تبرئة الساعدي القذافي من تهمة قتل لاعب كرة

النائب العام الليبي يطالب نظيره المصري بوقف ملاحقة مسؤولين من النظام السابق

الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي
الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي
TT

تبرئة الساعدي القذافي من تهمة قتل لاعب كرة

الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي
الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي

برأت محكمة ليبية، أمس، الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي من تهمة قتل لاعب ومدرب فريق الاتحاد لكرة القدم بشير الرياني، في وقت خاطب فيه مكتب النائب العام الليبي، نظيره المصري، أول من أمس، لوقف ملاحقة مسؤولين ليبيين في النظام السابق، «لانتفاء مبرر الملاحقة».
وجاء حكم تبرئة الساعدي، الذي يقبع في سجن الهضبة في طرابلس منذ سلمته النيجر إلى بلاده، في مارس (آذار) 2014، من تهمة واحدة، وسط عودة التوتر إلى جنوب البلاد، ومواصلة عملية «عاصفة الوطن» العسكرية التي تشنها القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، في طرابلس، بالتنسيق مع قوة مكافحة الإرهاب لملاحقة فلول تنظيم داعش في مناطق بغرب البلاد، تمتد من بوابة الـ60 شرق مصراتة، حتى ضواحي بني وليد وترهونة ومسلاتة والخمس وزليتن.
وقضت محكمة استئناف طرابلس ببراءة الساعدي، النجل الثالث للقذافي في القضية التي اتهم فيها بمقتل مدرب ولاعب نادي الاتحاد السابق بشير الرياني في ديسمبر (كانون الأول) عام 2005، وقال مصدر أمني مقرب من كتيبة «قوة الردع» الخاصة لـ«الشرق الأوسط» إن الساعدي باق في السجن، لاستكمال محاكمته فيما هو منسوب إليه من اتهامات تتعلق بـ«القتل العمد والتعذيب وإساءة استغلال السلطة أثناء حكم والده العقيد».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن «(قوة الردع) لا تتدخل في الأمور القضائية، وعندما يحصل الساعدي على حكم بإطلاق سراحه نهائياً سيخرج فوراً».
والهضبة، من السجون سيئة السمعة في ليبيا، ويديره خالد الشريف، المسؤول الأمني في الجبهة الليبية المقاتلة، التي يتزعمها عبد الحكيم بلحاج، ويقبع به عدة آلاف من السجناء والمعتقلين، غالبيتهم من رموز النظام السابق. وقالت المحامية مبروكة التاورغي، دفاع الساعدي، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية، إن محكمة استئناف طرابلس قضت ببراءة موكلها في القضية رقم (2005 - 877) الخاصة بمقتل الرياني، «بناء على شهادة الشهود».
وسبق أن اشتكت أسرة القذافي في الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي من فقد الاتصال بالساعدي، وقالت: «كل ما نعلمه هو أنه يقبع رهينة في سجن تديره الميليشيات في العاصمة»، لكن مكتب النائب العام الليبي، رد قائلا إن نجل القذافي «في سجنه بطرابلس ولم يغادره ويخضع للمحاكمة». وقرار الاتهام بحق الساعدي يشمل تهما تتعلق بدعم جماعات مسلحة للقضاء على متظاهري ثورة 11 فبراير (شباط) 2011، بالإضافة إلى استخدام النفوذ في أعمال تتعلق بـ«الخطف وهتك العرض».
وترأس الساعدي الاتحاد الليبي لكرة القدم، وتقدم بملف استضافة بلاده لنهائيات كأس العالم عام 2010، الذي ذهب في نهاية المطاف إلى جنوب أفريقيا. وخاض تجربة احتراف لمدة موسم واحد مع بيروجيا، الذي ينشط في دوري الدرجة الأولى في إيطاليا، ولعب مباراة واحدة طيلة الموسم، ثم انتقل إلى أودينيزي، ولعب مباراة وحيدة أيضاً.
في شأن آخر، قال مصطفى الزائدي، مسؤول سابق في نظام القذافي، إن وكيل التحقيق بمكتب النائب العام الليبي أرسل مخاطبات إلى نظيره المصري لإلغاء أمر سابق، بالتحفظ وتسليم عدد من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية والنخب الإعلامية التي لجأت إلى مصر، «لانتفاء مبرر الملاحقة». وأضاف الزائدي وفقا لموقع «بوابة أفريقيا» الإلكتروني، أمس: «للأسف الشديد لم تستند مطالبات النائب العام السابق إلى أي معطيات جنائية ولا قانونية بل كانت بدوافع كيدية انتقامية»، وقال إن وكيل التحقيق بمكتب النائب العام «تحلى بالشجاعة وصحح خطأ قانونيا وإجرائيا ضد مواطنين ليبيين دون أدلة». وسعت «الشرق الأوسط» للاتصال بمكتب النائب العام الليبي، لمعرفة تفاصيل أكثر عن تلك المخاطبات، لكن دون رد.
ميدانياً، عادت الاشتباكات المسلحة إلى مدينة سبها بالجنوب الليبي مجددا بين قبيلتي التبو وأولاد سيلمان، وسط مناشدات قبائلية، لوقف الاقتتال والجلوس إلى طاولة الحوار.
وأمضت المدينة ليلة مروعة على وقع دوي القذائف وتصاعد أعمدة الدخان في بعض الأحياء، ونفى عميدها حامد الخيالي، أمس، ما تردد عن إغلاق مدارس المدينة.
وقال مركز سبها الطبي في بيان، أمس، إنه استقبل قتيلا وجريحين، مشيرا إلى أن عدد الضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع الأحداث في المدينة منذ الرابع من فبراير (شباط) وحتى مساء أول من أمس، بلغ 10 قتلى و38 جريحا، بينهم مدنيون أطفال ونساء وشباب وكبار سن. ودعا التجمع «الوطني التباوي»، الأطراف المتناحرة في سبها إلى «وقف الاقتتال».
ودعما لعملية «عاصفة الوطن» العسكرية، التي أطلقها المجلس الرئاسي، أول من أمس، قال الناطق باسم غرفة عمليات الطوارئ الجوية محمد قنونو، في مؤتمر صحافي، أمس، إن مقاتلات الغرفة نفذت عدة طلعات جوية على معاقل لتنظيم داعش في منطقة العمليات، مشيرا إلى أن الطائرات أقلعت من الكلية الجوية بمصراتة (غرب البلاد)، دون أن يكشف عن سقوط قتلى بين أفراد التنظيم، حتى مساء أمس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».