السبع المنقضية التي اشتملت على 14 محاولة للهجوم بالأسلحة الكيماوية المهلكة من قبل قوات بشار الأسد على المدنيين العزل.
أما التيمة الأخيرة، فهي تتعلق بزميلتها السابقة في أن روسيا سوف تكبح جماح بشار الأسد وتمنعه تماماً من مواصلة استخدام الأسلحة الكيميائية في المستقبل. بيد أن هذا بالضبط كان التعهد الذي قطعته موسكو في عام 2013، مع التأكيد وقتها على تدمير جميع مخزونات الأسلحة الكيماوية ومرافق الإنتاج ذات الصلة في سوريا.
وفي الوقت الذي ابتلع فيه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما هذه المزاعم، أو تظاهر بأنه كذلك، كانت النتيجة تشجيع بشار الأسد على كسر «الخط الأحمر» المعلَن آنذاك وشنّ الهجمات الكيميائية مراراً وتكراراً.
اعتقد جوزيف غوبلز، المستشار الإعلامي لأدولف هتلر، أن استراتيجية التضليل الجيدة تهدف بالأساس إلى تدمير الحقائق الواقعية عن طريق طرح النسخ المتكررة من أية حادثة كانت. ومن شأن ذلك، كما قال غوبلز، أن يحول أية حقيقة إلى «قرص فوار»، ذلك الذي بمجرد وضعه في الماء يتحول إلى فقاعات كثيرة لا حصر لها تتلاشى إلى العدم بعد وقت وجيز. وتهدف خطة التضليل الحالية التي وضعها الكرملين إلى تحويل أية رواية بشأن الهجوم الكيماوي الأخير في دوما إلى «قرص فوار». ولقد حققت تلك الخطة قدراً من النجاح على النحو الواضح من معارضة جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، من اتخاذ أية إجراءات تُذكر ضد الأسد، وهو يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل، وقرار من مجلس الأمن الدولي قبل المضي قدماً نحو أي إجراء على الأرض. ويحذر نظير كوربين، وهو السياسي الفرنسي جان لوك ميلونشون، من مخاطر اندلاع حرب كبيرة في سوريا، وربما تكون الحرب العالمية الثالثة.
وكلاهما يقول إنه من الأفضل عدم القيام بأي شيء على الإطلاق. وتكمن المشكلة في أن هذا الموقف ذاته قد اعتبره الأسد بمثابة الضوء الأخضر لمواصلة الفظائع التي كان يفعلها في بلاده وشعبه منذ سبع سنوات كاملة.



«الجامعة العربية» تندد بالهجمات في السودان وتدعو لتحقيقات مستقلة ومحاسبة الجناة

جامعة الدول العربية تندد باستمرار ما وصفته بـ«الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة» للقانون الدولي في السودان (رويترز)
جامعة الدول العربية تندد باستمرار ما وصفته بـ«الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة» للقانون الدولي في السودان (رويترز)
TT

«الجامعة العربية» تندد بالهجمات في السودان وتدعو لتحقيقات مستقلة ومحاسبة الجناة

جامعة الدول العربية تندد باستمرار ما وصفته بـ«الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة» للقانون الدولي في السودان (رويترز)
جامعة الدول العربية تندد باستمرار ما وصفته بـ«الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة» للقانون الدولي في السودان (رويترز)

نددت جامعة الدول العربية، اليوم الأحد، باستمرار ما وصفته بـ«الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة» للقانون الدولي في السودان، معتبرة أن ما يحدث يمثل «نمطاً غير مسبوق من استباحة دم المدنيين»، وانتهاكات ترقى إلى جرائم حرب.

وقالت «الجامعة العربية» في بيان إن «المجزرة الوحشية» في ولاية جنوب كردفان، عقب قصف مرافق مدنية بطائرات مُسيرة يوم الجمعة مما أسفر عن مقتل العشرات، تتحمل مسؤوليتها القانونية والجنائية الجهات التي ارتكبتها، مطالبة بمحاسبتهم «ومنع إفلاتهم من العقاب».

ولقي نحو 80 مدنياً حتفهم في هجوم استهدف روضة أطفال في منطقة كلوقي بولاية جنوب كردفان، واتهمت شبكة «أطباء السودان»، وهي اتحاد مستقل للأطباء، «قوات الدعم السريع» بتنفيذه.

وأكدت «الجامعة» ضرورة فتح تحقيقات مستقلة حول ما حدث في كردفان، محذرة من أن تحول العنف إلى «ممارسة ممنهجة» يشكل تهديداً مباشراً لوحدة السودان.

وقالت «الجامعة» إن العنف سيفتح الباب أمام «دورة طويلة من الفوضى والعنف المسلح من أجل تفكيك البلاد، وهو الأمر الذي ستكون له تداعيات وخيمة على الأمن السوداني والإقليمي».


وزير خارجية العراق للمبعوث الأميركي: لا بد من احترام خيارات الشعب العراقي

فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي (الوزارة)
فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي (الوزارة)
TT

وزير خارجية العراق للمبعوث الأميركي: لا بد من احترام خيارات الشعب العراقي

فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي (الوزارة)
فؤاد حسين وزير الخارجية العراقي (الوزارة)

نقلت وكالة الأنباء العراقية عن وزير الخارجية فؤاد حسين قوله للمبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، اليوم (الأحد)، إن الديمقراطية والنظامَ الاتحادي مثبتان في الدستور.

وشدد حسين على تمسك العراق بالديمقراطية وبناء المؤسسات ونبذ أي شكل من أشكال الديكتاتورية.

وعبَّر حسين، خلال لقاء مع برّاك على هامش منتدى الدوحة، عن استغراب الحكومة العراقية من تصريحات المبعوث الأميركي لسوريا بشأن الوضع الداخلي في العراق.

وكان براك قد قال إن رئيس الوزراء العراقي جيد جداً ومنتخَب، لكنه بلا أي سلطة وليس لديه نفوذ، لأنه لا يستطيع تشكيل ائتلاف داخل البرلمان، واتهم المبعوث الأميركي لسوريا الأطراف الأخرى، خصوصاً الحشد الشعبي، بلعب دور سلبي على الساحة السياسية.


الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
TT

الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)

أعلن الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون، الأحد، أنه سيشتري عقاراً في قطر، نافياً الاتهامات بأنه تلقى أموالاً من الدولة الخليجية.

وقال كارلسون خلال جلسة حوارية في منتدى الدوحة مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «اتُّهمت بأنني أداة لقطر... لم آخذ شيئاً من بلدكم قط، ولا أعتزم ذلك. ومع ذلك سأشتري غداً بيتاً في قطر».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أضاف المذيع السابق في قناة «فوكس نيوز» خلال الفعالية السنوية: «أفعل ذلك لأنني أحب المدينة، وأعتقد أنها جميلة، ولكن أيضاً لأؤكد أنني أميركي ورجل حر، وسأكون حيثما أرغب أن أكون».

تستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، وهي القاعدة المتقدمة للقيادة المركزية العسكرية (سنتكوم) العاملة في المنطقة.

وتصنّف واشنطن الدولة الصغيرة الغنية بالغاز حليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأثارت المسألة تساؤلات رفضتها كل من واشنطن والدوحة.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن أشخاصاً لم يسمهم يبذلون «جهوداً كبيرة لتخريب العلاقة بين قطر والولايات المتحدة ومحاولة شيطنة أي شخص يزور هذا البلد».

وأضاف أن الجهود التي تبذلها قطر مع الولايات المتحدة تهدف إلى «حماية هذه العلاقة التي نعدها مفيدة للطرفين».

أدت قطر دور وساطة رئيسياً في الهدنة المستمرة التي تدعمها الولايات المتحدة في غزة، وتعرضت لانتقادات شديدة في الماضي من شخصيات سياسية أميركية وإسرائيلية لاستضافتها المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية، وهي خطوة أقدمت عليها بمباركة واشنطن منذ عام 2012.

لكن الدوحة نفت بشدة دعمها لحركة «حماس».

وفي سبتمبر (أيلول)، هاجمت إسرائيل الدوحة عسكرياً مستهدفة قادة من «حماس»، في تصعيد إقليمي غير مسبوق خلال حرب غزة.