في السابعة مساء، يعود مجاهد البربري إلى منزله في أحد أحياء الإسكندرية، يمسك بحفنة من الذرة الصفراء، ثمّ يصفر بطريقته المميزة، لتتجمّع حوله أعداد كبيرة من حمام الزينة، من مختلف الأنواع والألوان والأحجام، يلتقطون من يده وجبتهم المسائية. فبربري الذي يعدّ واحدا من أشهر مربّي حمام الزينة في محافظة الإسكندرية، يؤكّد أنّ الحمام بإمكانه تمييز صاحبه، و«يستجيب له من بين مائة».
تلك الرابطة الغامضة بين الحمام وصاحبه، كانت من أحد الأسباب التي دفعت البربري، للإقبال على تربيته، منذ أن كان في العاشرة من عمره، مؤكّداً أنّه يشعر بمودّة وسط حمامته، وكأنّهم أولاده وعائلته التي تتواصل معه بلا حروف.
البربري نفسه تطبّع بصفات الحمام فصار هادئاً ومتسامحاً ينظر بعين قلقة كطائر، ويحرك رأسه بطريقه مميزة، ويدقّق في التفاصيل. يتفوق مجاهد في معرفته طرق تربية أكثر من ألفي نوع من حمام الزينة من دون دراسة، بعد أن راج اقتناؤه في مصر، ما بين هواية لميسوري الحال وباب رزق بالنسبة لمحدودي الدخل.
وللدلالة على ارتفاع حجم مربّي الحمام في مصر، أنشأ بربري مجموعة للتجارة به، ولتبادل الخبرات وتوجيه المبتدئين، ووصل عدد أعضائه إلى 180 ألف عضو.
الجدير بالذكر، أنّ أشهر أنواع الحمام الموجودة في الأسواق المصرية: الحمام النمساوي الذي يتراوح سعر الزوج منه ما بين 2000 جنيه مصري إلى 10 آلاف جنية (الدولار الأميركي يعادل 17:7 جنيه مصري)، وهناك أيضا البخاري، والمفتل، وغيرها من الأنواع التي يزيد سعرها ويقلّ على حسب لونها وسمعة تاجرها أيضا.
يؤكد «البربري» لـ«الشرق الأوسط» أن أغلب أنواع حمام الزينة في مصر، مستوردة من الخارج، لذلك يلزمها نوع خاص من المعالجة، حتى تستطيع احتمال البيئة المصرية، فمنذ وصول شحنة الحمام المستوردة، يتم عمل ما يسمى «الاستقبال»، وهو عبارة عن مجموعة من الأمصال للتّحصين. ويضيف «أنّ المربّي المصري نجح في زيادة قدرة الحمام الأوروبي على التكيّف مع البيئة المصرية، حيث تختلف درجة الحرارة خصوصاً خلال فصل الصيف، وقتها يلجأ المربّي إلى فصل أزواج الحمام عن بعضهم، وإعادتها مرة أخرى خلال شهر سبتمبر (أيلول).
في السياق نفسه، فإنه وفقا لتقديرات التجار والمربيين، فإنّ حمام الزينة المصري، عليه إقبال أيضا، داخل مصر وخارجها، من أمثال أنواع «الكلير»، و«الشقلباظ»، وخصوصاً «المراسلة» الذي يشبه صفات الحمام الزاجل الذي لا يزيد سعره على 20 ألف جنيه، ويقبل عليه مواطنون في دول مثل العراق واليونان، لتهجينه بفصائل أخرى.
إلى ذلك يواجه تجّار ومربّي حمام الزينة في مصر، بعض الصعوبات، منها وقف التصدير والاستيراد، أغلب أشهر السنة. ويؤكد بربري أنّ ذلك ينعكس في الأساس على عدم استفادة المربّي من الأنواع الجديدة المهجنة التي تنتجها الأسواق الأوروبية يوما بعد يوم. لكنه ينصح الراغبين بتربيتها في تجهيز غرفة جيدة التهوية تدخل إليها الشمس، مع معرفة المربّي أهم الأمصال والمقويات الدورية التي يحصل عليها الحمام، إضافة إلى الشغف المرتبط بتربيته.
يشار إلى أنه كل عام، يقام معرض سنوي لمربّي حمام الزينة، يتضمن دعوة عدد من أهم المربين في الدول العربية، وتُنظّم مسابقات بين المربيين، ويحصل صاحب أفضل نوع على المراكز والجوائز الأولى ويصبح مرجعا لغيره من المربين.
من جانبه، قدّر حسام أبو عمر، تاجر ومربّي حمام زينة، عدد المربين على مستوى مصر بـ50 ألفا، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «يظهر ذلك بوضوح خلال المعرض السنوي»، مضيفاً أنّ الرّاغبين في اقتناء حمام الزينة عددهم أكبر من ذلك بكثير، ولكن لا يجدون من يعلّمهم، وهنا تأتي أهمية وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح نقل الخبرات بين المربين.
تجارة حمام الزينة في مصر تتحدّى حظر الاستيراد وتغيّر الطقس
أسعارها تتراوح ما بين 2000 و120 ألف جنيه مصري
تجارة حمام الزينة في مصر تتحدّى حظر الاستيراد وتغيّر الطقس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة