يبدأ رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، اليوم الأحد، جولة ستقوده إلى مقدونيا وألبانيا وصربيا ومونتينيغرو وكوسوفو والبوسنة والهرسك؛ دول البلقان المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي في 2018 فقط، كما تقول المفوضية، التي خصص لها ما يزيد على مليار يورو من المساعدات لما قبل الانضمام، ويضاف هذا المبلغ إلى 9 مليارات دفعت بين 2007 و2017. واستثمرت شركات من الاتحاد الأوروبي في المنطقة 10 مليارات يورو في السنوات الخمس الماضية. لكن المفوضية تنبه بالقول: إن الانضمام لا يقتصر على مشروع اقتصادي، فهناك معايير يجب التقيد بها قبل الانضمام إلى التكتل، تتناول التركيبة السياسية والشفافية والعلاقات بين هذه الدول التي ما زالت تكن العداء لبعضها البعض، وما زالت الخلافات الحدودية بينها كثيرة، وموروثة من الانفجار الدامي ليوغوسلافيا السابقة في التسعينات.
تقول بروكسل إن الطريق ما زال طويلاً أمام هذه الدول، بسبب شروط العضوية الصارمة. ويكرر يونكر موقف بروكسل الذي كشف عنه في بداية الشهر الحالي أن «باب الاتحاد الأوروبي مفتوح لعمليات انضمام جديدة عندما، فقط عندما يكون كل بلد قد استوفى المعايير». وهذه المعايير تنطبق على «الحاجة إلى إصلاحات أساسية» على صعيد دولة القانون والتصدي للفساد وإقامة «علاقات حسن جوار جيدة»، قال يونكر كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية في تحقيقها عن المنطقة قبل الزيارة.
وغالباً ما يعتبر سكان البلقان الاتحاد الأوروبي وعداً بالازدهار لا يعرفونه؛ مع مونتينيغرو، تبدو صربيا، أكبر بلدان دول البلقان الغربية، الأكثر تقدماً من خلال مفاوضات مفتوحة وحتى موعد محتمل للانضمام في 2025. ويرى رئيس زعيم يمين الوسط الكسندر فوسيتش في هذا الموعد مصدر «تحفيز بالغ الأهمية لمواطنيه».
وأبلغ فوسيتش، الصرب، الذين ما زال كثيرون منهم متمسكين بالتحالف التاريخي مع موسكو، بضرورة «اتخاذ قرارات صعبة» حول كوسوفو التي لا تعترف بلغراد باستقلالها.
وفي مونتينيغرو، وصفت الحركة الأوروبية، وهي مجموعة ضغط قريبة من الاتحاد الأوروبي، اعتبار بروكسل 2025 أفقاً «بالغ الطموح» بأنه «غير مشجع». وقال يونكر أيضاً إن ذلك ليس سوى «موعد أولي، موعد بهدف التشجيع». والموعد النهائي أكثر غموضاً فيما يتعلق بمقدونيا وألبانيا وكوسوفو والبوسنة والهرسك. وتأمل تيرانا المرشحة منذ 2014 ببدء المفاوضات في 2018، ويؤكد رئيس الوزراء إيدي راما أنه يريد «التقدم سريعاً، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه» مع صربيا. ويرى أن الاتحاد الأوروبي هو أفضل وسيلة لإنهاء التوترات التي لا تنتهي في دول البلقان. ونبه المحلل السياسي الألباني لطفي درويشي إلى أن «الكرة في ملعبنا»، كما نقلت عنه «الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى مكافحة الجريمة المنظمة والفساد.
ويتعين على مقدونيا حل الخلاف حول اسمها الذي تخوضه منذ ربع قرن مع اليونان، حتى تأمل في رفع اعتراض أثينا. وتحرز المناقشات تقدماً على ما يبدو. ويريد رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي زوران زييف الاعتقاد بأن بلاده «في الطريق الصحيح»، ويأمل في «اللحاق بصربيا ومونتينيغرو». لكن وزير الخارجية المقدوني نيكولا ديميتروف، تحدث أخيراً عن الشعور البغيض لمواطنيه بـ«أنهم محشورون في قاعة الانتظار». أما بالنسبة لبريشتينا وساراييفو فلم يبدأ الأمر بعد. وأعرب زعيم المسلمين البوسنيين بكر عزت بيغوفيتش عن اقتناعه بالتمكن من «الانضمام إلى الذين يسبقوننا في الوقت الراهن على طريق الاتحاد الأوروبي». لكن البلاد تعوقها زعامة مقسومة بين البوسنيين والكروات والصرب. وينتظر سكان كوسوفو الموالون جداً للغرب، أن يحرر الاتحاد الأوروبي تأشيرات الدخول، وهم وحدهم في المنطقة الذين لم يستفيدوا منها. وكشفت فيها الصحافة عن صيغ للمفوضية اعتبرت غير مشجعة كثيراً، وعلى سبيل المثال عندما توضح أن كوسوفو ستنطلق «على طريقها الأوروبي عندما تتيح ذلك الظروف الموضوعية». وأعرب الرئيس هاشم تاجي عن أسفه «لغياب موقف موحد» للبلدان الأعضاء في الاتحاد، منها خمسة لا تعترف بكوسوفو. لكنه قال إن «كوسوفو لن تغرق في اليأس».
ومن جانب آخر ساد الانقسام بين القادة الأوروبيين، الجمعة، في قمة غير رسمية عقدت في بروكسل، بسبب مقترحات لدفع مزيد من الأموال لسد الفراغ في الموازنة الذي سيسببه رحيل بريطانيا عن التكتل. وقال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك إن قادة الاتحاد الـ27 الذين التقوا، ما عدا بريطانيا، يرغبون في إنفاق المزيد من الأموال على ملفات الدفاع والهجرة والأمن. لكن لم يصل المجتمعون لإجماع حول قيمة المبلغ الذي ستدفعه كل دولة في الموازنة المشتركة لتعويض النقص الذي سيسببه انسحاب بريطانيا، والمقدر بنحو 15 مليار يورو. وقال توسك في مؤتمر صحافي إن «الكثيرين على استعداد للمساهمة أكثر في موازنة ما بعد 2020». وتابع: «من الواضح أن الأولويات مرتبطة بحجم الموازنة، وفي هذا السياق نحتاج إلى مواجهة العجز في الإيرادات الذي سيسببه بريكست».
ووافقت بريطانيا على دفع التزاماتها بموجب الموازنة الحالية، رغم أنها ستغادر الاتحاد فعلياً في مارس (آذار) 2019. ورأى توسك الجمعة أن الرؤية البريطانية حول مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد بريكست «تستند إلى محض أوهام». ويلتقي توسك برئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي في لندن الأسبوع المقبل، قبل أن يلتقيها في قمة في مارس قال إنها ستشهد صياغة مبادئ تفاوض بريكست حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في المقبل.
طريق الاتحاد الأوروبي ما زال طويلاً أمام دول البلقان
الاتحاد يقرر إنفاق المزيد من الأموال على ملفات الدفاع والهجرة والأمن
طريق الاتحاد الأوروبي ما زال طويلاً أمام دول البلقان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة